المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبدعوى الجاهلية والتحذير من خطر العصبية القبلية



أهــل الحـديث
24-01-2012, 02:11 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة لفضيلة الشيخ : عبد الوهاب العمري
بتاريخ 28 – 1 – 1433 هـ
بعنوان [ أبدعوى الجاهلية
والتحذير من خطر العصبية القبلية ]


بدأ فضيلته بحمد الله فقال : اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك اللهم لك الحمد خلقت وقدرت ويسرت الهدى لمن هديت لامانع لما أعطيت ولامعطي لما منعت بيدك الخير إنك على كل شئ قدير , وأشهد أن لاإله إلاالله وحده لاشريك له الحكيم الخبير وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير بلغ ماأنزل إليه من ربه وجاهد في الله حق جهاده حتى تركنا على البيضاء النيرة مازاغ عنها إلا هالك قال صلى الله عليه وسلم وهو لاينطق عن الهوى (( كلكم يدخل الجنة إلامن أبى
قالوا : ومن يأبى قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى )) ,
أما بعد عباد الله جعلنا الله وإياكم من عباده المؤمنين الذين امتدحهم الله تعالى بقوله : (( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعميانا والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاما )) . إن المؤمن الذي رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً وقاف عند حدود الله إذا سمع قول الله وقول رسول الله لم يتجاوزها قيد شعرة خوفاً من لقاء الله عزوجل على معصية , وفرح بنعمة الله إذا تليت عليه فَعَبَدَ الله على بينة وبصيرة .
معاشر المسلمين : ياعباد الله أقول هذا بين يدي موعظة لي ولكم : إن الله ابتعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالإسلام وطرح به صلى الله عليه وسلم دعاوى الجاهلية تحت قدميه فأعلنها صريحة مدوية : (( ليس منا من دعى بدعوى جاهلية , وليس منا من دعى إلى عصبية وليس منا من قاتل لعصبية )) , وقال عليه الصلاة والسلام وقد استب رجل من الأنصار ورجل من المهاجرين فقال الأنصاري : ياللأنصار وقال المهاجري ياللمهاجرين فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ابدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم دعوها فإنها منتنة )) ، نعم أعلن أنها منتنة دعاوى الجاهلية وعزاء الجاهلية منتنة كريهة الرائحة كريهة العاقبة قد أعرض عنها صلى الله عليه وسلم ولوشاء لكان أفخر الناس بمآثره فهو أعرق الناس نسباً صلى الله عليه وسلم وأعظم الناس شرفاً صلى الله عليه وسلم وأعظم الناس مكانة من الله صلى الله عليه وسلم , ولكنه عليه الصلاة والسلام طرحها كلها تحت قدميه وأعلنها إسلامية الفخر للإسلام والعز للإسلام والسؤدد بالإسلام والصلة والقربى بالإسلام : (( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )) , وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ولم يقل لتفاخروا , ولم يقل لتتمايزوا , ولم يقل ليستعلي بعضكم على بعض , وإنما للتعارف فقط لحاجة الناس إليه , وأماالفخر والعز فهو بتقوى الله : (( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) فأتقى الناس أشرفهم وأتقى الناس أعلاهم , وأتقى الناس أبرهم عند الله وأقربهم إلى الله سبحانه وتعالى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من تعزى بعزاء الجاهلية فليس منا )) فكل عزاء الجاهلية مطروح وعزاء الجاهلية هو الفخر بالأحزاب أوبالأنساب أوبالقبائل أو بالشعوب أوبالأوطان كلها طرحت ولم يقبلها الإسلام , قرب الإسلام بلالاً الحبشي وسلماناً الفارسي وصهيباً الرومي , وأدنى الإسلام أولئك من أصقاع شتى فجعلهم رموز الدنيا وفخر الحياة وشرف النسب يقول سلمان :
أبي الإسلام ليس لي أباً سواه***إذا افتخروا بقيس أوتميم
وفي نفس الوقت جعل الإسلام أبالهب بن عبدالمطلب في النار جعل الشريف المتعالي أباجهل جثوة من جثي جهنم (( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) إن الله لاينظر إلى صوركم ولاإلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم . قال تعالى : (( وماأموالكم ولاأولادكم بالتي تقربك عندنا زلفى إلامن آمن وعمل صالحاً )) . عباد الله إنه لايفرح الشيطان بشئ أشد فرحة بالتحريش بين المسلمين لأنها وسيلته الوحيدة الباقية ليستجلب قوماً ليدخلهم معه النار فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول : (( لينتهن أقوام عن فخرهم بآباء إنماهم جثي من جثي جهنم , أو ليكونن أهون عند الله من الجعلان )) , ويقول في حديث آخر صلى الله عليه وسلم : (( من تعزى بعزاء الجاهلية فأعظوه على هني أبيه ولاتكنوا )) الله أكبر هل بقي بعد هذا البيان من بيان هل بعد هذا الكره للعصبية والطبقية من مكان إنما يفرح الشيطان بما يوقع العداوة والبغضاء بين المسلمين يقول صلى الله عليه وسلم : (( لقد يئس الشيطان أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن بالتحريش بينهم )) , وبما يحرش بينهم بنفخة في
رؤوس بعض الناس بالنعرات الجاهلية بالعصبية للنسب أوبالعصبية للوطن , أو بالعصبية لشعوب أو العصبية للقبائل أو لغيرها من الدعاوى , بالعصبية للأندية والأحزاب , بالعصبية للمدارس بكل عصبية مهما كانت وتحيز ,هذا مرفوض في دين الإسلام لايقبله لقد طرح الله عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالأحساب قالها صلى الله عليه وسلم
عبية الجاهلية عصبية الجاهلية عزاء الجاهلية دعوى الجاهلية كلها مرفوضة في دين الإسلام , إنما العزاء والفخر بتقوى الله عزوجل وإن دعاوى السوء أرباب الشيطان وأعوانه وأبواقه التي ينفخ فيها هم أولئك الذين يثيرون هذه الأمور عن طريق الوسائل الإعلامية , وعن طريق الحفلات القبلية عن طريق التقاليد القديمة التي ماأنزل من سلطان , ويتعصب الرجل فيها لإبن قومه مهما كان الخطأ ومهما كان على الباطل ويعادي من ليس من قومه ولوكان من أتقى أتقياء الدنيا ليس هذا في دين الإسلام أبداً إن الإسلام يعلن أنه لاأخوة إلابالدين ولاموالاة إلابالدين ولامحبة إلابالدين ومن لم يكن كذلك أذهبه الله وأتى بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على على المؤمنين أعزة على الكافرين , نعم التَّقي ذليل على المؤمنين أجمعين يتذلل لهم محبة وتوقيراً , هذا محمد صلى الله عليه وسلم جاء إليه رجل فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إمتلأ قلبه مهابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فارتعدت فرائصه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( على هونك إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة )) اللهم صل على محمد , القديد : اللحم المجفف وكلنا نأكل اللحم القديد لكن أراد صلى الله عليه وسلم أن يهون من روعة هذا الرجل حينما هاب النبي صلى الله عليه وسلم تلك المهابة ليوقر صلى الله عليه وسلم نفسه فلايفخر ولايتمادح ولايتعالى وهو أولى الناس بالمدح بالثناء وهوسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم كما أمره الله أن يثبت ذلك ويبينه فيقول : (( أنا سيد ولدآدم وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع )) صلى الله عليه وسلم , ومع ذلك مافخر بنسب ولاتعالى بسبب الإسلام والتقوى .
