المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة عجيبة وقعت لوزير عربي معاصر أثناء زيارته لبلدٍ عربيٍّ آخر !



أهــل الحـديث
24-01-2012, 09:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




قصة عجيبة وقعت لوزير عربي معاصر أثناء زيارته لبلدٍ عربيٍّ آخر !



قال الوزير العربي : إنه وصل دمشق، ولم يكن قد زارها من قبل، وهو لا يعرف فيها أحداً، فذهب إلى الجامع الأموي فزاره، ...
ودخل المكتبة الظاهرية وزار المدارس الأثرية، ثم أحب أن يرى البلد، فاستأجر عربة ...
وصعد جبل قاسيون، ... وإذا كان في الجبال الجميل والقبيح، فقاسيون أجمل الجبال، ( قال أبو معاوية البيروتي : حذفتُ بعض الجمل اختصاراً على القارئ ) ...
قال الوزير : إنه لمّا رأى هذا المنظر تمنّى أن يجد هنا فندقاً ينزل فيه، وتلفّت حوله فرأى رجلاً حسن الزي، مهيب الطلعة، أمام دار مفتوحٌ بابها، يلجها الناس ويخرجون منها، فسأله : أليس هنا فندق ينزل فيه الغريب ؟
قال : بلى، ألا ترى الباب مفتوحاً، فتفضل .
قلت : أريد غرفة تطل على هذا المنظر .
قال : حبًّا وكرامة، يا فلان ( ونادى خادماً كان في الدار )، قُلْ لهم أن يعدُّوا الغرفة الفلانية للأستاذ .
قال الوزير : ونزلت عنده، ووجدته فندقاً مريحاً، والنزلاء قليلاً، والخدمة جيدة، وكان يسألني كل عشيّة : ماذا تريد أن تأكل غداً، ويعدّد لي الألوان الشامية، فاختار منها ما أريد .
وطاب لي المقام، ولم يكن لي في مصر عملٌ يستعجلني، فلبثتُ عنده خمسة وعشرين يوماً، أطلب فأجد، وما وجدتُ تقصيراً، ولا احتجتُ إلى شكوى .
ثم قرّرتُ السفر، فقلتُ له : أنا مسافر غداً .
قال : بالسلامة إن شاء الله، وإنْ كنّا نؤثر أن تطيل الإقامة عندنا .
قلتُ : أتمنّى، ولكن آن أوان الرحيل .
قال : كما تريد .
قلتُ : أين قائمة الحساب ؟
فضحك وقال : الحساب يوم القيامة، ونسأل الله أن يجعله يسيراً .
قلتُ : إنما أعني حساب الفندق .
فضحك وقال : أي فندق ؟ أتراني من أصحاب الفنادق ؟ إنما هي داري ! وقد نزلتَ عليَّ ضيفاً كريماً، فهل تأخذون منِّي إنْ زُرتكم أجرة المبيت وثمن القرى ؟

فجرّبتُ معه كل وسيلة، فما أفلحت، فدعوته أن يشرّفني بزيارته في مصر، فوعد .
وبعثتُ إليه بهدية من مصر، فقبلها ورَدَّ عليَّ بهدية أغلى منها .
وكتبتُ إليه مرات أطالبه البر بوعده وزيارتي، فمضت أربعون سنة وما جاء مصر، ولا رجعتُ أنا إلى الشام، أفتعجبون بعد أن سألتُ عنه ؟ وإنْ طلبت منكم أن تبلّغوه أني لا أزال متعجّباً من عمله معجباً به شاكراً له . اهـ .

وهي قصة عجيبة، ولكن الشيء من معدنه لا يستغرب، والكرم سليقة في العرب، وهو أول مفاخرهم وأول ما يثني به شعراؤهم على أكابرهم، وهو فيهم حاجة قد تبلغ حد الضرورة ...

===============

" ذكريات علي الطنطاوي " ( 7 / 140 – 142 / ط . دار المنارة )