المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دفاعا عن السلفية



أهــل الحـديث
06-02-2012, 07:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



دفاعًا عن السلفية

لا يخفى على المتابع ما يجري في الساحة هذه الأيام من هجمة شرسة على منهج السلف، وتطاول وقح على أتباعهم بإحسان، وحرب قذرة على السلفية، واستخدام كافة الوسائل - ولو كانت غير أخلاقية - في مواجهتهم، مع استنفار إعلامي محموم لتشويه منهج السلف، والطعن فيه تشهيرًا به، والنيل منه افتراءً عليه .
لقد تجمع في هذه الحرب طوائف ومذاهب ونحل مختلفة المشـرب، متباينة الفكر، متنافرة المنهج، متضادة الرأي، متناقضة الاعتقاد، ولكن جمع بينها كراهية منهج السلف وأتباعه، فما اجتمعوا في مذهب، ولا اتحدوا في نحلة، ولا اتفقوا في منهج، ولكن كما قال شوقي :


إن المصائب يجمعن المصابينا

ما بين علماني مأجور ، وليبرالي عميل، ورافضـي خبيث النحلة، وصوفي منحرف الفكر، وأشعري متخبط العقيدة، إلى عدو صهيوني صليبي ذي تحالف عالمي يمكر مكرًا تكاد تعجز عنه الأبالسة والشياطين - إذ لم يتصد لمطامعه من أهل الإسلام إلا السلفية بجهاد اللسان والسنان -، ثم يلتحق بتلك القطعان كل متنازل عن الأصول، ومتخاذل في المبادئ، ومساوم على الثوابت، خائر العزيمة، ضعيف الشخصية، ممن هو محسوب على الدعوة ومنسوب إلى أهل العلم وربما اعتبر من السلفية، أضف إليهم بعض الشخصيات والجماعات والمؤسسات الإسلامية ممن لهم – بمحاربة السلفية - أطماع سياسية، أو مآرب خاصة، أو تصفية حسابات مع أفراد أو جماعات من السلفية، ثم تأتي بعد ذلك حكومات مسلمة أوغرت صدورها على منهج السلف، ودول تدين بالإسلام حُرِّشت على محاربة السلفية، فقمعت السلفية في بعض البلاد بالحديد والنار، فكان لها الحظ الأفر عند تلك الحكومات من التعذيب والإرهاب والسجن والنفي والمطاردة ، ثم يأتي في ختام أولئك جميعًا بعض المنتسبين إلى السلفية ممن ابتلوا بضعف العقل، وسوء الظن، وقلة الأدب، وفساد الخلق، وضيق العطن، ووحر الصدر، فشقوا الصف، وأشعلوا فتيل الفتنة، وأحدثوا فساد ذات البين، فرجعوا على إخوانهم طعنًا ولمزًا وتشهيرًا، واختزلوا السلفية ذات المعنى الواسع في إناء لا يـشرب منه إلا هم، وجعلوا مفتاح بابها في أيديهم فلا يدخل منه إلا هم، ويدخلون من شاءوا ويخرجون من أرادوا ، فما يدري أتباع السلف يواجهون من ؟ ويحذرون من ؟ وإن لسان حالهم :" إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون " .


إن قومي قد تجمعوا وبقتلي قد تحدثوا


لا أبــالي بجـــمعهم كل جـمع مؤنث

ولقد استخدموا في النيل من السلفية أنكى الوسائل، وتفننوا في قمعها والإضرار بها باستعمال أقسى الطرائق ، فتارة بالقتل وهذا معروف من يوم : "حرقوه وانصـروا آلهتكم "، وربما طال ذلك نسائهم وأطفالهم وذويهم كما في يوم :"سنقتِّل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون"، وتارة بالسجن والحبس كما في يوم :" لئن اتخذت إلهًا غيري لأجعلنك من المسجونين "، وتارة بالنفي والإبعاد كما في يوم :" لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودنا في ملتنا "، وتارة بتشويه السمعة والتشهير بين الناس كما في يوم :" إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها"، وتارة بالتكفير والإخراج من الملة كما في يوم :" وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين"، وتارة بالامتنان بالظلم والإدلاء بالطغيان كما في يوم:" ألم نربك فينا وليدا ولبث فينا من عمرك سنين"، وتارة بالاستهزاء والسخرية – وهذا أضعف الإيمان عندهم - كما في يوم :" أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين" .
فأوصي حملة هذا المنهج الخالد بوصايا سريعة ونصائح عاجلة لعلها أن تكون غيثًا على جد وفراتا على ظمأ :
أولًا : معرفة سنن الله الكونية والـشرعية ومنها أن المصائب طريق التمكين، وأن الابتلاء ضريبة النجاح، وأن الإيذاء فاتورة المجد، " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معهم متى نصر الله "، " أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون " ، والابتلاء دليل على صحة المنهج، وسلامة الطريق، واستقامة الاعتقاد، قال بعض الصالحين : لو لم نؤذ لشككنا في صحة طريقنا . فما ينال من ذي اعتقاد باطل، وما يصنع اللص بالبيت الخرب، فلا تُرمى إلا الشجرة المثمر، والصواعق لا تصيب إلا قمم الجبال كما قال الشاعر :


هَلِ الرِّياحُ بـنـجمِ الأرْضِ عاصِفَةٌ = أَمِ الكُسوفُ لغيـرِ الشَّـمْسِ والقمرِ

وقال الآخر :
وإذا أراد الله نـشر فضيلة = طويت أتاح لها لسان كل حسود
لولا احتراق النار فيما جاورت = ما كان يعرف طيب عرف العود

وقال الآخر :
إن العرانين تلقاها محسدة = ولا ترى للئام الناس حسادا
فلا بد من الابتلاء في طريق الصالحين، ولقد سأل رجلٌ الشافعي فقال: يا أبا عبد الله , أيمكن الرجل أم يبتلى ؟ فقال : لا يمكن الرجل حتى يبتلى، وقال ابن باز : الابتلاء سنة الله في أوليائه ، وقال ابن القيم :
والحق منصور وممتحن فلا = تجزع فهذي سنة الرحمن
ثانيًا : التمسك بمنهج السلف والتواصي به والتآلف فيه والتداعي إليه والصبر عليه كما يصبر أهل الباطل على باطلهم كما قال تعالى عنهم" وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم "، وقالوا عن أنفسهم :" إن كان ليضلنا على آلهتنا لولا أن صبرنا عليها" ، ولقد أمر الله بالصبر في القرآن في مواضع كثيرة وجلها في مواجهة أعداء الحق ، فإياكم أيها الاحباب أن تُستفزوا في معارك لا طائل من ورائها، واحذروا أن تستدرجوا إلى مواجهات أنتم الخاسرون فيها، وتيقظوا أن تستثاروا إلى مواقف يقصد بها إلهاؤكم عن المهم، وتنبهوا أن تُستخفوا فتقعوا في منازلات تنزل من قدركم وتنال من رفعتكم، وما أجمل أن تجعلوا نصب أعينكم قول الحق جل اسمه :" فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون"،
فالهدوء الهدوء في مواجهة الخصوم ، والتوأدة التوأدة في محاورة الأعداء، والسكينة السكينة في التصدي للمتطاولين، والروية الروية في التعامل مع الجاهلين


من يلاق النار بالنار يزدها = لهبًا إطفاؤه يغدو محالا

ثالثًا : الحرص على وحدة الصف ، ولم الشمل، ورأب الصدع، وجمع الكلمة، ونبذ الخلاف، وليعذر بعضنا بعضا في القضايا التي يسع فيها الاجتهاد، ولا نجعل الولاء البراء في اجتهادات علماء ليست منزهة، ولا نتخذ آراء أشياخ ليست معصومة قضايا مفاصلة إما و إلا ، مع الرفق بالمخالف، والعطف على المخطئ، وإحسان الظن، واتهام النفس، وتحمل بعضنا بعضا، وتأليف القلوب، ونبذ الأنانية والحزبية، وتقديم المصالح العامة على الخاصة، ودرأ أكبر المفاسد بأصغارها، ومراعاة المصالح الراجحة، والرجوع إلى أكابر أهل العلم ، واستشارتهم ، واستصغار النفس أمامهم .


إن الأمور إذا الأحداث دبرها = دون الشيوخ ترى في سيرها الخللا

رابعًا : الإكثار من العبادة وخاصة الذكر فإنها الزاد والبلاغ وفيه قوة وعتاد ، فها هو شيخ الإسلام ابن تيمية في وقت واحد يقارع النصارى بالسنان واللسان، ويقاتل المغول بالحجة والسلاح، وينازل المبتدعة من الأشاعرة والصوفية والرافضة والباطنية فأقظ مضجعهم وأرعب قلوبهم، ويقمع أهل الإلحاد من الفلاسفة والمتكلمين، ويناظر الطوائف والنحل ويحاجهم، مع إصلاح اجتماعي، وإنكار على الولاة، واحتساب في المظالم، وقضاء لحوائج الناس، وتعليم لطلبة العلم، واشتغال بالتصنيف، وكأنه دولة بمرافقها ، وكأن لسان حاله :
أناضـل عن دين عظيم وهبته= عطاءمقل مهجتي وحياتيا
فممتـثـل لله أسلـم وجهـه= يقولأنا وحدي سأحمي دينيا
بظهري ببطني بالذراع بمقلتي = بجنبي بعظم الصدر حتى التراقيا
على ذروة التوحيد تخفق رايتي= وتحت روابيها تصب دمائيا
لقد كان ذكر الله هو زاده وغداؤه كما نقل عنه ابن القيم ، ولقد أمر الله بالذكر مع الرباط فقال :"يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واذكر الله لعلكم تفلحون " .
أكتفي بهذه الوصايا التي جاش بها خاطر عليل، ونفث بها لسان غير بليل، وفقنا الله وإياكم سواء السبيل .