المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غِيرَةُ النِّسَاءِ وَتَعَامُلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا مِنْ صَحِيحِ البُخَارِي وَفَتْحِ البَارِي



أهــل الحـديث
29-01-2012, 03:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،

فقد كنت قد قرأتُ رسالة إلى مُعَدِّد (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1713941) ، فوقع في نفسي أن أضع أبيات رجزية ينصح فيها من يريد التعدد (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=273765)




لأنهُ أَسْهَلُ لِلْحِفْظِ كَمَا *** يَرُوقُ للسَّمْعِ وَيَشْفِي مِنْ ظَمَا




وقلتُ في ضِمنها :




وَالْتَمِسَنَّ العُذْرَ عِنْدَ الغِيرَةِ *** فَهْيَ كَحُزْنٍ مِنْ طِبَاعِ المَرْأَةِ




فالتمستُ بعضَ الأحاديث من "صحيح البخاري" مع شرحه "فتح الباري" التي تتعلق بالغيرة مع زوجات النبي صصص وكيفية تعامل النبي صصص معها.

وليس لي إلا النقل والرصف.

الموقف الأول :



-عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِلنَّبِيِّ صصص مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا وَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيُهْدِي فِي خَلاَئِلِهَا مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ.



- وعَنْها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللهِ صصص إِيَّاهَا قَالَتْ وَتَزَوَّجَنِي بَعْدَهَا بِثَلاَثِ سِنِينَ وَأَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، أَوْ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ.



- وعَنْها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَمَا رَأَيْتُهَا وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ ذِكْرَهَا ، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلاَّ خَدِيجَةُ فَيَقُولُ إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ.



- وعَنْها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتِ: اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صصص فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاعَ لِذَلِكَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ هَالَةَ قَالَتْ فَغِرْتُ فَقُلْتُ مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا.



- وعَنْها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صصص مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَمَا رَأَيْتُهَا وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صصص يُكْثِرُ ذِكْرَهَا ، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلاَّ خَدِيجَةُ فَيَقُولُ إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ.



قال ابن حجر في "فتح الباري":





فيه ثبوت الغيرة وأنها غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء فضلا عمن دونهن. وأن عائشة كانت تغار من نساء النبي صصص لكن كانت تغار من خديجة أكثر وقد بينت سبب ذلك وأنه لكثرة ذكر النبي صصص إياها ووقع في الرواية التي تلي هذه بأبين من هذا حيث قال فيها من كثرة ذكر رسول الله صصص إياها.




وأصل غيرة المرأة من تخيل محبة غيرها أكثر منها وكثرة الذكر تدل على كثرة المحبة.


وقال القرطبي: مرادها بالذكر لها مدحها والثناء عليها .


قلت: وقع عند النسائي من رواية النضر بن شميل عن هشام من كثرة ذكره إياها وثنائه عليها فعطف الثناء على الذكر من عطف الخاص على العام وهو يقتضي حمل الحديث على أعم مما قاله القرطبي.





قوله: هلكت قبل أن يتزوجني ذكر في الحديث الذي بعده قدر المدة وسيأتي البحث فيه وأشارت بذلك إلى أنها لو كانت موجودة في زمانها لكانت غيرتها منها أشد.




قوله: وأمره الله أن يبشرها إلخ سيأتي شرحه بعد هذا وهو أيضا من جملة أسباب الغيرة لأن اختصاص خديجة بهذه البشرى مشعر بمزيد محبة من النبي صصص فيها ووقع عند الإسماعيلي من رواية الفضل بن موسى عن هشام بن عروة بلفظ ما حسدت امرأة قط ما حسدت خديجة حين بشرها النبي صلى الله عليه و سلم ببيت من قصب الحديث.


قوله: في خلائلها بالخاء المعجمة جمع خليلة أي صديقة وهي أيضا من أسباب الغيرة لما فيه من الإشعار باستمرار حبه لها حتى كان يتعاهد صواحباتها.





قوله إنها كانت وكانت أي كانت فاضلة وكانت عاقلة ونحو ذلك وعند أحمد من حديث مسروق عن عائشة امنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء .



قوله: وكان لي منها ولد وكان جميع أولاد النبي صلى الله عليه و سلم من خديجة إلا إبراهيم فإنه كان من جاريته مارية والمتفق عليه من أولاده منها القاسم وبه كان يكنى مات صغيرا قبل المبعث أو بعده وبناته الأربع زينب ثم رقية ثم أم كلثوم ثم فاطمة وقيل كانت أم كلثوم أصغر من فاطمة وعبد الله ولد بعد المبعث فكان يقال له الطاهر والطيب ويقال هما اخوان له وماتت الذكور صغارا باتفاق ووقع عند مسلم من طريق حفص بن غياث هذه في اخر الحديث قالت عائشة فاغضبته يوما فقلت خديجة فقال إني رزقت حبها .

قال القرطبي: كان حبه صلى الله عليه و سلم لها لما تقدم ذكره من الأسباب وهي كثيرة كل منها كان سببا في إيجاد المحبة .

ومما كافأ النبي صصص به خديجة في الدنيا أنه لم يتزوج في حياتها غيرها فروى مسلم من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قالت لم يتزوج النبي صلى الله عليه و سلم على خديجة حتى ماتت وهذا مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم بالأخبار .

وفيه دليل على عظم قدرها عنده وعلى مزيد فضلها لأنها اغنته عن غيرها واختصت به بقدر ما اشترك فيه غيرها مرتين لأنه صلى الله عليه و سلم عاش بعد ان تزوجها ثمانية وثلاثين عاما انفردت خديجة منها بخمسة وعشرين عاما وهي نحو الثلثين من المجموع ومع طول المدة فصان قلبها فيها من الغيرة ومن نكد الضرائر الذي ربما حصل له هو منه ما يشوش عليه بذلك.

وهي فضيلة لم يشاركها فيها غيرها .

ومما اختصت به سبقها نساء هذه الأمة إلى الإيمان فسنت ذلك لكل من امنت بعدها فيكون لها مثل أجرهن لما ثبت أن من سنّ سنة حسنة وقد شاركها في ذلك أبو بكر الصديق بالنسبة إلى الرجال ولا يعرف قدر ما لكل منهما من الثواب بسبب ذلك الا الله عز و جل.

وقال النووي: في هذه الأحاديث دلالة لحسن العهد وحفظ الود ورعاية حرمة الصاحب والمعاشر حيا وميتا واكرام معارف ذلك الصاحب.





قال عياض: قال الطبري وغيره من العلماء الغيرة مسامح للنساء ما يقع فيها ولا عقوبة عليهن في تلك الحالة لما جبلن عليه منها ولهذا لم يزجر النبي صلى الله عليه و سلم عائشة عن ذلك.


وتعقبه عياض بأن ذلك جرى من عائشة لصغر سنها وأول شبيبتها فلعلها لم تكن بلغت حينئذ .

قلت: وهو محتمل مع ما فيه من نظر .


قال القرطبي: لا تدل قصة عائشة هذه على أن الغيرى لاتؤاخذ بما يصدر منها لأن الغيرة هنا جزء سبب وذلك أن عائشة اجتمع فيها حينئذ الغيرة وصغر السن والإدلال قال فإحالة الصفح عنها على الغيرة وحدها تحكم نعم الحامل لها على ما قالت الغيرة لأنها هي التي نصت عليها بقولها فغرت وأما الصفح فيحتمل أن يكون لأجل الغيرة وحدها ويحتمل أن يكون لها ولغيرها من الشباب والإدلال.


قلت: الغيرة محققة بتنصيصها والشباب محتاج إلى دليل فإنه صصص دخل عليها وهي بنت تسع وذلك في أول زمن البلوغ فمن أين له أن ذلك القول وقع في أوائل دخوله عليها وهي بنت تسع وأما إدلال المحبة فليس موجبا للصفح عن حق الغير بخلاف الغيرة فإنما يقع الصفح بها لأن من يحصل لها الغيرة لا تكون في كمال عقلها فلهذا تصدر منها أمور لاتصدر منها في حال عدم الغيرة والله أعلم.

يتبع إن شاء الله ...