المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( جَاءَ الدّوْرُ العَمَلِي لِلْدّعْوَةِ، فانْفِرُوا إِلَيْهِ )



أهــل الحـديث
31-01-2012, 01:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



( جَاءَ الدّوْرُ العَمَلِي لِلْدّعْوَةِ، فانْفِرُوا إِلَيْهِ )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
ـ كلما أصلحتَ شيئا في كليتك، أو في مدرستك، أو مكان عملك، أو في بيتك أو في شارعك أو في مسجدك...، وكلما أمرتَ بالمعروف أو نهيتَ عن منكرٍ...اعلم أنك ترفع من قدر الأمة الإسلامية ، تدريجيًا إلى أن تصل إلى درجة يرهبها الكثير والقليل في الأرض. قال تعالى:( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ).
ـ حان الآن موعد تجديد الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، قال تعالى:( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ).
ـ حان الآن التطبيق العملي للدعوة إلى الله تعالى بعد السنوات الطويلة في الاستعداد العلمي.
ـ حان الآن التصدر من كل صاحب علم، وليس من العالم وطالب العلم فحسب، قال r:( بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً ).
ـ حان الآن الجهر بالدعوة بين الناس وليس في المساجد فقط. ( فمن غير المعقول أن يرفع الخطيب والمحاضر صوته في المسجد ثم إذا خرج إلى الشارع لا يلتفت إلى الناس ينصحهم ويعظهم، وكأن دوره قد انتهى عند إلقاء كلمته أو خطبته، وليس هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شيء ).
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ r أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ النَّبِيُّ r قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ يَقُولُ:( لَنْ تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا ) وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ، فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ.
ـ حان الآن نزع الخوف من قلوبنا وزرع الإيمان في قلوب إخواننا الذين ينتظرون منا النصيحة ليهتدوا على أيدينا. قال تعالى عن أصحاب النار يوم القيامة:( فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ).
ـ حان الآن أن نرفع صوت الحق بأن نقول نحن ومن يقف معنا :( لَقَدِ ابْتَعَثَنَا اللَّهُ لِنُخْرِجَ الْعِبَادَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ رَبِّ الْعِبَادِ، وَمِنْ جَوْرِ الْأَدْيَانِ إِلَى عَدْلِ الْإِسْلَامِ، وَمِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا إِلَى سَعَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ). هذه مهمتنا..من يحمل كلمة الله U إلى الأرض إن تخلى عنها المسلمون؟ إنها أمانة ثقيلة جدًا في أعناقنا؛ فهم يُفتنون عن الحق بحالنا...
ـ ولو حسبنا عملنا الدعوي تجاه جميع الناس مسلمهم وكافرهم (والمسلم منهم: إما متدين وإما غير متدين) لوجدنا أن عملنا الدعوي الذي نعمله ينحصر أغلبه بل جلّه على المتدين فقط .
ـ فلمن الدعوة إذن ؟ هل لأصحاب الدعوة ؟ أم لمن يسمع عنك أنك متعصب متشدد متذمت فتحاول هدايته وتصحيح ما لديه من مفاهيم خاطئة ؟
ـ إن النبي r كان يدعوا قوماً كفاراً فأسلموا ، ونحن لا نستطيع أن ندعوا قوماً عصاةً مسلمين مثلنا !!
ـ لا بد من الإقبال على الناس والنصح لهم في الفرصة التي منحنا الله إياها .
ـ وإليكم هذا النموذج الحيّ على الدعوة العملية:
قال الشيخ حسن البنا رحمه الله:
( وجاء الدور العملي بعد هذا الاستعداد العلمي، فعرضتُ عليهم أن نَخرج للوعظ في القَهاوي، فاسْتَغربوا ذَلك وعَجبوا منه، وقالوا: إنّ أصحابَ القهاوي لا يَسمحون بذلك ويُعارضون فيه لأنه يُعطل أشْغَالهم، وإنّ جُمهورَ الجَالسين على هذه المَقَاهِي قومٌ مُنصَرفونَ إلى ما هُم فيه، وليس أثقل عليهم من الوعظ، فكيف نتحدثُ في الدِّينِ والأخلاقِ لقوم لا يُفكرونَ إلا في هذا اللهو الذي انصرفوا إليه؟؟ وكنتُ أخالفهم في هذه النظرة، وأعتقدُ أنّ هذا الجمهورَ أكثر استعداداً لسماعِ العِظَاتِ منْ أيّ جُمهورٍ آخر حتى جُمهور المسجد نفسه. لأنّ هذا شَيء طَريف وجديد عليه، والعِبْرَة بِحُسن اختيارِ المَوْضُوع، فلا نتعرضُ لما يَجْرَح شُعُورهم، وبطريقة العَرْض فتعرض بأسلوب شائقٍ جذابٍ، وبالوقتِ فلا نطيل عليهم القول.
ولما طال بنا الجدل حول هذا الموضوع قلتُ لهم: ولم لا تكون التّجربة هِيَ الحَدّ الفَاصِل في الأمْر؟ فقَبِلُوا ذلك وخَرَجْنَا، فبدأنا بالقهاوي الواقعة بميدان صلاح الدين، وأول السيدة عائشة ومنها إلى القهاوي المنتشرة في أحياء طولون إلى أن وصلنا من طريق الجبل إلى شارع سلامة، والسيدة زينب، وأظنني ألقيتُ في هذه الليلة أكثر من عشرين خطبة تستغرق الواحدة منها ما بين خمس دقائق إلى عشرة.
ولقد كان شُعُور السّامعين عجيباً، وكانُوا يُنْصِتُونَ في إصْغَاءٍ ويستمعون في شَوْقٍ، وكانَ أصحاب المقاهي يَنظرون بغرابةٍ أول القول، ثم يَطلبون المزيد منه بَعْدَ ذلك، وكان هؤلاء يُقسِمُونَ بعد الخطبة أنّنَا لا بد أنْ نَشرب شيئاً أو نطلب طلبات، فكُنّا نَعتذر لهم بِضِيقِ الوقتِ، وبأنّنَا نَذَرْنَا هذا الوقتَ لله فلا نريد أن نضيِّعَهُ في شيء. وكان هذا المعنى يؤثر في أنفسهم كثيراً، ولا عجب فإن الله لم يرسل نبياً ولا رسولا إلا كان شعاره الأول ( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً )، لِمَا لهذه الناحية العفيفة من أثر جميلٍ في نفوس المدعوين.
لقد نجحت التجربة مائة في المائة، وعُدْنَا ونَحْنُ سُعَدَاء بهذا النجاح، وعزمنا على استمرار الكفاح في هذه الناحية. وكنا نتعهد الناس بالموعظة العملية على هذه الطريقة في كثير من الأحيان ).