المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يوجد دليل صريح على وجوب مفارقة من يتلبس بالمنكر صغيراً كان أو كبيراً.



أهــل الحـديث
17-01-2012, 07:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


قرأت فتاوى كثيرة عن مقاطعة مجالس الأقارب والوالدين بسبب الغيبة وبعض المنكرات والمعاصي الصغائر، والمراد بالغيبة هنا التي خرجت مخرج الهزل والسخرية والضحك، وليس فيها قذف أو اتهام بالباطل، بل تكون على سبيل الضحك البريء، كما يقول الناس.
واستنتجت التالي ما رأيكم فيه؟
إن الله عز وجل حرَم الغيبة، ومن حكمة التحريم قطع أسباب العداوة البغضاء والاختلاف بين المجتمع المسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلَم قال (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) فترك الغيبة وجميع المعاصي صغيرها وكبيرها واجب على المسلم، ولا يُحتج بعدم القدرة على ذلك؛ لأنه من جنس ترك المحظور. أما عدم استماع الغيبة والإنكار على الذي يغتاب وعدم الجلوس مع من يقع في بعض الصغائر غير المتعدية فهذا من جنس فعل المأمور المقيد بالقدرة وعدم المشقة مشقة غير طبيعية، وعدم تطور المنكر إلى ما هو أعظم منه كقطيعة الأرحام والتشاحن فيما بينهم. وإن الناظر لأحوال المسلمين عموماً يعلم يقيناً أن الناس تشرَبٌوا الغيبة وغيرها من صغائر الذنوب، وصار كثير منهم ينكر على من ينكر عليه، وأصبحت الغيبة فاكهة المجالس، وعمَت بها البلوى، وعسر التحرَز من استماعها لكثرة وقوعها، وخاصةً الغيبة التي تخرج بقالب الهزل، فلو قلنا إن استماع الغيبة في هذا الواقع قد يكون جائزاً في بعض الظروف، وفي نطاق ضيق مع بذل النصيحة بين الفينة والأخرى مثل صلة الأرحام ومجالسة الوالدين ونحوهما مع محاولة الإعراض بالقلب عن الغيبة قدر الاستطاعة على الاستحباب بسبب عسر التحرز منها- لأننا لو ألزمنا كل من استمع غيبة أو نحوها من أقاربه أن يفارق المجلس لما استطاع أحد أن يصل رحمه ويجالس والديه كما ينبغي، ولأننا لو أمرنا بذلك لحققنا بطريق غير مباشر علة تحريم الغيبة وهي القطيعة والتدابر، فلا نزيد الطين بلة كما يقال، وعدم الجلوس في مجلس فيه غيبة لا أعلم له دليلاُ صريحاً وقوله تعالى(وقد نزل عليكم أن إذا سمعتم ...الآية) وقوله (وإذا رأيت الذين يخوضون ...الآية) وقول المصطفى عليه الصلاة والسلام (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها خمر) لا يدل على مفارقة المنكر أياً كان فهناك من المنكرات ما هو من الصغائر ويعسر التحرز منها، وإلحاق مجالس الغيبة وغيرها بالآيات السالفة الذكر لا أعلم وجه الاستدلال فيه، فإن كان قياس موافقة مساو أو أولى، فمن الظلم إلحاق شهود مجالس الكفر بآيات الله والاستهزاء بها أو الجلوس على مائدة يدار عليها خمر بشهود مجلس الغيبة، ولو كان هذا الإلحاق في التأثيم فقط دون مرتبته، ولأن هذه المسألة ليست من النوازل، فإعراض الشارع عن النص على تحريمها قد يكون لعدم إحراج المسلمين، أو لما يترتب على ذلك من قطيعة وعدم القدرة على صلة الأرحام بضوابط أشبه ما تكون بتعجيزية ويغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها وما كان ربك نسياً.
وخلاصة الكلام إن وصلت أقاربك ومن له حق واجب في العشرة كالوالدين المشركين وجالستهم وأعرضت بقلبك قدر المستطاع عن استماع غيبتهم وأنكرت بين الفينة والأخرى بما لا يشق عليك فقد فعل الصالحون ذلك قبلك، وإن قاطعت مجالسهم حال تلبسهم بالمنكر فقد فعل الصالحون قبلك ذلك أيضاً.