المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حمل خطبة جمعة مشكولة بعنوان الدراسة بعد إجازة الربيع(واجبنا نحو الشباب) لشيخنا / محمد بن مبارك الشرافي - حفظه الله -



أهــل الحـديث
26-01-2012, 06:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


خطبة الجمعة 4/3/1433هـ [خطبة مناسبة للدراسة بعد إجازة الربيع]
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ , وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا , وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا , مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ , وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً , وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا {
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ , وَخَيرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ .
أُمَّةَ الإِسْلامِ وَالعَقِيدَةِ : إِنَّ الشَّبَابَ صِغَارُ الْيَوْمِ وَرِجَالُ الْغَدِ هُمْ عِمَادُ الأُمَمِ وَقُوَّادُ دَفَّتِهَا وَمَاسِكُو زِمَامِهَا , وَمُدَبِّرُو أَحْوَالِهَا , فَهُمْ مُسْتَقْبَلُها وَهُمْ أَهْلُهَا , وَلَذَلِكَ تَحْرِصُ كُلُّ أُمَّةٍ مِن الأُمَمِ عَلَى مَرِّ التَّارِيخِ عَلَى صِغَارِهَا وَتَعْتَنِي بِأَطْفَالِهَا .
وَقَدْ جَاءَتْ شَرِيعَتُنَا السَّمْحَاءُ وَمِلَّتُنَا الْغَرَّاءُ بِمَا فَاقَتْ بِهِ أُمَمَ الأَرْضِ فِي تَرْبِيَةِ الشَّبَابِ وَالْعِنَايَةِ بِالصِّغَارِ , فَأَدْرَكَتْ مَنْ سَبَقَهَا وسَبَقَتْ مَنْ بَعْدَهَا , وَلِذَلِكَ تَخَرَّجَ جِيلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِي غَايَةِ الكَمَالِ الْبَشَرِي , فَسَطَّرُوا أَرْوَعَ الأَمْثَلَةِ فِي الْعِلْمِ وَالعَمَلِ وَالأَخْلاقِ , حَتَّى حُقَّ لِشَيْخِ الإِسْلامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ أَنْ يَقُولَ فِي الْعَقِيدَةِ الوَاسِطِيَّةِ حِينَ ذَكَرَهُمْ : وَمَنْ نَظَرَ فِي سِيرَةِ الْقَوْمِ بِعِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ وَمَا مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ بِهِ مِن الفَضَائِلِ , عَلِمَ يَقِينَاً أَنَّهُمْ خَيْرُ الْخَلْقِ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ , لا كَانَ وَلا يَكُونُ مِثْلَهُمْ , وَأَنَّهُمْ الصَّفْوَةُ مِنْ قُرُونِ هَذَهِ الأُمَّةِ , التِي هِيَ خَيْرُ الأُمَمِ وَأَكْرُمُهَا عَلَى اللهِ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ الْعِنَايَةَ بِالشَّبَابِ تَبْدَأُ مِن اللَّحَظَاتِ الأُولَى , فَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اخْتَيِارِ الزَّوْجَةِ الصَّالِحَةِ ذَاتِ الدِّينِ , وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِتَكُونَ مَحَلَّا سَلِيمَاً يَنْشَأُ فِيهِ الأَوْلادُ عَلَى الْهَدْيِ الصَّالِحِ ! وَجَاءَتْ الشَّرِيعَةُ كَذَلِكَ بِالأَذَانِ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ حِينَ وِلادَتِهِ , لِيَكُونَ التَّوْحِيدُ أَوَّلَ مَا يَقْرَعُ أُذُنَيْهِ , وَأَوَّلَ مَا يُلامِسُ مَسْمَعَهُ ! ثُمَّ حَثَّتْ شَرِيعَتُنَا عَلَى العِنَايَةِ بِالاسْمِ لِهَذَا الْمَوْلُودِ , لأَنَّ الشَّخْصَ يَتَأَثَّرُ بِاسْمِهِ , وَلِذَلِكَ فَقَدْ كَانَ النَّبِيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغَيِّرُ أَسْمَاءَ بَعْضِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الرَّجَالِ وَالنِّسَاءِ ! وَمَعْ الأَسْفِ أَنَّهُ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ صَارَ النَّاسُ يَتَسَابَقُونَ إِلَى الأَسْمَاءِ الْغَرِيبَةِ بِحُجَّةِ التَّمَدُّنِ وَالتَّحَضُّرِ , حَتَّى رُبَّما سَمَّوْا البَنِينَ وَالبَنَاتِ بِأَسْماءِ أُنَاسٍ لَيْسُوا أَهْلَ صَلاحٍ , بَلْ رُبَّمَا كَانُوا أَهْلَ فَسَادٍ , حَتَّى وَصَلَتْ الْحَالُ بِالبَعْضِ إِلَى تَسْمِيَةِ أَوْلَادِهِمْ بِأَسْمَاءِ الْكُفَّارِ ! فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ !
أَيُّهَا الإِخْوَةُ : تَعَالَوْا بِنَا نَنْظُرُ شَيْئاً مِمَا جَاءَ بِهِ شَرْعُنَا وَحَفَلَتْ بِهِ مِلْتُنَا مِنَ العِنَايَةِ بِالصِّغَار ,فَهَا هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرْكِبُ ابْنَ عَمِّهِ الصَّغِيرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا خَلْفَهُ وَيَقُولُ لَهُ (يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ , احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ , إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ , وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ , وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ , وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ , رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ , وَجَفَّتْ الصُّحُفُ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ هُوَ وَالأَلْبَانِيُّ.
فَانْظُرُوا وَتَأَمَّلُوا هَذَا الْكَلامَ الْعَظِيمَ يُهْدِيهُ الرَّسُولُ الكَرِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَذَا الغُلامِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ التَّكْلِيفِ , وَمَا ذَاكَ إِلَّا لأَهَمِيَّةِ التَّرْبِيَةِ للصَّغَارِ , وَقَدْ قِيلَ : الْعِلْمُ فِي الصِّغَرِ كَالنَّقْشِ عَلَى الْحَجَرِ !
بَلْ هَا هُوَ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَأْكُلُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّعَامَ , فَتَطِيشُ يَدُهُ فِي الصَّحْفَةِ وَلا يَتَأَدَّبُ , فَيُبَادِرُ بِتَعْلِيمِهِ وَيَقُولُ (يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه
فَتَأَثَّرَ هَذَا الطِّفْلُ الصَّغِيرُ بِهَذَا التَأْدِيبِ النَّبَوِيِّ الرَّفِيعِ , وَلِذَلِكَ قَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَلَمَّا كَانَتْ الصَّلاةُ بِالْمَنْزِلَةِ الْعُظْمَى وَالْمَكَانَةِ الجُلَّى كَانَ لِزَامَاً عَلَى الآبَاءِ أَنْ يُنَشِّئُوا أَوْلادَهُمْ عَلَيْهَا مِن الصِّغَرِ فِي سِنٍّ لَيْسَ عَلَيْهِمْ تَكْلِيفٌ , وَلا إثمَ يُكْتَبُ عَلَيْهِمْ ,فَيَأْمُرُوهُم بَلْ وَيَضْرِبُوهُمْ عَلَى الإِخْلالِ بِهَا لِكَيْ يَنْشَأَ الْجِيلُ عَلَى حُبِّ الصَّلاةِ وَالعِنايَةِ بِهَا وَالاهْتِمَامِ بِأَدَائِهَا فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ , وَقَالَ الأَلْبَانِيُّ : حَسَنٌ صَحِيحٌ
فَهَذَا غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ وَقَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعُةُ الغَرَّاءُ وَالْمِلَّةُ السَّمْحَاءُ , فِي الاهْتِمَامِ بِالِجيلِ الصَّاعِدِ وَالنَشْءِ الوَاعِد .
أَيُّهَا الآبَاءُ : غَدَاً تَبْدَأُ الدِّرَاسَةُ مِنْ جَدِيدٍ , بَعْدَ تَوَقُّفٍ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَتَفْتَحُ أَبْوَابَهَا أَمَامَ أَوْلادِنَا مِنْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ لِيَقْضُوا نِصْفَ نَهَارِهِمْ بَيْنَ جَنَبَاتِهَا , يَتَعَلَّمُونَ الْعِلْمَ وَيَتَلَقَّوْنَ الأَدَبَ , وَيَأْخُذُونَ مَعَارِفَ دِينِيَّةً وَدُنْيَوِيَّةً , وَإِنَّ الوَاقَعَ يُفِيدُ وَالتَّجْرُبَةُ تَشْهَدُ أَنَّ مَنَاهِجَنَا فِيهَا خَيْرٌ كَثِيرٌ , وَكُتُبُ صِغَارِنَا فِيهَا نَفْعٌ وَافِرٌ , إِذَا أُحْسِنَ أَخْذُهَا وَاسْتُغِلَّ خَيْرُهَا !
فَعَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ عَوْنَاً للْمَدْرَسَةِ وَرِدْءَاً للْمُعَلِّمِينَ وَالْمُعَلِّمَاتِ لِكَيْ تَكُونَ الْمَدَارِسُ مَحلَّاً يَتَخَرَّجُ مِنْهَا أَوْلادُنَا وَقَدْ حَصَّلُوا الْعِلْمَ وَالعَمَلَ !
