المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصيدتي"حوار مع غرناطة، في أول ليلة بعد السقوط"



أهــل الحـديث
27-01-2012, 01:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


هذه قصيدة كتبتها لبعض المنتديات بناء على طلبهم في ذكرى سقوط غرناطة، وقد أرخوا لسقوطها بالتاريخ الإفرنجي 02/ 01 / 1492، وقد بدا لي نشرها هنا حيث وافق سقوطها بتاريخنا الهجري 02 / 03 / 897 هـ


بمناسبة مرور 520 عاما على سقوط غرناطة، كتبت هذه القصيدة مخاطبا بها غرناطة آخر معاقلنا في الأندلس وقد انبعثت أمامي في الصبيحة التي سقطت بها في يوم 02/ 01 / 1492م، ويا له من انبعاث مهول، أصباني لأجله الذهول فلم أكتب لها إلا في أول ليلة بعد السقوط!



ألا هبي بجيشك فاصبحينا

ولا تنسي سيوف الفاتحينا


ولا تثقي بوعدٍ من عدوٍ

فقد أبصرتِ فعلَهمُ المشينا


وفي فعل (الصغير)1 لكم صَغارٌ

سيلقي عزكم في الصاغرينا


وإن حلف الصليبُ لكم يميناً

فما هو بالمصدَّقِ والأمينا


وما لأميركم رأيٌ وسيف

يحوط به حريمَ المسلمينا


كفاكم أن يقال له صغيرٌ

إذا الكبراءُ ثاروا غاضبينا


فما هو كالرجال يصون ملكاً

ولكن كالنساء بكى العرينا


*******************

أيا غرناطة الأمجاد إني

بُعثتُ مع القصيد مقرنينا


طويتُ بشعريَ الأزمان حتى

كأني أبصر الباغي اللعينا2


وأبصر قومنا في القصر ماجوا

وما عقلوا مقال الكاتبينا3


فقال ذوو النفوذ وهم كثيرٌ

وكم قد ضيعوا دنيا ودينا


نرى التسليم للأعداء حفظاً

لنا وبذاك نمنع من يلينا


وقد حَلَفَ العدوُ لنا وإنا

لنرجو أن نكون مُؤَمَّنينا


وقام بوجههم نفرٌ كرامٌ

همُ والله فخرُ الفاخرينا


فقالوا كيف نأمنهم وإنا

شربنا منهمُ الخسفَ المهينا


ولم نرَ منهمُ أبداً وفاءً

وهم يا قوم ُشر الغادرينا


وهل يا قومنا يوماً علمتم

بذئبٍ سالَمَ الكبشَ السمينا


وفي القرآن تحذيرٌ شديدٌ

لمن تركوا جهاد الكافرينا


فليتي4 كان يمكنني كلامٌ

إذاً ذكَّرتهم لو يعقلونا


ولكن سادت الفوضى بقصرٍ

نظامُ بنائه أضحى متينا


فسار الحاكمون بها لوهمٍ

كما قد سار قبلُ الواهمونا


وثار السائرون إلى المعالي

وقد ملئت قلوبُهمُ يقينا


وبينهما أرى شعبا ضعيفاً

تحيَّر لا يرى شيئاً مبينا


أيتبع رأي من راموا سلاماً

وتسليماً لمجد الأولينا


أمَ انَّ الحق فيما قال قومٌ

هُمُ وقت الخطوب مجرّبينا


فليتي كان ينجدني لسانٌ

أدُلّ به هناك التائهينا


إذاً أخبرتهم والله أني

لأبصر فيهمُ الداءَ الدفينا


*******************

أيا غرناطة الأمجاد أصغي

إليَّ فإنني اجتزتُ القرونا


أتيتك والصليبُ يعدّ عداً

ليومٍ يُلبس الإسلامَ هُونا


بيسراه يخط لكم عهوداً

وقد أخفى بيمناه المنونا


أما عاثوا بقرطبةٍ فساداً

كذاك وفي طليطلةٍ بُلِينا


وما حفظوا لبيتِ الله قدراً

وما رحموا بكاءَ المؤمنينا


وجياناً وشاطبةً وحمصاً5

بها صلبانهم تقذي العيونا


ألا حيا الإلهُ الليثَ موسى6

فقد والله أنباكِ اليقينا


أرادكِ أن تكوني حين نادى

لصد الكفرِ مأوى الخائفينا


أرادكِ أن تظلي إذ دعاهم

كما قد كنتِ دار َالآمنينا


فقام إلى الجهاد بكل عزمٍ

ولم يأبهْ لقول المرجفينا


وأكرمه الإلهُ فمات موتاً

شريفاً لا كعيش القاعدينا


*******************

أيا غرناطة الأمجاد إني

تكاد قصيدتي تذوي حنينا


أكاد إذا رأيت بنيكِ صرعى

وأسرى أن أموتَ هنا جنونا


سمعت أذانكم في الفجر عذباً

به تشدو المآذنُ أجمعينا


وما إن جنّ فيها الليلُ حتى

علا الناقوسُ ، آذاني رنينا


رأيت نسائكِ الأطهار صبحاً

حرائر َفي الخدور مُمَنَّعِينا


وما غابت هناك الشمسُ حتى

رأيت نساءَنا غصباً سُبينا


*******************

أيا غرناطة الأمجاد قومي

بمجدكِ وارفعي الرأسَ الحزينا


أيا غرناطة الأمجاد عودي

إلى الإسلامِ عزّ السابقينا


فقالت لي وأدمعها جوارٍ

وبعض الدمع يشفي العاشقينا


ألستم بعدنا صرتم رفاقاً

لمن بالأمسِ قد قطعوا الوتينا


سلكتم نهجهم سفهاً وحمقاً

وعفتم نهج خير المرسلينا


وهذي القدس تأسرها يهودٌ

وذا الأقصى فماذا تفعلونا؟


وذي بغداد هل منكم رشيدٌ

ومأمونٌ فقد عدمت أمينا7؟


وما من بقعةٍ إلا وفيها

مآسٍ في الورى تندي الجبينا


فقم يا شاعري فهناك من هم

أحقُّ بشعرك الزاكي يمينا


فقلت لها رويدك يا فتاتي

فإني قد أرى ما لا ترَيْنا


أرى غرناطةً كالقدس فينا

وبغدادٌ كقرطبةٍ هَوِينا


وكل ممالك الإسلام حتماً

بأندلسٍ ترَيْن لها قرينا


أيا غرناطة الأمجاد صبراً

فإنا قد نموتُ ولن نهونا


سترجع درةُ الدنيا8 إلينا

ونرجع أرضَكِ الخضراءَ فينا



بقلم /
الشاعر أحمد المساح المعمري
في ذكرى أول ليلة بعد سقوط غرناطة 02/01/2012م
الموافق 08/02/1433هـ
-----------------------------

الهوامش:
1-أبو عبد الله الصغير الذي سلم مفاتيح غرناطة للصليبيين
2- هو ملك قشتالة الصليبي
3-القصر هو قصر الحمراء، ومقالات الكاتبين هي العبارة التي كتبها الخطاطون في جدران الحمراء "لا غالب إلا الله"
4- ليتي هي لغة في ليتني
5- حمص هي إشبيلية
6-موسى هو الفارس البطل موسى بن أبي غسان رحمه الله الذي رفض معاهدة الاستسلام التي وقعها ابو عبد الله الصغير مع ملكي قشتالة
7-هذه إشارة إلى الخلفاء العباسيين وهم الرشيد هارون رحمه الله وابناه المأمون والأمين، وهذا الأخير قتله أخوه المأمون بعد حرب بينهما
8-درة الدنيا هو المسجد الأقصى المبارك رده الله إلينا


<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: حوار مع غرناطة في أول ليلة بعد السقوط.pdf&rlm; (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=90187&d=1327614687)
: 251.9 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf