المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كَشْفُ الخَفاء عن سببِ إعراضِ المُحَدِّثين عن بيانِ حالِ الخُلَفاء



أهــل الحـديث
15-02-2012, 09:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم






كَشْفُ الخَفاء
عن سبب إعراض المُحَدِّثين عن بيان حال الخُلَفاء

كتبه
أبو معاوية
مازن بن عبد الرحمن البحصلي البيروتي


" الحمد لله الهادي من استهداه، الواقي من اتقاه، الكافي من تحرَّى رضاه، حمداً بالغاً أمد التمام ومنتهاه, والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على نبيّنا والنبيّين، وآل كل، ما رجا راجٍ مغفرته ورحماه، آمين.
هذا: وإن علم الحديث من أفضل العلوم الفاضلة، وأنفع الفنون النافعة، يحبه ذكور الرجال وفحولتهم، ويُعنى به محققو العلماء وكملتهم، ولا يكرهه من الناس إلا رُذالتهم وسفلتهم. وهو من أكثر العلوم تولجاً في فنونها ..." .

وبعد هذه الكلمات الوجيزة البليغة من " مقدمة ابن الصلاح "، أقول : راسلني أحد الأعضاء الفضلاء قائلاً :
أذكر أني وقفت على كلامٍ في هذا الملتقى وأظنك أنت من كتبه ونقله عن الذهبي وهو أن السلاطين والحكام لم يبين العلماء حالهم في الثقة والعدالة خوفاً منهم ...الخ
وقد بحثت عنه فلم أقف عليه، فهلا دللتني عليه لحاجتي له، وبوركتم . اهـ .

لكني لم أستحضر الكلام المنشود، ولو كنتُ كاتبه لوجدته، فسألتُ أحدَ الضليعين بكلام الإمام الذهبي الذين لهم باع واطلاع على فوائده ودُرَره، ألا وهو الشيخ النسّابة إبراهيم الهاشمي الأمير حفظه الله، فأتحفني بتلك الفائدة الذهبية؛ والتي ذكرها في كتابه الماتع " أخبار المُحَدِّث الفقيه عبد الله بن الحسن بن الحسن " ( ص 10 / ط . الريان )، وهي قول الإمام الذهبي رحمه الله في " تاريخ الإسلام " ( 8 / 412 / ط . التدمري ) :

وفي الْخُلَفَاءِ وآبائهم وأهلِهم قَوْمٌ أَعْرَضَ أَهْلُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ عن كشفِ حالِهم خوفاً من السيف والضرب، وما زال هذا في كلِّ دولة قائمة؛ يصفُ المؤرخُ محاسنَها وَيُغْضِي عن مساوئِها، هذا إذا كان المحدث ذا دين وخير، فإن كان مَدّاحًا مُدَاهِنًا لم يلتفت إلى الورع، بل رُبَّمَا أخرج مَسَاوِئَ الْكَبِيرِ وَهَنَاتِهِ في هيئة المدح والمحارم وَالْعَظَمَةِ، فلا قوة إلا بالله. اهـ .

وأضيف فائدة منِّي : علَّق السخاويُّ على قولِ الذهبي السابق في " الإعلان بالتوبيخ لمن ذَمَّ التاريخ " ( ص 121 / مصورة العلمية ) قائلاً : بل ربما يخفي من ترجمته ما يظهر خلافه، ولا يسمح بترجمته بعد موته بما ترجمه به في حياته . اهـ .

فرأيتُ من المفيد في بيان هذه المسألة أن أجمع تراجم الخلفاء وآلهم الرواة وأصَنِّفهم قسمين :
- من تُكُلِّمَ فيه من الرواة
- من لم يُتَكَلَّمَ فيه من الرواة
وسأختصر التراجم وأنقل ما ذُكِرَ عن الخلفاء وآلهم أنهم رووا الحديث وإنْ كان قد بُيِّنَ حالهم جرحاً أو تعديلاً، وهذا بعض ما وقفتُ عليه في بداية البحث، ومن أحب الإضافة فحيهلا :

من تُكُلِّمَ فيه من الرواة :

1 - دَاوُدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، الأَمِيرُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ
قال الذهبي في " تاريخ الإسلام " : عَمُّ الْمَنْصُورِ وَالسَّفَّاحِ، وَلِيَ إِمْرَةَ الْحِجَازِ وَغَيْرِهَا لِلسَّفَّاحِ.
وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
وعنه : الثَّوْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَشَرِيكٌ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ : سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنْهُ، فَقَالَ : شَيْخٌ هَاشِمِيٌّ، قُلْتُ : كَيْفَ حَدِيثُهُ؟ قَالَ : أَرْجُو أَنَّهُ لَيْسَ بِكَذِبٍ إِنَّمَا يُحَدِّثُ بِحَدِيثٍ وَاحِدٍ.
قُلْتُ : يَعْنِي حَدِيثَ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، الْحَدِيثَ الطَّوِيلَ فِي الدُّعَاءِ.
تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْهُ وَلَيْسَ بِذَاكَ، وَقَيْسٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِنَّهُمَا لا يَحْتَمِلانِ هَذَا الْمَتْنِ الْمُنْكَرِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي الْخُلَفَاءِ وَآبَائِهِمْ وَأَهْلِهِمْ قَوْمٌ أَعْرَضَ أَهْلِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ عَنْ كَشْفِ حَالِهِمْ خَوْفًا مِنَ السَّيْفِ وَالضَّرْبِ، وَمَازَالَ هَذَا فِي كُلِّ دَوْلَةٍ قَائِمَةٍ يَصِفُ الْمُؤَرِّخُ مَحَاسِنَهَا وَيُغْضِي عَنْ مَسَاوِئَهَا، هَذَا إِذَا كَانَ الْمُحَدِّثُ ذَا دِينٍ وَخَيْرٍ، فَإِنْ كَانَ مَدّاحًا مُدَاهِنًا لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الْوَرَعِ بَلْ رُبَّمَا أَخْرَجَ مَسَاوِئَ الْكَبِيرِ وَهَنَاتِهِ فِي هَيْئَةِ الْمَدْحِ وَالْمَكَارِمِ وَالْعَظَمَةِ فَلا قَوَّةَ إِلا بِاللَّهِ.
وَكَانَ دَاوُدُ هَذَا مِنْ جَبَابِرَةِ الأُمَرَاءِ لَهُ هَيْبَةٌ وَرِوَاءُ، وَعِنْدَهُ أَدَبٌ وَفَصَاحَةٌ، وَقِيلَ كَانَ قَدَرِيًّا.
قَالَ خَلِيفَةُ : أَقَامَ دَاوُدُ الْحَجَّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، ثُمَّ مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ.
وَيُقَالُ : مَوْلِدُهُ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ .
( نقلته بتصرف )

2 - أحمد بن محمد ابن الخليفة المكتفي العباسي الأمير أبو الحسن.
قال الذهبي في " ميزان الاعتدال " : عن البغوي وغيره، وبقي إلى سنة نيف وتسعين وثلاث مئة.
وهّاه الحسن بن عيسى ابن المقتدر، وقال: والله ما سمع شيئاً ولا سنه تقتضي هذا.
روى عنه أبو الحسين ابن المهتدي بالله.


من لم يُتَكَلَّمَ فيه من الرواة :

1 - عَبْدُ اللَّهِ السَّفَّاحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ أَبُو الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَوَّلُ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ،
حَدَّثَ عَنْ إبراهيم بن محمد الإمام وَهُوَ أَخُوهُ.
روى عنه : عَمُّهُ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ.
وَكَانَ أَصْغَرَ مِنْ أَخِيهِ الْمَنْصُورِ، مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ.
... قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَجَمَاعَةٌ : عَاشَ السَّفَّاحُ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ سَنَةً وَمَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ.
" تاريخ الإسلام " للذهبي

2 - إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب
ترجم له ابن حجر في " لسان الميزان " وقال : المعروف بابن شكلة.
وأبوه هو : الخليفة المهدي بن المنصور وكان يلقب التنين لعظم جثته.
روى عن المبارك بن فضالة وحماد بن يحيى الأبح ، وَغيرهما.
روى عنه ابنه هبة الله وخليفة بن خياط وحميد بن فروة وأحمد بن الهيثم ، وَغيرهم.
وكان مولده في سنة 162.
... قال أبو حسان الزيادي في "تاريخه" : مات إبراهيم بن المهدي في خلافة المعتصم في شهر رمضان سنة أربع وعشرين ومئتين.

3 - محمد المعتصم بالله، أمير المؤمنين، أبو إسحاق بن هارون الرشيد ابن المهديّ، الهاشميّ العبّاسيّ. ( ت 227 هـ )
وُلِدَ سنة ثمانين ومائة، وأُمَّه أمُّ ولد اسمُها ماردة.
رَوَى عَنْ : أبيه، وَعَنْ : أخيه المأمون.
رَوَى عَنْهُ : إسحاق الموصلي، وحمدون بن إسماعيل، وآخرون.
وبويع بعد المأمون بعَهْدٍ منه إليه في رابع عشر رجب سنة ثماني عشرة ومئتين.
... مات المعتصم يوم الخميس لإحدى عشرة ليلةً بقِيَت من ربيع الأوّل سنة سبْعٍ وعشرين، وله سبْعٍ وأربعون سنة وسبعة أشهر.
" تاريخ الإسلام " للذهبي

4 - أحمدُ أمير المؤمنين الإمام النّاصر لدين الله، أبو العبّاس ابن الإمام المستضيء بأمر الله أبي محمد الحَسَن ابن الإمام المستنجد بالله أبي المُظَفَّر يوسُف ابن الإمام المقتفي لأمر الله أبي عبد الله محمد ابن الإمام المستظهر بالله أحمد ابن المقتديّ بأمر الله أبي القاسم الهاشميّ العبّاسيُّ البَغْداديُّ. ( المتوفى : 622 هـ )
وُلِدَ يوم الاثنين عاشر رجب سَنةَ ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة. وبويع أوّل ذي القعدة سَنةَ خمسٍ وسبعين.
... قال الموفقُ عبدُ اللّطيف: وفي وسط ولايته اشتغل برواية الحديث، واستنابَ نُوابًا في ذلك، وأجرى عليهم جراياتٍ، وكتبَ للملوك والعلماءِ إجازات. وجمع كتابًا سبعينَ حديثًا ووصل على يدِ شهاب الدِّين إلى حَلَب، وسمعه الملكُ الظَّاهر وجماهيرُ الدَّولة، وشرحتُهُ شرحًا حسنًا، وسيَّرتُه صُحبة شهاب الدِّين...
قلت: أجاز النّاصرُ لجماعةٍ من الأعيان فحدّثوا عنه منهم: أبو أحمد بن سكينة، وأبو محمد ابن الأخضر، وقاضي القضاة أبو القاسم ابن الدَّامغانيّ، وولده الظّاهر بأمرِ الله، والملك العادلُ، وبنوه المعظَّم والكامِلُ والأشرفُ.
قال ابن النّجّار: شرّفني بالإِجازة، فرويتُ عنه بالحَرَمَين، وبيتِ المقدس، ودمشقَ، وحلبَ، وبغدادَ، وأصبَهَان، ونَيْسَابُور، ومَرْوَ، وهَمَذَانَ. ثمّ روى عنه حديثًا بالإجازة التي أذِن لَهُ بخطِّه.
" تاريخ الإسلام " للذهبي

5 - مُحَمَّد، أمير المؤمنين الظّاهر بأمرِ الله أبو نصر ابن أمير المؤمنين النّاصر لدين الله أحمد ابن المستضيء بأمر الله الحَسَن بن يوسُف الهاشمي العباسيّ البغداديّ. ( المتوفى : 623 هـ )
ولد سنة إحدى وسبعين وخمس مئة، وبايع لَهُ أبوه بولاية العهد في سَنَةِ خمسٍ وثمانين،
... واستخلف عند موت والده، فكانت خلافته تسعة أشهر ونصفًا. وقد روى عن والده بالإجازة قبل أن يستخلف.
قال ابن النّجّار: تَقَدَّمَ أبوهُ بجلوسِهِ بالتّاج الشريف في كلّ جُمُعة، ويقعد في خدمته أستاذ الدّار، ليُقْرأ عليه " مُسْند أحمد بن حنبل " بإجازته من والده. ثمّ قال: أَخْبَرَنَا أبو صالح الجيليّ، قال: أَخْبَرَنَا الظّاهرُ بأمر الله أبو نصر بقراءتي، قال: أنبأنا أبي، قال: أنبأنا عبد المغيث بن زهير وغيره، قالوا: أَخْبَرَنَا ابن الحُصَيْن، فذكر حديثًا بهذا السَّنَد النَّازل - كما ترى -.
" تاريخ الإسلام " للذهبي

6 -