المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاحتفال بالمولد ليس مسألة اجتهادية ولايسوغ الخلاف في حكمه



أهــل الحـديث
28-01-2012, 11:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فلم يثبت على وجه التحديد تاريخ ولادة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكر أهل السير في ذلك أقوالا متعددة .
وقد اشتهر القول بأن مولد النبي صلى الله عليه وسلم كان في الثاني عشر من ربيع الأول ، وقد رجحه بعض العلماء ، إلا أن ذلك لايثبت بوجه صحيح، وفي نفس هذا التوقيت كانت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم موروية بمثل أسانيد الولادة .
ولم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا عهدصحابته ولا عهد التابعين ولاالقرون المفضلة من يحتفل بالمولد النبوي أو يجعله يوما للتهنئة ومدارسة السيرة ونحوها .
ولكن بعد ذلك ظهرت هذه البدعة على يد العبيديين الباطنيين لعنهم الله ، وانتشرت بعدهم في بعض البلدان ، واصبح بعض الناس يحتفلون بالمولد ويجعلون لذلك اليوم تخصيصا ببعض الصدقات وغيرها من الأمور، ثم دخل بعدها في المولد بدع مغلظة وشركيات واختلاط وغيرها من المنكرات.
وقد أبان لنا النبي صلى الله عليه وسلم الطريقة الصحيحة لحمد الله تعالى على نعمة ولادته بصوم يوم الاثنين من كل أسبوع ، ولم يذكر لنا الاحتفال بتاريخ مولده أو غير ذلك مما يفعله بعض المحتفلين.
فإذا قد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم الحكم الشرعي الشافي في المولد، ولم يتركنا لآرائنا وأهوائنا .

وقد رأى بعض الناس أن يجعل يوم المولد مجرد تذكير وإذكاء للعاطفة ونحو ذلك، وهذا الأمر لا يباح لعدة أمور:
أولا: أن تاريخ ولادة النبي صلى الله عليه وسلم ليس بثابت بتحديد معين .
ثانيا: أن هذا التوقيت هو توقيت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف يحسن الاحتفال به أو جعله إذكاء للعاطفة!
ثالثا: أن افتراض خيالات في الذهن تختلف عن الواقع ثم بناء الحكم عليها ليس من الفقه في الدين، فافتراض أن بعض الناس يريد تخصيص هذا اليوم بالتذكير وإذكاء العاطفة دون اعتقاد استحباب أو دافع معين أو غير ذلك من الأمور المرتبطة بذلك ، وأن هذا الأمر يكون للتذكير فقط ! فإن هذا ذهول عن واقع الناس وما يفعلونه ، والله المستعان.
رابعا: أن تصحيح الوضع الحاصل في المولد يكون بتحذير الناس من الاحتفال به أو تخصيصه بتهنئة واتخاذه عيدا ، وتخصيصه ببعض العبادات ، وغير ذلك ، ولايكون بفتح الباب لهم ليستمروا بصور مختلفة أو أخف مما هم عليه، بل الأمر الرشيد هو حسم هذه المادة وسد الذريعة فيها .
خامسا: إذا نظر المنصف إلى تاريخ بدء الاختفال بالمولد النبوي تبين له أنه تاريخ متأخر لم يكن عليه سلف الأمة، فينبغي أن يكون تابعا لهم في الخير ولا يكون رأسا في أمر قد يتحمل به وزر من تبعه .
سادسا: استثمار وقت محدد ليس بثابت في الوعظ والتذكير مثل الاحتفال بذكرى الاسراء والمعراج ونحوها ولا فرق، فتحديد يوم الاسراء والمعراج لايثبت فلا يشرع التذكير به، وكذلك يوم المولد لايثبت فلا يشرع التذكير به.
سابعا: أن التشبه بالنصاري في احتفالهم بيوم مولد المسيح عليه السلام ، وجعل هذا اليوم عيدا أو ذكرى سنوية لايليق بأهل الإسلام أصحاب الدين الواضح البين.
ثامنا: لاينبغي لأهل السنة والاتباع التهاون في الانكار على بدعة المولد ولا الانصياع لأقوال بعض المعاصرين الذين يهونون من بعض الأمور أو يجعلون كل ما اختلف فيه المتأخرون سائغا وإن ابتدعوا شيئا لم يفعله السلف، بل عليهم القيام بالتنبيه والنصيحة والتحذير وبيان السنة والتوحيد والعقيدة الصحيحة .
تاسعا: لاينبغي لطالب العلم أن يعتد برأيه ويرى أنه وصل لمرحلة يسوغ له الاجتهاد والترجيح في المسائل المشكلة ، وينبغي لطالب العلم أن يحرص على أن لايكون رأسا في أمر أو فتيا قد تسّوغ بدعا أو تهنئة بأعياد وجعل ذلك عائدا للقصد والنية ، بل ينبغي أن يتحرى ويحتفظ ببعض آرائه ولا ينشرها بين الناس في مقام التحليل والتحريم إذا كان في قوله مخالفة لما كان يُحذر منه علماء الإسلام ، وينبغي أن يتريث كثيرا ويتق الله في نشر آراء قد تفهم أو تستغل لأمور قد لايقصدها هو، فالمؤمن كيّس فطن ، فحتى لو توصل لقول باجتهاده وظن أنه هو الحق ، فليس كل ما يعلم يقال في أي وقت وفي أي مكان.
عاشرا: ثبتت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول يوم الاثنين على الأرجح ، وذهب الجمهور إلى أن ذلك في الثاني عشر منه، فهل يسوغ لنا أن نجعل ذلك اليوم يوم تهنئة وعيد وتذكير واستثمار للوقت بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم! فعلى الأقل من باب التنزل فلنتوقف عن الاحتفال بتلك الأيام تعظيما لمصاب الأمة في نبيها صلى الله عليه وسلم
فعند أحمد عن أنس رضي الله عنه قال: فشهدته يوم دخل المدينة، فما رأيت يوما قط كان أحسن، ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه، وشهدته يوم مات، فما رأيت يوما كان أقبح، ولا أظلم من يوم مات فيه صلى الله عليه وسلم "،
فقد يكون الشيطان استدرج المحتفلين بمولد لم يثبت تحديده ،ليقعوا في الاحتفال بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم وهم لايشعرون!

وصلى الله على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد بن عبدالله صلاة دائمة ما تعاقب الليل والنهار .