المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بعض المسائل لأبي حيان عن سيبويه وغيره



أهــل الحـديث
20-01-2012, 10:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

في القصة المشهورة التي ذُكرت في سبب غضب أبي حيان من ابن تيمية رحمهم الله في الكلام عن سيبويه ، وقدر وردت بألفاظ متعددة ، فمن هذه الألفاظ قول ابن تيمية رحمه الله عن سيبويه ( أخطأ في الكتاب في ثمانين موضعا ما تفهمها أنت)
وقد نقلها بعضهم بلفظ :أخطأ في القرآن، وقد يكون هذا اللفظ مفهوما بالمعنى من قول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله (أخطأ في الكتاب) فظنه بعضهم القرآن ، ولعل المقصود به كتاب(الكتاب) .

وقد سبق الكلام عليها في هذا الرابط

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...286#post148286 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=148286#post148286)


ولو أن أحدا جمع ما خالف فيه أبو حيان سيبويه في مسائل النحو من خلال كتب أبي حيان لوجدها تربو على الثمانين .

والمقصود أن هذا الكلام الذي نُقل عن شيخ الاسلام ابن تيمية وغضب منه أبو حيان قد يحمل على معان متعددة ، فقد يكون سبب ذلك تعصب أبي حيان لسيبويه ، أو استكثاره أن يصدر ذلك عن شيخ الاسلام ابن تيمية، أو غيرها ، والله أعلم.
ومثل هذا الكلام الواقع في النقاش العلمي لاينبغي أن يكون سببا للهجر والتنافر بين أهل العلم .

وقد وقفت على كلام لعدد من أهل العلم في مسائل ذكرها أبو حيان عن سيبويه وغيره ، قد تفيدنا في بيان شدة غضبه لهذا الكلام الذي سمعه من شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله .( وغالب هذه الأقوال وجدتها من خلال البحث في الكتب الالكترونية بإدخال كلمة (سيبويه، حيان) ).

يقول أبيحيان : "لسنا متعبدين بقول نحاة البصرة "(1) .
(1) البحر المحيط : 5/15 . وينظر : حاشية الشهاب : 1/277-278 .

وفي مختصر شرح قطر الندى لمحمد بن سعد عياد (ص: 15)
وأصل كلام أبي حيان الميل إلى قول الكوفيين ، ونصرة مذهبهم ، ذكره السيوطي في حاشية المغني.انتهى.


وقد ينسب أبو حيان بعض الأقوال لسيبويه ويكون مخطئا في نقله عن سيبويه أو غير مدرك لمعناه وتوجيهه.

ولعلي أسرد بعض النقولات التي تدل على ذلك للفائدة:

في كتاب نزع الخافض في الدرس النحوي (ص: 363)
ذهب أبو حيان في ارتشاف الضرب : 3/51-52 بعد أَنْ صحَّحَ ما نسب إلى الخليل إلى أن سيبويه لم يصرِّح بمذهبٍ لأنه لما أن ذكر قول الخليل قال : " ولو قال إنسان إن الموضع جر لكان قولاً قوياً ، كذا قال أبو حيان ، وليس ما ذهب إليه بوجيه ، لأن عادة سيبويه أنه لا يتعقب شيخه بقولٍ لنفسه في مقام الاجتهاد ، لا في مقام النقل عن العرب ، حتى قيل : إنه إذا قال بعد حكايته قول الخليل : وقال غيره ، فإنه يعني نفسه .
وتجويز سيبويه الوجهين هو ما فهمه الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : 2/286 ، والأعلم الشنتمري في النكت : 2/769 ، وابن هشام في تخليص الشواهد : 51 ، وابن عقيل في شرح الألفية : 1/409 ، وخالد الأزهري في شرح التصريح : 1/313 . .
وقد وُصِفَ القولُ بالجر بأنه قولُ قومٍ يُرتضَى علمُهم من رؤساء النحويين$%& ينظر : معاني القرآن وإعرابه : 5/227 ، وتذكرة النحاة : 584 .

وفي مغني اللبيب عن كتب الأعاريب (ص: 630)
وأما ما نقله أبو حيان عن سيبويه فغلط عليه وإنما قال واعلم أنه لا يجوز من عبد الله وهذا زيد الرجلين الصالحين رفعت أو نصبت لأنك لا تثني إلا على من أثبته وعلمته ولا يجوز أن تخلط من تعلم ومن لا تعلم فتجعلهما بمنزلة واحدة وقال الصفار لما منعها سيبويه من جهة النعت علم أن زوال النعت يصححها فتصرف أبو حيان في كلام الصفار فوهم فيه ولا حجة فيما ذكر الصفار إذ قد يكون للشيء مانعان ويقتصر على ذكر أحدهما لأنه الذي اقتضاه المقام والله أعلم.

وجاء في كتاب المسائل النحوية والصرفية في شرح أبي العلاء المعري على ديوان ابن أبي حصينة (ص: 182):
وأجازه أبو حيان , و نسب إلى سيبويه الجواز , قال : " قال سيبويه : لو قلت : هل تضرب أو تقتل ) , أو( هل تضرب أم تقتل ) لكان واحداً " .
لكن الذي في الكتاب لسيبويه بخلافه , وصواب عبارته : " وإن قلت : ( أزيداً تضرب أو تقتل ) ؟ كان كـ قولك:( أتقتل زيداً أو عمراً ) ؟ و( أم ) في كل هذا جيدة " . فعطف سيبويه في المثال بعد الهمزة , لا بعد ( هل ) , وهذا بخلاف ما نقله عنه ـ خطأًـ أبو حيان , بل إن سيبويه نص صراحة على أنه لا يجوز العطف بـ ( أم ) بعد ( هل) , فقال: " وتقول هل عندك شعيرٌ أو برٌ أو تمرٌ وهل تأتينا أو تحدثنا لا يكون إلا ذلك وذاك أن هل ليست بمنزلة ألف الاستفهام لأنك إذا قلت هل تضرب زيداً فلا يكون أن تدعي أن الضرب واقعٌ وقد تقول أتضرب زيداً وأنت تدعي أن الضرب واقعٌ , ومما يدلك على أن ألف الاستفهام ليست بمنزلة (هل) أنك تقول للرجل أطرباً وأنت تعلم أنه قد طرب لتوبخه وتقرره ولا تقول هذا بعد (هل)....

وفي كتاب تداخل الأصول اللغوية وأثره في بناء المعجم (1/ 112)
ونُسِبَ مثلُ هذا الرأي -أيضاً- إلى سيبويه، وذُكِرَ أنه كان يرى أن وزن (رَبْرَبَ) ونحوه (فَعَّلَ) أصله: رَبَّبَ؛ أبدلت باؤه الوسطى راءً من جنس الحرف الأول في الكلمة، وقد ذكر ذلك أبو حَيَّان، وتابعه معاصره ابنُ عقيل ، ولعله تأثر به. ولم أقف في كتاب سيبويه على مثل ذلك؛ بل وقفتُ على ضده؛ وهو أنه يجعل الكلمة رباعية؛ حيث يجعل (الزَّلْزَلَةَ) في باب (الفَعْلَلَة) ثم وجدتُه يقول في موضع آخر: "ولا نعلم في الكلام على مثال فعْلالٍ إلاَّ المضاعف من بنات الأربعة؛ الذي يكون الحرفان الآخران منه بمنزلة الأولين، وليس في حروفه زوائد".

وفي مقدمة المحقق هريدي لشرح الكافية الشافية (1/ 93)
وادعاء أبي حيان بأن الواضعين الأولين لعلم النحو، لم يستدلوا بالحديث ادعاء غير مبني على أساس سليم من الحقيقة والواقع.
ذلك أن سيبويه، وهو إمام أئمة البصريين ضمن كتابه بعض الأحاديث، وفي المقتضب للمبرد، وهو من أئمة البصرة -أيضًا- ثلاثة أحاديث.
والكسائي إمام الكوفيين استدل بالحديث، بل أفاض في ذلك عندما استدل بثلاثة أحاديث، هي قوله -صلى الله عليه وسلم: "فلا يقرب مسجدنا يؤذنا بريح الثوم"، وقوله:
"لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض". وقول أبي طلحة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا تشرف يصبك سهم" على مسألة واحدة هي جزم جواب النهي إذا سقطت الفاء.
واللغويون الأولون استشهدوا بالحديث، وممن أكثر من ذلك الأزهري صاحب "التهذيب" الذي كان كثيرًا ما يعمد إلى حديث من الأحاديث الشريفة، فيصدر به المادة، ويجعله مركزًا يدور حوله البحث. كما في مادة "نخ" الذي صدرها بقوله -صلى الله عليه وسلم: "ليس في النخة صدقة".
وادعاء أبي حيان بأن المتأخرين من نحاة الأقاليم، تابعوا المتقدمين في عدم الاحتجاج بالحديث إدعاء مردود بما تضمنته مؤلفات النحاة من أندلسيين، وغير أندلسيين من أحاديث.
فقد استدل بالحديث: الشريف الصقلي، والشريف الغرناطي، والسيرافي، والصفار في شروحهم لكتاب سيبويه.
واستدل بالحديث ابن عصفور في المقرب، وابن الحاج في شرح "المقرب"، وابن الخباز في شرح ألفية ابن معط، وأبو علي الشلوبين في "التوطئة".
ولم يخل كتابًا أبي حيان "التذييل والتكميل" و "إرتشاف الضرب" من الاستدلال بالحديث كما في بابي أفعل التفضيل، والصفة المشبهة.


وفي كتاب البحث اللغوي عند العرب (ص: 41)
وإذن فقد كان المتأخرون مخطئين فيما ادعوه من رفض القدماء الاستشهاد بالحديث، وكانوا واهمين حينما ظنوا أنهم هم أيضًا برفضهم الاستشهاد بالحديث إنما يتأثرون خطاهم وينهجون نهجهم. ونحن نحمل ابن الضائع وأبا حيان تبعة شيوع هذه القضية الخاطئة، فهما أول من روج لها ونادى بها، وعنهما أخذها العلماء دون تمحيص أو تحقيق، ثقة في حكمها أو تخففًا من البحث وركونًا إلى الراحة والتماسًا لأيسر السبل.

وفيحاشية تحقيق شرح الكافية الشافية لعبدالمنعم هريدي (1/ 451)

193- 194- ورد هذا الرجز في ذيل ديوان رؤبة بن العجاج مما وجده ناشره في الكتب منسوبًا إليه ص 185.
قال أبو حيان: هذا البيت مجهول لم ينسبه أحد من الشراح إلى قائله، فسقط الاحتجاج به وكذلك قال عبد الواحد في كتابه "بغية الأمل ومنية السائل".
ولو كان الأمر كما زعما لسقط الاحتجاج بخمسين بيتا من كتاب سيبويه.

فالحاص أن أبا حيان رحمه الله من العلماء الأجلاء في النحو ، ولكن غضبه من الكلام الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما كان ينبغيه له، فلو أن أحدا قال عن كلامه في النحاة البصريين (لسنا متعبدين بقول نحاة البصرة ) أنه أشد بكثير مما نقل من كلام ابن تيمية عن سيبويه لما أبعد.
وليس القصد مما سبق الغض من على أبي حيان رحمه الله أو التنقص منه، وإنما القصد من ذلك أن النقاش في مسائل العلم ومدارستها لاينبغي أن يحصل منه هجر وطعن ونحو ذلك مما يكدر الصفو.
نسأل الله التوفيق واسداد، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .