تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بدون لا وياليييييييييييييييت



عسل الجنوب
26-02-2005, 07:37 PM
أهم عوامل القلق الذي يفقد الإنسان سكينة النفس وأمنها ورضاها هو تحسره على الماضي وسخطه على الحاضر، وخوفه من المستقبل.


إن بعض الناس تنـزل به النازلة من مصائب الدهر، فيظل فيها شهوراً وأعواماً، يجتر آلامها ويستعيد ذكرياتها القاتمة، متحسراً تارة، متمنياً أخرى. شعاره: ليتني فعلت، وليتني تركت، لو أنى فعلت كذا لكان كذا، وقديماً قال الشاعر:
ليت شعري، وأين مني "ليت"؟
إن "ليتا" وان "لوا" .. عناء

ولذا ينصح الأطباء النفسيون، والمرشدون الاجتماعيون، ورجال التربية، ورجال العمل، أن ينسى الإنسان آلام أمسه، ويعيش في واقع يومه، فإن الماضي بعد أن ولى لا يعود.
ما مضى فات، والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها

وقد صور هذا أحد المحاضرين بإحدى الجامعات بأمريكا تصويراً بديعاً لطلبته حين سألهم: كم منكم مارس نشر الخشب؟ فرفع كثير من الطلبة أصابعهم، فعاد يسألهم: وكم منكم مارس نشر نشارة الخشب؟ فلم يرفع أحد منهم إصبعه، وعندئذ قال المحاضر: بالطبع لا يمكن لأحد أن ينشر نشارة الخشب، فهي منشورة فعلاً .. وكذاك الحال مع الماضي: فعندما ينتابكم القلق لأمور حدثت في الماضي، فاعلموا أنكم تمارسون نشر النشارة!!

وقد نقل هذا التصوير «ديل كارنيجي» كما نقل قول بعضهم: لقد وجدت أن القلق على الماضي لا يجدي شيئاً تماماً كما لا يجديك أن تطحن الطحين، ولا أن تنشر النشارة، وكل ما يجديك إياه القلق هو أن يرسم التجاعيد على وجهك، أو تصيبك بقرحة في المعدة .
ولكن الضعف الإنساني يغلب على الكثيرين، فيجعلهم يطحنون المطحون ويبكون على أمس الذاهب، ويعضون على أيديهم أسفاً على ما فات، ويقلبون أكفهم حسرة على ما مضى.
وأبعد الناس عن الاستسلام لمثل هذه المشاعر الأليمة، والأفكار الداجية هو المؤمن الذي قوي يقينه بربه، وآمن بقضائه وقدره، فلا يسلم نفسه فريسة للماضي وأحداثه، بل يعتقد أنه أمر قضاه الله كان لابد أن ينفذ، وما أصابه من قضاء الله لا يقابل بغير الرضى والتسليم، ثم يقول ما قال الشاعر:



سبقت مقادير الإله وحكمه فأرح فؤادك من "لعل" ومن "لو"

وقول الآخر:
ولست براجع ما فات مني
بلهف ولا بليت ولا لو أني
إنه لا يقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن يقول: قدر الله وما شاء فعل، فإن "لو" تفتح عمل الشيطان (رواه مسلم) كما علمه الرسول صلى الله عليه وسلم.
إنه يوقن أن قدر الله نافذ لا محالة، فلم السخط؟ ولم الضيق والتبرم؟ والله تعالى يقول: (مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (الحديد: 22، 23).
وفي غزوة أحد التي قتل فيها سبعون من المسلمين، نعى القرآن على طائفة من المنافقين ومرضى القلوب، وضعاف الإيمان، عاشوا بين "لو" المتندمة و"ليت" المتحسرة، فيقول: (وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ) (آل عمران: 154).
ويرد على(أولئك الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (آل عمران: 168).

المؤمن لا يقف موقف هؤلاء المنافقين، ولا موقف إخوانهم من الكفار الذين نهى القرآن عن التشبه بهم في تحسراتهم الأسيفة، وتمنياتهم الحزينة (يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ* وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ) (آل عمران: 156 - 158).
إن شعار المؤمن دائماً: "قدر الله وما شاء فعل .. الحمد لله على كل حال" وبهذا لا يأسى على ما فات، ولا يحيا في خضم أليم من الذكريات، وحسبه أن يتلوا قوله تعالى: (مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (التغابن: 11) وهذا يسبغ عليه أيضاً نعمة الرضا

أمل عبدالعزيز
26-02-2005, 10:42 PM
0
0
0
أختي الحبيبة عسل المنتدى

في الحقيقة الحسرة على مافات والندم على ماهو آت إنما هو من أسوأ الصفات على الإطلاق ...

