المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زينة الأبناء .. ببنائهم



االزعيم الهلالي
27-01-2012, 05:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين القائل في محكم التنزيل : { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا }

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين الذي أرشدنا إلى الضوابط الشرعية في بناء شخصية أبنائنا ومنها ضابط التأديب كما في قوله عليه الصلاة والسلام
في الحديث الذي رواهـ الإمام أحمد في مسندهـ عن معاذ رضي الله عنه عندما أوصاهـ النبي صلى الله عليه وسلم بعشر وصايا ومنها : (( وَأَنْفِقْ عَلَى عِيَالِكَ مِنْ طَوْلِكَ وَلاَ تَرْفَعْ عَنْهُمْ عَصَاكَ أَدَباً وَأَخِفْهُمْ فِى اللَّهِ ))



ولا يستقيم البناء إلا بأعمدته وقواعدهـ وأدواته التي تجعله صلباً قوياً ؛ ثم يأتي دور التزيين والتجميل والمظهر عندها يزهو صاحب البناء ويفخر

لذا على المرء المسلم أن يسعى في البداية إلى تكوين وتمكين أبناءهـ من كل ما يرفع قدرهم ؛ ولا يجلب لهم ـ بل يجنبهم ـ ما يشينهم ويسيء لشأنهم

حينها تتحقق له الزينة التي رادفت زينة المال وجعلتها فخر وزهو ؛ رغم أنها لعب ولهو وتكاثر في متاع الغرور حتى الوصول إلى القبور

إن العاقل الفطين هو من يبحث عن بناء أبناءهـ وليس بناء أبدانهم ؛ فالأب والأم مسئوليتهم ترتكز في التربية الخـُـلقية لا التربية الخَـلقية

ويشمل البناء للابن كل ما يحيط به ويزينه من عقل وفكر وإيمان وسلوك فإن لاحظ الوالد تغير أو إنحراف عن الفطرة في ولدهـ فعليه بالتقويم

والتقويم يكون بالقسوة وليس باللين " ومن يكن راحماً فإنه يقسو على من يرحم " وهذا ما أشار له الحديث أعلاهـ

فتعليق العصا للتأديب ؛ والانتقاد عند الخطأ للتثريب ؛ والتخويف بالله للتأنيب ؛ فينشأ الابن على تربية ذاته في ظاهرهـ وخلواته


وكل ما كان التقويم في الصغر كلما كان أنفع وأنجع وفي هذا يقول الشاعر :



قد ينفعُ الأدبُ الأولادَ في صغرٍ *** وليس ينفعُهم من بعـده أدبُ
الغصـونُ إذا عـدلتها اعتدلت *** ولا يلينُ ولو لينتـهُ الخشبُ







ومما قصر فيه الوالدان في هذا العصر مصاحبة الأبناء عندما يكبرون بل أنهم ينظرون لهم نفس النظرة التي كانوا عليها منذ الطفولة




فتذهب الأم للمجتمعات النسائية تاركة بناتها عند الخادمة ويخرج الأب يومياً تاركاً ابنه بحجة أن مجالس الرجال لا تسعه فيستحي من اصطحابه ؛ رغم أن مجالس الرجال هي مكان تعليم النشء ؛ ومصاحبة الأب هي المطلب للتربية والتأدب










وهذا الحديث الذي نختم به الموضوع يتبين أن راويه الصحابي الجليل عبدالله بن عمر من حداثة سنه استحى أن يتقدم على كبار الصحابة بالجواب؛ وبينهم أبو بكر وعمر بن الخطاب






يقول الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الأطعمة ـ باب أكل الجمار :



حدثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : (( بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسٌ إِذَا أُتِيَ بِجُمَّارِ نَخْلَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِي النَّخْلَةَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِيَ النَّخْلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا عَاشِرُ عَشَرَةٍ أَنَا أَحْدَثُهُمْ فَسَكَتُّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ النَّخْلَةُ ))

وفي رواية قال عبد الله : فحدثت أبي بما وقع في نفسي ، فقال : لأن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا .
































أخوكم : الكاتب النحرير










جدة ـ بوابة الحرمين الشريفين

الجمعة المباركة 4 / 3 / 1433هـ