المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ملف لمعة الاعتقاد سؤال وجواب / د نـاصر بن عبد الكريم العقل



أهــل الحـديث
16-01-2012, 02:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




شرح لمعة الاعتقاد للإمام ابن قدامه المقدسي
سؤال وجواب
شرح فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور
نـاصر بن عبد الكريم العقل

الدرس الأول مقدمات وقواعد فى العقيدة:
س : ما أهمية العقيدة ؟
ج : أهمية العقيدة ترجع إلىأهمية الدين وأهمية الدين معلومة فالدين هو القيمة الحقيقية الأساسية للإنسانوَمَا}في الدنيا والآخرة ، فالإنسان بلا دين لا قيمة له والله عز وجل يقول : (الذاريات:56) .{خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
س : متى تتحقق العبادة الحق ؟
ج : تتحقق بالعقيدةالسليمة ، لا من حيث فقط منهج العبادة الشرعي بل حتى من حيث الاعتقاد أولاً ابتداءً باللهعز وجل وبأصول الإيمان الأخرى ، والاعتقاد بالغيبيات ، والاعتقاد بمنهاج الدين جملة وتفصيلا على قدر مدارك الإنسان ، فالإنسان إذا صحت عقيدته صح دينه وإذا صح دينهصحت صلته بالله عز وجل فإذا وصل إلى هذه الدرجة حقق السعادة في الدنيا والآخرةالدائمة.
س : ما مفهوم العقيدة فى اللغة ؟
ج : العقيدة من العقد وهو الشد والربط بقوةوإحكام فكل أمر ذي بال يسمى عقيدة ، ولذلك تسمى العهود والمواثيق عقد ، فإجراءالنكاح يسمى عقد ، وإجراء البيع يسمى عقد ، فمن باب أولى ما بين العبد وربه منالأمور التي يجب تصورها ويؤمن بها وتسمى عقيدة.
س : وما هوالمفهوم الاصطلاحي ؟ج : هو الإيمان الجازم الذي لا يتطرق إليه الشكلدى معتقده هذا على وجه العموم.
س : عرف العقيدة الإسلامية؟
ج : هي الاعتقاد الجازم بأركان الإيمان وأصول الدين وثوابته وكل ماثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم وعن الله تعالى من الأمور القلبية والعلمية والقولبة وأيضاًمناهج الحياة كل هذه الأصول ثوابتها ومسلماتها فى الدين .
س : ما هى ثمرة العقيدة ؟
ج : هي منهج التعامل ، تعامل الإنسان مع ربهعزوجل، التعامل مع حقوق الرسول صلي الله عليه وسلم التعامل مع حقوق المؤمنين والمسلمين من عهدا لصحابه رضي الله عنهم إلي وقتنا الحاضر حقوق الخلق، أيضاً التعامل مع الحياة الذي هو منهاجحياة المسلم.
س : ما هى مرادفات العقيدة ؟
ج : العقيدة يراد فها إطلاقات شرعية صحيحة ، فالعقيدة تأتى بمفهومالإيمان بمعناه الشامل ، الإسلام بمعناه الشامل ، أصول الدين بمعناه الشامل ، كذلكالتوحيد ، واصطلح بعض الفقهاء على تسمية العقيدة بالفقه الأكبر.
س : ما هي أقسام الدين اصطلاحياً ؟
ج : يمكن تقسيمالدين إلى فقهين ؟
1-الفقه الأكبر:
فقه الثوابت والمسلمات ، فقه القواعدوالقواطع وهذا هو العقيدة.
2-الفقه الثاني"
وهو التطبيقات والأحكام.
س : ماذا كان يطلق السلف على العقيدة ؟ وما المؤلفات في ذلك ؟
ج : كان السلف يطلقون عليها السنة ولهم في ذلك مؤلفات وكتب كثيرةمنها : السنة للإمام أحمد ، شرح السنة للألكائى ، السنة لابن أبى عاصم ... الخ.
س : لماذا يفرق البعض بين العقيدة والتوحيد ؟
ج : هذا ناتج عن أنهم ظنوا أن مسمى التوحيد مقصور على جانب التوحيدفي العقيدة الذي هو توحيد الله عز وجل ، بالعبادة بأسمائه وصفاته وأفعاله.
س : وما هي موضوعات العقيدة إجمالاً وتفصيلاً ؟
ج : منحيث الإجمال :
هي ثوابت الدين ، قطعيات الدين ومسلماته
أما من جهة التفصيل :
نجدأن الثوابت والمسلمات والقطعيات التي هي موضوع العقيدة تشمل الجانب القلبي العقدي ،والجانب العلمي ، والجانب المنهجي الذي يرسم منهاج الحياة لدى المسلم ، وكذلك أصولالأخلاق .. كالصدق والأمانة والوفاء بالعهد. فهذه كلها من موضوعات العقيدة ، وكذلكمواقف المسلم كفرد أو الأمة المسلمة كجماعة أو كدول وهيئات ومؤسسات ومواقف المسلمينتجاه بعضهم وتجاه الآخرين.
س : هل نصوص الدين التي ينبنيعليها نصوص ظنية ؟
ج: نصوص الدين التي يبنى عليها قطعيات والأصولوالقواعد والثوابت والمسلمات ليست نصوص ظنية. يعنى أن الدين يقوم على قطعيات لكنهذه القطعيات ترجع إلى منهج الاستدلال. والعقيدة تبنى إما على نص قطعي أو مجموعةنصوص اكتسبت القطعية في مجموعها ، أو على قاعدة شرعية أو على الإجماع.
س : ما هي أقسام الأدلة ؟
ج : أدلة ظنية ، وأدلةقطعية.
س : ما هي أول مباني العقيدة ؟
ج : أول مباني العقيدة أنواع التوحيد الثلاثة وهذا تقسيم اصطلاحي وهم (1)توحيد الربوبية (2)،توحيد الأسماء والصفات ،(3) توحيد الإلوهية وهو توحيد العبادة.
س : ما هي مفردات العقيدة ؟
ج 1- حقوق الله عز وجل 2-،حقوق النبي صلي الله عليه وسلم 3- ، حقوق الصحابة وأمهات المؤمنين 4- وحقوق كل ما يحبه الرسولصلي الله عليه من الأشخاص والأشياء هي ضمن حقوق النبي صلي الله عليه وسلم، ثم5- حقوق السلف الصالح أعلام الأمة 6- وكذلكأركان الدين الستة 7-، وأركان الإسلام أيضاً من الغيبيات كالشفاعة ، الرؤية 8-، موضوعاتالإمامة والجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
س : ماهي مصادر العقيدة ؟
ج : مصادر العقيدة هي مصادر الدين أولاً ، فلافر ق أن نقول مصادر الدين أو مصادر العقيدة وهى الكتاب والسنة والإجماع.
س : هل هناك تعارض بين العقل ومصادر الدين ؟
ج : فيالحقيقة الصحيح أنه يمكن أن نقول هل هناك تكافؤ بين العقل والشرع ، ليس بمنزلتهلأنه معرض للخطأ لأن الشرع هو دين الله مبنى على كلام الله المعصوم من الخطأ ، ولكنالعقل لا يعدو أن يكون مخلوقاً ، فإذا كان مخلوق فلابد أن تعتريه عوارض كالنقصوالسهو والنسيان والخلل وكذلك الفناء. فالنقص للعقل والكمال للشرع.
س : ما هى خصائص العقيدة الإسلامية ؟
ج : خصائصهاكثيرة وعظيمة ولعل أعظمها وأهمها هو"
1- أنها ربانية إلهية ، فالعقيدة هي الدين الذي شرعه الله عز وجل ، فالله هو الذي أوحى إلى رسولهصلي الله عليه وسلم وكفي بها من سمة وخصيصة يدخل فيها كل ما تحتها من الخصائص الإيجابية وكذلك أنه
2- قطعية لا يعتريها شك ولا خلل ولانقص ولا سهو ولا ريب على الإطلاق وكذلك أنه
3- توقيفية غيبية.
س : ما معنى أن العقيدة الإسلامية توقيفية غيبية ؟
ج : معناها أن العقيدة موقوفة عن الشرع ، لا يمكن أن تستمد من غير الدين والشرع وأنهافي أصولها في منطلقاتها غيبية ، قد يكون بعض الجوانب يدركها الإنسان بعقله السليم وفطرتهلكن إدراك إجمالي وتبقى أصولها تفاصيلها غيبية وكذلك الشمول ، وأن الدين محفوظ.
س : أذكر مثال يوضح أن العقيدة الإسلامية غيبية توقيفية ؟
ج : كالإيمان باليوم الآخر عند بعض العقول السوية ضرورة أي الحاجةإلى البعث ، إدراك أهمية البعث ، هذه ضرورة يدركها العقلاء وليس كل العقلاء ، لكنهذا الإنسان الذي أدرك بعقله أهمية البعث أو حتى ضرورة البعث هل يمكن أن يدرى كيفيبعث الناس ؟ وإذا بعث الناس ما الذي يحصل لهم ؟ هل يمكن أن يدرك البعث والحشروالميزان على جهة التفصيل ؟ لا يمكن هذا. فمن هنا تكون العقيدة توقيفية غيبية لهاأصول وإن أدركت بعض مجملاتها
س1: من خصائص العقيدة الشمول. وضحذلكج : الشمول :
شمول لجميع حاجات الفرد في قلبه وعاطفته وأحاسيسه، في مشاعره، وفى جوارحه، وفى متطلبات حياته الفردية والأسرية والاجتماعيةوالعالمية، متطلبات الإنسانية بأفرادها ومجتمعاتها ومتطلبات الإنسان في الدنياوالآخرة، وهو شامل لجميع أمور البشرية.
س : وضح كيف يكونالدين محفوظ ؟
ج : الدين محفوظ بجميع جزئياته ليس فقط قواعده وأصوله، بل محفوظ بأحكامه ، وهو عبارة عن كنز موجود واضح بين نقى ليس فيه غموض. يقول) النبي صلي الله عليه وسلم(تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك) فالدينمحفوظ إلى يوم القيامة.
س : هل في العقيدة ألغاز وألفاظ غيرمفهومة ؟ وهل تتوافق مع العقل ؟
ج : من خصائص العقيدة أنها تتميزبالسهولة واليسر وهى ليس فيها ألغاز ولا فلسفات ولا غموض وهى سهلة ميسورة يفهمهاالعامي بقدر والمثقف بقدر وطالب العلم بقدر والعالم الراسخ بقدر ، وهى تتوافقتماماً مع العقل السليم والفطرة ، بل تستجيب لمتطلبات العقل السليم والفطرة ويأنسبها العقل السليم ويتذوقها ويستوعبها.
س : عرف السنةوالجماعة ؟
ج : السنة والجماعة تعنى التزام سنة النبي صلي الله عليه وسلم وجماعة المسلمين.
س : وما هى سنة النبي صلي الله عليه وسلم؟
ج : هيماكان عليه النبي صلي الله عليه وسلموالصحابة في جميع أمور الدين والتابعين والقرون الثلاثةالفاضلة وأئمة الهدى أئمة الإسلام المقتدى بهم في الدين ، أهل السنة والجماعة إلىأن تقوم الساعة.
س : لماذا سميت عقيدة أهل السنة والجماعة ؟لأن النبي صلي الله عليه وسلم أوصي بها لما ذكر الاختلاف في قوله صلي الله عليه وسلم (إنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافا كثيراً)قال صلي الله عليه وسلم(فعليكم بسنتي ) إذن فالذين يتمسكون بسنته صلي الله عليه وسلم بعد الاختلاف أهل السنة ثم قال وعليكم بالجماعة فمن هنا وجب الأخذ بالوصية وهي سنته صلي الله عليه وسلم ومنهج الجماعة وعلي هذا سميت أهل السنة والجماعة
س : ما هو المنهاج الذي يحكم عقيدة السلف أهل السنة والجماعة؟ج : الأمر الأول :إنها هي منهاج النبوة ليست منسوبة إلى عالم ولا إلى طائفة ولا إلىمذهب ولا إلى حزب ولا دولة ولا حاكم وهذا الذي يعطيها صفة الثبوت والقداسة والحفظ.
الأمر الثاني :سلامة المصادر فالعقيدة تقوم على الوحي من الكتاب والسنة فمن هنا تسلم من كل خلل وعيب وزلل قال الله تعالى) إِنَّا نَحْنُ الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ولذلك: (الحجر:9 الأمر الثالثسلامة منهجالاستدلال واعتبار القياس الصحيح في الأحكام.
س : من قواعدالعقيدة أنها تجمع ولا تفرق وضح ذلك ؟
ج : مصطلح العقيدة منالمصطلحات التي تعارف عليها أهل السنة والجماعة والعلماء ، وأنه لم يحدث بعدالصحابة افتراق على الأصول الثابتة ولا يحصرها مذهب ، أصول السنة والجماعة لايحصرها مذهب ، ليس فيها ردود أفعال ولا انعكاسات للأحداث وليست مجرد اجتهاد لشخصولا رأى لطائفة ، إنما هي الحق المنبثق من الكتاب والسنة فلذلك من يتمسك بها يجتمععليها ، ومن يتخلف عنها من أهل الأهواء والبدع يفترق.
انتهي الدرس الأول
_____________________________________


