المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا ايها الظالم ......................................



مرس
14-05-2005, 12:35 PM
يقول الله تعالى: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الفرقان:19]، ويقول أيضًا: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].

بعد الإمهال والمتاع، وبعد الإعذار بالرسل والبينات، وبعد أن يسود الظلم في الأمة ويسيطر الظالمون، ويصولوا ويجولوا، ويتبين أن دعاة الحق المصلحين قلة منعزلة، لا تأثير لها في حياة المجتمع الظالم، ثم بعد أن تفاصل العصبة المؤمنة قومها السادرين في الضلال، وتعتبر نفسها أمة وحدها، لها دينها، ولها ربها، ولها قيادتها المؤمنة، ولها ولاؤها الخاص فيما بينها، وتعلن الأمة المشركة بهذا كله، وتدعها تلاقي مصيرها الذي يقدر الله لها وفق سنته التي لا تتبدل ولا تتغير على مدار الزمن.

اخوتي .........ذلك الأخذ الأليم الشديد في الدنيا هو علامة على عذاب الآخرة، يراها الذين يخافون عذاب الآخرة، أي: الذين تفتحت بصائرهم وأبصارهم ليدركوا أن الذي يأخذ القرى بظلمها في هذه الحياة سيأخذها بذنوبها في الحياة الآخرة، فيخافوا هذا العذاب.




والذين لا يخافون الآخرة تظل قلوبهم صماء لا تتفتّح للآيات، ولا تتعظ ولا تعتبر بها، كما أنها لا تحسّ ولا تشعر بحكمة الخلق والإعادة، ولا ترى إلا واقعها القريب في هذه الدنيا، والله تعالى يقول: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:44، 45]، فحمد الله تعالى نفسه لما أهلك الظالمين وطهر منهم الأرض.




وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)). ومعنى ((اتقوا الظلم)) أي: اجتنبوه واجعلوا بينكم وبينه حاجزًا ومانعًا.




ويحذر الرسول صلى الله عليه وسلم الظالمين من الاعتزاز في الدنيا ومن عدم معالجتهم بالعذاب بقوله: ((إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته))، وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه في الحديث القدسي الطويل، وفيه: ((يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا)).




إن الظلم ظلمات يوم القيامة، كما أن العدل المأمور به الذي هو ضد الظلم نور يوم القيامة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن المقسطين عند الله على منابر من نور، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا)).




والظلم أصل الجور ومجاوزة الحد، وهو وضع الشيء في غير مكانه، ومعناه في الشرع: وضع الشيء في غير موضعه الشرعي.





ظلم العبد والإنسان لأخيه الإنسان، وهو من أعظم أنواع الظلم، لأن له تعلقًا بحقوق الإنسان. وقد شدد الله على هذا الظلم في الدنيا والآخرة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : ((من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه الله من سبع أرضين)).








فلا يحل ظلم أحد أصلاً، سواء كان مسلمًا أو كافرًا أو كان ظالمًا، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8].





ويكفي في تحريم الظلم أن الله تعالى ملك الملوك الجبار القاهر حرم الظلم على نفسه المقدسة والمنزهة عن الظلم، جاء في الحديث القدسي: ((يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا)).





اخوتي ........ إن عاقبة الظلم الخسران وعدم الفلاح في الدنيا والآخرة، والله يعاقب على الظلم بأنواع العقوبات، قال تعالى: إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام:21]، وقال: إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى:40].





وقد أهلك الله أقوامًا وقرونًا من الناس قبلنا، وما زال يهلك الأمم لوجود الظلم في الأرض، وما أحداث الزلازل الأرضية وانفجار البراكين الجوفية والأمراض المستعصية وغيرها بغائبة عن أسماعنا وأبصارنا. فصار هذا الأمر سنة كونية، كلما كثر الظلم والفساد في الأرض نزل العقاب الأليم.




اسمعوا لقوله تعالى: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا [الإسراء:16].


هل تدركون مرارة الظلم .................................... ربي انت العليم الخبير ...................تمهل ولا تهمل ..........