عباد الله : نحن في حاجة عظيمة إلى الوئام إلى تآلف القلوب إلى تقابل الوجوه بالبسمة والصلاح والسلام لا أن نتشتت لا أن نتشذرم لاأن يوقع الشيطان بيننا البغضاء والعداوة في أمور تافهة لقصيدة شاعر في عرضة أولنخوة خبيث في مجمع أو لدعوى عنصرية في وسيلة من وسائل الإعلام يفرق بها هؤلاء الخبثاء بين المسلمين ويشتتون بها بين قلوبهم ويبعدون الرابطة التي ربطهم الله تعالى بها فجعلهم إخواناً : (( اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفاحفرة من النار فأنقذكم منها )) . نعم جاء صلى الله عليه وسلم والأوس والخزرج متحاربون متباغضون متدابرون متباعدون مكثت الحرب بينهم أكثر ن مئة سنة وسفكت الدماء وأخذت الأموال سنين بل عقود طويلة فلما جاء صلى الله عليه وسلم جمع بين القلوب بدين الله عزوجل وألف بين قلوب الناس فجاء المهاجري من أطراف الدنيا من مكة ومن غيرها فاستقبله الأنصاري ترك اسم الأوس والخزرج نصرة لدين الله ونصرة لرسوله صلى الله عليه وسلم فاستقبل الأنصاري المهاجري فرحاً به مسرورا يقول أحدهم لمن آخي بينه وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم يآأخي تعال هاتان زوجتاي انظر أعجبهما إليك أطلقها وتزوجها أنت , وهذا مالي أقتسمه بيني وبينك نصفين فيقول المهاجري عبدالرحمن بن عوف بارك الله لك يآأخي في أهلك ومالك بل دلني على السوق ويذهب ويأوي إلى بيت أخيه في الليل حتى أغناه الله تعالى من فضله ضربوا أمثلة رائعة حينما تركوا العنصرية وتركوا القومية وتركوا الوطنية والشعوبية خلف ظهورهم ورفعوا راية التوحيد والإسلام والوحدة ففتحوا الدنيا من مشرقها إلى مغربها فتحوا الدنيا بالإسلام وأسعدوا الدنيا بالإسلام وأنقذوا الناس من النار إلى الجنة بدعوى الإسلام لابالعنصرية ولابحزبيات ولابمذهبيات ولابطائفيات ولابشئ من هذه المفسدات . إخوة الإسلام ألاترون مايدور حولنا في أمم الأرض بل في أمم المسلمين حينما تفرقوا وكان أمرهم شيعاً رفعوا الرايات العنصرية بطبقية أوبقومية أو بحزبية أو بطائفية أو بمذهبية فماذا فعل بهم ذلك أليس العدو ياكلهم كما تأكل النار الهشيم نسأل الله أن يرفع مابهم من ضر لكن ليكن لنا فيهم عبرة فإن من لم يعتبر بغيره كان عبرة لغيره .
ألسنا نرى تحت الرماد شر العنصريات والقوميات والمذهبيات في مجتمعناهذا , تقوم القبيلة بأسرها لتنقذ مجرماً من مجرميها ظل السبيل فيفدونه بالأرواح ويبذلون له الأموال ويأخذون من فقرائهم كما يأخذون من أعلى أغنيائهم لينقذوا هذا المفسد في الأرض . هل هذا من دعوى الإسلام ؟ أليس عندنا شرع الله يحكم بيننا ويفصل بيننا وإن اليهود في المدينة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهم يهود كانوا يتحاكمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أموالهم وأعراضهم لعلمهم أنما جاء به الحق , في مرة من المرات إختصم يهودي ومنافق منافق منافق أي عربي من بني جلدتنا وممن يتكلم بألسنتنا وينتسب إلى أنسابنا فقال اليهودي للمنافق تعال نتحاكم إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال المنافق : لا بل نحتكم إلى كعب بن الأشرف زعيم اليهود فلما اختصموا وابى كل منهم إلا من اختار للحكم اتفقوا في الأخير على أن يذهبوا إلى أبي بكر الصديق ليحكم بينهم فلما ذهبوا إليه قال اليهودي لأبي بكر : إن هذا بيني وبينه خصومة فسألته أن نحتكم إلى محمد صلى الله عليه وسلم فأبى إلا إلى كعب بن الأشرف فاتفقنا على أن نأتي إليك فاحكم بيننا , فقال للمنافق : أحقاً مايقول قال : نعم قال : لا أحكم بينكم ورسول الله قائم اذهبوا عني , فاتفقا على أن يذهبا إلى عمر رضي الله عنه فذهبوا إلى عمر فقال اليهودي مثل مقالته فقال عمرللمنافق : أصدق الرجل أبيت أن تحتكم إلى رسول الله فقال : نعم قال انتظروا قليلاً آتيكم بحكم الله , فدخل بيته وامتشق سيفه وجاء وضربه فقد رأسه , وقال : هذا حكمي فيمن أبى حكم الله , فنزلت فيهم الآيات الكريمة حتى قال تعالى : (( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم يؤمنون بالله وماأنزل إليكم يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد امروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيدا ...)) إلى أن قال سبحانه وتعالى : (( فلاوربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرج مما قضيت ويسلموا تسليما )) سورة النساء , انظر إلى هذا القسم العظيم (( فلاوربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما )) إن من يوقع في قلبه حرج من حكم الله وحكم رسوله ويأبى إلا الأحكام القبلية والعادات الجاهلية ومانسمع به من أحيائها في مواطننا وفي قبائلنا إنه لعلى خطرعظيم أن لأيكون في قلبه إيمان هذا قسم بالربوبية مضافة إلى محمد صلى الله عليه وسلم خير الإنسانية ( فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك ) أي يحكموا الإسلام , يحكموه صلى الله عليه وسلم في حياته ثم يحكم شرعه بعد مماته صلى الله عليه وسلم (( ثم لايجدوا في أنفسهم حرج مما قضيت )) لامكان حتى للحرج والضيقة والكراهية لشرع الله أو لحكم الله , كل من قال : لانريد المحكمة لانريد القضاء نريد أحكامنا وعاداتنا وتقاليدنا هو داخل تحت هذا التهديد وتحت مسمى النفاق , فاتقوا الله ياعباد الله أبدعوى الجاهلية بعد أن أجاركم الله أبدعوى الجاهلية بعد أن أنقذكم الله أبدعوى الجاهلية وقد رفع الله قدركم بالإسلام اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه اللهم لاتجعله ملتبساً علينا فنظل , استغفر الله لي ولكم .

الخطبة الثانية :

اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام وهدنا بالإسلام ورفعنا بالإسلام ووحدنا بالإسلام وأرسل إلينا نبينا عليه الصلاة والسلام , أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله من قالهامخلصاً دخل دار السلام وأخرجه الله تعالى من الظلمات إلى النور وهداه بإذنه إلى صراط مستقيم .
أما بعد عباد الله : كونوا عباد الله إخواناً المسلم أخو المسلم لايظلمه ولايخذله ولايحقره بحسب امرئ من الإثم أن يحقر أخاه المسلم . إن الله عزوجل أذهب عنكم عبية الجاهلية وتفاخرها بالأحساب والأنساب ورفع قدركم بالإسلام فاقبلوا الرفعة ولاتقبلوا الهوان فكل من ادعى بغير دعوى الإسلام فهو من أهل الهوان وإن الله عزوجل نهى أن يحتقر المسلم أخاه فرب أشعث أغبر ذو طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الهب لأبره . كم من إنسان تحتقره العيون ولاتنظر إليه ولاتعطيه حقه وهو خير من مئات الألوف من أمثال أولئك الذين يفاخرون بأحسابهم وأنسابهم . عباد الله في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر إليه رجل دميم الشكل قصير القامة لايعرف له نسب اسمه جليبيب فشهد أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتعلم الإسلام فخرج صلى الله عليه وسلم في غزوة وخرجوا معه منهم جليبيب وبعد المعركة
قال صلى الله عليه وسلم : (( أتفقدون من أحد قالوا: لا قال : اذهبوا فذهبوا فبحثوا ثم جاءوا قال : هل تفقدون من أحد قالوا : لا قال : لكني أفقد جليبيب , اذهبوا فابحثوا عنه فوجدوه قد اجتمع عليه سبعة من المشركين فقاتلهم حتى قتلهم ثم قتلوه , فأخبروا رسول الله فجاء فرفعه بين يديه وهو يقول : اللهم إني أمسيت راض عنه فارض عنه , هذا الرجل أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت رفيع من بيوت الأنصار فقال : (( اذهب إليهم فقل إن رسول الله يقول لكم : زوجوني بنتكم فلانة , فجاء إليهم وبنتهم بكراً في خدرها فجلس إليهم وقال : أنا مرسول من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن زوجوني فلانة فقال أبوها وأمها : أما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرك ياجليبيب ثم داروا الأمروالشور بينهم فقالت ابنته من خلف الستار : أتردون أمر سول الله فقبلوا بذلك فزوجوه فما هي إلاأيام حتى قتل شهيداً في سبيل الله وأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم
ذلك الوسام الرفيع ( اللهم إني أمسيت عنه راض فارض عنه ) رضي الله عنه وارضاه , هذا هو الإسلام وصورة من صور السواسية في هذا الدين ( لافرق بين أبيض واسود ولاأعجمي ولاعربي إلابالإسلام ) , الناس سواسية كأسنان المشط لافرق بينهم إلابالإسلام والتقوى فاتقوا الله عباد الله واحذروا من احتقار المسلمين فبحسب امرئ من الإثم أن يحقر أخاه المسلم إحذر أخى الإسلام من احتقار أخوك المسلم لنسبه أو للونه أو لشكله أو لوظيفته أو لحاله فإن التعارف هو المطلوب فقط لهذه الأشكال , وأماغير ذلك فالرفعة بالدين والتقوى فاحذر أن تأتي غداً كلك بمافيك أمام حسنة من حسنات هذا المسكين فتدخل به النار , من جاء يوم القيامة وفي قلبه مثقالذرة من كبرأدخله الله النار لايدخل الجنة من كان في قلبه مثقا ذرة من كبر والكبر ماهو؟ هو ماقال عنه صلى الله عليه وسلم : (( بطرالحق وغمط الناس ) ) غمط الناس : هو الكبر عندما تترافع بأنك من بني فلان وذاك من بني فلان , بانك عربي وذاك أعجمي بأنك غني وذاك فقير بأنك ذو منصب وجاه واحذر أن لاتكون شيئاً.
ذكرلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حال امرأة أخذت طفلها الصغير ترضعه فمر بها موكب عظيم لرجل له شارة وخلفه الحشم والخدم فأعجبها شأن الرجل فقالت : اللهم اجعل ابني هذا مثل هذا الرجل , فترك ابنها الثدي وقال : اللهم لاتجعلني مثله فتعجبت ورجع فالتقم الثدي يرضع أمه ، وبعد قليل إذا برجال يجرون أمة سوداء بقرون شعرها يضربونها ويقولون : سرقت وتقول : ماسرقت ويضربونها ويجرونها , فرثت لحالها فقالت : اللهم لاتجعل ابني هذا مثل هذه , فترك الثدي وقال : اللهم اجعلني مثلها .
التقوى عباد الله : هي المكان الذي ينبغي أن نتنافس فيه لايغرك زينة الحياة الدنيا ومافيها من الشارات والبهرجة والخيلاء والأموال كثير من شبابنا ألآن أمنيته أن يكون مثل من ؟ سلوا ! مثل اللاعب فلان مثل المليونير فلان أين الذين يتفاخرون بدين الله ويحب أحدهم أن يكون مثل رسول الله مثل أصحاب رسول الله مثل أتباع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . جاء أحد أبناء عمربن الخطاب رضي الله عنه إليه وإذا بإزاره قد انفلت عن بطنه فقال : مالك ارفع إزارك قال : إني رأيت أسامة بن زيد قد خفض إزاره فابتسم عمر رضي الله عنه , أسامة أسود مولى ومع ذلك كان أمنية أبناء أصحاب رسول الله العظام أن يكونوا كأسامة ابن زيد , من الذي رفعه ؟ دين الله , والإستقامة على الحق الذي تركه رسول الله هؤلاء هم قدوتنا وأسوتنا وشرفنا نسأل الله أن يجمعنا بهم في جنات النعيم والله لوحرمنا من رؤية أبي بكر أو عمر أو عثمان بل والله لوحرمنا من رؤية صهيب وبلال وسلمان في الآخرة لهو حرمان , لهو خذلان لهو شر , فكيف لوحرمنا من رؤية محمد صلى الله عليه وسلم وهو الذي يقول : (( فمن رغب عن سنتي فليس مني )) فسنته أن لاتترافعوا ولاتتباغضوا ولاتتدابروا , قال عليه الصلاة والسلام : (( أن الله أوصى إلي أن تواضعوا حتى لايبغي بعضكم على بعض ولايفخر بعضكم على بعض )) لا فخر إلا بالإسلام , وكل من تفاخر بشئ من ركام الدنيا فهوموعود بالنار نعوذ بالله من النار . اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا . اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .