المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف نعمل بلا نظام



معلم
20-01-2012, 08:50 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

نحن والحمد لله نعيش في بلد فيه من الخير الكثير ويتمتع بالأمن والأمان والاستقرار السياسي والاقتصادي والسلم الاجتماعي, يضاف إليها المكانة الدينية ولا يقل عنها أهمية الموقع الاستراتيجي.
هذه الميزات جعلت من بلادنا دولة محورية ليس على المستوى الإقليمي فقط وإنما على المستوى العالمي,
وبذكر ما تقدم وهو حقيقة لا مراء فيها: أليس يجدر بنا
أن تكون لنا أنظمة وقوانين تحفظ وتحمي حقوق الناس
سواءً بينهم كأفراد أو جهات حكومية أو مؤسسات خدمية وتجارية.
وتبين لكل فرد في المجتمع ماله وما عليه تجاه الآخرين والدولة.
ما يؤسف أنه حتى الموظفين لا يعرفون حقوقهم داخل دوائرهم التي يعملون بها, وهذا يعود لأسباب منها:
ـ أن أنظمتنا توضع بناءً على رؤية المسئول داخل
الدائرة وربما لأصغر موظف فيها وبمباركة المسئول الذي يتظاهر ويتفاخر بوضعه لهذا النظام, وربما في الغد يأتي غيره على رأس الوزارة أو الدائرة وقلب النظام رأساً على عقب.
والمعروف أن رؤية الأشخاص قاصرة مهما بلغت من النجاح, فلا يجوز أن توضع الأنظمة التي تتحكم في حقوق الناس بناءً على رؤية أفراد,
كما أنه لا يجوز أن تدار أجهزة الدولة بناءً على تعاميم وقرارات يصدرها أفراد مهما خلصت نيتهم في خدمة البلاد والعباد.

ـ السبب الآخر أننا شعب مسالم وغير مبالي, لا يهتم بحقوقه ولا حقوق غيره يتكاسل حتى عن السؤال عما يخصه تاركاً مصيره ومصير أبنائه للمجهول, يعيش يومه ولا يهمه ما يحصل في الغد.
ثقافة الحقوق مفقودة لدينا... لا نحبذ النظام ولا القانون
ونفضل الواسطة في كل شيء ولو في ابسط حقوقنا.
وندفع الرشوة ( ولا نستشعر جرمها ) لنحصل على حق مستحق قد لا يكلفنا أدنى جهد.

هذا الجهل بالحقوق كأفراد. هو ما يجعلنا مترددين مرتبكين وتنقصنا الجرأة عند الأخذ بأية خطوة نرى فيها مصلحة مادية أو معنوية لنا.
وهو أيضاً مدعاة لضعاف النفوس من المسئولين وأصحاب النفوذ لاستغلال حاجات الناس والاستيلاء على حقوق الغير, دون وجل أو خجل أو وازع من ضمير أو دين.
يدفعهم لذلك جهل الناس للأنظمة المتغيرة باستمرار بتغير القائمين على تلك الوزارات أو الإدارات, وتضاربها وتعارضها أحيانا كثيرة.
لأنها تصدر عن أفراد ولأنها في الأساس عبارة عن تعاميم لا تحترم ولا تكتسب الأهمية ولا الصفة القانونية.
ـ هذا الجهل والأسلوب العشوائي الفردي والاجتماعي والمؤسساتي الحكومي في حقيقته لا يبني دولة, ويستحيل معه المحافظة على المكانة المتقدمة بين الدول.
ومسألة الحلول الآنية للمشكلات ومعالجة الحالات الطارئة هو بمثابة المخدر الذي يخفي الألم ولا يعالج المرض.
نحن بحاجة ماسة إلى مؤسسات مدنية حقيقية تضع التشريعات والقوانين والأنظمة التي تضمن وتكفل حق المواطن, وتجعل منه عضواً فاعلاً ومتفاعلاً ومشاركاً في بناء بلده.
ليكون المجتمع هو المصدر والمحرك الرئيس في سياسات وتوجهات البلد.
بهذا يشعر المواطن بالموطنة الحقيقية, وينظر للمستقبل برؤية واضحة ومطمئنة.
هذا المواطن الذي نضايقه في رزقه ونغالبه على حقوقه ونهضم دورة ونقلل من شأنه,
في الواقع هو من يرفع من شأن الدولة ويجعل لها هيبة ومكانة بين الدول, وهو الدرع الحامي عند الملمات لا سمح الله.
فبقدر ما نرفع من قيمة الفرد بقدر ما أبدع وارتقى وبقدر ما نعطيه حقوقه ونحافظ عليها بقدر ما تمسك بوطنيته وتشرف بها.
فالمواطن والوطن كالروح والجسد متى افترقا انتهت الحياة.

تحياتي لكم جميعاً