المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا أقول لأفراخ بذي مرخ؟



النصرالعالمي
26-01-2012, 08:40 PM
السلام عليكم ورحمة الله

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكرت الرواة: أن الزبرقان بن بدر استعدى على الحطيئة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: هجاني بقوله:


دع المكارم لا ترحل لبغيتها = واقعد فإنّك أنت الطاعم الكاسي



فقال عمر: ما أرى هذا هجاءً؛ وكان أعلم بذلك من كل أحد، ولكنه أراد درء الحدود
بالشبهات.

فقال الزبرقان: هذا حسان بن ثابت. فقال: علي بحسان، فأنشده الشعر.
فقال: ما هجاه يا أمير المؤمنين ولكن سلح عليه !

فأحضر الحطيئة، وقال: هات الشفرة أقطع لسانه ؟

فاستشفع فيه فحبسه، فكتب إليه من الحبس:


ماذا أقول لأفراخ ٍ بذي مرخ ٍ :: زغبِ الحواصل لا ماءٌ ولا شجرُ
ألقيتَ كاسيَهم في قعر مظلمةٍ :: فاغفر عليك سلامُ الله يا عمرُ
أنتَ الإمامُ الذي من بعد صاحبهِ ألقى إليكَ مقاليدَ النهى البشرُ




فبكى عمر وأحضره. فقال: قد والله يا أمير المؤمنين هجوت أبي وامرأتي وأمي. قال:
وكيف ذلك ؟

قال قلت لأبي:


ولقد رأيتك في المنام فسؤتني = وأبا بنيك فساءني في المجلس




وقلت لأمي:

تنحّي فاجلسي مني بعيداً = أراح اللّه منك العالمينا
أغربالاً إذا استودعت سرّاً = وكانوناً على المتحدّثينا


وقلت لامرأتي:

أطوّف ما أُطوّف ثم آوي = إلى بيت قعيدته لكاع


واطلعت في بئر فرأيت وجهي قبيحاً فقلت:

أبت شفتاي اليوم إلاّ تكلّما = بسوءٍ فلا أدري لمن أنا قائله
أرى لي وجهاً قبّح اللّه خلقه = فقبّح من وجهٍ وقبّح حامله


فتبسم عمر، وقال: فإن عفونا عنك، أتهجو بعدها أحداً ؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، وعلي بذلك عهد الله !

فقال: لكأني بفتىً من قريش قد نصب لك نمرقة، فاتكأت عليها، وأقبلت تنشده في أعراض المسلمين.
قال: أعوذ بالله يا أمير المؤمنين.


قال بعض الرواة: فوالله لقد رأيته عند عبيد الله بن زياد على الحال التي ذكر عمر، فقلت له: لكأن أمير المؤمنين عمر كان حاضراً لك اليوم،
فتأوه. وقال: رحم الله ذلك المرء، فما أصدق فراسته !