المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعظـيم قتـل المؤمـن



أهــل الحـديث
08-02-2012, 12:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته


الحمدلله


عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ : كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا . وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا . وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ : لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ مُعْنِقًا صَالِحًا مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا فَإِذَا أَصَابَ دَمًا حَرَامًا بَلَّحَ . رواه أبوداود وصححه الألباني

( عَسَى اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَهُ ) : أَيْ تُرْجَى مَغْفِرَتَهُ ( إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا ) : أَيْ إِلَّا ذَنْبَ مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا ( أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ) : قَالَ الْعَزِيزِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ . هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنِ اسْتَحَلَّ الْقَتْلَ أَوْ عَلَى الزَّجْرِ وَالتَّنْفِيرِ إِذَا مَا عُدَّ الشِّرْكُ مِنَ الْكَبَائِرِ يَجُوزُ أَنْ يُغْفَرَ وَإِنْ مَاتَ صَاحِبُهُ بِلَا تَوْبَةٍ انْتَهَى .

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُغْفَرُ لِلْمُؤْمِنِ الَّذِي قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا وَعَلَيْهِ يَدُلُّ قَوْلُهُ تَعَالَى :وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ . وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ ، لَكِنْ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَجَمِيعُ أَهْلِ السُّنَّةِ حَمَلُوا مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى التَّغْلِيطِ ، وَصَحَّحُوا تَوْبَةَ الْقَاتِلِ كَغَيْرِهِ ، وَقَالُوا مَعْنَى قَوْلِهِ : فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ . أَيْ إِنْ شَاءَ أَنْ يُجَازِيَهُ تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ . وَمِنَ الْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الْإِسْرَائِيلِيِّ الَّذِي قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ثُمَّ أَتَى تَمَامَ الْمِائَةِ إِلَى الرَّاهِبِ فَقَالَ لَا تَوْبَةَ لَكَ فَقَتَلَهُ فَأَكْمَلَ بِهِ مِائَةً ، ثُمَّ جَاءَ آخَرَ فَقَالَ لَهُ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ . الْحَدِيثَ .

وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ لِمَنْ قَبْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَمِثْلُهُ لَهُمْ أَوْلَى لِمَا خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ الْأَثْقَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ فَاعْتَبَطَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمَوْجُودَةِ فَاغْتَبَطَ بَالِغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ .

قَالَ الْعَزِيزِيُّ : بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ قَتَلَهُ ظُلْمًا لَا عَنْ قِصَاصٍ ، وَقِيلَ بِمُعْجَمَةٍ مِنَ الْغِبْطَةِ الْفَرَحِ لِأَنَّ الْقَاتِلَ يَفْرَحُ بِقَتْلِ عَدُوِّهُ انْتَهَى .

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُرِيدُ أَنَّهُ قَتَلَهُ ظُلْمًا لَا عَنْ قِصَاصٍ ، يُقَالُ عُبِطَتِ النَّاقَةُ : وَاعْتَبَطْتُهَا إِذَا نَحَرْتُهَا مِنْ غَيْرِ دَاءٍ وَلَا آفَةٍ يَكُونُ بِهَا .

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ هَكَذَا جَاءَ الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ، ثُمَّ جَاءَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ خَالِدُ بْنُ دِهْقَانَ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ : سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى عَنْ قَوْلِهِ اعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ قَالَ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي الْفِتْنَةِ فَيَقْتُلُ أَحَدُهُمْ فَيَرَى أَنَّهُ عَلَى هُدًى فَلَا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ .

قَالَ وَهَذَا التَّفْسِيرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْغِبْطَةِ بَالِغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الْفَرَحُ وَالسُّرُورُ وَحُسْنُ الْحَالِ لِأَنَّ الْقَاتِلَ يَفْرَحُ بِقَتْلِ خَصْمَهُ ، فَإِذَا كَانَ الْمَقْتُولُ مُؤْمِنًا وَفَرِحَ بِقَتْلِهِ دَخَلَ فِي هَذَا الْوَعِيدِ .

قَالَ وَشَرَحَهُ الْخَطَّابِيُّ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ خَالِدٍ وَلَا تَفْسِيرَ يَحْيَى ( صَرْفًا وَلَا عَدْلًا ) : قَالَ الْعَلْقَمِيُّ : أَيْ نَافِلَةً وَلَا فَرِيضَةً وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ( مُعَنِّقًا ) : بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنَ الْإِعْنَاقِ أَيْ خَفِيفَ الظَّهْرِ سَرِيعَ السَّيْرِ .

قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُرِيدُ خَفِيفَ الظَّهْرِ يُعْنِقُ مَشْيَهُ أَيْ يَسِيرُ سَيْرَ الْعَنَقِ ، وَالْعَنَقُ ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ وَسِيعٌ ، يُقَالُ أَعْنَقَ الرَّجُلُ فِي سَيْرِهِ فَهُوَ مُعْنِقٌ .

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ مُسْرِعًا فِي طَاعَتِهِ مُنْبَسِطًا فِي عَمَلِهِ ، وَقِيلَ أَرَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ انْتَهَى

( بَلَّحَ ) : بِمُوَحَّدَةٍ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ أَعْيَا وَانْقَطَعَ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ .

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ : يُقَالُ بَلَّحَ الرَّجُلُ إِذَا انْقَطَعَ مِنَ الْإِعْيَاءِ فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَتَحَرَّكَ وَقَدْ أَبْلَحَهُ السَّيْرُ فَانْقَطَعَ بِهِ يُرِيدُ وُقُوعَهُ فِي الْهَلَاكِ بِإِصَابَةِ الدَّمِ الْحَرَامِ وَقَدْ يُخَفَّفُ اللَّامُ كَذَا فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ .


الشيخ شمس الدين آبادي رحمه الله
عون المعبود » كتاب الفتن والملاحم » باب في تعظيم قتل المؤمن


والله أعلم