تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : " مهوب شغلك "



حواء غرابيل
10-02-2012, 07:20 PM
تأملتُ قبل أيام في سبب عجزنا وتكاسلنا ... وضعف يقيننا ... وقصور توكلنا على الله تعالى ... وتفويض أمورنا إليه ...

فوجدتُ أن سبب ذلك - بالجملة - يعود لتخذيل الشيطان ... وتثبيطه ... وتعجيزه .

ثم وجدتُني - دون أن أشعر - أخاطب نفسي ... بنفسي ... وأذكرها ، وأحثها ، وأوصيها ... بأن علينا العمل ، والبذل ، الصبر ، والمصابرة ، وعدم ربط العمل بالنتائج ... وأقول لها يا نفس :


( مهوب شغلك )

وهي من القواعد النافعة - فيما أحسب - فيما يتعلق بالدعاء ، والرجاء ، والدعوة إلى الله ... وبذل ماتستطيع ... لله تعالى .

وأعتذر مؤخرا ... لكون هذه القاعدة بالعامية ... لكن أحسب أنها ستوضح المقصد بإذن الله .

---

معاني الكلمات :
- مهوب : ليس من .
- شغلك : عملك أو شأنك .

فإذن ( مهوب شغلك ) تعني : ليس من شأنك .

لتوضيح القاعدة ... أذكر قصة يسيرة ... حدثت لأحد الإخوة الأفاضل في العمل ... توضح في مجملها معنى القاعدة .

( جمعان ) شاب لدينا في العمل ... ابتلي بـ ( دين ) لأحد إخوانه ... وقدره ( 16000 ) ريال ...

تأخر في التسديد ... فاستُدعي .... ثم أُدخل السجن في رمضان الماضي 1428هـ ...

وكان يُوصَى دائما من إخوانه بالدعاء ... والصدق في اللجأ إلى الله ... وإلحاح الدعاء له سبحانه ... واغتنام الأوقات الفاضلة في ذلك ...

دخلت العشر الأواخر ... وهو في السجن ... وما زال يدعو ...

اقترب يوم العيد ... وما زال يدعو ... ويُلح في الدعاء ... ولم ييأس من رحمة الله ...

جاءه الشيطان وثبطه ... وخذّله ... وأدخل في قلبه اليأس ... لكنه صبر ...

لو استمع وخضع لتثبيط الشيطان ... الذي قال له :
الناس في إجازات ... ولن تخرج من السجن ... وسيكون العيد هنا ... وأولادك لن يفرحوا بالعيد ... إلخ ... لجلس في السجن إلى ما بعد العيد ...

لكنه - أحسبه والله حسيبه - صدق مع الله ... وأيقن بالفرج ... وتنفيس الكرب ... وأن الله لن يخيّب من رجاه ودعاه .

ولسان حاله ... مخاطبا نفسه :
يا نفس ( مهوب شغلك ) ...
يا شيطان : ( مهوب شغلك ) ...
يا أولادي ( مهوب شغلكم ) ....

أنا أدعو الكريم ... الرؤوف .. الرحيم ... وهو أعلم بحالي .. وأرحم بي من نفسي ...

يا نفس ... عليكِ الدعاء والصدق مع الله ...

وكيفية الفرج من الله تعالى ... هو يتولاه .. بكرمه ... وقدرته ... سبحانه وتعالى .


الشاهد /
اتصل بي أحد الإخوة مغرب يوم (29) ليلة (30) وسألني عنه ... وكم المبلغ الذي عليه ... ؟.

فقلت له ما أعرفه عنه ... وفي أي سجن هو ... حيث كان السجن في مدينة تبعد عن الرياض قرابة الـ ( 80 ) كيلو .

ثم قال : خيرا .

هذا المتصل ... لا يعرف (جمعان) ... ولم يره من قبل ...

لكن سخره الله له ... وهو أرحم الراحمين ..

أخذ الرجل المبلغ المطلوب بعد صلاة التراويح ... ثم ذهب إلى المدينة التي سُجن فيها الرجل ...

وبحث عنه ... وسأل من يعرفه ... إلى أن وصل إليه ...

ثم طلب من المسئول أن يخرجه ... وهو سيقوم بتسديد دينه ...

يقول ( جمعان ) : لم أصدق نفسي وهم ينادونني باسمي : ( جمعان ... خروج ) ..

خرج ( جمعان ) وهو لا يصدق نفسه ...

أخذه الرجل بسيارته ... حتى أوصله إلى الرياض ... ثم وضع معه مبلغا من المال .. يدخل به على أهله ... ويفرحهم به .


انظروا إلى كرم الله تعالى على من دعاه ...

يسخر له رجلا :
- يسدد عنه دينه ...
- ويخرجه من السجن ....
- ويأخذه إلى الرياض ...
- ويعطيه ما تيسر من مال ليدخل الفرح والسرور عليه وعلى أهله ..

أسأل الله أن يعيننا على ذكر الله ... وشكره ... وحسن عبادته .


بعد هذه القصة أقول ... لعل القاعدة اتضحت ... وهي باختصار :

ليس لك شأن في كيفية قضاء الله تعالى للأمر ... أنت فوض الأمر إلى الله ... وتوكل عليه ... وأحسن ظنك به ... ثم انتظر كرم الكريم ... ورحمة الرحيم ... وانظر قدرة القدير ... وما يفعله سبحانه وتعالى .


أخي الحبيب /

- ( تشتكي من قسوة قلبك ) ... أكثر من الدعاء ، وألحّ في المسألة ... وليرى الله منك الصدق في شكواك ... ابكِ بين يديه ... ثم ( مهوب شغلك ) ... فوض الأمر إلى الله ... وأحسن الظن به ... وسترى ما يسرك بإذنه تعالى .

- ( مظلوم ) ... أكثر من الدعاء بأن يكشف الله عنك الظلم ... ويهدي من ظلمك ... ثم ( مهوب شغلك ) ... كيف تفرج ، وكيف تنكشف ... هذا ليس إليك ... فوض الأمر إلى الله ... وسترى ما لم يكن يخطر لك على بال .

- ( مديون ) ... أكثر من الدعاء .. مع بذل الأسباب .. ولا تملّ من الدعاء ... ألحّ فيه ... ابكِ بين يدي الله تعالى ... أعيد .. لا تمل ... ولا تيأس ... وأحسن الظن بربك ... لا تقل إن المبلغ كبير ... وكيف يُسدد ... ومن يسدده ... هذا ( مهوب شغلك ) ... الله تعالى يتولى أمرك بفضله ورحمته وجوده ... وسترى ما يُسعدك بإذنه تعالى ... والقصص في هذا كثيرة .

- ( محروم من الذرية ) ... أكثر من الدعاء ... ألحّ فيه ... في سجودك .. في القيام ... في الخلوات .... لاتيأس ... لا تسمع لتخذيل الشيطان ... ابذل الأسباب ... أحسن الظن بربك ... ثم ( مهوب شغلك ) ... أمر الله تعالى في قول ( كن ) ... ومن خلقك .. ورزقك ... قادر بقول ( كن ) أن يبدل الأمر من حال إلى حال ... والقصص في هذا كثيرة .

- ( أحد أفراد أسرتك في حال لا يسر ) ... لا تيأس ... ألح في الدعاء ... ابذل الأسباب ... استمر في النصيحة ... أكثر من الدعاء لهم بالصلاح ... ثم ( مهوب شغلك ) ...الله تعالى قادر على أن يهديهم ، ويصلح أحوالهم ... بما لا يخطر لك على بال ... والله على كل شيء قدير .

--

ربنا ... كريم ... جواد ... قدير ... عظيم ... جبار ... رؤوف ...

هلا دعونا الله تعالى بأسمائه الحسنى ...

لنرى ... كرمه ... وعظمته ... وجوده ... وجبروته ... وقوته ... وقدرته ...

والله ، ثم والله ، ثم والله ... كم من محروم من مناجاة الله .... لا يجد لذتها ... ونعيمها ... وبردها ... فلا نكن منهم ...

هلّا بادرنا بالإقبال على الله ... والانطراح بين يديه ، والبكاء من تقصيرنا في جنبه ... وحقه تعالى ...

وإذا راى الله تعالى منا الصدق والإقبال ... فلا تسأل بعد ذلك عن عطاياه ومنحه .

أصلح الله أحوالنا .

---

أعتذر ... عن أن أتكلم في موضوع أنتم أهله ... لكن العذر عند أهل الفضل مأمول .

هل اتضحت قاعدة : ( مهوب شغلك ) ..؟!.

نحتاج أن نعرف ربنا حق المعرفة ...

نحتاج إلى أن نطيل في السجود ... ونبث شكوانا إلى الله ...

نحتاج إلى أن نتوكل على الله حق توكله ...

نحتاج إلى يقين صادق ... لا شك فيه ... ولا تردد ...

نحتاج إلى إحسان الظن بربنا ... كأنه رأي العين ....

ثم لننظر منح ربنا وعطاياه وإحسانه ... سبحانه وتعالى .

هذه قصة لأحد الإخوة ... تبين لنا معنى من معاني قاعدة : ( مهوب شغلك ) :




قصة خطف : ( شهد )


البعض بل الأكثر قد سمع ، واستمع ، أو قرأ عن قصة خطف الطفلة الرضيعة ( شهد ) حفظها الله ... في أول يوم من قدومها إلى الدنيا ... في شهر محرم الماضي 1429هـ .


خُطفت ( شهد ) بعد ولادتها بساعات !! ...

وانشغل الجميع بمتابعة أخبارها ...

والدعاء لها بالحفظ ... والدعاء لوالديها بالصبر والثبات ... والدعاء للجهات الأمنية بالتوفيق والقبض على من قام بخطفها ...


قابلتُ والدها - فترة اختطفاها وغيابها - ... وسألتُه عن أخبارها ... فقال : الله المستعان ... الله ييسر الأمور ... لا يوجد لدينا أي أخبار عنها !!.

فقلتُ له : الدعاء ... لا تنس الدعاء ...

فقال : ليس علينا إلا الدعاء ... ثم بذل الأسباب ... والله كريم .


ثم عرفتُ بعد ذلك أن والدها قد عُرض عليه - عن طريق بعض ضعفاء النفوس- عُرض عليه الاستعانة بالسحرة الأشرار ... للقبض على الخاطف ... فرفض ذلك رفضا قاطعا ... لا تنازل معه .

بل كان يوبخ ، ويعظ من يطلب منه ذلك أو يشير عليه به .


كان اعتماده على الله ... وتفويض أمره إلى الله ... وتوكله على الله ....

كان يقينه بالله كبيرا ... وثقته به - سبحانه - لا حدود لها ...

يدعو ... ويلحُّ في الدعاء ... ويلظُّ به ...

لم يفتر ... ولم يمل ... ولم ييأس ... ولم يثبّطه الشيطان ...

بل أصرّ ... وألّح ... وأكثر ... من الدعاء والانطراح بين يدي الله تعالى ...

لسان حاله : ربي أرحم ... و أرأف ... وأكرم ... وأعظم ... من أن يرد من دعاه ...

لم يشغل نفسه بـ :

- كيف نجد ( شهد ) ؟!.

- كيف نحصل عليها ؟!.

- كيف يقبض على الخاطف ؟!.

- وجودها مستحيل !.



كل هذا ( مهوب شغلك ) ...


ليس عليك إلا الدعاء ... والتفويض ... والتوكل ... ثم بذل الأسباب ....

والله تعالى بكرمه ، ورحمته ، وجوده ... سيردها لك ...

وهذا ما حصل ولله الحمد ...

فقد قيّض الله تعالى من يبلغ الجهات الأمنية عن وجود الطفلة مع إحدى العوائل التي لا تُنجب ...

فبادرت الجهات الأمنية - ولله الحمد - بالمتابعة والتحقق والتحقيق ...


فعادت الطفلة ( شهد ) إلى أهلها ...

في موقف ... لا يمكن وصفه ...

ومشهد ... لا يمكن الحديث عنه .


من الذي قيّض ذلك الرجل ليقوم بالتبليغ ... ؟!.

من الذي وفق الجهات الأمنية للتحقق من المطابقة ؟!.

من الذي وفق والديّ الطفلة للصبر والثبات ... ؟!.

من الذي حفظ والديّ الطفلة من أن يسلكان الطرق المحرمة في الحصول على ابنتهم ؟!.


إنه الكريم جل جلاله ... وتقدست أسمائه ...


( مهوب شغلنا )


لنفوض الأمر الله ... ونعتمد عليه ... ونتوكل عليه ... ثم نبذل الأسباب ...

ثم لننظر إلى رحمة الرحيم ... وقوة القوي ... وقدرة القادر ... ووجبروت الجبار ... سبحانه وتعالى .

وفي النهايه لاتحرمونا من دعواتكم
والله المستعان

منقوووول