المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حمَل خطبة جمعة مشكولة بعنوان إنها لظى) لشيخنا محمد بن مبارك الشرافي - حفظه الله -



أهــل الحـديث
09-02-2012, 01:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


خطبة الجمعة 18/3/1433هـ : إِنَّهَا لَظَى
الْحَمْدُ للهِ الْعَلِيِّ الأعْلَى , الذِي خَلَقَ فَسَوَّى , وَحَكَمَ عَلَى خَلْقِهِ بِالْمَوْتِ وَالفَنَاءِ , وَالْبَعْثِ إِلَى دَارِ الْفَصْلِ وَالْقَضَاءِ , لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى , فَنَفْسٌ تَسْعَدُ وَنَفْسٌ تَشْقَى ( فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) وأشَّهَدُ أَن لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لاَ شرِيكَ لهُ , الْوَلِيُّ الْمَوْلَى , وأشَّهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ النَّقِيُ الأَتْقَى , صَلَّىَ الله علَيهِ وَعَلَى آلِهِ وأصَّحابَهِ وَمَنْ بِهُدَاهُمُ اهْتَدَى , وَسَلَّمَ تَسلِيماً كَثِيراً .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ , وَاحْذَرُوا غَضَبَهُ وَأَلِيمَ عِقَابِهِ , بِفِعْلِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ , وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ قَدْ أَعَدَّ دَارَاً يُعَاقِبُ بِهَا مَنْ عَصَاهُ وَتَمَرَّدَ عَلَى شَرْعِهِ وَخَالَفَ رُسُلَهُ , جَعَلَهَا دَارَاً لِلْكُفَّارِ , وَمَأْوَىً للْفُجَّارِ , , , تِلْكُم هِيَ النَّارُ !!! إِنَّهَا دَارُ الْبُؤْسِ والْبَوَارِ ، دَارُ الشَّقَاءِ وَالخِزْيِ وَالعَارَ ، دَارُ مَنْ تَعَدَّى الْحُدُودَ وَارْتَكَبَ الْمُحَرَّمَاتِ ، دَارٌ لا يَسْكُنُهَا مِنْ خَلْقِ اللهِ إِلَّا الأَشْرَارُ , الذِينَ عَصَوْا رُسُلَهُ وَلَمْ يَمْتَثِلُوا أَمْرَهُ وَلَمْ يَنْتَهُوا عن نَهْيِهِ ، إِنَّها يَا عِبَادَ اللهِ النَّارُ !
إِنَّها النَّارُ ! حَرُّهَا شَدِيد , وَقَعْرُهَا بَعِيد , وَوَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ وَالْحَدِيد ! إِنَّهَا جَهَنَّم ! إِنَّهَا الْجَحِيم ! إِنَّهَا الْحُطَمَة ! إِنَّهَا سِجِّين ! إِنَّهَا سَقَر ! (كَلَّا إِنَّهَا لَظَى* نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) . . . أَمَّا مَكَانُ النَّارَ فَإِنَّهُ سِجِّينٌ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ ؟ ) وَهِيَ مَوْجُودَةٌ الآنَ وَكُلَّ يَوْمٍ تُسَجَّرُ وَيُزَادُ فِي حَرِّهَا وَذَلِكَ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ !
أَمَّا أَبْوَابُهَا , فلَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ !
وَأَمَّا هَيْئَتُهَا وَأَوْصَافُهَا فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرانِ ، وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ ، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ يَقُولُ : إنِّي وُكِّلْتُ بِثَلاثَةٍ : بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللهِ إلَهاً آخَرَ ، وَبِالمصَوِّرِينَ)أَخْرَج� �هُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ
وَأَمَّا وَقُودُهَا فَإِنَّهُ الْبَشَرُ وَالأَحْجَارُ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ جَهَنَّمَ مَنْظَرُهَا أَفْظَعُ مِنْ أَنْ يُطَاقَ , وَأَشَدُّ مِنْ أَنْ يُحْتَمَلَ ! إِنَّهَا يُؤْتَى بِهَا تُجَرْجَرُ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ لَهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ , يَرَاهَا النَّاسُ عَيَانَاً بِأَبْصَارِهِمْ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ) وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَومَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ , فَمَعْنَى هَذَا أَنَّ جَهَنَّمَ يَجُرُّهَا 4900 مِلْيُونَ مَلَكٍ !!!
وَأَمَّا حَرُّهَا فَلا تَسْأَلْ عَنْهُ ! لَوْ سُيِّرَتْ فِيهَا جِبَالُ الدُّنْيَا لَذَابَتْ مِنْ حَرِّهَا , فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ) قَالُوا : وَاللهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللهَ ! قَالَ (فَإنّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتّينَ جُزْءاً , كُلُّها مِثْلُ حَرِّهَا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَأَمَّا قَعْرُهَا فَبَعِيدٌ سَحِيقٌ , فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ سَمِعَ وَجْبَةً ، فَقَالَ (أتَدْرُونَ مَا هَذَا ؟ ) قَالَ : قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَم ! قَالَ (هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ فِي النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفاً فَهُوَ يَهْوِي فِي النَّارِ الآنَ حَتَّى انْتَهَى إلَى قَعْرِهَا) أَخْرَجَهُ مُسْلِم
فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ! حَجَرٌ يَهْوِي مِنْ أَعْلَاهَا إِلَى أَسْفَلِهَا سَبْعِينَ سَنَةً ! إِنَّهَا حَقَّاً كَبِيرَةٌ عَمِيقَةٌ نَعُوذُ بِاللهِ مِنْهَا !
وَأَمَّا أَهْلُهَا فَهُمْ صِنْفَانٌ : كُفَّارٌ خُلَّصٌ , وَعُصَاةُ الْمُؤْمِنِينَ , فَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْمُنَافِقُونَ فَهُمْ مُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ لا يَخْرُجُونَ مِنْهَا أَبَدَاً , قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا)
وَأَمَّا عُصَاةُ الْمُوَحِّدِينَ فَهُمْ تَحْتَ مَشِيئَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ بِقَدْرِ ذُنُوبِهمْ ثُمَّ يَخْرَجُونَ بِالشَّفَاعَةِ مِنَ النَّارِ ! فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهَ وَسَلَّمَ (يُعَذَّبُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ التَّوحِيدِ فِي النَّارِ حَتّى يَكُونُوا فِيهَا حُمَماً ، ثُمَّ تُدْرِكُهُمُ الرَّحْمَةُ ، فَيُخْرَجُونَ وَيُطْرَحُونَ عَلَى أَبْوابِ الجَنّةِ) قال (فَيَرُشُّ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الجَنَّةِ المَاءَ فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الغُثَاءُ فِي حِمَالَةِ السَّيْلِ ثُمَّ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ
وَأَمَّا صِفَةُ وُجُوهِ أَهْلِ النَّارِ , فَإِنَّهَا كَالِحَةٌ بَاسِرَةٌ , عَلَيْهَا غَبَرَةٌ , تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ )
وَأَمَّا طَعَامُهُمْ فَبِئْسَ الطَّعَامُ ! ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوع) ! إِنّهُ طَعَامٌ يَنْشَبُ فِي الْحَلْقِ فَلا يَخْرَجُ وَلَا يَدْخُلُ ! لِأَنَّهُ طَعَامُ تَعْذِيبٍ لا طَعَامُ تَكْرِيمٍ ! إِنَّهَمْ يَأْكُلُونَ مِنْ شَجَرِةٍ خَبِيثَةٍ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ جَهَنَّمَ ! قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ) وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ )
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ : أَنْقِذْ نَفْسَكَ مَا دُمْتَ فِي عَافِيَةٍ , فَهَلْ تُطِيقُ هَذَا الْعَذَابَ ؟ أَوْ تَحْتَمِلُ هَذَا النَّكَالَ ؟
وَأَمَّا شَرَابُ أَهْلِ النَّارِ فَيَا وَيْلَ مَنْ يَذُوقُهُ وَيَا خِزْيَ مَنْ يَتَجَرَّعُهُ ! إِنَّهُ الْمَاءُ الْحَمِيمُ الذِي صَارَ يَغْلِي مِنْ شِدَّةِ حَرِّهِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ) وَقَالَ (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا)
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ , اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ , اللَّهُمَّ إِنَا نَعُوذُ بِكَ مِن النَّارِ , وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ !
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ , غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِير , وَالصَّلاةُ عَلَى نَبِيِّهِ وَرَسُولِهَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ عَلَى نَهْجِهِمْ يَسِير , وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيراً أَمَّا بَعْدُ : فَيَا أَهْلَ الإسْلامِ خَافُوا مِن النَّارِ وَاحْذَرُوهَا , فَإِنَّ اللهَ قَدْ تَوَعَّدَ بِهَا الأَوَّلِينَ مِن الْجِنِّ وَالإنْسِ , وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ يَخَافُونَ مِنْهَا أَشَدَّ الْخَوْفِ وَهُمْ خَيْرٌ مِنَّا وَأَفْضَلُ , فَأَيْنَ خَوْفُنَا مِن النَّارِ ؟
جَاءَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا , أَنَّهُ قَرَأَ قَوْلَ اللهُ تَعَالَى (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) فَبَكَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَتَى أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَرُشَّ بِالْمَاءِ . وَذَكَرَ الذَهَبِيُّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَهُ يَقْرَأُ (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ ) فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَى حُمِلَ عَلَى أَكْتَافِ الرِّجَال .
وَأَمَّا ابْنُ تَيْمَيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ فَيَذْكَرُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحِمَهُما اللهُ -أَحَدُ الصَّالِحِينَ الزُّهَّادِ الْكِبَارِ- أَنَّهُ قَامَ أَبُوهُ يُصَلِّي بِهِمْ فِي الْحَرَمِ فَقَرَأَ سُورَةَ الصَّافَّاتِ ، وَكَانَ ابْنُهُ عَلِيٌّ مِنْ أَخْشَى النَّاسِ للهِ , وَكَانَ وَرَاءَهُ فِي الصَّفِّ فَقَرَأَ الْفُضَيْلُ (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ) فَأُغْمِيَ عَلَى ابْنِهِ وَحُمِلَ إِلَى الْبَيْتِ ، فَحَرَّكُوهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَات !
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ النَّارَ دَرَكَاتٌ بَعْضُهَا أَسْفَلَ مِنْ بَعْضٍ ، وَالْمُنَافِقُونَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِن النَّارِ , لِغِلَظِ كُفْرِهِمْ، وَتَمَكُّنِهِمْ مِنْ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا) فَلَطَالَمَا آذَوْا الْمُسْلِمِينَ بِالقَوْلِ وَالفِعْلِ , بَلَ قَدْ تَطَاوَلَ شَرُّ بَعْضِهِمْ فِي هَذِهِ الأَزْمَانِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى مَقَامِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ , وإِلَى رَسُولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ !
وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ دُخُولِ أَهْلِ النَّارِ لَهَا , فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)
وَأَمَّا أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابَاً , فَقَدْ رَوَى الشَّيْخَانِ عَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً يَومَ القِيَامَةِ رَجُلٌ عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي المِرْجَلُ بِالقُمْقُمِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ فِي النَّارِ أَنْوَاعاً مِنَ العَذَابِ وَصُوَراً مِنَ النَّكَالِ , إِنَّهُمْ يُقَيَّدُونَ بِالسَّلَاسِلِ فِي رِقَابِهِمْ قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ)
إِنَّهُمْ يُسْحَبُونَ فِي جَهَنَّمَ عَلَى وُجُوهَهَمْ إِهَانَةً وَتَعْذِيباً , قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ )
إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ حَتَى بِثِيَابِهِمُ التِي عَلَى أَجْسَامِهِمْ قَالَ اللهُ تَعَالَى (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ) بَلْ إِنَّهَا تَتَغَيْرُ أَبْشَارُهُمْ كُلَّمَا انْشَوَتَ مِنْ حَرِّ النَّارِ قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا )
إِنَّهُمْ يَصِيحُونَ وَيَزْفُرُونَ , وَيَتَمَنَّوْنَ الرُّجُوعَ وَلَكِنْ هَيْهَاتَ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) وَقَالَ (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ )
إِنَّ حُزْنَهُمْ يَزْدَادُ وَشَقَاؤُهُمْ يَتَضَاعَف , فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَةَ إِلَّا بِاللهِ , عَنْ ابْنِ عُمَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إذَا صَارَ أَهْلُ الجَنَّةِ إلَى الجَنَّةِ ، وَأَهْلُ النَّارِ إلَى النَّارِ جِيءَ بِالموتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَينَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ ، ثُمَّ يُذْبَحُ ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ : يَا أَهْلَ الجَنَّةِ لا مَوْتَ ، يَا أَهْلَ النَّارِ لا مَوْتَ ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الجَنَّةِ فَرَحاً إلَى فَرَحِهِمْ ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْناً إلَى حُزْنِهِمْ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَجِيرُ بِكَ مِنَ النَّارِ , فَارْحَمْنَا بِرَحْمَتِكَ يَا عَزِيزُ يَا غَفَّارُ , اللَّهُمَّ لا تُؤَاخِذْنَا بِذُنُوبِنَا وَلَا تُعَاقِبْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا , اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَميعِ سَخَطِكَ ! رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ! وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) إناء يُسَخَّن فيه الماء من نُحاس وغيره ويكون ضَيَّق الرأس .

<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: (إِنَّهَا لَظَى).pdf&rlm; (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=90474&d=1328779650)
: 242.1 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf