المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نشأة القراءات المتواترة ومعناها ونزولها وحكمتها وغاياتها



أهــل الحـديث
20-01-2012, 10:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



http://up.2sw2r.com/upfiles/3c794731.gif



القرءان في الأصل اللغوي : جمع قراءة وهي مصدر قرأ، يقال : قرأ فلان، يقرأ قراءةً وقرآناً، بمعنى تلا، فهو قارئ(انظر : المغني في توجيه القراءات العشر المتواترة، الدكتور محمد سالم محيسن، ج1، ص : 45، ط3، دار الجيل، 1413 ﻫ – 1993م. بيروت.).


وقرأ الشيء قراءةً وقرآناً:تتبع كلماته ونطق بألفاظه عن نظر أو عن حفظ،فهو قارئ(انظر : معجم الألفاظ والأعلام القرآنية، لمحمد إسماعيل إبراهيم، ص : 419، ط دار الفكر العربي، 1418 ﻫ – 1998م، مدينة النصر – القاهرة.).


وجرى إطلاق السلف لفظة "قراءة" للتعبير عن صنيع القراء في أداء نصِّ القرءان المجيد"( القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية، للدكتور محمد الحبش، ص : 32، ط1. دار الفكر، 1419 ﻫ – 1999م. بيروت – دمشق.) بحيث إذا أضيفت كلمة "قراءة" إلى واحدٍ من أعلام القراءة، تدل على منهج معِّينٍ لهذا القارئ في التلقي والأداء أو في فرش(الفرش بمعنى البسط ، والفرش في القراءات يراد به الكلمات القرآنية وكيفية تلاوتها في اختيار كل قارئ) بعض الحروف وأصولها(الأصول في القراءات، هي قواعد القراءة لكل قارئ، كمقدار المد والإمالة والتحقيق والتسهيل وغيرها.).


وقد اشتهر من الصحابة قراء كثيرون، فكان يقال على سبيل المثال: قراءة ابن مسعود، وقراءة أبي بن كعب، وقراءة زيد بن ثابت، وقراءة أم سلمة…إلخ.


ولم تكن تلك القراءات تؤدي المعنى نفسه الذي أصبحت تؤديه فيما بعد، إذا لم يكن لكل صحابيٍّ أصول فرش ينفرد به عن غيره(القراءات المتواترة وأثرها ، محمد الحبش، ص:33.).


القراءاتُ في الأصلِ الشَّرعِي : إذا أردنا تعريف القراءات من الأصل الشرعيِّ، فإن أقدم النصوص التي أشارت إلى تسمية الاختيار في التلاوة قراءةً هي ذلك الحديث المشهور المرويُّ في الكتب الصحاح، ونصهُ:


عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال : ( سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلَاةِ فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ فَلَبَبْتُهُ بِرِدَائِهِ(أي : أخذته بردائه وجمعته عند صدره، ونحره، مأخوذ من اللبة وهي المنحر.) فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ كَذَبْتَ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا فَقَالَ أَرْسِلْهُ اقْرَأْ يَا هِشَامُ فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَأْ يَا عُمَرُ فَقَرَأْتُ الَّتِي أَقْرَأَنِي فَقَالَ كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ.) صحيح البخاري بشرح فتح الباري العسقلاني ـ كتاب فضائل القرآن ، رقم الحديث، 1992، وقد أخرجه مسلم في صحيحه ( رقم الحديث : 818) واللفظ هنا للبخاري، والحديث مشهور وله روايات كثيرة، وقد أخرجه مسلم في صحيحه : (انظر : مختصر صحيح البخاري للإمام الزبيدي، كتاب فضائل القرآن، ص : 445، والخصومات، ص : 254.).


وعليه فإن هذا النص النبوي دال على الأصل الشرعي لكلمة "قرأة" بلا ريب، فالقراءات المتواترة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعناها الاصطلاحي هي اختلاف ألفاظ الوحي القرآنيَّ في الحروف وكيفيتها وفق الأوجه السبعة ( ولم أقل : " الأحرف السبعة") التي أنزل عليها القرآن الكريم، والتي لابد فيها من التلقي والمشافهة، لأن القراءات أشياء لا تحكم إلا بالسماع والمشافهة(انظر : المغني محمد سالم محيسن ج1، ص : 46، نقلا عن. كتاب : لمحات في علوم القرآن، لمحمد علي الضباع، ص 157، ط بيروت، 1974م.).


مدى الارتباط بين القرءان والقراءات المتواترة


من خلال العرض السابق لتعريف القرءان والقراءات من الأصل اللغوي والشرعي، يتضح مدى الارتباط العضوي بين القرءان والقراءات المتواترة، والمناسبة بينهما واضحة جليًّة.


ومن هذه النافذة سوف أسرد لكم بعض الآراء حول حقيقة القرءان والقراءات؛ هل هما حقيقتان متغايرتان أو بمعنى واحد؟.