المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحصون الخمسة .. مع القرآن من الاستضعاف إلى التمكين



أهــل الحـديث
31-01-2012, 10:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



"الحصون الخمسة" .. مع القرآن من الاستضعاف إلى التمكين
د/ وليد نور ، كلية دار العلوم – جامعة القاهرة
في ليلة من ليالي رمضان كان اللقاء الأول بين رسول الله http://studyqeraat.com/vb/images/smilies/009.gif وملك الوحي جبريل عليه السلام، وكانت الكلمات الأولى (اقرأ ..)، هكذا كانت البداية الأمر بالقراءة ومن بعدها كان (القرآن الكريم) هو المعين الأول والدليل الذي يرسم خطي النبي محمد http://studyqeraat.com/vb/images/smilies/009.gif وصحبه من بعده في تأسيس الدولة الإسلامية الأولى بدءًا من لحظات الاستضعاف والاضطهاد في رمضاء مكة ثم إلى صحراء الجزيرة حيث كانت الهجرة ومن بعدها الغزوات حتى تم التمكين بإذن الله، لقد كان القرآن الكريم هو الدليل لكل هذه الخطى، وكان القرآن المحور الأساس في تربية الرسول http://studyqeraat.com/vb/images/smilies/009.gif لأصحابه، وخير شاهد على ذلك ما قاله جندب بن عبد الله http://studyqeraat.com/vb/images/smilies/article_ratheya.gif قال: "كنا مع النبي http://studyqeraat.com/vb/images/smilies/009.gif ونحن فتيان حزاورة[1] (http://studyqeraat.com/vb/#_ftn1)، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا"[2] (http://studyqeraat.com/vb/#_ftn2).
فالإعتناء بالقرآن تلاوة، وحفظا، وتدبرا، مفتاح المفاتيح التي تبني النفس الإنسانية، وقد ورد فيالسنة النبوية ما يدل على تعاهد النبي http://studyqeraat.com/vb/images/smilies/009.gif لأصحابه وتربيته لهم علىالعناية بجانب القرآن،فعن أبيذر http://studyqeraat.com/vb/images/smilies/article_ratheya.gif قال: قلت: يا رسول الله؛ أوصني، قال: "عليك بتقوى الله فإنه رأسالأمر كله، قلت: يا رسول الله؛ زدني، قال: عليك بتلاوة القران فإنه نور لك في الأرضوذخر لك في السماء"[3] (http://studyqeraat.com/vb/#_ftn3).
ومنذ اليوم الأول، والقرآن هو المعين الأصيل الذي صاحبه الجيل الأول وعايشه في كل لحظاته وحياته، عايش الجيل الأول القرآن الكريم في لحظات الاستضعاف في مكة المكرمة، كانت المادة الدراسية التي قام بتدريسها النبي http://studyqeraat.com/vb/images/smilies/009.gif في دار الأرقم القرآن الكريم, فهو مصدر التلقي الوحيد، فقد حرص الحبيب المصطفى على توحيد مصدر التلقي وتفرده، وأن يكون القرآن الكريم وحده هو المنهج والفكرة المركزية التي يتربى عليها الفرد المسلم، والأسرة المسلمة، والجماعة المسلمة، وكان روح القدس ينزل بالآيات غضة طرية على رسول الله http://studyqeraat.com/vb/images/smilies/009.gif، فيسمعها الصحابة من فم رسول الله http://studyqeraat.com/vb/images/smilies/009.gif مباشرة، فتسكب في قلوبهم، وتتسرب في أرواحهم، وتجري في عروقهم مجرى الدم، وكانت قلوبهم وأرواحهم تتفاعل مع القرآن وتنفعل به، فيتحول الواحد منهم إلى إنسان جديد, بقيمه ومشاعره، وأهدافه، وسلوكه وتطلعاته، لقد حرص الرسول http://studyqeraat.com/vb/images/smilies/009.gif حرصًا شديدًا على أن يكون القرآن الكريم وحده هو المادة الدراسية، والمنهج الذي تتربى عليه نفوس أصحابه, وألا يختلط تعليمه بشيء من غير القرآن([4] (http://studyqeraat.com/vb/#_ftn4)).
ومن بعد لحظات الاستضعاف في مكة، كان القرآن حاضرًا بقوة في غزوة بدر وأحد وصاحب الصحابة في حياتهم الأولى حتى التمكين في الحديبية وما ترتب عليها من فتح مكة وغزوة حنين، فكل هذه اللحظات كان القرآن الكريم هو المعين، ولقد تلقى الرعيل الأول القرآن الكريم بجدية ووعي, وحرص شديد على فهم توجيهاته، والعمل بها بدقة تامة، فكانوا يلتمسون من آياته ما يوجههم في كل شأن من شؤون حياتهم الواقعية، والمستقبلية.
فنشأ الرعيل الأول على توجيهات القرآن الكريم، وجاؤوا صورة عملية لهذه التوجيهات الربانية، فالقرآن كان هو المدرسة الإلهية، التي تخرج فيها الدعاة والقادة الربانيون، ذلك الجيل الذي لم تعرف له البشرية مثيلاً من قبل ومن بعد, لقد أنزل الله القرآن الكريم على قلب رسوله، لينشئ به أمة ويقيم به دولة، وينظم به مجتمعًا, وليربي به ضمائرَ وأخلاقًا وعقولاً، ويبني به عقيدة وتصورًا وأخلاقًا، ومشاعرَ، فخرّج الجماعة المسلمة الأولى التي تفوقت على سائر المجتمعات في جميع المجالات، العقدية، والروحية والخلقية، والاجتماعية والسياسية والحربية([5] (http://studyqeraat.com/vb/#_ftn5)).
وإذا كان هذا الأمر تم مع الرعيل الأول فلا سبيل لإعادة مجد الأمة إلا بالسير على خطى هذا الجيل، وتشتد الحاجة إلى التربية القرآنية في هذه الأيام والتي تشهد فيه الأمة العربية مرحلة من بداية التمكين لعل المسلمون المعاصرون لم يشهدوها من قبل، خاصة وأن الرسول http://studyqeraat.com/vb/images/smilies/009.gif لم يخش على أمته من الفقر قدر خشيته عليها من التمكين وانفتاح الدنيا لما قد يتسبب ذلك في الغفلة عن القرآن الكريم.
لهذا يجب على المسلمين والدعاة وقادة الأمة زيادة تعلقهم بالقرآن الكريم قراءة وحفظًا وتدبرًا ومعايشةً، وقد ابتكر أخونا الفاضل الدكتور سعيد حمزة طريقة لحفظ القرآن الكريم سماها (الحصون الخمسة) يرى أنها طريقة مثلى لحفظ القرآن الكريم في الصدور، لكننا نرى فيها طريقة ممتازة لمعايشة القرآن الكريم واستعادة القرآن لدوره في حياة المسلم المعاصر، فالحصن الأول الذي سماه (القراءة المستمرة) والذي يعد الحصن الأول من نسيان القرآن، هو في حقيقة أمره حصن أول للمسلم من جناية هجر القرآن، كما أن في هذا الحصن حصن ثان، هو تحصين المسلم من تضييع أوقاته في اللهو الفارغ والعمل غير الجاد، وفي الاستماع المنهجي حصن ثالث من الخطأ في قراءة القرآن؛ وتجنب الخطأ من شأنه أن يفتح الطريق أمام فهم صحيح للقرآن الكريم.
أما بقية الحصون الثلاثة فهي تحقق حصنين هامين، فالحصن الرابع هو معايشة القرآن الكريم باستمرار مما يفتح للمسلم آفاقًا جديدة في فهم القرآن الكريم وتدبره، أما الحصن الخامس، فمما لا شك فيه أنه إذا تحققت الحصون الأربعة السابقة كان ذلك سبب في الحصن الأهم وهو العمل بالقرآن وتنزيله على واقع الحياة.
وهكذا نجد أن الطريقة المبتكرة التي قدمها لنا الأخ الفاضل: سعيد حمزة متمثلة في حصون خمسة للحفظ من نسيان القرآن إنما كشفت لنا عن حصون خمسة أخرى لمعايشة القرآن الكريم واستعادة دوره في حياة الأمة المعاصرة كما كان في الماضي، فجزى الله أخانا سعيد خير الجزاء على ما قدم.
وhttp://studyqeraat.com/vb/images/smilies/004.gif
د/ وليد نور


1- الحَزَوَّر هو الغلام إذا اشتد وقوي وخدم، وهو الذي قارب البلوغ (اللسان 4/187). (http://studyqeraat.com/vb/#_ftnref1)


2- رواه ابن ماجه ( 61 ). (http://studyqeraat.com/vb/#_ftnref2)


3- رواه ابن حبان (362). (http://studyqeraat.com/vb/#_ftnref3)


([4]) انظر: دولة الرسول من التكوين إلى التمكين ص225. (http://studyqeraat.com/vb/#_ftnref4)


([5]) نفس المصدر ص335. (2) انظر: المنهج الحركي للغضبان (1/49). (http://studyqeraat.com/vb/#_ftnref5)