المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [تفريغ] شرح طرفة الطرف في علم المصطلح للشيخ عبد الباري بن العلامة حماد الأنصاري - حفظه الله - (1)



أهــل الحـديث
20-01-2012, 02:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
وبعد :
نبدأ في هذه الليلة بالقراءة في منظومة ألقاب الحديث للعلامة محمد العربي المغربي الفاسي ، إقرأ ..


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى لله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد :
فقد قال العلامة محمد العربي الفاسي رحمنا الله وإياه وشيخنا وجميع المسلمين :


حمدا لمن نزل أحسن الحديث وصواته تَسُحُّ لا تَريث
على الرسول المصطفى وآله وصحبه وناقلي أقوالــه
وقد أشار بعض أعيان الورى بنظم ألقاب الحديث دررا
فما ألوت في ابتدار ما قصد جهد مقل جاد بالذي وجد
مقتصرا فيه على الألــقاب والله أستهدي إلى الصواب
المتن ما روي قولا ونُـــقِل والسند الذي له به وُصِل
ثم الصحيح عندهم ما اتصلا بنقل عدل ضبطه قد كملا
إلى النهاية بلا تعليــــل ولا شذوذ فاعن بالتحصيل
والحسن الذي الشروط استوفى إلا كمال الضبط فهو خـــفا


هذه المنظومة التي بين أيدينا في علم مصطلح الحديث ، وعلم مصطلح الحديث علم يعرف به أحوال الراوي والمروي ، وهو من علوم الآلة المهمة لطالب الحديث ، وثمرة هذا العلم أهم ثمرة لهذا العلم هي معرفة المقبول والمردود من الأحاديث ، فأنت يا طالب العلم لا تستطيع أن تميز بين الحديث الصحيح والحديث الضعيف وتصل إلى الحكم في ذلك إلا بعد دراسة هذا العلم ، بعد دراسة علم مصطلح الحديث ، ويسمى كذلك بعلوم الحديث .
فإذا درست هذا العلم وتعمقت فيه أمكنك بإذن الله تعالى أن تميز بين الصحيح والسقيم ، بين المقبول والمردود ، بين الثابت وغير الثابت ، فهذه أهم ثمرة من ثمار هذا العلم وكفى بها ثمرة .

أما هذه المنظومة التي بين أيدينا وقلنا إنها لمحمد العربي المغربي توفي سنة ألف واثنتين وخمسين للهجرة ، وذكر في مطلعها أنه يقتصر فيها على ذكر ألقاب الحديث أي الأنواع المهمة ، أسماء الأنواع المهمة من مصطلح الحديث مع تعاريفها ، فهي منظومة مختصرة تشبه المنظومة الشهيرة التي تسمى بالمظومة البيقونية ، والمنظومة البيقونية مشهورة ودُرِّست مرارا في دروس علمية كثيرة ، لكن هذه المنظومة التي بين أيدينا تتميز عنها في بعض أبياتها بدقة تعاريفها ، وفيما أحسِب أن الناظم أستفاد أو حاول أن ينظم ما تظمنته نخبة الفكر للحافظ ابن حجر حاول أن ينظم منها تعاريف الأسماء المهمة والأنواع المهمة في هذا العلم ، فلذلك جاءت تعاريفه تميل إلى الدقة في غالب أحيانها .


" مقدمة الناظم وفيها سبب نظمه لهذه المنظومة "

يقول في مقدمة هذه المنظومة :
حمدا لمن نزل أحسن الحديث وصواته تَسُحُّ لا تَريث

لا نتطرق هنا إلى شرح الحمد والصلاة فلعلها شُرِحت في دروس أخرى ، ويتكرر ذلك مرارا فلا نحتاج إلى تقرير ما هو معلوم ، لكن هنا الناظم اقتبس في قوله :
حمدا لمن نزَّل أحسن الحديث ............................
الحديث هو كتاب الله عزوجل ، والذي أنزله هو الله سبحانه وتعالى فهو يحمده ، واقتبس هذا من الآية : -(اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)- [الزمر/23] آية سورة الزمر .
............................ وصواته تَسُحُّ لا تَريث
(تَسُحُّ) : سَحَّ المطر بمعنى سال ، وسح هذا الفعل على وزن مد فلذلك مضارعه تَسُحُّ .
(تَسُحُّ لا تَريث) : أي أن صلوات الله عزوجل تهطل على نبيه صلى الله عليه وسلم ولا تبطئ لا تريث أي لا تُبطئ .

على الرسول المصطفى وآله وصحبه وناقلي أقواله
وقد أشار بعض أعيان الورى .....................
يشير إلى السبب الذي ألف أو نظم هذه المنظومة من أجلها ، يشير في قوله :
وقد أشار بعض أعيان الورى بنظم ألقاب الحديث دررا
إلى السبب في نظم هذه المنظومة وهو أن بعض الأعيان ولعله من أهل العلم أو من الوجهاء أشار إليه أن ينظم له الألقاب والأسماء والأنواع المهمة من علوم الحديث .


...................... بنظم ألقاب الحديث دُررا
الدرر جمع الدرة التي هي الجوهرة ، فالنظم يشبهون النظم بمن يأتي إلى درر منتثرة ثم تثقب من وسطها ثم تسلك في سلك واحد ، هذا هو النظم والناظم كذلك يفعل ، يأتي إلى كلام منثور ثم يجعله منظوما في سلك واحد .
فما ألوت في ابتدار ما قصد ...........................
(ما ألوت) أي ما قَصَّرت لم أُقَصر في (ابتدار) في الإسراع ، البدار هو السرعة ، في ابتدار ما قصد أي ما حثني عليه وطلبه مني .
........................... جهد مقل جاد بالذي وجد
إن كان القارئ يقرأ (جُهد) ويقرأ (جَهد) وإن كان يعني يبدو لي (جُهد) لعلها أنسب لكن اللغويين قالوا : يقال جُهد المُقِلِّ ويقال جَهد المُقِلِّ ، وفي القرآن الكريم في سورة براءة : -(الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ )- [التوبة/79] قراءة حفص -(جُهْدَهُمْ)- وهنا كذلك نقرأ .
........................... جهد مقل جاد بالذي وجد
يعني هنا يتواضع الناظم يقول : أنا ما عندي من العلم قليل وطلب مني هذا الطالب هذا المطلب فَأَبدُلُهُ له مع قلة ما عندي جُهد المقل .

مقتصرا فيه على الألقاب ....................
أي أنه يكتفي فقط بالأنواع وأسماء علوم الحديث المشهورة ويعرفها .

......................... والله أستهدي إلى الصواب
يسأل الله عزوجل أن يهديه إلى الصواب ، (أستهدي) هنا هذا الألف والسن والتاء تفيد الطلب ، (أستهدي) أي أطلب الهدى . بعد هذه المقدمة دخل في المقصود .


" موضوع علم المصطلح "

موضوع هذا العلم وهو علم المصطلح يتعلم في غالبه إن لم نقل في كله بالمتن والسند ، فلذلك أول ما بدأ بدأ بتعريف المتن وتعريف السند لأن هذا العلم يتعلق بهذين المصطلحين تعلقا كبيرا ، فقال :
المتن ما روي قولا ونُقِل والسند الذي له به وُصِل
فيُعَرفُ المتن ويُعَرفُ السند .


" تعريف المتن لغة واصطلاحا "
1- لغة :
قبل أن ندخل في التعريف الإصطلاحي المتن من حيث اللغة قالوا : ما ارتفع وصَلُبَ من الأرض ، المتن هو :ما ارتفع وصَلُبَ من الأرض هذا في اللغة .
2- اصطلاحا :
أما في الاصطلاح فعرفها الناظم وقال : هو ما رُوِيَ ونُقِل ، وهذا تعريف صحيح لكن بإمكانك أن تأتي بالتعريف بعبارات متعددة تدل على معنى واحد ، فالشيء الذي يروى بالسند وينقل بالسند يسمى متنا .
الإمام البخاري رحمه الله مثلا في حديث اليوم ([1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn1)) [ إنما الأعمال بالنيات ] يقول : حدثني الحُميدي قال : حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد قال أخبرني محمد بن ابراهيم التيمي قال سمعت علقمة بن وقاص قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب على المنبر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ إنما الأعمال بالنيات ] .
فهنا الذي نُقِل إلينا وروي هو قول النبي صلى الله عليه وسلم إيش ؟ [ إنما الأعمال بالنيات ] ، وهذا الذي نُقِل وروي يسمى ماذا ؟ متنا يسمى متنا .
بالإمكان أن يقال مثلا تعريف آخر يقال : المتن هو ما ينتهي إليه السند من الكلام هذا تعريف آخر وهو قريب من التعريف السابق .
فالإسناد الذي مر للإمام البخاري من الحُميدي إلى عمر رضي الله عنه ثم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : [ إنما الأعمال بالنيات ] انتهى السند إلى سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول هنا نهاية السند ، ما بعده من الكلام يسمى متنا ، ما انتهى إليه السند من الكلام ، ما ينتهي إليه السند من الكلام يسمى متنا .


" صلة المعنى اللغوي للمتن بالمعنى الاصطلاحي "

أما صلة المعنى اللغوي بالمعنى الاصطلاحي ، قلنا المعنى اللغوي : المتن ما ارتفع وصلُب ، والمعنى الاصطلاحي : ما ينتهي إليه السند أو ما روي ونُقِلَ . ذكر أهل العلم أن الصلة بينهما والرابط بينهما والجامع هو أن المتن يتقوى ويشتد بالسند كما أن المكان المرتفع الصلب يسمى متنا ، أما حديث ليس له إسناد هذا ما فيه قوة ، ولذلك يقول العلماء هذا حديث ضعيف أواه أو لا سند له أو لا أصل له يقولون لا أصل له أي بمعنى لا سند له .

" تعريف السند لغة واصطلاحا "

هذا المتن ، بعد ذلك السند عرف السند قال :
.......................... والسند الذي له به وُصِل
1- اصطلاحا :
والسند الذي له بالمتن به وُصِل كأنه يقول : سلسلة الرجال التي يتصل بها إلينا المتن أو يصل بها إلينا المتن هذه تسمى سندا .
قلنا البخاري إيش يقول ؟ حدثني الحُميدي قال حدثنا سفيان قال حديثنا يحيى بن سعيد قال أخبرني التيمي قال سمعت لقمة قال سمعت عمر بهذا السند وصل إلينا هذا الحديث في صحيح البخاري ، ولذلك قال :
.......................... والسند الذي له به وُصِل
بإمكانك أيضا تقول كما مر قبل قليل : السند هو سلسلة الرجال الموصلة إلى المتن ،سلسلة الرجال الموصلة إلى المتن تسمى سندا وكذلك تسمى إسنادا ، تسمى سندا وتسمى إسنادا ، قول البخاري حدثنا الحُميدي إلى عمر رضي الله عنه هذا كله يسمى سندا وإسنادا لأن هؤلاء هم سلسلة الرجال التي وصل بها إلينا هذا المتن .

2- لغة :
هذا ما يتعلق بالسند في الاصطلاح وتركنا السند في اللغة والسند في اللغة له معاني منها :
- ما ارتفع من سفح الجبل ، ما ارتفع من سفح الجبل يسمى سندا .
- والمعتمد يسمى سندا.


" الجامع بين المعنيين اللغوي والاصطلاحي "

فالجامع بين المعنى اللغوي الاصطلاحي أن الراوي يرفع الإسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما أن السند في اللغة هو ما ارتفع من الأرض من سفح الجبل .
والمعنى الآخر المعتمد بأن إسناد الحديث هو الذي يُعتمدُ عليه في كثير من الأحوال على معرفة صحة الحديث من ضَعفه لذلك سُمِّي سندا .

" هل هناك فرق بين السند والإسناد "

قد يسأل سائل ويقول : ذكرت قبل قليل السند والإسناد فهل بينهما فرق أم لا ؟ هل هناك فرق بين السند والإسناد ؟
فالجواب عن ذلك أن الإسناد يأتي بمعنى السند فتقول إسناد حديث [ إنما الأعمال بالنيات ] هو كذا ، هو قول البخاري حدثنا الحُميدي ...
وقد يأتي الإسناد بمعنى آخر ويُعنَى به عزو الحديث إلى قائله يقال : أسند الراوي الحديث إسنادا أي عزاه إلى قائله كما لو تسأل الرجل مثلا يخبر بأمر لم يشاهده فتقول له : أسند لنا هذا الكلام أي أخبرنا بمن أخبرك حتى تصل إلى الذي شاهد ذلك الحدث ويتصل هذا الكلام لنا ، فمعنى الإسناد هنا معناه عزو الحديث إلى قائله .


" تعريف الحديث الصحيح "













بعد أن انتهى الناظم من ذكر المتن والسند اللذين هما مدار الكلام في هذه الأنواع ، انتقل إلى بيان أنواع الحديث ، فبدأ بالصحيح :
الصحيح في اللغة هو السالم من العيوب والآفات .
أما في الاصطلاح فعرفه الناظم فقال :
ثم الصحيح عندهم ما اتصلا بنقل عدل ضبطه قد كملا
إلى النهاية بلا تعليل ولا شذوذ فاعن بالتحصيل
فذكر في هذا التعريف خمسة شروط للحديث الصحيح :
- الشرط الأول : الاتصال في قوله ما اتصلا .
- والشرط الثاني : العدالة في قوله : بنقل عدل .
- والشرط الثالث : الضبط في قوله ضبطه
- والشرط الرابع : عدم العلة في قوله بلا تعليل
- والشرط الخامس عدم الشذوذ في قوله ولا شذوذ .
فهذه خمسة شروط للحديث الصحيح ومن أراد أن يدرس مصطلح الحديث ويعرفه لابد أن يحفظ هذه الشروط كما يحفظ الفاتحة وإلا لا يكون له علم بمصطلح الحديث ، الاتصال والعدالة والضبط وعدم الشذوذ وعدم العلة القادحة .
نعوذ إلى هذه الشروط شرطا شرطا :
- الشرط لول الاتصال : اتصال الإسناد ومعنى اتصال الأسناد أو اتصال السند أن يكون كل راوٍ في الإسناد قد سمع الحديث ممن فوقه هذا معنى الاتصال .
الحديث السابق حديث [ إنما الأعمال بالنيات ] نرجع إليه البخاري يقول : حدثني الحُميدي عبد الله بن الزبير معنى حدثني أي أنه سمع منه ، عبد الله بن الزبير يقول حدثنا سفيان بن عيينة ، سفيان بن عيينة يقول : حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري ،و يحيى بن سعيد يقول أخبرني محمد بن ابراهيم التيمي ، والتيمي يقول سمعت علقمة ، وعلقمة يقول : سمعت عمر رضي الله عنه ، وعمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فكل راوٍ هنا في الإسناد سمع من الذي فوقه ؛البخاري سمع من الحُميدي والحميدي من سفيان وسفيان من يحيى بن سعيد ويحيى بن سعيد من محمد بن ابراهيم ومحمد بن ابراهيم من علقمة وعلقمة من عمر وعمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهذا معنى الاتصال .

- الشرط الثاني : العدالة ، العدالة تعريفها : قالوا هي ملكة يتصف بها الراوي تحمله على السلامة من أسباب الفسق وخوارم المروءة .
ملكة أي صفة راسخة ، تحمله على السلامة من أسباب الفسق لا يعل شيئا يكون به فاسقا ، وخوارم المروءة كذلك لا يفعل شيئا يخرم مروءته ، والمروءة هي عادة تحمل على الاتصاف بمحاسن الأخلاق وجميل العادات ، أو صفة تحمل على الاتصاف بمحاسن الأخلاق وجميل العادات هذا معنى المروءة بحيث ان الشخص لا يفعل شيئا يخرم بها ، والمروءة يعني هذه درجة أكمل من العدالة .
يعني قبل أن نخوض في المروءة ونشرحها نرجع إلى العدالة ، العدالة لها خمسة شروط أو العدل يتصف بخمس صفات إذا اختل وصف منها اختلت عدالته ؛ وهي أن يكون مسلما بالغا عاقلا سالما من أسباب الفسق و سالما خوارم المروءة ، والمروءة هنا المكارم .
هذه الصفات الخمس التي ينبغي للعدل أن يتصف بها وإذا اختل شيء منها اختلت عدالته أن يكون مسلما بالغا اقلا خاليا من أسباب الفسق سالما من خوارم المروءة ؛ قلنا مسلما لماذا يشترط في العدل أن يكون مسلما ؟ لأن ليس بعد الكفر ذنب أكبر ذنب هو الكفر ، ومن كفر بالله عزوجل ليس من المستغرب أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم أن يكون إيش ؟ بالغا لأن من من لم يكن بالغ - الصبي - لا يعقل أن الكذب شيء يلزمه الانتهاء منه ، فلذلك لاتقبل رواية الصبي لأنه يحتمل أن يكذب لأنه غير مكلف .
عاقلا فالمجنون ليس بعدل لأنه يحتمل أن يفعل أي تصرف لفقدانه العقل .
وأن يكون سالما من أسباب الفسق أو خاليا من أسباب الفسق : الفسق أو الفاسق هو من عُرِف بارتكاب كبيرة أو الإصرار على صغيرة ، وتنبهوا لهذا القيد الذي ذكره العلماء قالوا : من عُرف لأن عادة الله عزوجل في الخلق أن يستره فإذا رجل سُتِر في ذنب ولو كان كبيرة ولم يعرف عنه ارتكابه لذلك الذنب فإن روايته تقبل ، [فـ]ـالفاسق هو من عُرِف بارتكاب كبيرة والكبائر معلومة أو معلوم كثير منها كالزنا وشرب الخمر وأكل الربا والسحر إلى غير ذلك من الكبائر المعروفة الواردة في حديث : [ اجتنبوا السبع الموبقات ] وكما يقول ابن عباس : هي إلى السبعين أقرب ، يعني هذا الحديث ليس المقصود به الحصر إنما ذكر أهمها وأشنعها .
قلنا الفاسق هو من عُرِف بارتكاب كبيرة أو الإصرار على صغيرة ، فمن أصر على صغيرة من الصغائر فهذا كذلك يطلق عليه أنه فاسق ولا تقبل روايته ، والصغيرة هي ما دون الكبيرة فالأفعال التي لم ينص في كتاب الله عزوجل ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يشار إلى كونها كبيرة ولم يذكرها أهل العلم في الكبائر أو لا تشابه الكبائر التي نص عليها فهذه صغائر ، أهل العلم قالوا من ضابط الكبيرة أن يأتي فيها وعيد أو أن يقرر فيها حد هذا من ضوابط الكبائر .
وأن يكون قلنا بعد أن يكون خاليا من أسباب الفسق قلنا أن يكون سالما من خوارم المروءة : الخوارم أي القوادح التي تقدح في المروءة وأما المروءة فهي صفة تحمل على الاتصاف بمحاسن الأخلاق وجميل العادات ، فإذا اتصف الإنسان بمحاسن الأخلاق والعادات الجميلة فإنه يكون موصوفا بكونه صاحب مروءة .
خوارم المروءة كثير منها يتعلق بالعُرفِ ؛ كد يكون عند ناس شيء هذا خارم للمروءة وعند ناس آخرين لا يكون كذلك ، وجعلوا خوارم المروؤة من القوادح في العدالة قالوا : لأنه لو كان عنده صيانة لنفسه لما وقع في مثل هذه الأمور ، وضربوا لخوارم المروءة أمثلة يعني قالوا مثلا : - أكرمكم الله - يبول في الطريق قائما أمام الناس والناس يمرون ويذهبون لا يبحث عن مكان منزوٍ ، آه في السوق يفعل ذلك وفعله في الأساس يعني ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم بال قائما فعلى الجواز لكن هذا أمر يخرم المروءة أمام الناس يفعل ذلك .
يكثر من المزاح ويفرط فيه هذا عند أهل العلم يخرم المروءة يعني يكون يُكثر في المزاح ويفرط لا نقول يمزح لكن يفرط فيه ويكثر ، وضربوا لذلك أمثلة كثيرة منها ما ذكرته قبل قليل .
فهذه هي شروط الدالة خمسة شروط .


بعد ذلك ننتقل إلى الضبط ، أما الضبط فالضبط عند أهل العلم نوعان :
- ضبط صدر .
- وضبط كتاب .
أما ضبط الصدر فيقصد به أن يحفظ الراوي حديثه بحيث يمكنه استحضاره متى شاء ، ييحفظ الراوي الحديث في ذاكرته بحيث يمكنه استحاره متى شاء هذا ضبط الصدر ، وكأنهم قالوا ضبط الصدر لأن القلب الذي هو مكان المحفوظات كما يقول كثير من أهل العلم في الصدر ولذلك قالوا ضبط صدر .
النوع الثاني : ضبط كتاب : معنى ضبط كتاب أن يصون الراوي كتابه من حين سَمع فيه إلى أن يروي منه .
فليس كل الرواة يحفظون حفظ صدر ، بل بعض الرواة يحفظون حفظ كتاب ؛ يحضر عند الشيخ والشيخ يحدث والطالب يكتب ما يحدث به عن الشيخ .
ضبط الكتاب بالنسبة لهذا الطالب أنه يصون هذا الكتاب يحفظه عنده بحيث لا تتمتد إليه يد غيره فتغير فيه تزيد أو تنقص ، إلى أن يروي منه إذا روى منه ولم يحتج إليه بعد ذلك فلا حرج عليه في أن يفعل به ما يشاء لأن ضبط الصدر هذا شرطه أن يصون كتابه أي أن يحفظه من حين سمع فيه إلى أن يروي منه . هذا ا يتعلق بالضبط .

- الشرط الرابع : عدم العلة وتلاحظون أن الشروط الثلاثة التي تقدمت شروط وجودية بمعنى أنها يشترط أن توجد في السند ؛ يشترط أن توجد العدالة ، يشترط أن يوجد الاتصال ، يشترط أن يوجد الضبط .
أما الشرطان الآتيان وهما عدم العلة وعدم الشذوذ شرطان سلبيان يشترط عدم وجودهما فهذا الفرق بين الشروط الثلاثة الأولى والشرطين الآخرين .
الشرط الرابع قلنا عدم العلة ، والعلة هي سبب خفي قادح ، ولعله يأتينا نوع المُعَلِّ فعند ذلك نبين إن شاء الله ما تيسر ، فيشترط ألا يوجد هذا السبب الخفي القادح في الإسناد .

ولا شذوذ : يشترط في الحيدث الصحيح عدم الشذوذ ، والشذوذ مخالفة الراوي لمن هو أوثق منه ، ويمكن أن يقال : مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه ، وللشذوذ تعريف آخر سيأتينا إن شاء الله عند مبحث الشاذ .
هذه هي الشروط الخمسة التي تشترط في الحديث الصحيح ، وكل شرط منها له محترزات متعددة ، فلا أدري هل يمكننا البدء في ذكرها أم لا ؟
فنقف هنا ونكمل إن شاء الله في يوم غد بإذن الله تعالى وصلى الله وسلم على نبينا حمد وعلى آله وصحبه ...

-*****************-

بسم لله الرحمن الرحيم
* هذا سؤال من الأحساء عبر الشبكة يقول : هل الشذوذ في الحديث يتعلق بالمتن فقط أم يتعلق بالإسناد ؟ وهل هناك مثال على الشذوذ في السند ؟
- الشذوذ يتعلق بالإسناد ويتعلق كذلك بالمتن ، فالشذوذ يكون في الإسناد ويكون في المتن ، يعين ذكرنا الآن قبل قليل أن الشذوذ معناه المخالفة ، فالمخالفة يمكن أن تكون في السند ويمكن أن تكون في المتن وسيأتي إن شاء الله تعالى في الشاذ كنوع مفرد وهناك إذا أمكن التفصيل نفصل بإذن الله تعالى .
* يقول : هل هناك ثال على الشذوذ في السند ؟
- سيأتي إن شاء الله .
* وسؤال من الكويت يقول : هل الأصل في الحيدث الضعف حتى تتبين صحته ؟ أم الصحة حتى يتبين ضعفه ؟
- هو الأصل في وقفنا من الحديث إذا بلغنا حيدث أن نتوقف فيه حتى نعلم هل هو صحيح هل هو ضعيف ، يعني لا نقول إن الأصل فيه أنه ضعيف حتى يصح ولا نقول الأصل أنه صحيح حتى يضعف لا ، الأصل أنا إذا كنا لا نعرف صحة حديث أو ضعفه نتوقف في حاله حتى يتبن ذلك ، إما أن يكون الشخص مؤهلا للمعرفة ويستطيع أن يعرف وإما أن يسأل أهل العلم الذين يستطيعون تمييز الحيدث الصحيح من الحيدث الضعيف .
* سؤال من الأحساء يقول : فضيلة الشيخ لو تفرغ شخص ما للتبحر في علم المصطلح قراءة ودراسة واطلاعا وتباحثا مع المختصين مع سماع أشرطة شروح كتب المصطلح حتى كانت له قدرة في التمييز بين الرجال ، فهل له أن يثق بحكمه في معرفة درجة لأحاديث ثم بناء أحكام على ذلك مع إطلاع ودراسة للقه وأصوله ؟
- معرفة صحة الحديث من ضعفه لا تقتصر على معرفة المصطلح فهناك علوم هي فروع من علم المصطلح لكنها صارت علوما مفردة فلابد أيضا أن يدرسها بتعمق ، فمعرفة التصحيح أو القدرة على التصحيح و التضعيف من مفاتيحها علم مصطلح الحديث من المفاتسح لكن يتاج مع ذلك إلى علوم أخرى كثيرة حتى يصل إلى هذه الدرجة ، يعني مثلا علم الجرح والتعديل هذا علم داخل تحت المصطلح لكنه علم لسعته صار علما مفردا فلابد أن يعلمه ، علم الرجال علم طبقاتهم تواريخهم .. هذه علوم لها كتب مفردة مصنفة فيها فلابد أن يعلمها ويعلم كيفية الاستفادة من الكتب التي أُلِفت فيها حتى يعرف صحة الحديث من ضعفه ، وهناك علوم كثيرة تلزمه دراستها من أجل أن يصل إلى هذه المكانة ، لايمكن باقتصاره على مصطلح الحديث فقط أن يبلغ درجة أهل التصحيح والتضعيف إلى آخره ، بل لابد من دراسة علوم عديدة منها علم المصطلح .
* يقول السائل : ما هو الخلافي قبول أو رد رواية المبتد وما الرجح في ذلك ؟
- هذا يعني ما فصلنا فيه مع أن هذا سيأتينا غذا ، والسبب ي عدم ذكره أنه سيأتينا غذا في المحترزات فإذا جاء غدا إن شاء الله يسأل عن هذا السؤال ، يأتينا في محترزات العدالة قالوا : المبتدع إذا جاء إن شاء الله وأمكن الكلام نتكلم بإذن الله تعالى .
* يقول : ما هي أشهر كتب الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله تعالى ؟
- الوالد عليه رحمة الله عنده مصنفات متعددة في علوم متعددة : في العقيدة في الحديث في الرجال في المصطلح يعني نذكر منها مثلا في مصطلح الحديث له رسالة ...[ انقطاع ] في الحديث له رسائل عديدة يعني يضيق المقام في ذكرها فهذا الأخ إذا كان من الحاضرين يمكن يعني على انفراد أذكر له بعض ما طبع وإذا كان من الآخرين المتصلين بالشبكة يمكن بالمراسلة نفيده في ذلك إن شاء الله .
* يقول السائل : قال الناظم :
المتن ما رُوِيَ قولا ونُقِل ........................
فلم يدخل معه الوصف الخَلقي والخُلُقي ولا الإقرار بالتبسم ، فهذا قد يكون التعريف قاصرا فما قولكم ؟
- هذه القيود التي ذكرها السائل ليست في تعريف المتن ، هذه في تعريف الحديث ، الحديث هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقية أو خُلُقية ، فهذا السؤال يرد هنا أما في المتن لا علاقة بالمتن لأن المتن قد لا يكون مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قد يكون أثر عن الصحابة أو عن التابعين أما هذه القيود في تعريف الحديث ، وأنا لم أذكره لأن الناظم لم يتعرض لتعريف الحديث .
* يقول السائل : لماذا يا فضيلة الشيخ لم يروِ الإمام البخاري عن الإمام أحمد بن حنبل رحمهم الله ؟
- هو سؤال المشهور : لماذا لم يرو البخاري عن مثلا الإمام الشافعي ؟ الإمام البخاري أدرك بعض مشايخ الإمام أحمد فاشترك معه في بعض مشايخه ، فأهل الحديث عندهم سنة يمشون عليها وهي العلو في رواية الحديث ، فإذا وجد الحديث مثلا من طريق الإمام أحمد بإسناد نازل فإنه لا يرويه مادام يوجد عنده إسناد عالٍ ، وكما يقال في الإمام أحمد وهذا يحتاج إلى تأكذ هل الإمام البخاري لم يرو عن الإمام أحمد مطلقا في الصحيح ولا في غيره يحاج إلى تأكذ وهذه معلومة أنا لست متأكذا منها لأن الإمام أحمد شيخ كثير من أصحاب الكتب الستة كأبي داود والترمذي وغيرهما ، لكن الشاهد لو أن البخاري لم يروِ عن الإمام أحمد فهذا هو الجواب أن مقصدهم العلو لأنه يجد هذه الأحاديث التي يرويها عن الإمام أحمد بواسطة الإمام أحمد يجدها من طريق مشايخ هم في مرتبة الإمام أحمد من عدد رواة الإسناد فهم يفضلون العلو على النزول .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ...


والحسن الذي الشروط استوفى إلا كمال الضبط فهو خفا





([1]) – ذلك أن الشيخ – حفظه الله – كان يشرح متن الأربعين النووية فبدأ بأول حديث فيه وهو حديث عمر المشهور [ إنما لأعمال بالنيات ] .