إذ أنه من المفترض على المرء أولاً التسليم لله بكل ماقد حصل...

ثمَّ السيرُ قُدُماً ولكن بنظرةٍ يملؤها الأمل....

ومابين هذا وهذا يكون مايسمى بالأماني ..

وقد قال الشاعر:

ومانيلُ المطالبُ بالتمني,,, ولكن تؤخذُ الدنيا غلاباً

وفي الوقت ذاته لابد أن يعرف المرء أن الدين ينهى عن كلمة لو وياليت .. لأنها من عمل الشيطان كي يزيد المؤمن حسرة واعتراضاً على قدر الله ...

ولذا

كي تكون حياتنا مشرقة مملوءة بالجدية فهي بالفعل تحتاج لوقفة صادقة مع الذات وعدم النظر للخلف ....

تحياتي لكِ ياغاليتي ..........

م.عبدالله
27-02-2005, 10:15 PM
اولا احييك اختي عسل الجنوب على الموضوع الجميل واسمحيلي بتثبيته..


انا اختلف مع الاخت الرهيبه في نقطه ..

الندم مفيد ومفيد جدا..

ومن شروط التوبه الصادقه الندم..

فالندم على الامر يجعلك لا تقع في نفس الشيء مر اخرى.. وتكرار تذكرك لمرارة الندم الذي وقعت فيع قد تكون رادعا قويا لعودتك لتكرار نفس الخطأ سواء الديني او الدنيوي..

تقبلي تحياتي اختي عسل الجنوب وموضوع اكثر من رائع

اخوك النصاب

دجن
27-02-2005, 11:57 PM
الي عسل الجنوب يسعد ماسكم ويومكم
نس لي فات وعش يومك دنيا ماتستاهل ........عش مللك وموت فقير وبعد ي عن الحسرة وندامة ماتولد الاهم وغم

بـــشـــرى
28-02-2005, 02:18 PM
مشكورة اختي عسل الجنوب على الموضوع


ومثل ماقال أخي دجن الدنيا ما تستاهل


بس أختي الرهيبة صدق أخوي النصاب الندم مفيييييد




أختكم .. عاشقة العقيدة

السماهر سامي ساري
28-02-2005, 05:27 PM
الندم والتحسف على ما فات لا يقدم الحياة ولا يؤخرها سواء العودة الى الله عز وجل بالدعاء والاستغاثة والاستعانة به سبحانه وتعالى فو ما يفيد وينفع الف شكر على هالموضوع الرائع

عسل الجنوب
01-03-2005, 09:40 PM
الف شكر لكم ع مروركم وتعليقاتكم الرائعة
ودمتم

ناصر العبدالله
02-03-2005, 03:33 AM
أختي الغالية

عسل الجنوب

أسعد الله جميع أوقاتك بكل خير و مسرة

بصراحة ،، لن أضيف على ما قيل من قبل الأخوة

و لكن دائماً ما أقول ،،

أننا اليوم ،، نعيش ذكرى الأمس

ليكون مستقبلنا أفضل

و متى ما سيطرت الحسرات على ما مضى

فذالك سيؤرق اليوم ،، و يقتل الغد

و هذا مالا يجب ..

أسجل إعجابي بما كتبتِ

لا حرمنا الله تواصلكِ الجميل

و في رعاية الله دمتِ ،،،

شيخ اااالشباب
03-03-2005, 03:47 AM
أختي عسل الجنوب ,,

الندم .. قد يكون دافع خير :

إذا تعلمنا منه الأخطاء وعزمنا على عدم الرجوع فيها

وقد يكون دافع شر .. :

أذا جعلنا منه جدار يحبط معنوياتنا وينحدر بشموخنا

بكل تأكيد الأخطاء وارده

والدنيا مدرسه

ولكن

اين من يتعامل معها بفن ويتعلم منها

دمتي ,,

أخوك

عسل الجنوب
03-03-2005, 05:21 AM
إخواني الكرام اشكر لكم تواصلكم
إنا بالطبع لم أنادي بنسيان الماضي ولكن أنادي بنزع أثاره السيئة من حياتنا
دمتم في رعاية الله