إِنَّهُمْ غَدَاً يَكُونُ مِنْهُمُ الْمُعَلِّمُ النَّاجِحُ , وَالطَّبِيبُ الْمَاهِرُ , وَالْمُوَظَّفُ الْمُخْلِصُ , وَالقَاضِي العَادِلُ , وَالَخطِيبُ الْمِصْقِعُ , وَالدَّاعِيَةُ الْمُفَوَّهُ !
وَهَذَا لا يَكُونُ إِلَّا بِجُهُودٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ الْمَدْرَسَةِ وَالبَيْتِ , وَإِنَّ زَيَارَتَكَ أَيُّهَا الوَلِيُّ لِلمَدْرَسَةِ وَلَوْ لَمْ تَفْعَلْ شَيْئَاً , نَافِعَةٌ جِدَّاً لأَبْنَائِكَ وَمُحَفِّزَاً لَهُمْ عَلَى الجِدِّ وَعَلى الأَخْذِ بِالْحَزْمِ وَيَشُدُّ مِنْهُم العَزْمَ ! فَاذْهَبْ إِلَى الْمَدْرَسَةِ وَاسْأَلْ عَنْ ابْنِكَ ! اسْأَلْ عَنْ أَخْلاقِهِ وَمُسْتَوَاهُ وَعَنْ تَعَامُلِهِ مَعَ مُعَلِّمِيهِ وَمَعَ زُمَلَائِهِ , انْظُرْ مَنْ يُجَالِسُ فِي أَثْنَاءِ الدَّوَامِ الْمَدْرَسِيِّ , وَتَأَمَّلْ مَنْ يُمَاشِي مِنْ زُمَلاءِ الدِّرَاسَةِ , ثُمَّ وَجَّهْهُ وَخُذْ بِيَدِهِ , وَأَبْشِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً !
وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَدْفَعَ زَوْجَتَكَ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامُهَا فِي الذِّهَابِ لِمَدْرَسَةِ البَنَاتِ لِتَقُومَ بِنَفْسِ دَوْرِكَ الذِي قُمْتَ بِهِ , فَتَسْأَلْ وَتَسْتَفْسِرْ وَتُوَجِّهْ وَتَشْكُرِ الْمُعَلِّمَاتِ وَالإِدَارَةَ عَلَى إِحْسَانِهِم , وَتَتَدَارَسْ مَعَهُنَّ جَوَانِبَ التَّقْصِيرِ إِذَا وُجِدَ , فَإِنَّ كُلَّ هَذَا يَصُبُّ فِي مَصْلَحَةِ الْبَنَاتِ وَسَوْفَ تَكُونُ لَهُ النَتَائِجُ الطَّيِّبَةُ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ بِإِذْنِ اللهِ !
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ , فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ , وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ , وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ , أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَوْلادَنَا وَأَوْلادَ الْمُسْلِمِينَ وَاكْفِهِمْ شَرَّ الأَشْرَارِ وَكَيْدَ الفُجَّارِ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا , وَاللهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ ، الوَاحِدِ القَهَّار ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُوَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا العَزِيزُ الغَفَّار ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمُصْطَفَى الْمُخْتَار ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ البَرَرَةِ الأَخْيَار .
أَيُّهَا الشَّبَابُ ! يَا مُسْتَقْبَلَ الأُمَّةِ ! وَأَمَلَ الْمُسْلِمِينَ ! وَقُرَّةَ عُيُونِ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ : أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) فَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَبَلَ النَّاسَ عَلَى حُبِّ أَبْنَائِهِمْ وَالْفَرَحِ بِنَجَاحِهِمْ وَالسَّعَادِةِ لِتَفَوِّقِهِمْ , وَالسُّرُورِ لِنُبُوغِهِمْ , وَلِذَلِكَ فَنِعْمَ مَا فَعَلْتُمْ إِنْ حَقَّقْتُمْ آمَالَ أَهَالِيكُمْ وَرَفَعْتُمْ رُؤُوسَهَمُ وَأَدْخَلْتُمْ السَّعَادَةَ عَلَى قُلُوبِهِم !
إِنَّ الطَّرِيقَ لِكَسْبِ رِضَا الوَالِدَيْنِ وَإِسْعَادِ نُفُوسِهِمْ لَيْسَ شَاقَّاً وَلا صَعْبَاً وَلَيْسَ طَرِيقَاً مَفْرُوشَاً بِالشَّوْكِ ! بَلْ بِالْعَكْسِ هُوَ طَرِيقٌ سَهْلٌ بِإِذْنِ اللهِ وَمُيَسَّر !
أَيُّهَا الشَّابُ الوِاعِدُ : إِنَّ اسْتِقَامَتَكَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ هِيَ أَوَّلُ خُطُوَاتِ النَّجَاحِ وَأَوَّلُ مَرَاقِي الفَلاحِ ! إِنَّكَ بأَدَائِكَ لِلصَّلاةِ فِي وَقْتِهَا مَع الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَسَاجِدِ , تَكُونُ عُضْوَاً نَافِعَاً وَفَرْدَاً فَعَّالاً !
إِنَّ بُعْدَكَ عَنْ الْمُخَدِّرَاتِ وَأَصْحَابِ السُّوءِ حَافِظٌ لَكَ بِإِذْنِ اللهِ مِنْ طُرُقِ الهَلاكِ وَمَسَالِكِ الرَّدَى ! إِنَّ كَثْرَةَ قَرَاءَتِكَ للْقُرْآنِ بَابٌ عَظِيمٌ لِكَسْبِ الأُجُورِ وَتِجَارَةٌ مَعَ اللهِ لَنْ تَبُور ! إِنَّ إِقْبَالَكَ عَلَى الدِّرَاسَةِ بِنَشَاطٍ وَاجْتَهَادٍ عُنْوانٌ نَجَاحِكِ وَدَلِيلٌ فَلاحِكَ ! إِنَّ قَضَاءَكَ لِحَاجِيَاتِ أَهْلِكَ وَقِيَامَكَ بِمَا يَلْزَمُهُم عَلامَةٌ عَلَى تَحَمُّلِكَ للْمَسْؤُولِيَّةِ وَسِمَةٌ تُبَيِّنُ أَنَّكَ صِرْتَ رَجَلُاً يُعْتَمَدُ عَلَيْكَ !
أَيُّهَا الشَّابُ : إِنِّي أُعِيذُكَ بِاللهِ أَنْ تَكُونَ فَرْدَاً مُؤْذِيَاً وَعُضْوَاً مَرِيضَاً فِي الْمُجْتَمَعِ ! فَلَيْسَ مِنْ صِفَاتِ الشَّابِّ النَّاجِحِ التَّسَكُّعُ فِي الشَّوَارِعِ وَتَضْيِيعُ الأَوْقَاتِ أَوْ إِيذَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ تَرْوِيعُ الغَافِلِينَ ! لَيْسَ مِنْ صِفَاتِ الشَّابِّ الْجَادِّ مُتَابَعَةُ الْمُوضَاتِ , وَالْجَرْيِ وَرَاءَ نَتَائِجِ الْمُبَارَيَاتِ ! لَيْسَ مِنْ أَخْلاقِ الشَّابِّ الطَّمُوحِ كَثْرَةُ غِيَابِهِ مِنْ الْمَدْرَسَةِ بُدُونِ عُذْرٍ , أَوْ مُشَاكَسَةُ الْمُعَلِّمِينَ !
إِنَّ بَعْضَ الشَّبَابِ تَرَدَّتْ بِهِمُ الْحَالُ حَتَّى ظَنُّوا أَنْ قَطْعَ إِشَارَاتِ الْمُرُورِ دَلِيلُ الرُّجُولَةِ وَعُنْوَانُ الفُحُولَةِ ! إِنَّ بَعْضَ الشَّبَابِ ظَنَّ أَنَّ السَّهَرَ عَلامَةُ تَقَدُّمٍ وَعُنْوَانُ تَحَضَّرٌ ! إِنَّ بَعْضَ ضُعَفَاءِ النُّفُوسِ ذَهَبَتْ عَنْهُ الآمَالُ وَسَبَقَهُمْ الرِّجَالُ حَتَّى ظَنُّوا أَنْ حَمْلَ السِّلاحِ دَلَيلُ الفَلاحِ !
أَيُّهَا الأَبْنَاءُ : إِنَّ الأَرْزَاقَ بِيَدِ اللهِ وَلَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ لَهَا أَسْبَابَاً , وَإِنَّ مِنْ أَيْسَرِ أَسْبَابِهَا وَأَوْسَعِ أَبْوَابِهَا فِي الوَقْتِ الْحَاضِرِ الدِّرَاسَةَ النِّظَامِيَّةَ , وَنَظَرَاً لِكَثْرَةِ الْخِرِّيجِينَ وَقِلَّةِ الْفُرَصِ صَارَ لا يُقْبَلُ فِي الْجَامِعَاتِ وَلا مَا بَعْدَهَا إِلا الْجَادُّ الذِي قَدْ حَصَّلَ الْعِلْمَ وَكَسبَ الْمَعْرِفَةَ !
ثُمَّ نَظَرَاً لِوُجُودِ التَّهَاوُنِ فِي الدَّرَجَاتِ وَرُبَّمَا الْغِشُّ فِي النَّتَائِجِ أَوْ التَّزْوِيرِ فِيهَا صَارَتِ الْجَامِعَاتُ وَالدَّوَائِرُ تُجْرِي اخْتِبَارَاتٍ تَحْصِيلِيَّةٍ وَامْتِحَانَاتٍ قِيَاسِيَّةٍ , لِيَتَبَيَّنَ الشَّخْصُ الْمُؤَهَّلُ مِنْ الشَّخْصِ الْمُزَيَّفِ , وَعَلَى هَذَا فَخُذْ يَوْمَكَ بِأَوَّلِهِ , وَأَسِّسْ حَيَاتَكَ مِنْ بِدَايَتِهَا فَحَصِّلْ الْعِلْمَ , وَكُنْ عَوْنَاً للْمُدَرِّسِينَ فِي إِعْطَائِكَ الْمَعْلُومَاتِ وَتَزْوِيدِكَ بِالْمَهَارَاتِ , وَلا تَكُنْ مِنْ أُولَئِكَ الشَّبَابِ الذِينَ يُشْغَلُونَ الْمُعَلِّمَ لِيَحْذِفَ مِنْهُمْ بَعْضَ الْمَنْهَجِ أَوْ يَتْرُكَ عَنْهُمْ بَعْضَ الْمَوْضُوعَاتِ , فَإِنَّ هَذَا ضَارٌّ لَهُمْ وَمُؤَثِّرٌ عَلَيْهِمْ , وَرُبَّمَا وَجَدُوا بَعْضَ ضِعَافِ النُّفُوسِ مِن الْمُعَلِّمِينَ وَبَعْضِ الكُسَالَى مِن الْمُدَرَّسِينَ الذِينَ يَفْرَحُونَ بِمِثْلِ هَذَا فَيَرْكَنُونُ للدَّعَةِ وَالسُّكُونِ ولا يَتْعَبُونَ فِي التَّدْرِيسِ , ثُمَّ فِي نِهَايَةِ الْمَطَافِ يَكْتَشِفُ الشَّابُّ أَنَّهُ مَا حَصَّلَ شَيْئَاً وَلا اسْتَفَادَ عِلْمَاً وَلا ازْدَادَ فَهْمَاً , فَيَنْدَمُ وَلَكِنْ ... بَعْدَ فَوَاتِ الأَوَانِ وَالخُرُوجِ عَنْ زَمَنِ الإِمْكَانِ !
فَخُذْ يَوَمَكَ بِأَوَّلِهِ وَحَيَاتَكَ مِنْ بِدَايَتِهَا , وَحَصَّلِ الْعِلْمَ وَازْدَدْ مِنْ الْمَعْرِفَةِ وَثَابِرْ وَاجْتَهْد , فَمَنْ جَدَّ وَجَدْ وَمَنْ زَرَعَ حصَدْ !
حَفِظَكَ اللهُ وَسَدَّدَكَ وَأَعَانَكَ وَوَفَّقَكَ , وجَعَلَكَ اللهُ عُضْوَاً نَافِعَاً وَشَابَّاً صَالِحَاً ! ! ! آمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا , وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا التِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا التِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَبَابَ الْمُسْلِمِينَ وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلامِ وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ للْهُدَى وَالرَّشَادِ , وَجَنِّبْهُمْ الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَما بَطَنْ , اللَّهُمَّ اهْدِ القَائِمِينَ عَلَى التَّعْلِيمِ للْقِيَامِ بِمَسْؤُولِيَتِهِمْ وَحِمَايَةِ عُقُولِ الشَّبَابِ وَأَدْيَانِهِمْ وَأَخْلاقِهِمْ , اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ شَبَابِ الْمُسْلِمِينَ وَشَابَّاتِهِم بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ فِي نَفْسِهِ وَارْدُدْ كَيْدِهِ فِي نَحْرِهِ وَاكْفِنَا شَرَّهُ , اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا ! اللَّهُمَّ جَنِّبْ بِلادَنَا الْفِتَنَ وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلمِينِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ ! اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن الغَلَا وَالوَبَا وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَلازِلَ وَالفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن !
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ! وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبّ العَالَمِينْ .

<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: (خطبة مناسبة للدراسة بعد إجازة الربيع).pdf&rlm; (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=90181&d=1327589320)
: 206.5 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf