المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف عالج الاسلام تقاليد الجاهلية ...سيد قطب



أهــل الحـديث
31-01-2012, 08:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


كيف عالج الاسلام تقاليد الجاهلية ...سيد قطب


لم يبدأ المنهج الإسلامي في معالجة هذه التقاليد في أول الأمر،لأنها إنما تقوم على جذور اعتقادية فاسدة فعلاجها من فوق السطح قبل علاج جذورهاالغائرة جهد ضائع. حاشا للمنهج الرباني أن يفعله! إنما بدأ الإسلام من عقدة النفسالبشرية الأولى. عقدة العقيدة. بدأ باجتثاث التصور الجاهلي الاعتقادي جملة من جذورهوإقامة التصور الإسلامي الصحيح. إقامته من أعماق القاعدة المرتكزة إلى الفطرة.. بيّن للناس فساد تصوراتهم عن الألوهية وهداهم إلى الإله الحق. وحين عرفوا إلههمالحق بدأت نفوسهم تستمع إلى ما يحبه منهم هذا الإله الحق وما يكرهه. وما كانوا قبلذلك ليسمعوا! أو يطيعوا أمراً ولا نهياً وما كانوا ليقلعوا عن مألوفاتهم الجاهليةمهما تكرر لهم النهي وبذلت لهم النصيحة.. إن عقدة الفطرة البشرية هي عقدة العقيدةوما لم تنعقد هذه العقدة أولاً فلن يثبت فيها شيء من خلق أو تهذيب أو إصلاحاجتماعي.. إن مفتاح الفطرة البشرية هاهنا. وما لم تفتح بمفتاحها فستظل سراديبهامغلقة ودروبها ملتوية، وكلما كشف منها زقاق انبهمت أزقة وكلما ضاء منها جانب أظلمتجوانب، وكلما حلت منها عقدة تعقدت عقد، وكلما فتح منها درب سدت دروب ومسالك.. إلىما لا نهاية..
لذلك لم يبدأ المنهج الإسلامي في علاج رذائل الجاهليةوانحرافاتها، من هذه الرذائل والانحرافات..

لذلك لم يبدأ المنهج الإسلامي فيعلاج رذائل الجاهلية وانحرافاتها، من هذه الرذائل والانحرافات..
إنما بدأ من العقيدة.. بدأ من شهادة أن لا إله إلا الله.. وطالتفترة إنشاء لا إله إلا الله هذه في الزمن حتى بلغت نحو ثلاثة عشر عاماً، لم يكنفيها غاية إلا هذه الغاية! تعريف الناس بإلههم الحق وتعبيدهم له وتطويعهملسلطانه.. حتى إذا خلصت نفوسهم لله وأصبحوا لا يجدون لأنفسهم خيرة إلا ما يختاره الله.. عندئذبدأت التكاليف- بما فيها الشعائر التعبدية- وعندئذ بدأت عملية تنقية رواسب الجاهليةالاجتماعية والاقتصادية والنفسية والأخلاقية والسلوكية.. بدأت في الوقت الذي يأمرالله فيطيع العباد بلا جدال. لأنهم لا يعلمون لهم خيرة فيما يأمر الله به أو ينهىعنه أياً كان! أو بتعبير آخر: لقد بدأت الأوامر والنواهي بعد «الإسلام» .. بعدالاستسلام.. بعد أن لم يعد للمسلم في نفسه شيء.. بعد أن لم يعد يفكر في أن يكون لهإلى جانب أمر الله رأي أو اختيار.. أو كما يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتابه: «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين» تحت عنوان: «انحلت العقدة الكبرى» :«.. انحلتالعقدة الكبرى.. عقدة الشرك والكفر.. فانحلت العقد كلها وجاهدهم رسول الله- صلىالله عليه وسلم- جهاده الأول، فلم يحتج إلى جهاد مستأنف لكل أمر أو نهي وانتصرالإسلام على الجاهلية في المعركة الأولى، فكان النصر حليفه في كل معركة. وقد دخلوافي السلم كافة بقلوبهم وجوارحهم وأرواحهم كافة، لا يشاقون الرسول من بعد ما تبينلهم الهدى ولا يجدون في أنفسهم حرجاً مما قضى ولا يكون لهم الخيرة من بعد ما أمر أونهى. حدثوا الرسول عما اختانوا أنفسهم وعرضوا أجسادهم للعذاب الشديد إذا فرطت منهمزلة استوجبت الحد.. نزل تحريم الخمر والكؤوس المتدفقة على راحاتهم فحال أمر اللهبينها وبين الشفاه المتلمظة والأكباد المتقدة وكسرت دنان الخمر فسالت في سككالمدينة «1» » .

في ظلال القرآن المائدةص 973