الدرس الثاني
الدرس الثاني:التعريف بالمتن وصاحبه

س : هل هناك فرق بين الثناء والحمد والشكر؟ج : لا ، هي تتداخل ، فالحمد أوسع من الشكر ، والحمد هو الثناءالمطلق والشكر غالباً يكون تجاه نعمه ، والحمد أعم والشكر أخص ، وقد تتناوب هذهالعبارات.
س : ما معنى (المعبود في كل زمان) ؟ج : أي المستحق للعبادة في كل زمان وأيضاً في كل مكان فهو المستحق للعبادةمطلقاً.
س : ما هي أنواع العبادة ؟
ج : العبادة نوعان :
عبادة عامة:وهى أن جميع الخلق يعبدونه عبودية الربوبية ، عبوديةالخضوع لسنته عز وجل ولكن منهم من يمتثل ومنهم من لا يمتثل. 'طوعاً أو كرهاً نعم يعني الجوارح الذي لا يعبد الله بقلبه جوارحه عابدة لله عزوجل لأنه تدخل في عموم الشيء الذي يسبح بحمده.
س : ما المقصود بقوله : (لا يخلوامن علمه مكان) ؟
ج : المقصود شمول علم الله عز وجل أي أن الله بكل شيءعليم ولا يخفى عليه شيء في السماوات والأرضأَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴿14﴾﴾ [الملك: 14]،
س : ما المقصود بقوله : (ولا يشغله شأن عن شأن)؟ج : يعنى أن الله عز وجل له كمال القدرة كل الكون متحرك بقدرةالله كل الأحداث نشأت بقدرة الله كل المقادير الله عز وجل أنشأها في أوقاتها في وقتواحد فهو الذي يحرك الكون في كل جزئياته ويدبره وهذه الشئون جميعها لا يشغله بعضهاعن بعض. وهذا فيه رد على نزعة الفلاسفة ومن تأثر بهم، الذين زعموا أن الله -عز وجل- لا يحيط إلا بالكليات، وهذا لا شك أنه ضلال مبين، فهم بهذا كأنهم جعلوا مع الله خالقين، تعالى الله عن ذلك، فالله -عز وجل- بإحاطته بعلمه، وتقديره لجميع المقادير، وكثرة المقادير في اللحظة الواحدة التي تأتي بما لا يحصى، ومع ذلك هذه الشؤون لا يشغله بعضها عن بعض، هذا معنى (لا يشغله شأن عن شأن).
س : من هما الأشباه والأنداد ؟ وما معنى قوله : (جلعن الأشباه والأنداد) ؟
ج : كلمتان مترادفتان ، فالأشباه هم الأندادولكن قد يكون بينهم بعض وجوه الفرق بمعنى أن الله عز وجل تنزه .. تقدس عن أن يكونله شبيه ومثيل ، وأن يكون له مكافئ من خلقه ولا منأي شيء يفترض ولا حتى يتصوروكل تصور إنما هو محض أوهام ، فالله تعالى ليس له شبيه،ولا مثيل، فليس له مماثليشابهه ، فهذا نفى المشابهة ، وليس له مماثل يعادله ويكافئه ، وهذا نفى يدخل فيهنفى الأنداد.
س : ما الدليل من الكتاب على أن الله تنزه عنأن يكون له صاحبة أو ولد ؟ ومن الذي قال ذلك ؟
ج : هذه المقولةقالها أهل الضلال في الأمم من ضلال الفلاسفة ومن المشركين ومن بعض اليهود والنصارى .
والله عز وجل تنزه عن الصاحبة أو الزوجة لأن الله هو الغنى وغناه مطلقومصاحبة الصاحبة حاجة والله أعظم من أن تكون له حاجة في خلقه لذلك قال تعالى ): {ما اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً وقال تعالي)(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كفواً احد (الإخلاص:4 (.وهذا معنى نفى الأشباه والأندادس : ما المقصود بقوله : (ونفذ حكمه في جميع العباد) ؟
ج : يعنى قدرة الله عز وجل بيده مقادير كل شيء ما شاء كان وما لميشأ لم يكن .
س : ما معنى نفوذ الحكم ؟ج : نفوذ الحكم لا يعنى الجبر للعباد ، ليسوا مجبورين ، الله عز وجل أقدرهم وخيرهم وهم،لا يخرجون عن أقدار الله ولذلك شرع الله الأسباب لأنها لها أثر في الأقدار بإذنالله ، فمن خلال علم الله السابق كانت مقاديره سبحانه وعلمه النافذ في العباد. عالم بمقادير كل إنسان، وماذا سيفعل، فمن خلال علم الله السابق، كانت مقاديره سبحانه، وعلمه النافذ في العباد مبني على علمه ماذا سيفعلون؟ نقول: هذا لئلا يقول قائل: ما دام حكمه نافذ في العباد فمعنى هذا لماذا لا يعملون العباد؟ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وقل اعملوا فكل ميسر قدر) النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وقل اعملوا فكل ميسر لما خلق له) يعني ميسر قدراً لما خالق له؛ فلذلك إذا فعل الأسباب فإن الله مقدر له ما جعله الله -عز وجل- مبني على الأسباب؛ ولذلك حتى الدعاء قد يرد القضاء بإذن الله وفي علمه السابق، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يعني أنك تعارض بين قضاء الله وشرعه وأمره، إنما يعني هذا أن الله -عز وجل- جعل الدعاء سبب، وجعل تقدير العباد مبني على فعلهم للأسباب، إذا توافرت شروط السبب، فإن الله -عز وجل- يجعل الأسباب مؤثرة في الأقدار بإذنه.
فمن هنا معنى حكمه يعني قدره في جميع العباد هنا خص العبادة بأنهم هم العقلاء المخاطبون، وإلا فإن الله نافذ حكمه في جميع الخلق، وإذا كان نافذاً حكمه في العبادة الذين هم العقلاء فغيرهم من باب أولى،.
س : وهل يرد الدعاء القضاء ؟
ج : نعم، قد يرد الدعاء القضاء بإذن الله وفى علمه السابق. وقد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلمأنه لا يردالقضاء إلا الدعاء. وذلك حيث أن الله عز وجل جعل الدعاء سبب وجعل تقدير العباد مبنىعلى فعلهم الأسباب فإذا توافرت شروط السبب فإن الله عز وجل يجعل الأسباب مؤثرة فيالأقدار بإذنه.
س : (لا تمثله العقول بالتفكير ولا تتوهمهالقلوب بالتصوير) ما معنى هذه العبارة ؟ج : يقصد بهذه العبارة أنعقول البشر لا تجد له مثيلاً ولا تستطيع أن تعين له مثلاً ، وإن حصل في الأذهان شيء فهو وهم)لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُالآية11) الشورى فإن هذا التفكير لا يمكن أن يتطاول إلى إدراك كنه الله وإلى إدراك كيفيةصفات الله ولا أن يجد لله مثلاً أو شبيهاً ولا تتصوره القلوب بالتصورات والصور التيتكون في عقول الناس وقلوبهم إنما هي أمثال لله عز وجل ، أما حقيقة أسماء اللهأوصفاته وأفعاله فهي أعظم من أن تدركها العقول والتصورات فهو عز وجل (لاتُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخبير (لأنعام:103
س : هل لفظ الجلالة يشتمل علىصفة أم ماذا ؟ وهل الصفة التي يشتمل عليها هي صفة في ذاتها أم صفة متعدية ؟
ج : اسم الجلالة (الله) من الأسماء الجامعة التي تشمل جميع أسماءوأوصاف وأفعال الكمال ، الكمال المطلق لأن الله في اللغة يعنى الذي تألهه القلوب أيتنجذب إليه ، فالله هو الذي تصبوا إليه جميع الخلائق ، وتتوجه إليه جميع المخلوقات، فمن هذا المعنى اللغوي يشمل جميع المعاني للكمال وصفات الكمال ، وكذلك معنى اللهكمال المحبة والشوق وهو المألوه المحبوب الذي تعشقه القلوب والأرواح والنفوس. وكذلكالله بمعنى المعبود.
س : هل هناك فرق بين العقيدة والمنهج ؟
ج : الفروق اللفظية موجودة ، العقيدة هي العقل ، والمنهج هو الإطارأو القواعد التي تحكم الشيء، الإطار يسمى منهج ، القواعد والأصول والتطبيقاتالعلمية الشاملة للعقيدة ، فممكن نسمى ضوابط العقيدة منهج ، وأصول الاعتقادبمفرداتها منهج. وبالجملة فإن المنهج هو عبارة عن الضوابط التي تضبط العقيدة.
س : ما هو أفضل شرح لكتاب لمعة الاعتقاد ؟
ج : الكتب التي بين أيدينا للمعاصرين متقاربة وبينها تقارب كبير وبعضهم موسع وبعضهمموجز. ومن هذه الكتب والشروح : شرح الشيخ ابن عثيمين .. ويتميز بالتقعيد والضبطوالعنصره لكن ليس بشامل. وأشمل منه كتابان .. كتاب لمعالي الشيخ صالح الفوزان،وكتاب للدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود
أسئلة الحلقة
اشرح شرح موجز لا يزيد عن ما يعادل سطرين:
(1) ما معنى قولنا: العقيدة توقيفية غيبية؟
(2) فقد أشرت في أول الكتاب أن الشارح أو المؤلف قال: (المحمود بكل لسان) فنريد معاني الحمد ومعاني اللسان هنا؟ ما المقصود بكل لسان؟
(3) لماذا عبر المؤلف باللسان مع أنه ليس كل الحامدين لله يحمدون بألسنتهم؟
انتهى الدرس الثاني:
"سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك"
_______________________________________________


الدرس الثالث

شرح مقدمة المتن

س : ما هي الآية التي تحكم الاعتقاد في أسماء الله وصفاته ؟ وضح ذلك


ج : الآية التي تمثل القاعدة الكبرى التي تحكم الاعتقاد في أسماء الله وصفاته ، والتي أجمع عليها جميع الأئمة وهى قاعدة نفى المماثلة لله عز وجل وإثبات الصفات وهى : }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{ (الشورى: من الآية11).

س : لماذا بدأ بالنفي في الآية ؟
ج : البداية بالنفي لها أهمية في تأسيس الاعتقاد في قلب المسلم ، ولها أهمية كبرى ، وهو أن الإنسان العاقل مخاطب بالشرع ، والنفي جاء ليطرد ويطهر القلب والعقل والتصور من أن ينقد التشبيه وتهيب التشويه والتمثيل وتحصن قلبه وعقله من أن يتوهم لله مثيلاً أو شبيهاً .
س : ماذا يجب على من يسمع قوله تعالى ( وهو السميع البصير ) ؟ ولماذا ؟
ج : يجب على السامع ألا يتوهم أن سمع الله مثل سمع المخلوقين ، ولا أن بصره مثل بصر المخلوقين، وهكذا بقية الصفات ؛ وذلك لأن أغلب ما ابتليت فيه الأمم من أنواع الضلالات هو سوء التصور عن الله ، وعدم تعظيم الله حق تعظيمه ، وعدم تقديره حق تقدير ، فشبهوا الله بالخلق ، أو شبهوا الخلق بالله ، فمن هنا جاء التنزيل ( ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ).
س : أذكر القواعد في أسماء الله وصفاته علي جهة الإجمال؟.
ج : القاعدة الأولى :
أن أسماء الله عز وجل وأوصاف الله وأفعاله كلها حسنى، وكلها كمال على الإطلاق، كلها بمعنى منتهى الكمال والجلال والعظمة.
القاعدة الثانية :
أن أسماء الله وصفاته أعلام وأوصاف، أعلام تدل على ذاته، وأوصاف تدل على صفاته وأفعاله، فالرحمن تدل على الرحمة، والحكيم تعنى ذو الحكمة، والعظيم يدل على العظمة.
س : هل التوصيف العقلي ممنوع مطلقاً ؟
ج : التوصيف العقلي بمعنى ما نعقله من حقائق أسماء الله وصفاته ، هذا لابد نعتقده وهو ليس ممنوع مطلقاً ؛ وذلك لأننا خوطبنا بلسان عربي مبين ، وخوطبنا عن وجود ذات لله عز وجل ، موصوف بالصفات العلى ، والأسماء الحسنى ، فإن العقل يدخل مدخل محدود ، وهو ثبات الكمال ، إثبات الحقائق للأسماء والصفات على ما يليق بجلاله ، لكنه لا يستطيع أن يتعدى الكلام في كيفيات الأسماء والصفات .
س : أسماء الله وصفاته كلها كمال . وضح ذلك ؟.
ج : وهذه هي القاعدة الثالثة: أسماء الله كلها كمال ، وصفاته كلها كمال ، وأفعاله كلها كمال ، والحكمة الكاملة لا يعتريها نقص من أي وجه من الوجوه ، فلله الكمال المطلق ، ولا يمكن أن يتطرق إلى ذهن عاقل أن الله ممكن أن يوصف بنقص .
س : هل أوصاف الله عز وجل تعتمد على الإثبات أم النفي ؟ وما دليل ذلك ؟
ج : أوصاف الله عز وجل تعتمد على الإثبات ، إثبات الكمال والنفي ، نفى النقائص .
وهي القاعدة الرابعة: ودليل ذلك قوله تعالى : }قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ{(سورة الإخلاص) فبدأ بالإثبات بالنفي ، وجاء النفي أكثر تفصيلاً من الإثبات ، فهي إثبات الأسماء والصفات والأفعال على جهة التفصيل ، وعلى النفي أي نفى مما يليق بالله عز وجل .
س : هل يجوز وصف الله تعالى بما لم يصف به نفسه أو لم يصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- كواجب الوجود مثلاً؟.
ج : لا يجوز الخروج عن مقتضى ما جاء به الشرع ؛ لأن ما جاء به الشرع من أسماء وصفات لله عز وجل وأفعال فيه الكمال المطلق ، وكل ما يرد على ألسنة البشر أو يتوهمه بشر من أوصاف الكمال ، فإن في نصوص الكتاب والسنة ما يعنى بذلك وزيادة ، فلابد من الاكتفاء بما يرد به النصوص الشرعية . فرق بين أن نحدد لله أسماءً حدية، نقول: هذا من أسماء الله، وبين أن نشرح ونبين، إذا أردنا أن نشرح ونبين قد نفيض لنصيغ للمستمعين بعض العبارات التي تقرب معاني الأسماء والصفات عند من لم يفهمها، فالشرح أمره سهل، أما تحديد الاسم والصفة لله -عز وجل- فيجب أن يكتفي فيه بما يرد بنصوص الشرع الثابتة.
س : هل يجوز تكييف أسماء وصفات الله ؟
ج : التكييف بمعنى الكلام في الكيفية ، هذا لا يجوز بإطلاق ؛ لأن الكيفية التي هي الكلام على التفاصيل الغيبية في أسماء الله وصفاته وسائر أمور الغيب ، وهذه الكيفية يعنى الحقائق الغائبة عنا.
س : ما هي أنواع الحقائق الغائبة ؟
ج : الحقائق نوعان :
الحقيقية المعلومة:وهى إثبات الكمال لله عز وجل جملة وتفصيلاً على نحو ما ورد في الكتاب والسنة ، وما يمكن أن يتصوره العقل السليم من الكمال ، فهذه الحقيقة تثبت
الحقيقة الثانية :وهى الحقيقة التي تعنى الكيفية التي هي التفاصيل التي عليها ذات الله وأسماءه وصفاته ، هذه لا يمكن تصورها ، ولا يجوز الكلام فيها .
س : ما معنى أن لله عز وجل الكمال المطلق ؟
ج : إن لله عز وجل الكمال المطلق ، ونفى التمثيل المطلق ، والكمال المطلق يعنى الكمال الذي يقيد بقيد ، الكمال الذي لا يتناهى بمثل ذلك مثل قوله عز وجل في وصف الأول وفى وصف الآخر فقال النبي r مثل قوله -عز وجل- في وصف الأول وفي وصف الآخر فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الأول: الذي ليس قبله شيء)، كمال مطلق، (والآخر: الذي ليس بعده شيء) هذا أنموذج للكمال المطلق في الأولية والأخروية ، في كل شئ ، ونفى كل نقيصة عن الله عز وجل .
وهذه القاعدة الخامسة: في أسماء الله وصفاته:
س : هل أسماء الله وصفاته وأفعاله توقيفية ؟ وما معنى توقيفية ؟
ج : نعم أسماء الله وصفاته توقيفية بمعنى أننا نقف فيها على ما ورد عن الله تعالى وضح النبي r فهي متوقفة على ما جاء عن الله ، وثبت عن رسول الله r ؛ لأن كل نصوص الوحي قطعية.( القاعدة السادسة)

س: مالمقصود أن ظواهر ألفاظ الشرع، في أسماء الله وصفاته وأفعاله مرادة، ؟
أي أن ألفاظ القرآن التي جاءتنا بأسماء الله -عز وجل- وصفاته، مثل قول -عز وجل-: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ أو قوله سبحانه: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ ومثل قوله -عز وجل-: ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ﴾ [المائدة: 64] ونحو ذلك، هذه جاءت فيها أسماء وجاءت فيها صفات، هذه الأسماء والصفات نقول: يراد بها ظاهرها، لكن هل الكلام مطلق على إطلاقه؟ لا، الظاهر على نوعين: ظاهر النصوص: يعني الذي نفهمه من النص لأول وهلة من كلام الله -عز وجل- أو كلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- حينما وصف ربه، وهذا الظاهر مراد، ظاهر هذه النصوص مرادة، والذي نعنيه هنا الظاهر الذي يعني الحقيقة، فظاهر قوله -عز وجل-: ﴿ الرَّحْمَنُ ﴾ ظاهره أنه ذو الرحمة، هذه الحقيقة مراده، لا يجوز أن نؤولها ولا نصرفها عن معناها.
- ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ ظاهره أن الله -عز وجل- استوى على العرش، هذا الظاهر الذي هو حقيقة الاستواء اللائقة بالله وهذا لابد من الاحتراز منه، حقيقة الاستواء اللائقة بالله لابد من إثباتها، وليس المقصود بالظاهر: ما يقاس على عالم الشهادة، يعني ما ينقدح في الخيال من الظواهر المعلومة في حياتنا اليومية , هذا هو موطن الزلل، فالسلف عندما قالوا: أسماء الله وصفاته ألفاظ، وأسماء الله وصفاته في القرآن والسنة يراد بها ظاهرها لا يقصدون الظاهر الذي هو في الأذهان، إنما يقصدون الظاهر اللائق بالله، لماذا؟ لأنهم أخذوا بقاعدة ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ فهم عندما سمعوا خطابه -عز وجل- ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ عرفوا أن المراد ظاهر الآية أن له سمعًا وبصرًا يليقان بجلاله, أما الظاهر الآخر الذي هو الأوهام الذي هو تصوراتنا في الخلق: هذا لا شك أنه غير المراد؛ لأن الله ليس كمثله شيء.
س : لماذا قيل ما ثبت عن النبي r ولم يقال ما جاء عن النبي r ؟
ج : لأن هناك بعض الأحاديث والآثار كذبت عن النبي r وهى ضعيفة ، فما لم يثبت وما نعتقده لا يعنى أن الدين دخلن الوضع ، لكن هناك بعض الأحاديث والآثار اختلف فيها العلماء لا نعتقدها اعتقاداً ، ولا يصح في الاعتقاد إلا ما ثبت به في الصحيح .
س: }الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ استوي{ ، }بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ{ هل يراد بهذه الأسماء والصفات الظاهرة أم الكلام مطلق على إطلاقه ؟
ج : الكلام بحدود المعنى اللغوي العربي ، فاللفظ الظاهر بمعنى الحقيقة التي تليق بما وصف ، تليق بالله عز وجل ، وهذا الذي يفهم من النص لأول وهلة من كلام الله عز وجل ، أو كلام الرسول ، فظاهر قوله الرحمن أنه ذو الرحمة ، وأنه رحيم بعبادة ، فهذه حقيقة لا يجوز أن نؤولها ولا نصرفها عن معناها . وكذا الاستواء على العرش ، فهو استواء لائق بالله لا كما يقدح إليه الخيال أو الظنون .
س : هل أسماء الله وصفاته قابل للتأويل ؟
ج : أسماء الله وصفاته حق على ما يليق بجلال الله عز وجل ، بمعنى ليست مجرد تمثيل ولا عبارات ليس لها معاني ، فلا يمكن تجريدها عن حقائقها ، ولا يمكن ردها ولا تأويلها ، فهي غير قابلة للتأويل نمررها ولا نقرها دون تأويل ولا تغيير .( وهي القاعدة الثامنة في الأسماء والصفات)
س : هل أسماء الله وصفاته وأفعاله كلها معلومة ؟
ج : أسماء الله عز وجل وصفاته معلومة لدينا من جهة ، ومن جهة أخرى هناك ما لا نعلمه من حقائق أسماء الله وصفاته وأفعاله من ناحيتين :
الناحية الأولى:
أننا لا نحيط بأسماء الله وصفاته جميعاً، فما جاءنا وما ثبت عن الله وعن رسوله في الأسماء والصفات والأفعال ليس هو كل ما يوصف به الله، بل هو بعضها؛ لأن ما جاءنا هو ما يناسب مداركنا. وقد ثبت عن النبي r أنه سأل ربه بكل اسم هو له ، أنزله في كتابه ، أو علمه أحداً من خلقه ، قال ( أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) ، وكذلك ورد في حديث الشفاعة أن النبي r يدعو ربه بمحامد يلهمه إياها لم يكن يعرفها في الدنيا وهي القاعدة التاسعة).
س : ماذا يفيد الحصر في حديث النبي r : ( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة )؟.
ج : هذا الحديث صحيح ولكن الحصر هنا على مقتضى العرض لا يعنى الحصر بمعنى أن مما هو لله من الأسماء هذه التسعة والتسعين مما يوصف الله به ؛ لأن أسماء الله لا تحصى ولا تعد ، كما ورد في حديث الرسول r ودعائه ( أو استأثرت به في علم الغيب عندك ).
س : قال تعالى : }لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى{ (طـه:6) وضح معنى الآية وما فيها من عقائد ؟
ج : هذا يعنى إثبات عمومية الملك لله عز وجل عموم الربوبية لله سبحانه ، وأنه لا يخفى عليه شئ، ولا يمكن أيضا أن يخرج عن ملكه شئ ؛ لأنه حينما ذكر السماوات والأرض ذكر الأجرام العليا من خلق الله ، وحينما ذكر ما تحت الثرى ذكر منتهى السفل ، فهذا فيه عموم تدبير الله للخلق ، وعموم الربوبية للمخلوقات العليا والمخلوقات السفلى .
س : الله يعلم السر والعلن . وضح ذلك مع ذكر الدليل ؟.
ج : قال تعالى : }وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى{ بمعنى أنه لا يخفى عليه شئ ، بل إنه أعلم بكمائن العباد وما في ضمائرهم منهم ؛
لأن ما يخفى يشمل نوعين:
يشمل ما يخفيه الإنسان مما يعلمه هو ، ويشمل ما يخفيه مما لا يعلمه ، وذكر الله الأخفى ؛ لأن الأخفى يكون أعمق من السر ، فالسر ما خطر بالبال ، والأخفى هو ذات الصدور .
س : ما معنى الإحاطة في قوله تعالى : }وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً{ ؟
ج : الإحاطة تعنى كمال التحكم في الشئ خلقاً وعلماً وتصوراً وإدراكاً لما كان وما سيكون ، وما هو كائن كيف يكون ، فهذه الإحاطة المطلقة الإحاطة الكاملة لله عز وجل بجميع مخلوقاته .
س : ما الفرق بين القهر من الخالق والقهر من المخلوق ؟
ج : القهر من المخلوق يكون ظلم وجبروت وطغيان قهر التحكم الظالم الذي يقع من البشر إذا تملكوا ، وأما القهر من الخالق كأنه حكمة وعزة كمال ؛ لأن الله عز وجل حينما قهر قهر ربوبية قهر إحاطة ، قهر علم وقدرة مطلقة ، وهذا القهر يعنى حسن التدبير .
س : ما هو مقتضى الرحمة في قوله : }رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً{ ؟
ج : أي أن الله جعل الرحمة محيطة بكل خلقه ، وسبقت رحمته عذابه ، ومقتضى الرحمة هنا يشمل الرحمة العامة التي يرحم بها العباد جميعاً حتى الجمادات والحيوان ، وحتى غير الخاضع لدين الله وهو الكافر ، فهي رحمة لا تنتهى ، فجميع العباد يتقلبون بمقتضى رحمة الله .
كما أن هناك رحمة خاصة وهى ما يرحم الله بها عباده المؤمنين على سبيل التفضل والمجازاة ، فالرحمة العامة على سبيل العدل والخاصة على سبيل التفضل .
س : مادام الله بكل شئ عليم ، لماذا جعل الله الملائكة الكتبة الحفظة ؟
ج : هذه الكتابة تكون في الخلق والله جعلها في الأسباب التي تدل العقول السليمة على كمال الاتفاق، فمثل هذه الإجراءات التي يجريها الله في الخلق فهي سنن كونية قوانين يحمى الله بها الخلق ويدبره، فهذه السنن تشعر العبد بعظمة الخالق ، وتطمئن القلب ، وأن الله قادر على أن يجعل تصاريف الكون كله بكلمة كن .
س: ما الواجب علينا إذا أردنا أن نصف الله عز وجل ؟
ج : يجب أن نصف الله بما وصف به نفسه ، وما وصف به رسوله r ، وهذا الوصف مقيد بأن ما وصف الله به نفسه هو ما ثبت في كتابه ، وعلى لسان رسوله r ، فما ثبت في القرآن وما ثبت في السنة هو ما اتصف به الله عز وجل ، وكل ذلك ما ثبت به النص الصحيح والسند الصحيح ، فلابد من الأخذ به ؛ لأن القاعدة هي ثبوت النص .( وهي القاعدة العاشرة)


إجابات الأسئلة:

س: بعض العلماء فرق بين بعض الأسماء والصفات كمن قال أن الرحمن أعم من الرحيم. فما الدليل على مثل هذا التفريق بين المعنيين ؟
ج : هذا متعلق بفقه لغة العرب والرحمن والرحيم بينهما وجوه اشتراك ووجوه تخصيص واختلاف ، فأنهما جاء لفظات متواليات في نص واحد في البسملة مثلا بسم الله الرحمن الرحيم ، فهذا اللفظ شرعي دل على أن هذين الاسمين جاء بينهما خصوص وعموم ، فكلاهما دال على الرحمة من الله عز وجل ، لكن لغة العرب عرفت من لفظ الرحمن الرحمة المطلقة الشاملة لجميع الخلق ،
وأن الرحيم لما قرنت بالرحمن صارت لأصحاب الرحمة الخاصة كالمؤمنين والصالحين
س : لو لم يكن الله رحيما بكل الخلق سواء كانوا كفاراً أو مسلمين فى الدنيا لوضعنا الله سبحانه وتعالى بشئ من النقص وهو عدم الرحمة ، فهل هذا صحيح ؟
ج : قد يكون هذا من وجوه الفرق الدقيقة بين الرحمن والرحيم ، لكن القصد أن الفرق العام أنه مادام جاء الاسمان في سياق واحد والرحمن ، إنما دلت على الرحمة الشاملة المطلقة .
س : إذا كانت الأسماء يجب أن تؤخذ على ظاهرها ، فكيف نصرف مثلا قول النبي r (فإن الله هو الدهر) ( أو آتاني ماشياً أتيته هرولة ) وغير ذلك؟ .
ج : هذا ما يتعلق بصفات الله عز وجل ، إنما جاء على سبيل المقابلة أو على سبيل السياق الذي يدل على الفعل بحال المخلوقات ، والنبي r لما قال عن ربه أنه هو الدهر ؛ فجاء بمناسبة سب الدهر من الناس ، وهذا يعنى سبهم للمقادير ، فكأنه قال : هذه الأفعال هي أفعال الله ، وهذه الأفعال يسمونها الدهر ، هي راجعة إلى ربوبية الله للخلق ، فوصف الله هنا بالدهر لا يعنى أن من أسماء الله الدهر ، وإنما جاء به على سبيل المقابلة .
وأما في قوله أتاني ماشياً آتيته هرولة ، فهذا على سبيل المشاكلة والمجازاة ، وهذا معلوم على مقتضى اللغة العربية ؛ لأننا لا نعبد الله بالمشي ، إنما نعبده بالأعمال الصالحة ، فكان ما يقابله الجزاء الذي هو أكبر من العمل الصالح ، فصار تشبيه عمل المخلوق بالمشي من حيث فعله ، وتشبيه جزاء الخالق بالسعي من الجزاء هذا راجع إلى عالم الشهادة.
انتهى الدرس الثالث
________________________________________



الدرس الرابع

الكلام حول أسماء الله وصفاته

المتن:قال المصنف رحمه الله : (وكل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى -عليه الصلاة والسلام- من صفات الرحمن وجب الإيمان به، وتلقيه بالتسليم والقبول، وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل).
س : هل كل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى وجب الإيمان به ؟

ج : هذه قاعدة من القواعد العظيمة من قواعد التلقي والاستدلال وهى من ثوابت الدين فكل ما جاء به القرآن لأن القرآن كله حق وما صح عن النبي وهنا احترز بكلمة (صح)؛ لأن هناك من الأحاديث والآثار ما لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أسماء الله وصفاته، وفي سائر أمور الدين فهذا لا يثبت منه شيء. r من الأحاديث والآثار فما جاء في أسماء الله وصفاته وأفعاله وسائر أمور الغيب فكل أحكام الله عز وجل يجب الإيمان بها.
س : وما المقصود بمعنى الإيمان به ؟
ج : أي بما جاءت به النصوص القطعية ومعنى الإيمان هو اليقين ليس مجرد التصديق الذي يبنى على اليقين والتصديق الذي يتفرع من الإثبات لأن مجرد الإيمان قد يكون دعوة الذي يحرر الإيمان الصحيح من المؤمن تجاه أسماء الله وصفاته وأفعاله هو أن يؤمن إيماناً يقيناً لا شك فيه ثم يثبت ما أثبته الله لنفسه ، وما أثبته له الرسول r.
س: ما موقف كل مسلم تجاه هذه القاعدة أي ما جاء في القرآن وما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذات الله وأسماءه وصفاته وأفعاله، ؟
أولاً: الإيمان به: أي بما جاء في هذه النصوص القطعية، ومعنى الإيمان هنا اليقين ليس مجرد التصديق، والتصديق الذي يتفرع عنه الإثبات، ثم يثبت ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسول -صلى الله عليه وسلم-.
ثانيًا: التلقي: بمعنى: بعد الإثبات واليقين لابد أن يكون هناك استعداد، استعداد نفسي عند المسلم بأن يتلقى ما قاله الله عن نفسه، وما قاله عنه رسوله -صلى الله عليه وسلم- بالتسليم أي الإذعان الكامل.
ثالثًا: القبول: القبول مرادف للتسليم، لكن ربما يكون القبول ثمرة للتسليم، لما سَلَّمَ قبِل كل ما جاء عن الله -عز وجل-، قبِله بمعنى أنه خضع له عقله وقلبه، استعد لأن يجعله عقيدة.
التسليم هو الإذعان الذي لا يكون فيه تردد، والقبول هو الإذعان واليقين الذي لا يكون فيه رد، من هنا يأتي بعض الفروق بين العبارتين.
س : ما الواجب بعد الإيمان على العبد من العمل ؟
ج : يجب عليه بعد الإثبات واليقين لابد أن يكون هناك استعداد قلبي وعقلي وشعوري ، استعداد نفسي بأن يتلقى ما قاله ذلك عن نفسه وما قاله عنه رسوله r بالتسليم أي الإذعان فيستعد لقبوله وأنه حق دون رد ولا تردد.
س: هل نترك الكلام في أسماء الله وصفاته مطلقاً ؟
ج : لا ، بل يجب أن نثبت أن لله الأسماء الحسنى وندعوه بها وتمتلئ قلوبنا بمحبة الله وعظمته ومعرفته حق المعرفة من خلال أسمائه وصفاته وأفعاله لأن ترك الكلام في أسماء الله وصفاته هو ما قال به المفوضة أو المشككة أو أصحاب الريب.
س : ما معنى التعطيل ؟ ومن هم المعطلة ؟
التعطيل:معناه إفراغ ألفاظ أسماء الله وصفاته وأفعاله من معانيها من حقائقها وهذا الإفراغ ينتج عنه مذاهب باطلة لا حصر لها ، والمعطلة هم الذين فرغوا ألفاظ أسماء الله فى الكتاب والسنة ما انتهوا إلى مذهب ، فمنهم من يفرغ ألفاظ أسماء الله وصفاته من معانيها ويثبت معاني من عنده ومنهم من لا يثبت معاني ويبقى شاك ، ومنهم من يزعم أن هذه إشارة أو مجازات ضلت بهم السبل فكل نهج منهج يخالف الحق من مناهج الباطل.
س : ما المقصود بالتأويل في أسماء الله وصفاته ؟
ج: التأويل هو التحول من حقيقة الأسماء (أسماء الله وصفاته) التي تدل عليها الألفاظ إلى معاني متوهمة أو متصورة أو مقدرة التحول من إثبات الحقيقة اللائقة بالله عز وجل التي تدل عليها ظواهر نصوص الكتاب والسنة في أسماء الله وصفاته.
س: ما لفرق بين الرد والتأويل؟
التأويل: هو نوع من الرد لكنه ألطف، الرد يكون بتفريغ ألفاظ الأسماء والصفات من معانيها، لكن التأويل هو المقصود هنا التأويل الباطل في أسماء الله وصفاته، والتأويل في أسماء الله وصفاته كله باطل؛ لأنها حقائق لا تقبل التأويل.
فالتحول من الحقيقة التي أرادها الله وأرادها الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي هي ظاهر اللفظ على ما يليق بجلال الله من غير تشبيه ولا تمثيل هذا يسمى تأويل.
س : ما الفرق بين التشبيه والتمثيل ؟
التشبيه قد يعنى في الجملة التمثيل لكن بينهما فروق التشبيه هو ذكر شبه أو أكثر من بعض الوجوه بيت الخالق وبين المخلوق ، فتعالى الله سواء كان الشبه الجزئي في تشبيه شيء من صفات الله بصفات الخلق ، أو إعطاء بعض الخلق شيء من صفات الله فهذا تشبيه.
التمثيل أشمل من ذلك هو المطابقة المماثلة التي من كل وجه، فكما أن الله -عز وجل- لا يماثل خلقه من كل وجه، كذلك لا يشابه من بعض الوجوه
س : متى يكون التشبيه ممنوع ومتى يجوز ؟
ج : التشابه العام اللفظي ليس ممنوعاً ، إنما التشبيه الحقيقي الكيفي بين الله وبين خلقه هذا هو الذي لا يجوز في حق الله تعالى فالتشابه اللفظي ليس ممنوع لأن هناك ألفاظ من أسماء الله وصفاته هي موجودة في الخلق لكنها لله على جهة الكمال المطلق وفى الخلق على جهة النقص مثل كلمة عليم أو عالم ، قدير أو قادر ، فيوصف المخلوق بأن عنده علم ولكن الله هو العليم وكذا فى صفات أخرى كالرحمة والإرادة ، لكن التمثيل والتشبيه الممنوع هو تشبيه الله بخلقه على وجه الكيفية.
المتن) قال المصنف)(وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظًا وترك التعرض لمعناه، ونرد علمه إلى قائله، ونجعل عهدته على ناقله).
ما يكون فيه نوع من عدم الفهم عند بعض الناس أو ضعف الفهم لبعض ألفاظ أسماء الله وصفاته عند بعض الناس وهذا راجع إلى ضعف مداركهم؛ لأن نصوص الأسماء والصفات قطعية.
س : ما هي درجات الإشكال ؟
ج : أولاً :ما هو مشكل على الجميع ، وهذا لسنا متعبدين بالخوض فيه ، الذي يشكل على الجميع هو الكيفيات التي لا يعلمها إلا الله عز وجل.
ثانياً :ما ليس داخل في مداركنا ولا مدارك عقولنا على الإطلاق هذا تسميته إشكال فيها تجوز يعنى نسميه إشكال عندما يوقع الإنسان نفسه فى المشكلة وإلا في حد ذاته ليست مشكلة.
س : ما الواجب نحو ما يشكل علينا من نصوص الشرع فى أسماء الله وصفاته وأفعاله وجميع أمور الغيب ؟
ج : الواجب أن نثبت لفظه لأنه ثبت عن النبي r ولا نحرفه بألسننا ولا نقيم ألفاظ بديلة عن ألفاظ الشرع بل نتلفظ بها كما هي كلام الله عز وجل وكما يتلفظ بها رسول الله r ووجب إثبات هذه النصوص وإن أشكلت على بعض معانيها.
س: ما المقصود من قوله (وترك التعرض لمعناه) ؟ وبماذا رد الإمام مالك ؟
ج : المقصود هنا هو المعنى الغيبي الذي هو الكيفية ، ما نقول كيف فكلمة كيف بدعة كما حدث عند الإمام مالك حينما سأل بعض المفتونين في الشبهات عن استواء الله عز وجل فسأل عن الاستواء بكيف فغضب عليه مالك ونهره وأخرجه من المجلس وبين أن هذا بدعة وأن السؤال عن كيفيات أسماء الله عز وجل وصفاته وأفعاله بدعة لأنه لا يعلم هذه الكيفية إلا الله. إذن قول المؤلف هنا (وترك التعرض لمعناه) أي المعنى الغيبي، هذا من جانب.
والجانب الآخر: أن هناك معاني لأسماء الله وصفاته لا نحيط بها، لا تدركها مداركنا العقلية فضلاً عن حواسنا، فهذه الأمور التي لا ندركها لا نتكلم فيها.
س : العلم الذي يخفى علينا ماذا يجب علينا تجاهه ؟
ج : الواجب أن نرده إلى الله عز وجل وإلى رسول الله r فنقول الله أعلم ، ونقول صدق رسول الله r لأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا إذا أشكل عليهم شيء من الدين قالوا الله ورسوله أعلم ولما مات النبي r أصبح العلم كله لله عز وجل فيقال الله أعلم ، وصدق رسول الله r.
س : ما هي درجات الناقل ؟
ج : الناقل درجات :
إذا أشكل علينا أمر لا نرد النصوص فنحن لا نحكم فهومنا على الشرع، بل نقول: "العهدة على الناقل"، والناقل من هو؟
الناقل الأول:هو جبريل عليه السلام أمين الوحي.
الناقل الثاني:هو النبي r المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى أصدق الخلق وأفضلهم.
الناقل الثالث : النقلة الثقات العدول الذين حفظ الله بهم الدين وهم الصحابة ثم الأجيال من العدول الثقات الذين قال فيهم النبي r : (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله) ، فهؤلاء العدول نقلة تقطع بشهادتهم الرقاب لا يتطرق إلى نقلهم الشك.
س : ما الهدف من دراسة هذه القواعد وهذه الأمور في أسماء الله وصفاته وأفعاله ؟
ج : الهدف من دراسة هذه القواعد غرس اليقين في قلوبنا في الله عز وجل ومحبته وخشيته ورجاؤه بأسمائه وصفاته وكذلك تعظيم الله ورقابته وأن تمتلئ القلوب بما يدفعنا إلى ما يحبه الله من الأعمال والأقوال ، وما يدفعنا إلى أن نتقى الله ونتقى محارمه ونتقى ما يكرهه الله ويبغضه ، ومراقبة الله في جميع تصرفاتنا ، وإلى العمل الصالح.
س : من هم الراسخون فى العلم ؟
ج : هم الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين بقوله :
}وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ{ (آل عمران: من الآية7) وهم الذين بفقههم فى الدين يقوى إيمانهم.
س : ما هي درجات القول على الله بغير علم فيما يتعلق بالعقيدة ؟
ج: الأولى:هي تسويغ الشرك ، وهذا أعظم قول على الله بغير علم وأشنع الأقوال ، وهو الذي يؤدى إلى الشرك المخرج من الملة فالتبرير للشرك هو أعظم درجات القول على الله بغير علم.
الثانية:القول على الله بغير علم بنسبة حكم إلى الله ولم يقل به أيضاً الكذب على رسول الله r وهذه الدرجة أيضاً كفر.
الثالثة:الكلام فى أحكام الله بغير دليل وهو من كبائر الذنوب لأنه جرأة على النص. فالقول على الله بغير علم هو نوع من الشرك والكفر والبدعة والمعصية.
س : هل ذو الجلال والإكرام لها معنى ؟
ج : هي من الصفات وهى من أسماء الله عز وجل المركبة وهى من أسماء الأعلام .
س : ما الزيغ ؟ وما عقاب إتباعه ؟
ج : الزيغ هو الخروج عن الحق إما بالشرك وإما بالبدعة وإما بالشبهة وإما بالشكوك وإما بالجرأة والقول على الله بغير علم فهذا من أعظم أبواب الزيغ. وأصحاب الزيغ هؤلاء الذين يبتليهم الله عز وجل بتتبع المشكلات من النصوص التي تشكل عليهم أو حتى تشكل على الجميع.
س : من هم مبتغى الفتنة ؟ وما أسباب هذا الابتغاء ؟
ج : ابتغاء الفتنة وابتغاء التأويل نوعان :
1-ابتغاء الفتنة هذا يكون غالباً من المنافقين وأصحاب الزيغ وأصحاب البدع والأهواء.
2-ابتغاء التأويل يكون أحياناً عن حسن نية لكنه خطأ فى المنهج أو يكون من الاجتهاد الخاطئ.
س : هل يوجد تأويل فى العقيدة ؟
ج : أي تأويل فى العقيدة فهو باطل ولكن يحدث هذا فى أصول الفقه فى الحديث فى التفسير فى الفقه لأنه فى عالم الشهادة فى الاجتهادات لكن فى العقيدة كلها ثوابت لا يرد فيها التأويل لأنه إذا ورد فيها التأويل ضاع فيها الحق ، لأن التأويل احتمال ومن هنا سد باب التأويل ، وهذا تقتضيه الفطرة السليمة والعقل السليم.
س : ما هي أقسام التأويل ؟
ج : (1)-التأويل بمعنى التحريف والخروج عن مقتضى النص إلى مفهوم آخر لشبهة عند المؤول وهذا ممنوع فى العقيدة.
(2)-التأويل بمعنى التفسير وهذا وارد فى العقيدة ، بل العقيدة تقوم عليه.
-والتأويل بمعنى الحقيقة التي يؤول إليها الأمر وهذا أيضاً تقتضيه العقيدة.
س : ما السبب فى لجوء المعطلة إلى التعطيل ؟
ج : هو أن الإثبات يقتضى التشبيه إذن هم شبهوا أولاً فلما شبهوا فى أذهانهم فلما جاءتهم هذه الخواطر الشيطانية بأن الإثبات يقتضى التشبيه معناه أنهم شبهوا ، فلما عرفوا أن التشبيه غير لائق بالله عز وجل فروا إلى المعطلة وإلى التعطيل وهذا من رد الفعل المذموم وهو ما وقع فيه أهل الأهواء تجاه أسماء الله وصفاته.
س: هل يجوز قول (رضي الله عنهم) لغير الصحابة ؟
ج : (رضي الله عنهم) هي إكرام الله عز وجل لبعض خلقه وهى دعاء وغالباً ما يترضى عنهم هم الصحابة ، وأحياناً يجوز أن نقولها لشخص ، أما إذا التزمتها يكون غير مشروع.
س : ما حكم قول الله ورسوله أعلم في أمور الدين بعد موته r ؟
ج : بعد وفاة النبي r لم نعد نتلقى عنه علم ، ولا يقال الله ورسوله أعلم إلا حينما كان النبي r حي بمعنى ننتظر العلم منه ، لكن بعد وفاته r لم يعد لنا بذلك سبيل ، والعلم لله كله وأما للنبي فقد انقطع الوحي وختمت النبوة.
س : كيف نقف عند قول النبي r : (إن الله ينزل إلى السماء الدنيا) وكذا قوله r : (إن الله يرى يوم القيامة) ؟
ج : هذه النصوص وأمثالها وما أشبه من الأحاديث التي أخبر بها النبي r وتواترت فنحن نؤمن بها إيمان يقتضى التصديق الذي ينافى الرد والتصديق الذي ينافى التكذيب وينافى الرد بدون أن ندخل في كيفيات الحقائق الغيبية ، لا يلزم أن نتكلم فيها فلا نثبت ولا ننفى لأن الله ليس كمثله شيء.
س : هل الله يدخل في كل شيء ؟
ج : نعم ، كلمة شيء تعنى الوجود ، كلمة شيء ليست صفة ولا اسم ، كلمة شيء تعبير عن الموجود ، كل موجود شيء ، والله عز وجل هو أعظم الوجود وأعظم الخالق وهو موجود فالله عز وجل هنا بذاته وصفاته وأسمائه ويمكن أن يعبر عنه بشيء من باب المقابلة.
س : ما معنى قوله تعالى : }اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ{ (الرعد: من الآية16)
ج : هذا من بدائع لغة العرب تجمع المعاني الكبيرة تحت لفظة واحدة ، فلما وجد الله خالق معناه كل شيء مخلوق ، والله هو خالق المخلوق ، وما سيخلق وما سيوجد فالله عز وجل خالق حتى قبل وجود الخلق لقدرته على الخلق لأن الخلق كمال هو نوع من القدرة الكاملة لله عز وجل.
انتهى الدرس الرابع:
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك

________________________________________________



الدرس الخامسقواعد إثبات الصفات لله عزوجل

س : ما هي أقسام الرؤية ؟ج : تنقسم الرؤية إلى نوعين :•النوعالأول :الرؤية العامة ، بمعنى أن جميع الخلائق يوم القيامة يرون ربهم رؤية عامةلا نعرف تفاصيلها ؛ لأنها لم ترد وهى غيب .
•النوع الثاني :وهى رؤية خاصةوهى رؤية المؤمنين لربهم في الجنة بأبصارهم على ما يليق بجلال الله عز وجل .
س : هل يصح أن نرد الأحاديث التى تثبت صفات الله عز وجل ؟ج : لا يصح أن نردألفاظها ، ولا أسانيدها ، ولا نرد حقيقتها التي دلت عليها ، ولا معانيها الظاهرةالتي في مدارك المخاطبين ، وما ثبت منها يجب أن نؤمن به ونصدق ، ولا نكيف ولا نذكرالمعنى سوى ما دلت عليه الأحاديث .
س : هل يجوز أن نرد على رسول اللهصلي الله عليه وسلم؟
ج يجب على المسلم الحذر من الوقوع فيه ، حيث إنه لو رد أحاديث هذه النصوص لو رد ألفاظها وأسانيدها أو معانيها ، فإن ذلك يكون رد على رسول الله صلي الله عليه وسلم وهذا من أعظم الإساءة إلي الرسول صلي الله عليه وسلم ، فالكلام في النصوص على غير قواعد من الشرع والرد المباشر أو الرد بالتأويل ل لا شك أنه يعود إلي رد النبي صلي الله عليه التي ينبني عليها الاعتقاد في حق الله -عز وجل- في أسمائه وصفاته وأفعاله هي أن نثبت ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم- فهذا يعني بالضرورة أيضًا ألا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه، يعني نقف عند الإثبات ولا نزيد، ثم تقيد أو يتفرع عن هذه القاعدة القاعدة التالية اقرأ ... قال: (بلا حد ولا غاية، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) . حينما لا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه؛ لأن الله -عز وجل- أعطانا بل علمنا ما يناسب مداركنا، ولله -عز وجل- من أوصاف الجلال والكمال، ولله -عز وجل- من الأسماء والصفات والأفعال ما لا يحصى، ولم يرد به الخبر لأن مدارك البشر لا تطيقه ولأنهم ليسوا بحاجة إليه، فمن هنا لا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه، ثم حينما نصف الله بما وصف به نفسه، فإنا لا نحد هذه الصفات بكيفيات، لا نحد صفات الله وأفعاله لا بكم ولا حصر، ثم قال: (ولا غاية) يعني ولا نهاية، كمال الله لا يمكن أن تدركه مداركنا، الله -عز وجل- أعظم وأجل من أن نحد له في أذهاننا في خيالاتنا حدودا، والله -عز وجل- أعظم وأجل من أن يتصور له غاية؛ لأن الله -عز وجل- هو الكمال المطلق..
س : وهل يجوز تحديد هذه الصفات بكيفيات ؟ج : حينما نصف الله عزوجل بما وصف به نفسه ، فإنا لا نحد هذه الصفات بكيفيات ، لا نحد هذه الصفاتوالأفعال لله لا بكم ولا حصر ولا نهاية ، فكمال وسلم ، وهذا لا يجوز<
س : هل يجوز أننصف الله بأكثر مما وصف به نفسه ؟ ولماذا ؟ج هذه أيضًا قاعدة عظيمة، تقابل ما سبق من قاعدة الإثبات، القاعدة الأساسية الله لا يمكن أن تدركه مداركنا ،والله أعظم من أن نحد له في أذهاننا في خيالاتنا حدودا ، وهو أعظم من أن يتصور لهغاية ؛ لأن الله عز وجل هو الكمال المطلق .
س: مالمقصود من قوله( ليس كمثله شيء)؟
طرد لكل ما يمكن أن يتوهمه ويتخيله الناس لما يقرءون كلام الله، ويسمعون كلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- من الكيفيات في حقائق الغيب عمومًا وحقائق أسماء الله وصفاته وأفعاله على وجه الخصوص فإن هذه خيالات محال أن تحيط بالله، أو أن تكون هي الحقيقة على معانيه؛ وما يتخيله الناس من الخيالات والأوهام مبنية على مداركهم من خلال إدراكهم لعالم الشهادة، والله -عز وجل- ليس كمثله شيء، إذن لا يشبه به خلقه، ولا يشبه خلقه به، وهو -مع ذلك- (هو السميع البصير) و حينما نقول: (ليس كمثله شيء) لا يعني أن يجرد من الأسماء والصفات، بل تثبت له على ما يليق بجلاله.
فائدة:
يجب علينا أن نعتقد في الله، ونتكلم في حق الله -عز وجل- كما قال عن نفسه، فالله أعلم بحقيقة أسمائه وصفاته من الخلق، ونصفه بما وصف به نفسه على جهة التفصيل، نقول كما قال: على جهة الإجمال والتفصيل، ونصف بما وصف به نفسه مما جاء في كتاب الله أو صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا نتعدى ذلك لا بالتمثيل ولا بالتكييف ولا بالزيادة ولا بالنقص، ولا نثبت ما لم يثبت؛ لأن كل ما يمكن أن نتصوره في كيفيات الغيب في الحقائق الغيبية عن الله وأسمائه وصفاته فهو رجم بالغيب
س : هل لا نصف الله عز وجل بكلالكمال ؟ج : بلى نصف الله بكل الكمال ، وكما يرد بعض الكمالات على ألسنتنا أوفي لغة من اللغات ، يعنى التعبير عن بعض الكمالات التي لله أحق بها ، نقول نعم ،لكن ما جاء في ألفاظ الشرع ، ما جاء في ألفاظ القرآن ، وألفاظ النبي صلي الله عليه وسلم من أسماء الكمال ، وأوصاف الكمال لله عز وجل يدخل فيه كل ما يتكلم به المتكلمون بأي لغة . الله -عز وجل- أعظم وأجل من أن نحد له في أذهاننا في خيالاتنا حدودا، والله -عز وجل- أعظم وأجل من أن يتصور له غاية؛ لأن الله -عز وجل- هو الكمال المطلق
س:ما واجبنا نحو كتاب الله عز وجل محكمه ومتشابهه؟
نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه) أن كل ما جاء في كتاب الله -عز وجل- يجب أن نعتقد أنه حق وصدق وأن نسلم به ونذعن، ونعتقده يقينًا، ونستعد لقبول ما جاء به.
س: يقول المصنف ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شُنِّعت) ماذا يقصد بهذا القول؟
يقصد بذلك الذين تكلموا في المتشابه، أو الذين أولوا بعض الصفات لأنهم سمعوا من يتوهم أن إثبات الصفات تشبيه، أو أن إثبات الصفات تجسيد، نفروا من هذه العبارات، فزعموا أنهم اضطروا إلى التأويل لئلا يسمعوا بهذه الشناعات أو (لشناعة شنعت) المقصود بها: اعتراض المعترضين وتصنيف أهل الحق بأنهم مجسمة، هذه شناعة، التشنيع هو التعيير والإنكار بغير حق،
س : الواصفون لله وأسمائه وصفاته ، هل يبلغون بهذا الوصف ؟ج : الذين يصفون الله عزوجل بما لايصف به نفسه ولم يصفه به رسوله صلي الله عليه وسلم؛ لأن الذين يتكلمون في أوصاف الله عز وجل بما بغير ماورد به الشرع إنما يتكلمون بالأوهام والتصورات الخاطئة لا يصف به نفسه ، ولم يصفه به رسول اللهأوصاف الله بغير ما ورد به الشرع إنما يتكلمون بالأوهام والتصورات الخاطئة ، أو بماهو رجم الغيب ، فهؤلاء هم الخرَّاصون الذين قال الله فيهم ( قتل الخرَّاصون الذينهم في غمرة ساهون . يسألون أيان يوم الدين ) ، فعلى هذا فإن كمال الله لا يبلغه وصفالواصفين ، الذين يريدون أن يصفوا الله بأكثر مما وصف به نفسه ، زيادة أو نقص .
س : ما الواجب فى الاعتقاد نحو كتاب الله " القرآن الكريم " ؟ج : كل ماجاء في كتاب الله عز وجل يجب أن نعتقد أنه حق وصدق ، أن نسلم به ونزعن ، ونعتقدهيقينا ، ونستعد لقبول ما جاء به ؛ لأن من القرآن ما هو بين لجميع الناس ، ويتفقونعليه، ومن القرآن ما لا يعلمه إلا الراسخون في العلم ، والذين لا يعلمون عليهم أنيسلموا بأنه حق ، ثم يرجعوا إلى أهل الذكر كما قال تعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إنكنتم لا تعلمون)
فائدة:لا نتكلم بكيفيات الغيب وأسماء الله وصفاته وأفعاله وما وردنا من ذلك إلا بما ورد في النص فنصدق الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيه، وقبل ذلك نصدق القرآن.
قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي -رضي الله عنه-: (آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله)
ما لمراد بهذا الكلام؟
هذه قاعدة عظيمة قال: (آمنت بالله)أي بذاته وأسمائه وصفاته (ثم بما جاء عن الله) يعني: في القرآن والسنة، ما ثبت عن الله بأي طريق من طرق الثبوت الشرعية طرق الوحي. على مراد الله،

- (وآمنت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) نفس القاعدة السابقة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا عن أمور كثيرة، من هذه الأمور ما ندركه، ومنها ما لا ندركه، ونعلم أن مراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مراد حق، فلنقف على هذا الحق إن أدركناه بها ونعمت، وإن لم ندركه فلنسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بلغ عن الله، وأنه بلغ الحقيقة من غير تأويل ولا امتحان لأنه ما أراد أن يمتحنا بأن نقع في الغيب، إنما أراد أن نسلم . وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف -رضي الله عنهم- كلهم متفقون على الإقرار)
قال: (وعلى هذا) أي: على الإقرار بهذه القواعد العظيمة والتسليم والإذعان والإيمان بمراد الله -عز وجل- وأنه الحق، وبمراد الرسول -صلى الله عليه وسلم(وأئمة الخلف) أي جاءوا بعد القرون الفاضلة من أهل الحق
س:وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف -رضي الله عنهم- كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله، وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله)
في هذا المقطع أربع أصول عظيمة بينها؟
الأول: الإقرار، يعني الإقرار بما جاء عن الله وثبت عن رسوله -صلى الله عليه وسلم- نصدق به ونثبته.
الثاني: الإمرار نمره بلا مناقشة اعتراض وبلا شبهات، وبلا تشكيك، إمرار اليقين الذي يسلم لله -عز وجل-، فهنا الإمرار يعني التسليم.
الثالث الإثبات: والإثبات نتيجة للإقرار والإمرار، وهي أيضًا قاعدة احتياطية
الرابع: (من غير تعرض لتأويله)
س : ما هى أقسام المتشابه؟
(1))التشابه المطلق)ج : وهو ما لا يعلمهأحد إلا الله عز وجل ، وهو الكيفيات والغيبيات البحتة التي لم يطلع الله أحدا عليها؟
(2) تشابه نسبى "وهو الذي يشتبه على بعض الخلق ولا يشتبهعلى آخرين، فهؤلاء يرجع إليهم الناس إلى أهل العلم منهم.
س : ما هي حجة أصحابالتأويل في أسماء الله وصفاته وأفعاله ؟ج : ذلك لأنهم سمعوا من بعض المؤولينأو المعطلين أن إثبات الصفات يعنى التشبيه والتجسيم، فنفروا من هذه العبارات ؛فاستجابوا أو تأثروا بهذه العبارات الشنيعة ، وزعموا أنهم اضطروا إلى التأويل ؛لئلا يسمعوا بهذه الشفاعات أو ليدفعوها .
س : وكيف يكون الرد على هؤلاء المعطلة؟ج : نثبت لله ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات ، وما أثبته له رسول اللهصلي الله عليه وسلممن الصفات ، حتى وإن سماه الآخرون تجسيماً ، أو تمثيلاً ، أو تشبيها ، أو حدوداً ،أو غايات ، فلا نؤول صفاته أو نخرج اعتقادها لمجرد أن تأتى طائفة من الخلق فيصفونالصفات بالتجسيم والتمثيل والتشبيه ، ولا نزيد بأكثر ما ورد في الكتاب والسنة .
س : كيف نقف على ما ورد عن النبي وما ورد في القرآن من أوصاف الغيب . اذكرمثال لذلك .
ج : يجب أن نؤمن بكل ما ورد عن النبيأو ما ورد في القرآن من أوصاف الغيب ، من ذكر بعض الكيفيات للغيب ، فهذا نؤمن به .
وعلى سبيل المثال:
منأمور الغيب الكبرى الإسراء والمعراج بجملته من الأمور الغيبية ، فيجب أن نؤمن أنه حدث للنبي صلي الله عليه وسلم علي جهة اليقين بروحه وجسده وما جاء علي لسان النبي صلي الله عليه وسلم في بعض الكيفيات المتعلقة بالغيب من أحوال الأنبياء في بيت المقدس حين صلي بهم وذكر مقامات الأنبياء في السماوات سدرة المنتهي ذكر النبي صلي الله عليه وسلم مقاماً له لم يصله جبريل عليه السلام فنصدق الرسول ونصدق القرآن.
س : ما هو المنهج الذي رسمه الإمام الشافعي فيمذهبه ؟ج : قال ( آمنت بالله ) يعنى بذاته وأسمائه وصفاته ، ( ثم بما جاء عنالله ) ، يعنى في القرآن والسنة، وما ثبت عن الله بأي طريق من طرق الثبوت الشرعيةطرق الوحي ، وكذلك ما جاء عن الله من أمور الغيب ، وكذلك ( آمنت برسول الله وبماجاء عن رسول اللهونعلم أن مراد رسول الله هو الحق ، وأنه بلغ الحقيقة من غيرتأويل ولا امتحان .(
س : ما المقصود بالسلف ؟ج : هم أئمة الحق الذين سلفواومضوا على الحق ، وليس كل سلف ، إنما السلف الصالح الذين سبقونا من أهل الحقوأتباعهم ، حتى من عامة المسلمين ، وهم العلماء ومن تبع العلماء ، فكلهم سلفوا علىالمنهج الصالح .
س : قسم العلماء قرون الأمة وتاريخ الأمة من حيث استقامةالمنهج إلى قسمين ، فما هما ؟
ج : القسم الأول :
القرون الفاضلة التي تثبت فيهامناهج الدين وهى القرون الثلاثة الفاضلة ، فهؤلاء يسمون سلف أئمة الهدى ، منهميسمون سلف بإجماع ، بعضهم قد لا يسمى القرون التي جاءت بعد القرون الفاضلة ، قد لايسموهم سلفاً ، قد يسموهم خلف ، خلفوهم على خير ، وهذا رأى.
وبعض أئمة الإسلاميقسمون الذي يتلقى العلم عنهم قسمين :
قسم السلف : وهم أصحاب المنهج السليم ،(2) وقسمالخلف : وهم الذين خالفوا منهج السلف فى بعض الأمور .
س : ما الفرق بين القبولوالتسليم ؟ج : القبول" شرح للتسليم ، أو بيان لمعنى التسليم ، ولكن بينهما بعضالفروق ، والتسليم أوسع من القبول ، والتسليم أشمل من القبول .
التسليم غالباًيتعلق بخضوع القلب واستعداده، التسليم غالباً يتعلق بيقين القلب وخضوعه وتصديقهوما يكون في القلب من تثبيت الحق .
أما القبول فغالباً يكون الاستعداد للعمل،هذا هو الغالب، والتسليم خضوع القلب واستعداده، ثم القبول هو التنفيذ بناء علىالتنفيذ.
س : هل العقيدة تخصص العلماء فقط ؟ج : العقيدة ليست تخصصا ،العقيدة واجب كل مسلم ، تبنى عليه حياته العلمية والمادية ، أو حتى حينما تعدالمواطن الصالح ؛ ليخدم الأمة في جميع المجالات ولم لم يكن طالب علم شرعي ؛ فالأولىقبل أن تبنى الشخص في المجالات الأخرى ، أن نبنيه بناء عقديا رصيناً من أجل أن يكونشخصاً سوياً يخدم ثوابت الأمة .
س : ماذا يجب على المسلم الذي لا يعلم عند سماعالأحاديث ؟ج : إذا سمع الذي لا يعلم ولا يدرى مدى ثبوت الأحاديث ؛ فله أن يتوقف حتى يسأل ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ، لاسيما في هذا الوقتالتي توافرت فيه وسائل التثبت من النصوص بشكل لا يعذر فيه أحد .
س : ما هىالقواعد التي اتفق عليها أهل السنة والجماعة ؟ج : 1 – الإقرار :يعنى بما جاءحقعن الله وثبت عن رسولهنصدق به نثبته نقر بأنه حق.
2 –الإمرار:أن نمره بلامناقشة ولا اعتراض ولا شبهات ، وبلا تشكيك ، فنمره دون وقوف عندما لا نعلمه ، فنمشيهعلى قالب الحق لا قال التخلص منه ، إمرار اليقين ، إمرار التسليم .
3 –الإثباتإثبات ما ورد في صفات الله عز وجل وأسمائه وأفعاله في كتاب الله وسنة رسوله>
4 –عند الإثبات الحق من الاحتياط مما يرد من أوهام منهج الرد رد الباطل ، وهذهالردود سياج لابد منه لحماية الحق.
5 –دون التعرض للتأويل للأسماء والصفاتوالأفعال إلى معاني محتملة هروباً من التشبيه والتجسيم.
س : ما واجب الأمة نحومنهج السلف ؟ج : إذا كانت قواعد السلف على نهج شرعي سليم أجمعوا عليها ، فيجبأن نتبع وتقتدى بهم ، لا إتباع الأعمى ، ولا اقتداء بغير بصيرة ، لكن ( فبهداهماقتده).
أمرنا الله وأرشدنا الرسولبإتباع سبيل المؤمنين وإقتداء آثارهم والاهتداء بمنابرهم، فنحن نعتقد ما اعتقدوا، ونقول ما قالوا، فعندما نتبع. ونهتدي ونقتدي إنما نمتثل بأمر الله وأمر رسول اللهإجاباتالأسئلة:
س"بالنسبة للحديث القدسي ( من آتاني يمشى آتيته هرولة ) والآخر ( إن اللهلا يمل حتى تملوا ) هل هذا من باب المشاكلة والجزاء يكون قد أول اللفظ وأخرجه عنمعناه ?.
ج : هذه الألفاظ وما في معناها للسلف فيها قواعد ذهبية منها
القاعدة الأولي"أي نص يأتي مقابل أفعال العباد بشكل صريح فلابد أنيذكر لازمه بمعنى أنه إذا جاء ذكر الهرولة مقابل المشي من العباد ، فالعباد لايعبدون الله بالمشي ، إنما يعبدون الله بالصلاة والصيام والزكاة والحج وسائرالعبادات ، فليس المشي بمعناه الكيفي مشى الأقدام ، إنما هو السير في طريق العبادة، فكان الجزاء من باب المقابلة .
كما أننا نثبت هذه الألفاظ هي حقائق عن اللهعز وجل ؛ فنثبتها لله على ما يليق بجلال الله (ليس كمثله شئ) ، والهرولة إنما ذكرتلمضاعفة الجزاء .
القاعدة الثابتة :هرولة من الألفاظ الغيبية لا نخوض فيها ،وهى التي ينطبق عليها قول الصحابة أمروها كما جاءت فهي حقيقة على ما يليق بجلالالله عز وجلس : ما حكم من يثبت ا لصفة ويفوض المعنى ؟ج : هذا تناقض ،وهذه تسمى المعادلة الصعبة ، أو من ناحية موضوعية علمية عقلية بديهية ، لا يمكنيثبت ثم يفوض ؛ لأن التفويض هو عدم اعتقاد شئ ، فإذا أثبتنا ما ورد لله من حقائقألفاظ الأسماء والصفات لله عز وجل على أنها على حقيقتها ، وهذا غير قابل للتفويض ،أما المعاني الغيبية فيفوض الأمر فيها لله.


________________________________________
الدرسالسادس
اقتفاء أثر السلف الصالح

المتن:قال المصنف رحمه الله تعالى: (وقد أمرنا بالاقتفاء بآثارهم والاهتداء بمنارهم)
من هم السلف الصالح وما واجبنا تجاههم ؟
السلف الصالح هم: النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين ومن تبعهم. ويجب علينا سلك طريقهم والسير على آثارهم بالحق؟
س : ما هي الآثار ؟
ج : المقصودبالآثار هي كل الدين ، وهى المنهج والقواعد والثوابت وهى المرويات وهى المنهجللتعامل وهى الهدى للاهتداء إلى سبيل المؤمنين.
س : ما الذي أمرنا به الله عز وجل وأوصانا الرسول صلي الله عليه وسلم تجاه الصحابة ؟ج : أمرنا الله وأوصانا الرسول باقتفاء آثارهم لأنهم هم القدوة في الدين وسبيلهم سبيل المؤمنين والاهتداء بمنارهم لأنهم هم أهل الحق.
س : ماذا يقصد بالمحدثات فىالدين ؟
ج : المقصود بالمحدثات في الدين هي البدع ولأنها أحدثت من قبل أهلالأهواء والبدع والافتراق.

قال المصنف: -"وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة"
س : ما المقصود بالمحدثات في الحديث مع بيان أنواعها؟ ؟ وما حكمها ؟
المقصود بالمحدثات هنا البدع وليس كل المحدثات.
أنواعها:
ج : -النوع الأول :محدثات تتعلق بوسائل الدنيا وأساليبها وأنماط الحياة وأنماط السلوكوما يتعلق أيضاً بمحدثات الآراء والأقوال الاجتهادية، فهذه الأصل فيها التطوع وأننأخذ ما يحتاجه الناس على قواعد الشرع من باب الوسائل إذ الأصل فيه الحل إلا ماعارض الشرع.
-النوع الآخر:وهو ما يتعلق بثوابت الدين ، العقيدة ، العبادات ،مناهج الدين الكبرى ، الثوابت ،و الأصول و القطعيات ، مسائل العقيدة التي تمثل منهجالسلف الصالح ، فكل ما أحدثه الناس في هذه الثوابت فهو بدعة لأن الدين قد كمل؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أدى الرسالة وبلغ الأمانة، فكل ما أحدثه الناس في هذه الثوابت فهو بدعة ، والنبي صلي الله عليه وسلم قال(كل محدثة في الدين بدعة) وقال أيضاً : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد(
س"قوله صلي الله عليه وسلم (عضوا عيها بالنواجذ ) ما المقصود بهذه العبارة ؟

أيتمسكوا بها بقوة ، شبه التمسك بالعض بالنواجذ ، والنواجذ هي الأسنان الداخلية لآخرالفم. والمقصود بهذه العبارة أن على المسلم أن يحرص بأن يتشبه بسنة النبيصلي الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم خاصة فى عهد الخلفاء الراشدين .
س : هل يجوز الأخذبالمحدثات أحياناً في وسائل الحياة ؟
ج : أحياناً يلزم الأخذ بالمحدثات في وسائلالحياة كما هو في عصرنا ، وهذا الآن يكاد يكون اتفاق أو إجماع بين علماء الأمة أنما تحتاجه البشرية من المحدثات المباحة يجب الأخذ به ليس فقط يجوز إذا كان مماتتوقف عليه الحاجات الكبرى للأمة.
س : ما هي الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ظهورالبدعة ؟
أولها: الجهل بالدين.
ثانيها: التقليد للأمم الضالة والفرق الضالة والملل والنحل، الإتباع: للأمور الهالكة، وأخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (لتتبعن سنن من كان قبلكم، قال: شبراً بشبر وذراعاً بذراع).
ثالثها: الهوى، الزيغ. كما قال الله -عز وجل-: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾[آل عمران: 8].
رابعها: الاشتباه. كثير من الناس يشتبه عليه الأمر
س: (اتبعواولا تبتدعوا فقد كفيتم) من قائل هذه العبارة ؟ ومتى قالها ؟ وما السبب لذلك ؟
ج : القائل هو عبد الله بن مسعود وقالها لما تولى في العراق ووجد أناس يدخلون في بعضالعبادات من ضمنها التسبيح ، وكذا وجد أنواع من البدع مثل المبالغة في الانقطاعوالمبالغة في القيام والصيام ، وقد رأى أناساً يسبحون التسبيح المشروع لكن بطريقةغير مشروعة فيقف أمامهم واحد يقول سبحوا كذا وكذا ، وهللوا كذا وكذا ، ويسبحونبطرقة جماعية ، وفئة أخرى تسبح التسبيح المشروع لكنهم يسبحون بالحصى بعده ، فلمارأى ذلك قال هذه المقولة.أي اتبعوا الصحابة من مات منهم، ومن بقي حياً -رضي الله عنهم- اتبعوهم يعني اقتفوا أثرهم يعني لا تأتوا بجديد، ولا تبتدعوا: لا تحدثوا في الدين فقد كفيتم، كفيتم بمعنى أن الله كفاكم، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بلغ، كفيتم بأن الله أكمل الدين، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يترك شيئاً إلا وبلغه للأمة
س : أذكر ما قاله عمر بن عبد العزيز من القواعد العظيمة فىالدين ؟معناه: (قف حيث وقف القوم فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، وهم على كشفها كانوا أقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى، فلئن قلتم حدث بعدهم فما أحدثه إلا من خالف هديهم، ورغب عن سنتهم ولقد وصفوا منه ما يشفي وتكلموا منه بما يكفي فما فوقهم محسر وما دونهم مقصر، لقد قصر عنهم قوم فجفوا وتجاوزهم آخرون فغلوا، وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم).
س : من هو عمر بن عبد العزيز ؟
ج : هو الخليفةالراشد عمر بن عبد العزيز بن مروان أبوه من خلفاء المسلمين الكبار ، وهو من الأئمةالعادلين حتى أنه ألحقه بعض أهل العلم بالخلفاء الراشدين الأربعة مع أن خلافته لمتزيد عن السنتين ، ومع ذلك فإن الله نفع به فى تجديد الدين ، وإحياء السنة ، ومحوالبدع ، وإقامة العدل فى الأمة.
س : اشرح مقالة عمر ابن عبد العزيز بطريقة مبسطة
ج : يقول قف فى الدين والشرع والتزم المنهج ، وليس معناه قف فى الحياة ،فالحياة لابد أن تسير ، والحياة تتطور فالوقوف إنما المقصود الوقوف على الثوابتوالمسلمات ثوابت الدين على العقيدة والمقصود بالقوم هنا هم السلف الصالح ، النبيوصحابته ،و لأنهم وقفوا عن تسليم لله عز وجل ، فهم أصحاب بصر وبصيرة فإنهم عن علم . حينما وقفوا على أمر الله ووصية رسوله -صلى الله عليه وسلم- فإنهم حينما وقفوا هذه الوقفة، حينما التزموا الدين لم يقفوا عن جهل، ولا عن عجز، إنما وقفوا عن تسليم لله -عز وجلوببصر نافذ كفوا)أي كفوا عن ما أمروا بأن يقفوا فيه على الثوابت (وهم) يعني السلف الصحابة والتابعين وتابعيهم*"فهم على كشفها كانوا أقوى على إثارة الشبهات والأسئلة والجدل، على إثارة الإثارة في الدين كانوا أقوى؛ لأنهم لا ينقصهم الذكاء،وبالفضل لو كانوا فيها أحرى" لو كان الخوض في أسماء الله وصفاته، والخوض في أمور الدين والكلام بالرأي في الثوابت والمسلمات لو كان أفضل لسبقوا إليه. (فلئن قلتم) كأنه يفترض شبهة قد قيلت صراحة قالوا: حدث بعدهم أشياء تستوجب أن نتكلم فيها، كذا زعموا!!! (فما أحدث ذلك
أي ما أحدثه أي ما أحدث الكلام في أسماء الله وصفاته وأفعاله وفي أمور الدين الأخرى التي نهينا عن الخوض فيها، إلا من خالف هديهمورغب عن سنتهم) أي سنة السلف الصالح، (ولقد وصفوا منه ما يشفي) وصفوا يقصد قرروا من الدين عموماً، ومن أسماء الله وصفاته (وأفعاله ما يشفي) يعني يشفي الصدور، ، يملأ القلوب عقيدة سليمة، ما يشفي يملأ بالعلم الصحيح ما هنا الشفاء المعنوي، ولا يلزم أن يكون الشفاء الحسي،وتكلم منه بما يكفي) يعني فيما قرروه من قواعد الدين وثوابته ما يكفي، زاد بعدهم السلف من حيث الشروح والبيان وردود ما أحدثه الناس، هذا الذي زادوه، لم يزيدوا في الثوابت، فليس كل زيادة محظورة، إنما الزيادة التي ترجع إلى نقض الثوابت أو الزيادة التي ترجع إلى الابتداع في الدين هذه ممنوعة، فما فوقهم محسر) يعني الذي زعم أنه يزيد عليهم فهو محسر يعني واقع في الغلو، وما دونهم) أي من أهل الإعراض ثم قال: (لقد قصر عنهم قوم فجفوا) يعني: وقعوا في التساهل والإعراض، (وتجاوز آخرون فغلوا) هذا تكرار للعبارات السابقة، تجاوزوا يعني: تعمقوا في الدين أكثر مما يجب، ومما أمر الله به فغلوا (وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم) أي: السلف الصالح بين الغلو والتقصير.
س : لماذا كف الصحابة عن الجدل والمراء فى الدين ؟
ج : كان ذلك منهم تورعاً ووقوفاًوليس لأنهم كان ينقصهم الذكاء ولا تنقصهم المواهب والقدرات ولكنهم تورعوا عما أمروابالكف عن الخوض فيه ، ولكنهم وقفوا حيث أمرهم الله.
س : لماذا اهتم المصنفون فىالعقيدة وتوسعوا فى الأسماء والصفات ؟
ج : لأن من أعظم وأهم وأخطر مسائل الدينما يتعلق بالله عز وجل وأسمائه وصفاته وأفعاله وأن أكبر مدخل دخل به أهل الأهواءعلى الدين هو الطعن والتأويل والتعطيل والتشويه في أسماء الله وصفاته فلما جرؤوا عليها كانواعلى غيرها أجرأ ولذلك أعطاها الصحابة والسلف حجمها بعد ظهور أهل البدع والأهواءلأنها هي الأولى.
س : ما المقصود بقوله (ورغب عن سنتهم) ؟
ج : أيسنة السلف الصالح فهم قد تركوها ولم يعملوا بها ولم يقتفوا أثرها ولم يهتدوابها.
س : ما المقصود فى قوله ( ولقد وصفوا منه ما يشفى ) ؟
ج : وصفوا أيقرروا من الدين عموماً ومن أسماء الله وصفاته وأفعاله ما يشفى الصدور ويملأ القلوبإيماناً ،و عقيدة سليمة ، يملأها بالعلم الصحيح والحق
س : هلزاد السلف فى الثوابت وفى قواعد الدين ؟
ج : السلف زادوا فى الشرح والبيان وردواما أحدثه الناس فالذي زادوه هو مقتضيات الظروف والأحوال ولم يزيدوا فى الثوابتوإنما فى الشروح والبيان وهذه هي الزيادة المشروعة لسد حاجة المسلمين فيها مقاومةللآراء والبدع .
س : ما معنى التحسير ؟ وما المقصود به ؟
ج : التحسير يعنىالوقوع فى الأمر الصعب ، كأن الإنسان إذا أراد أن يرتقى مرتقي صعباً يحسر عن ثيابه . والمقصود به أن أهل البدع والأهواء غلوا فى الدين وحسروا عن المنهج الصحيح منهجالسلف الصالح.
س : كيف نجمع بين عدم التقليد وبين الاجتهاد ؟
ج : أولاًالتقليد هو الإتباع الأعمى من غير بصيرة وهذا لا يجوز.
والتقليد له جانب سلبيوهو غالباً مذموم وهو الإتباع بغير دليل وهو اعتقاد عصمة المتبع ولو لم يكن معصوماً،وأما الإتباع على أسس شرعية فهذا هو المطلوب لأنه لا يمكن أن نأخذ الدين بالإتباع والاقتداء للنبي.
س : ما الذي نتبع فيه ؟ وما الذي لانتبع فيه ؟
ج : العقيدة نظراً لأنها ثوابت فإنها تقوم على الإتباع مطلقاً ، أماالأحكام ومسائل الحياة والاجتهاديات فالأصل فيها الاجتهاد ولا يجوز التقليد إلاببصيرة ولذلك قال الإمام الأوزاعى رحمه الله : (عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناسوإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول).
س : من هو الإمام الأوزاعى ؟
ج : هو من أئمة الدين الكبار الذين نفع الله بهم فى الدفاع عن الدين وفى محاربة أهلالبدع والأهواء ولذلك كان هذا الإمام ثقيل على أهل البدع والأهواء ، وكان حازم ،وكان إمام هدى، وهو من أئمة الدين فى الشام.
س:أذكر باختصار ماتضمنته مقالة الأوزاعي؟
(عليك بآثار من سلف) يعني سبقوك من أهل الحق والهدى، وإن رفضك الناس ردوك يعني أو شنعوا عليك أو أعرضوا عنك أو لم يقبلوا عملك أو قولك ما عليك رفضهم ليس هو الميزان، الميزان هو إتباع الشرع، لكن مع ذلك تراعي الحكمة (وإياك وآراء الرجال.لا تأخذ بآراءالرجال فى أمر فى الدين قد ثبت بالكتاب والسنة وعند السلف الصالح لأننا لسنا فىحاجة إلى الرأي ، لكن فى مجالات الحياة الأخرى لابد أن نعتبر بآراء الرجال (زخرفوه) يعني زينوه إذن عليك بثوابت الدين وإن زينها لك أهل الأهواء والبدع والافتراق.
اختصار أسئلة الطلبة للشيخ:
س : بعض الخطباء يرددون قوله )كل محدثة بدعة) والبعض يردد (وكل بدعة ضلالة) فهل هذه العبارات متداخلة أم لا؟
ج : هذه الألفاظ كلها وردت عن النبي صلي الله عليه وسلم قال كل بدعةضلالة وكل ضلالة فى النار) فجاءت هذه وجاءت هذه ولا حرج فى تلك أو تلك ، وهذهالعبارات متداخلة .
س : التنوع فى الوتر فى رمضان يصلى ركعتين ثم يسلم ثم واحدةويسلم أو ثلاثة معاً فهل هذا جائز ؟ أم هو من البدع ؟
ج : هذه كلها وجوه شرعيةصحيحة ولا شيء فيها وإنما التبديع يكون راجع إلى الاستعجال وعدم الإحاطة بأقوالالعلماء والأدلة وهذه السنن كلها داخلة فى سنن الخلفاء الراشدين .
س : هل إتباعالفرق الضالة كفار أتباعهم ممن يتبعون المشايخ وهم ربما لا يعلمون ذلك ، أو ليسلديهم من يجلى لهم المسألة ؟
انتهي الدرس السادس
________________________________________________


الدرس السابع
صفات الله عز وجل وأفعاله

ذكر ابن قدامة:
(أن الأدرمي قال لرجل تكلم ببدعة ودعا إليها الناس هل علمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي فقال الرجل: إذن فإني أقول: قد علموه أفوسعهم ألا يتكلموا به قال: بل وسعهم قال: إذن هل يجوز لهم أن لا يدعوا الناس إليها ولم يخبروا بها؟ قال: نعم وسعهم قال: فشيء وسع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه فانقطع الرجل، قال الخليفة وكان حاضرًا: لا وسع الله على من لم يسعه ما وسعهم)
س : من هو الرجل ناظره ا الأدرمى ؟

ج أحد أئمة المؤولة "الجهمية ومن سلك سبيلهم" تكلموا ببدعة تتعلق بأسماء الله وصفاته وذاته، وهذه البدعة بدعة التأويل والإنكار للصفات، هذا هو الراجح، ثم لم يكتفي بالكلام عنها بل دعا إليها. وهذا فيه إشارة إلى أن أهل التجهم استطاعوا أن يلبسوا على أئمة المسلمين وعلى المأمون والواثق والمعتصم ليقنعوهم بأن رأيهم هو الحق.
س: أذكر خلاصة ماذكره ابن قدامة؟
(ودعا إليها الناس) أي بقوة السلطان، قال -أي: الأدرمي- عن هذه البدعة وهي بدعة تأويل الصفات على الراجح وإنكارها، تأويل الصفات(هل علمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر وعثمان) وعلي) هذه البدعة التي دعوت إليها أنت وأصحابك لأنك تقول: أنها حق سنة، قال: بلا علم بتخرص والله عز وجل- يقول: ﴿ قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ﴾ [الذاريات: 10] لكنهم هذا من باب الدعوة عليهم، قال الخصم وهو من أهل البدع صاحب البدعة: قال: لم يعلموها، يعني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يجهلون هذه المقولة، فهو هنا نسب الجهل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، في قضية من قضايا الدين الكبرى متعلقة بذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، أعظم مقاصد الدين، فهنا الرجل أو المبتدع وقع في مشكلة معضلة , قال له - صاحب السنة الأدرمي- قال لهذا المبتدع: فشيء لم يعلمه هؤلاء علمته أنت؟! قال: نكص ، النكوص دليل أصلاً أنه لم يثبت عنده ثوابت، لو كان دينه ثوابت ما قال بقولين في مجلس واحد؛( فقال الرجل: إذن فإني أقول: قد علموه) أرجع عن قولي وأقول علمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، وهنا أيضًا وقع في ورطة أخرى، قال: (أفوسعهم) أي: هل جاز لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان يعلم بهذه المقولة والبدعة أن لا يتكلموا بها؟ إذن أمامك أحد خيارين إما أن لم يكونوا يعلموها فنسبت الجهل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا عين الباطل، أو تقول علموها، نقول: هات برهانك هات دليلك، إذاً ما عندك دليل يبقى معنى ذلك أنك افتريت على النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة. كأنه يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- علمها لكن ما أخبر بها، هذا معناها، والصحابة علموها فما أخبروا (قال: إذن هل يجوز لهم أن لا يدعوا الناس إليها ولم يخبروا بها؟ قال: نعم وسعهم) إذن وقع في مشكلة، معناه أن هناك شيء من الدين خفي هناك من الدين لم يبلغه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يؤد الأمانة، ولم يبلغ الرسالة، قال الرجل: فشيء وسع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه لا يسعك أنت؟
إذا كانوا لم يدعوا إلى هذا الأمر فمعناها أنه ليس بحق، (قال: فشيء وسع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه) أي لم يتكلموا بهذا الأمر، لم يتكلموا به (لا يسعك أنت؟) يعني ألا تسلك نهج النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ (فانقطع الرجل، قال الخليفة وكان حاضرًا: لا وسع الله على من لم يسعه ما وسعهم)، يعني من لم ينهج نهجهم فلا وسع الله عليه
س : ما هي خطورة بطانة السوء عند ولاة الأمر ؟
ج : هذه البطانة قد يلبسون على أولى الأمر مهما كان من قوة الذكاء والفطنة ما لم يكن متخصصاً التخصص الدقيق ، وما لم يعصمه الله عز وجل ، فهؤلاء البطانة قد يقنعوا الأمراء على البدعة على أنها الحق ، ومن ثم يقصروا الناس عليها قصراً ويرغموا الناس على هذه البدعة إرغاماً لأنهم ليظنون أنها الحق وبما أخضعوا الناس لهذه البدعة بقوة السيف وبقوة السلطان.
س : ما الخطأ الذي وقع فيه صاحب البدعة ؟
ج : عندما قال له الأدرمى عن البدعة التي ادعاها هل علمها رسول الله r وأصحابه أم لم يعلموها ؟ قال لم يعلموها،أي أن النبي r وأصحابه يجهلون ما قاله ، فهذا كأنه نسب الجهل إلى النبي r وأصحابه فى قضية من قضايا الدين الكبرى المتعلقة بذات الله وأسماءه وصفاته وأفعاله ، وهذا عين الباطل.
-وكذلك عندما قيل له هل كان فى وسعهم أن يبلغوها أو لم يكن فى وسعهم ؟ قال بل وسعهم. وهذا يعنى أن هناك من الدين لم يبلغه النبي r وأنه لم يؤد الأمانة ولم يبلغ الرسالة ، وهذا أيضاً عين الباطل.
س : هل يجوز لكل إنسان أن يجادل أهل البدع ؟ أو لابد من صفات معينة حتى يقوم الإنسان بمناقشة أهل البدع ؟
ج : المنهج الذي نهجه السلف أنهم كانوا لا يتكلمون إلا بعلم ولا يجادلون أهل الأهواء إلا عن بصيرة وتمكن ، بل كانوا يرون أن منهجهم الذي هم عليه وعودوا عليه عامة المسلمين وطلاب العلم أن من لم يتمكن من العلم الذي يجادل فيه عن الدين فلا يجوز له أن يجادل حتى ولو ظهرت البدعة لأنه إذا قصر علمه وقصرت قدرته العقلية كذلك فلابد أن يقول على الله بغير علم وأن يلتزم بلوازم لا تصح وأن يقع فى حرج يخرج منه بكذب أو جهل أو تخرص أو انهزام ، فيعود الموقف والأمر على ضعف الموقف عن السنة ، ولهذا فلا يجوز ، ونوصى طلاب العلم ألا يتعجلوا فى مجادلة أهل الهوى والبدع والافتراء بغير علم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: فمما جاء من آيات الصفات: (قول الله -عز وجل-:﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ﴾ [الرحمن: 27]، وقوله -سبحانه وتعالى-: ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ﴾ [المائدة: 64]، وقوله تعالى إخبارًا عن عيسى -عليه السلام- أنه قال: ﴿ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ﴾المائدة: 116]، وقوله سبحانه:﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾ [الفجر: 22]، وقوله تعالى: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ ﴾ [البقرة: 210]، وقوله تعالى: ﴿ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [المائدة: 119]، وقوله تعالى:﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ [المائدة: 54]، وقوله تعالى في الكفار: ﴿غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ﴾ [الفتح: 6]، وقوله تعالى:﴿ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللهَ ﴾ [محمد: 28]، وقوله تعالى:﴿ كَرِهَ اللهُ انبِعَاثَهُمْ ﴾[التوبة: 46])
س : ما هي عقيدة أهل السنة فى إثبات الصفات ؟
ج : أهل السنة يجعلون هذه الصفات لله حقاً على ما يليق بجلاله وأن هذه الصفات لا ترد بأي شبهة كانت مهما كانت الشبهة فى ذهن السامع أو المتأمل ، مهما كانت الشبهة قوية ، إلا أنه يجوز أن يتعلل بالشبهة أو الاشتباه أو عدم الفهم أو تعارض العقل عنده عن النص بما يزعم ، لا يجوز أن يجعل ذلك مبرر لرد الصفات.
-كذلك لا تؤول هذه الصفات على الإطلاق يبقيها على حقيقتها على ما يليق بجلال الله ، أيضاً لا نشبه ثم نثبت الصفات ولوازمها ، ومعنى ذلك أن هذه الصفات جاءت لإثبات عظمة الله وجلاله ونفى النقائص.
س : أذكر عقيدة السلف فى قوله تعالي}وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ{؟
ج : مثلاً قوله تعالى : }وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ{ يلزم منها أن الله بذاته باق لكن عبر عن الذات بالوجه لأن الوجه أكرم عند الخلق ، أكرم ما يوصف به الموصوف ، نعم صفات الله كلها على منتهى الكرم والكمال ، لكن هذا من باب تقريب المعاني للمخاطبين ، فإذن حينما نثبت الوجه لله عز وجل صفة ذاتية كما يليق بجلاله فلا يعنى ذلك أننا ننكر لوازمها من صفات الكمال والجلال ونفى النقائص ، فحينما نثبت الوجه نثبت جميع صفات الكمال والجلال ، ونفى النقائص ، وعندما نثبت الوجه ننفى التشبيه بالضرورة لأن الله عز وجل : }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{ (الشورى: من الآية11) ثم كذلك بقية الصفات.
س : فى قوله تعالى : }بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ{ (المائدة: من الآية64) ما مناسبة نزول الآية ؟
ج : نزلت الآية للرد على اليهود عندما قالوا : }يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ{ (المائدة: من الآية64) والله أنزل الآية وأثبت من خلال إثبات اليدين الرد عليهما ونزل قوله تعالى : }بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ{ فى معرض نفى النقائص التي زعمها اليهود ، وفى الآية إثبات الكرم والعطاء والرزق على وجه الكمال ، وفيها إثبات الذات لله سبحانه وتعالى وإثبات اليدين لله جل وعلا فهذا كلام الله لا نزيد فى ذلك ولا ننقص ، واليدان حقيقة لله على ما يليق بجلاله مع نفى التشبيه قطعاً.
س: بين معتقد السلف في قوله -عز وجل- عن عيسى ﴿ وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ﴾ فيه إثبات هذه الصفة لله -عز وجل- على ما يليق بجلاله، ولا نقيس ذلك على نفس المخلوقين، بل هنا النفس تدل على الذات وتدل على الصفات، وتدل على جميع معاني الكمال.
س: في قوله تعالي﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾ ماهي الصفة التي يجب علينا إثباتها لله عز وجل؟
صفة المجيء لله -عز وجل-، فهذا دليل على أنها صفة لله على ما يليق بجلاله، اللوازم الباطلة التي تلزم في ما نعهده في المخلوقين لا تلزم في حق الله؛ لأن الله أعظم من كل شيء، إنما نثبت المجيء وهو صفة كمال لله على ما يليق به عز وجل قول تعالي:: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ ﴾ هنا الإتيان لله -عز وجل- مثل المجيء على ما يليق بجلاله.
س: قوله -عز وجل-: ﴿ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ﴾ ماذا تستلزم هذه الصفة؟
هذا يلزم منه إثبات الرضا وما يلزم من الرضا من الثواب ومن الرحمة، ومن جميع لوازم الرضا والولاء للمؤمنين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: ومن السنة : قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى سماء الدنيا) وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة) وقوله -عليه الصلاة والسلام-: (يضحك الله إلى رجلين قتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنة)
فهذا وما أشبهه مما صح سنده وعدلت رواته نؤمن به ولا نرده، ولا نجحده ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره، ولا نشبهه بصفات المخلوقين ولا بسمات المحدثين ونعلم أن الله -سبحانه وتعالى- لا شبيه له ولا نظير ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ وكل ما تخيل في الذهنأو خطر بالبال فإن الله -تعالى- بخلافه).
س:ذكر المؤلف هذا المقطع نماذج للصفات، خاصة الصفات الفعلية، من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الثابتة، بينها مع ذكر موقف أهل السنة والجماعة منها؟
منها صفة النزول (ينزل ربنا تبارك وتعالى) مما يرد ويقطع باب التأويل الذي أول به المؤولون حينما قالوا: تنزل ملائكته تنزل آياته، تنزل رحمته، ينزل أمره وتقديره، إلى آخره، كل هذا عين الباطل نعم هذه الأمور هي من لوازم، فربنا -عز وجل- ينزل كما يليق بجلاله ليس كنزول المخلوقين من أجل أن ننفي ونشبه.

(كل ليلة إلى سماء الدنيا) ينزل لطفًا بالعباد بعباده الذين يدعونه كل ليلة إلى سماء الدنيا. (ويعجب ربك) كذلك نسبة العجب إلى الله تدل على أنها صفة من صفات الله على ما يليق بجلال الله وهي صفة الكمال، وكذلك قوله: (يضحك الله) الضحك لله -عز وجل- على ما يليق بجلاله.
س: وضع المؤلف للنصوص التي تتضمن الصفات خمس قواعد تحكم هذه الصفات من أمثلتها عرف منهج السلف وسلمت عقيدته من غوائل التشبيه وغوائل التأول. فما هي؟
القاعدة الأولي:(هذا مما صح سنده وعدلت رواته) بمعنى أننا نحن لا نثبت إلا ما ثبت، الحديث الضعيف أو الموضوع أو الحكايات هذا لا نثبت منها دين،.
القاعدة الثانية: (نؤمن به) يعني نسلم، ونخضع، ونصدق ونقتنع بأن كلام الله حق، هذا معنى الإيمان بمفهومه المجمل هنا، نؤمن به ولا نرده، لأن هناك أناس يدعون أنهم يؤمنون بالصفات ثم يردونها. إذن هذا نكص،.
القاعدة الثالثة: (ولا نرده) ثم (ولا نجحده) الراد أوسع من الجاحد من جانب، وأضيق من الجاحد من جانب آخر، الرد رد النص، والجحد أحيانًا يكون رد النص ورد الحق الذي يتضمنه، وكذلك العكس، إذن هما عبارتان أقرب إلى الترادف، رد النص ورد المعنى والجحد جحد النص وجحد المعنى.

القاعدة الرابعة: (ولا نتأوله بتأويل) أي تأويل؟ حتى و إن سماه أصحابه تأويل صحيح أو إلى خلافه لماذا؟ لأن أمور الغيب التأويل فيها هو حيدة عن حقيقتها إلى معاني أخرى (ولا بسمات المحدثين) المحدثين هم المخلوقات التي أحدثها الله -عز وجل-، فالله -عز وجل- لا يتسم بأي سمة من سمات المخلوقات، ونعلم أن الله -سبحانه وتعالى- لا شبيه له مطلقًا ولا نظير، وليس بين العبارتين الفرق الكبير ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ هذه قاعدة عظيمة نأتي بها دائمًا في كل موضوع وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله -تعالى- بخلافه.
س : أيهما أوسع من الآخر الرد أم الجحد ؟
ج : الرد أوسع من الجحد من جانب ، وأضيق من الجحد من جانب آخر ، الرد رد النص ، والجحد أحياناً يكون رد النص ورد الحق الذي يتضمنه وكذلك العكس ، إذن هما عبارتان أقرب إلى الترادف ، رد النص ، ورد المعنى ، والجحد جحد النص وجحد المعنى.
اختصار أسئلة الطلبة للشيخ:
س : ما معنى قولهم جانب الأسماء أضيق من جانب الأفعال ؟

ج : -باب الأسماء أضيق لأن مجال الأسماء توقيفي على ما يتعلق بالأسماء المتعلقة بالذات وعلى ما جاء فى كتاب الله وسنة رسوله r ، والأسماء أيضاً معدودة ومحدودة لأنه ليس كل ما يرجع إلى الوصف يثبت منه الاسم لذا كانت الصفات أوسع لأن الصفات تزيد على الأسماء ليس كلها يدل على الأسماء ، ولأن كثير من الصفات لا يلزم أن نثبت منها أسماء بينما الأسماء كلها تثبت منها صفات ، ثم إن الأفعال أوسع لأن الأفعال تتعلق بمقدورات الله عز وجل وهذه لا تتناهى ، والأفعال هي كل الأخبار المتعلقة بأفعال الله عز وجل ، لكن كلها يثبت منها الصفات .
س : ما هى حقيقة التفويض ؟ وهل له وجود فى العصر الحالي ؟
ج : نعم التفويض موجود أولاً ، والأمر الآخر حقيقته هي التخلي عن الإثبات والتنصل من الإثبات ، وهذا لا شك أنه يعتبر نوع من الإلحاد غير الظاهر ، يعتبر نوعاً من الإنكار ، التعطيل على لغة السلف.
-والتفويض هو الهروب من إثبات الحق والحقيقة ، وأحياناً يكون عن جهل وعن عجز ، فهذا صاحبه معذور ، وأحياناً يكون عن منهجية بعية التى هى قصد عدم الإثبات ، واعتقاد أن إثبات الأسماء والصفات تشبيه أو تجسيد ، فهذا الاعتقاد الباطل أحياناً يجر إلى التفويض ، فبعض الناس أحياناً يقف يقول أنا لا أستطيع ، يقف موقف سلبي يقول أنا لا أثبت ولا أؤول أو أنكر ، فهذا كأنه تنصل من إثبات الحقيقة ، وهذا أيضاً عين الباطل.
س : هل القصة التى ذكرت عن الأدرمى ومن حاجه ثابتة ؟
ج : هذه القصة اختلف عليها ، لأن القصة جاء بها المؤرخون دون سند يثبت متى كانت وعلى يد من كانت ، فهذا على سبيل الشهرة ، يعنى القصة من حيث سياقها هل قصة الأدرمى مع ابن أبى داود ، أو مع واحد آخر ، فالقصة من حيث ما يكسف بها من بعض الأحداث وعلى يد من كانت ومن هو الرجل المقابل ، فهذه ما عندنا ما يثبت صحتها لكن هذه المحاجة بهذه الطريقة قال بها عدد من السلف.
س : هل القصة مقصودة لذاتها أم لا ؟
ج : يمكن أن يكون المقصود من القصة ليس ذاتها إنما ملابسات القصة هي المقصودة ، المقصود ما تضمنه من حجج عقلية قوية ملزمة .
س : الشكوك التي تراود الإنسان فى تأويل الأسماء والصفات وكيف أن الله هو الأول وهو الآخر ؟
ج : هذه خواطر وليست شكوك وهذه لا يسلم منها إنسان ، لكن المؤمن القوى الإيمان ، الثابت العقيدة ، يطرد هذه الخيالات بقوة إيمانه لأنه علم أن الله عز وجل أعلم من كل شيء ، ولذلك الإنسان الذي ترد عليه الخيالات عليه أن ينظر فى واقعه القريب ، ما يتطلع إلى الوقوف عند خيالات وأوهام عن الله عز وجل ، ينظر إلى الروح التي فيه هل يدرى كيفيتها ، أحياناً يتصور عن الروح صوراً خيالية ويعلم جزماً أنها ليست الحقيقة فإن كان هذا فى نفسه فليعلم أن الله عز وجل أعظم من أن تحكمه خيالاتنا أو تحيط به.
س : هل يبحث الإنسان فى الصفات عن معاني أو تأويلات أو لا يتكلم فى هذا ؟
ج : إذا عرف أن هذه خيالات وهى تتسبب فى المعاني والتأويلات فعليه أن يطرد ذلك بقوة إيمانه لأن الله ليس كمثله شيء سبحانه وهو السميع البصير .
س : ما هي البدعة السنية وتستشهد بقوله نعمت البدعة ؟
ج : قصة نعمت البدعة لها ملابسات هو كان تكلم فى إعادة صلاة التراويح بعدما تركها النبي r خوفاً أن تفرض ، ورأى عمر الناس أنزاعاً يعنى جماعات يصلون على إمام واحد ، قال أحدهم نعمت البدعة من باب المخاصمة ، فهي وصف لغوى للكلمة وليست وصف شرعي ، والدليل على هذا منهج عمر بنفسه أنه كان أبعد الناس عن البدعة ، حتى الذرائع كان يأخذها بحزم ، فهذه فى الحقيقة تؤخذ على أنها من باب الرد ، رد الكلمة بمثلها لا من باب الإقرار الشرعي بأنها بدعة.
س : هل يجوز مجادلة أهل البدع ؟
ج : بدون تأهل أهلية علمية وجدارة لا يجوز ذلك ، بل هو إثم عظيم لأنه يؤدى إلى القول على الله بغير علم ، ويؤدى إلا خذلان الحق.
س : الذين لا يتكلمون العربية هل يجوز أن نترجم لهم العقيدة وشرحها ؟
ج : نعم تترجم لهما معانيها فقط ، يترجمها واحد حاذق فى اللغة العربية وفقه الدين ، يفقه المصطلحات الشرعية على وجه سليم ، ترجمة معاني شرط أن يفهم المترجم لهم حينما تأتى النصوص على أنه هنا يترجم معانيها
أسئلة المراجعة:
س : ما الموقف من الصفات الفعلية ؟ مثل لذلك

ج الصفات الفعلية لله عز وجل أهل السنة يجعلون هذه الصفات لله حقاً على ما يليق بجلاله وأن هذه الصفات لا ترد بأي شبهة كانت مهما كانت الشبهة فى ذهن السامع أو المتأمل مهما كانت الشبهة قوية إلا أنه لا يجوز أن يتعلل بالشبهة أو الاشتباه أو عدم الفهم أو تعارض الفعل عنده عن النص بما يزعم ، لا يجوز أن يجعل ذلك مبرر لرد الصفات ، كذلك لا تؤول هذه الصفات على الإطلاق يبقيها على حقيقتها على ما يليق بجلال الله ، أيضاً لا نشبه ثم نثبت الصفات ولوازمها ومعنى ذلك أن هذه الصفات جاءت لإثبات عظمة الله وجلاله ونفى النقائص.
-ومثال ذلك قوله تعالى : }وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ{ يلزم منها أن الله تعالى بذاته باقي لكن عبر عن الذات بالوجه لأن الوجه أكرم عند الخلق ، أكرم ما يوصف به الموصوف ، فإذن عندما نثبت الوجه لله عز وجل صفة ذاتية كما يليق بجلال الله عز وجل ، فلا ننكر لوازمها من الصفات صفات الكمال والجلال ونفى النقائص مع نفى التشبيه لأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
س : قال الإمام مالك رحمه الله تعالى : (الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول) اشرح ذلك بمثال ؟.
ج : ورد هذا فى الرد على المعطلة الذين يعطلون الصفات وذلك لما أولوا الصفات وقالوا أن اليد المراد بها القوة والرحمة وليست على حقيقتها فأنكر عليهم الإمام مالك ذلك وكذلك قولهم فى استواء الله على العرش فى قوله تعالى : }ثُمَّ استوي عَلَى الْعَرْشِ{ (الأعراف: من الآية54) فمنهم من أنكر ذلك وقال هي القوة ومنهم من قال الاستيلاء ، فقال الإمام مالك رداً عليهم الاستواء لله غير مجهول فهو الرحمن على استوي علا وارتفع ولكن تكييف ذلك
لا يليق لأن الله عز وجل ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
______________________________________________



الدرس الثامن
من قول المؤلف (وكل ما تُخيل في الذّهن....)

أسئلة المراجعة:
السؤال الأول: ما الموقف من الصفات الفعلية ؟
ج: أن نؤمن به حقاً على ما يليق بجلال الله وعظمته من غير تأويل ولا تشبيه ولا نردها بأي شبهة كانت ولا نؤولها بل نبقيها على حقيقتها بما يليق بجلال الله ونثبتها كما نثبت لوازمها ونؤمن بها.

الدرس الجديد:
قال المصنف رحمه الله: (وَكُلُّ مَا تُخُيِّلَ فِي اَلذِّهْنِ, أَوْ خَطَرَ بِالْبَالِ, فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى بِخِلَافِهِ).
س/ما المقصود من قوله (كل ما تُخيل في الذّهن أو خطر بالبال فإن الله -تعالى- بخلافه) ؟
يعني كل ما يخطر ببالك من خواطر وخيالات في الذهن، خواطر بالبال فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته وأفعاله، فإن الله خلاف ما تتخيله، وخلاف ما يخطر ببالك؛ لأن الله أعظم وأجل من أن تكون الخواطر هي الحقائق،فالحقائق تنبني على قوله -عز وجل-: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11]0
س: ماذا يفعل من ابتلي بوساوس فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته؟
من ابتلي بخواطر في أسماء الله وصفاته: لا يعلنها على الملا لأنه بذلك ينقل ما لديه من وسواس إلى الغير وإن ذكرها عند أهل العلم ومن يعينه على علاج ذلك فلا بأس؛ وهذا لا يدل على نقص في الإيمان وإن تطورت إلى وساوس فعليه أن يبحث عن العلاج.
س/هل ورودها على الإنسان دليل على ضعف إيمانه ؟
لا، مجرد الورود ليس دليل على ضعف الإيمان، لكن إذا كانت عبارة عن هواجس مستمرة، خواطر يعجز عن دفعها فمن هنا نخشى أن تكون وساوس فلابد من علاجها قبل أن تستفحل، ومع ذلك حتى لو - لا قدر الله - لا تضر بأصل الإيمان، بل ربما يكون هذا ابتلاء يؤجر الإنسان عليه. س/ ترد أفكار وتصورات عن كيفية الخالق جل وعلا عند كثير من الناس، فما الحل السليم لمثل هذه الظنون أو الشكوك التي ترد على الإنسان؟.
هو على أية حال كونه ترد مجرد خواطر ولا تكون تصل إلى حد
الشبهات والشك، فهي طبيعية ويدفعها الإنسان، وهذا دليل على قوة إيمانه، ومما يكون سبب بإذن الله لحماية المسلم من غوائل هذه الخواطر هو أنه دائمًا يستحضر عظمة الله -عز وجل- من خلال أسمائه وصفاته وعظمته وجلاله، ثم يستحضر دائمًا أن الله ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)
س/ما حكم من يتحدث عن هذه الأشياء أمام الناس؟
إذا تحدث بها أمام الناس الذين لا يعنيهم الأمر يأثم؛ لأنه
ينقل مرضه وشكوكه للآخرين، لكن عند أهل العلم والمختصين من الذين يطمئن إليهم ممن يساعدونه في علاج هذه المشكلة فلا بأس

س/ ما معني قوله: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ استوي ﴾
يعني مستوي في عرشه، والعرش أكبر المخلوقات وأعظمها وليس بعده مخلوق، مما يدل على أن الله -عز وجل- في العلو المطلق الذي لا يحصره مكان والاستواء هو كون الله في السماء دلالة على العلو المطلق، وإثبات الاستواء، وإثبات كون الله في السماء .
قال المصنف رحمه الله:
(وفيما نقل من علامات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الكتب المتقدمة أنهم يسجدون للأرض ويزعمون أن آلهتهم في السماء روى أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ مَسِيرَةَ كَذَا وَكَذَا " وَذَكَرَ اَلْخَبَرَ إِلَى قَوْلِهِ " وَفَوْقَ ذَلِكَ اَلْعَرْشُ, وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ فَوْقَ ذَلِكَ " فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا أَجْمَعَ اَلسَّلَفُ -رَحِمَهُمْ اَللَّهُ- عَلَى نَقْلِهِ وَقَبُولِهِ, وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِرَدِّه, وَلَا تَأْوِيلِهُ, وَلَا تَشْبِيهِهِ, وَلَا تَمْثِيلِهِ.)
س: ما وجه الدلالة فيما ذكره المصنف؟
فيه إشارة إلى إيراد إسرائيليات وهذا من الاعتضاد وكذلك الحديث الذي بعده ضعفه بعض أهل العلم.
-السلف لم يجمعوا على المكذوب والموضوع ولا أجمعوا على الضعيف وإنما أجمعوا على نقل ما له دليل حديث في الأصل-بل لم يتعرضوا لرد النص ولا تأويله ولا تشبيه.
-العقل وسيلة لفهم الدين وليس مصدر له.
س/لماذا يورد العلماء أحيانًا بعض الأحاديث الضعيفة لا ثبات الصفات ؟
هذه الأحاديث يوردها السلف والعلماء من باب الإعتضاد لا من
باب الاعتماد، بمعنى أن هذه الأدلة الضعيفة ليست هي الدليل، لكنها من
باب كثرة الأدلة؛ لأن بعض أهل الحديث قد يقوي هذا الحديث الضعيف ويستدل به
س/ هل ترد الإسرائيليات في كتب السلف وما حكم العمل بها؟
نعم ، الإسرائيليات ترد ضمن كتب السلف وهذه للاعتضاد، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الإسرائيليات: بأنها لا تصدق ولا تكذب و(حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج).
س/ما المقصود من قوله (أجمع السلف رحمهم الله على نقله )
يعني على روايته، أجمعوا على نقله فيما له دليل صحيح في الأصل، أجمعوا في الجملة على نقل الأدلة الصحيحة في إثبات هذه الصفات وغيرها، وما بعد الأدلة الصحيحة من الأدلة الضعيفة والروايات والحكايات
س/ وما معني قوله(ولم يتعرضوا برده ولا تأويله) ؟
أي الدليل الصحيح لم يردوه ما قالوا: هذا الحديث لا يصح، أو هذا الدليل لا يسلم به أبدًا، سلموا به تسليم المؤمن الموقن بأن كلام الله حق على حقيقته تسليم القلب والاستعداد للقبول،(ولا تأويله) أي أثبتوه على الحقيقة التي أرادها الله -عز وجل
س/ما هي أنواع الحقيقة التي يريدها الله عز وجل ؟
الحقيقة التي أرادها الله نوعان:حقيقة معلومة في الظاهر، وهي الحقائق المجملة التي نؤمن بها أنها حق فيما يليق بجلال الله والغيبيات الأخرى، وحقيقة بمعنى الكيفية هذه لا نعلمها؛ ولذلك كوننا لا نعلمها لا يعني أننا ننصرف إلى التأويل لها بأنه هروب من الإثبات.
س/وماذا يقصد بقوله (ولا تشبيه ولا تمثيل) ؟ولماذا؟
بمعنى أننا لا نتعلل للرفض، فإننا نثبت، ولا نؤول، وبالمقابل أيضًا لا نؤول ولا نشبه ولا نمثل لأن الذين وقعوا في التأويل أو الإنكار من الجهمية ومتكلمة الفرق الأخرى لجئوا للتأويل فأرادوا أن يهربوا من التشبيه –ومن الإثبات- إلى التأويل فوقعوا في خطأ مركب، صدقوا أوهامهم وخواطرهم أرادوا أن يهربوا منها إلى ردة الفعل المعاكسة لا إلى الاعتدال، ردة الفعل التي هي التأويل والتعقيب.
س/هل يعتد بالعقل في استنباط الحجج العقلية والفطرية ؟ ولماذا ؟
نعم العقل يعتد به في الفهم والتفكير واستنباط الحجج العقلية والفطرية،
لأن العقل وسيلة، وهذا هو الفارق المنهجي بين السلف الصالح ومنهج الأنبياء ومنهج أئمة الدين، العدول الثقات، وبين كثير ممن خلطوا في مسألة العقل، السلف يعتبرون العقل نعمة من الله -عز وجل- وأداة، ووسيلة فعالة للفهم، بل هي الوسيلة لفهم النصوص تقوم بها الحجة
*قال رحمه الله:سُئِلَ اَلْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ –رَحِمَهُ اَللَّهُ- فَقِيلَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ: "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى""طـه:5" كَيْفَ استوي? فَقَالَ اَلِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ, وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ, وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ, ثُمَّ أَمَرَ بِالرَّجُلِ فَأُخْرِجَ.
س/ لماذا أمر الأمام مالك –رحمه الله- بإخراج السائل عن الاستواء؟
لأن الإمام مالك ما تصور أن هذه البدعة تصل إلى حد الإعلان، حتى أعلنها هذا الرجل عنده، وسأل هذا السؤال، والإمام مالك لما سئل هذا السؤال استعظمه تعظيمًا لله، حتى أنه كاد يغمى عليه، سكت فترة، تصبب منه العرق من تعظيم الله -عز وجل- وخشيته، ويدل على الشبهة، وأنها مستحكمة في القلب؛ ولذلك طرد الإمام مالك هذا السائل؛ لأنه أثار قضية فيها سوء أدب مع الله.
س: من الذين يثبتون الاستواء من الفرق؟:
الذين يثبتون الاستواء من الفرق –هم أهل السنة والجماعة ولا يشاركهم أحد من الفرق الأخرى إلا النادر والنادر لا حكم له – لا يؤولون؛ والذين أولوا الاستواء أولوا غيره من الصفات الذاتية والفعلية.
س: ما أول بدعة ظهرت؟
-أول بدعة ظهرت هي إنكار الاستواء.
س/هل الاستواء معلوم من ناحية اللغة العربية، ومعلوم شرعًا ؟
هذا معلوم بالكتاب والسنة؛ لأن هذا مقتضى ثوابت الدين، معلوم يعرفه أدنى العامة أن الله استوي على العرش كما يليق بجلاله، فإذن الاستواء معلوم عند جميع المسلمين
س/ ما معني قوله (والكيف غير معقول)؟
يعني الكيف مجهول، وكون الكيف مجهول لا يعني أن حقيقة الصفة مجهولة، بل حقيقة الصفة معلومة.
س/وهل والإيمان به واجب ؟
الإيمان بأن الله استوي على عرشه كما يليق بجلاله - وبقية الصفات - واجب، ليس فيه خيار لأنه كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- ليس كلام فلان أو رأي فلان من الناس جماعة ولا أفراد.
س: ماحكم السؤال عنه؟
السؤال عنه بدعة: لأنه أحدث في الدين ما لم يكن منه؛ ولأن السؤال يدل على الشك لدى السائل وارتفاع اليقين من قلبه .
س/ لو أردنا أن نتعرف على معاني الأسماء والصفات، ما هي المراجع
التي تعتبر الأسلم عن أخذ هذه المعاني والتعرف عليها؟ هل هي كتب
العقيدة أو كتب التفسير؟.
-شرح معاني أسماء الله وصفاته:
يؤخذ من تفسير الصحابة وهو نوعان:
الأول :نوع نقلوه عن النبي -صلى الله عليه وسلم - في أسماء الله وصفاته وأفعاله،:
النبي -صلى الله عليه وسلم - شرح كثير من أسماء الله مثل شرحه " للأول "، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الأول: هو الذي ليس قبله شيء، والآخر: الذي ليس بعده شيء، والظاهر: الذي ليس فوقه شيء، والباطن: الذي ليس دونه شيء) ، فمن هنا لابد من التزام تفسير النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم تفسير الصحابة الذين نقلوا تفسيرات عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيرها؛ لأنهم أعلم بالعربية والقرآن تنزل عليهم وهم أفقه الخلق بعد النبيين فيرجع إلى تفسيرهم.
ثانيا:ثم من تفسير الصحابة فهم أعلم باللغة العربية وهم أفقه الخلق بعد النبيين؛ ومواطن هذا التفسير:
كتب التفسير الأولى، والتي تتمثل بنوعين:
كتب التفسير التي تضمنت كتب السنة.
كتب التفسير الأولى قبل أن يظهر التأويل، ولما ظهر التأويل فأكثر كتب التفسير دخلها شيء من الغبش؛ لكن تفسير ابن جرير يعتبر أكبر كنز حفظ الله به العقيدة وثوابت الدين الأخرى
قال المصنف رحمه الله: فَصْلٌ مِنْ صِفَاتِ اَللَّهِ تَعَالَى اَلْكَلَامُ:

(وَمِنْ صِفَاتِ اَللَّهِ تَعَالَى, أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ قَدِيمٍ, يَسْمَعْهُ مِنْهُ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ, سَمِعَهُ مُوسَى -عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ- مِنْهُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ, وَسَمِعَهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ-, وَمَنْ أَذِنَ لَهُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ, وَأَنَّهُ -سُبْحَانَهُ- يُكَلِّمُ اَلْمُؤْمِنِينَ فِي اَلْآخِرَةِ, وَيُكَلِّمُونَهُ, وَيَأْذَنُ لَهُمْ فَيَزُورُونَهُ, قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: "وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً""النساء: من الآية164"وَقَالَ سُبْحَانَهُ: "قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي"لأعراف: من الآية144" وَقَالَ سُبْحَانَهُ: "منهم من كلم الله""البقرة 253" وَقَالَ سُبْحَانَهُ: "وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَاب""الشورى: من الآية51) وَقَالَ سُبْحَانَهُ: "فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى" "طـه:11"وَقَالَ سُبْحَانَهُ: "إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدوني" وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا أَحَدٌ غَيْرُ اَللَّهِ.)
فائدة: من صفات كلام الله عز وجل ما يلي:
أن كلام الله أزلي النوع :أي أن الله متصف بالكلام حتى قبل أن توجد المخلوقات التي كلمها؛ فكما أن الله موصوف بأنه خالق قبل إيجاد الخلق وهي صفة كمال.
" أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ قَدِيمٍ" أي الأزلي والأول مطلقاً الذي ليس قبله شيء ولا يقصد به البالي المتهالك.
أن كلام الله حقيقي يسمع قال تعالى:"حتى يسمع كلام الله " وورد في الحديث:"يسمعه من قرب كما يسمعه من بعد ".
أنه ثبت حتى في الدنيا: أن الله تعالى أسمع كلامه بعض خلقه في هذه الدنيا (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً)تكليماً: تقطع باب التأويل أي حقيقة
س/ ما معنى أن كلام الله أزلي النوع؟
أي أن الله موصوف بالكلام حتى قبل أن توجد المخلوقات التي كلمها، فهذه صفة أزلية، فالله -عز وجل- متكلم بمعنى قادر على الكلام؛ لأن الكلام صفة كمال،لكن كلام الله ليس ككلام المخلوقين وأن الله موصوف بصفة الكمال من الأصل، وأنه متكلم بكلام قديم، يقصد بالقديم: الأزلي
س/هل كلام الله حقيقي يسمع ؟ أم لا ؟ وما دليل ذلك ؟
كلام الله يسمع، كما قال الله -عز وجل-: ﴿ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ﴾ [التوبة: 6]، وأيضًا ورد في الحديث الصحيح: (أن كلام الله يوم القيامة يسمعه من قَرَبَ كمن يسمعه من بَعُدَ )فهو كلام حقيقي كما يليق بجلال الله ولذلك كلام الله سمعه جبريل وسمعه موسى، ويسمعه المؤمنون ويسمعه عامة الخلائق يوم القيامة ، وكذلك كلم الله بعض عباده كما في قوله -عز وجل-: ﴿ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ ﴾ وكذلك قوله ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ
اللهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾ وقوله ﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى ﴿11﴾ إِنِّي َنَا رَبُّكَ ﴾ كذلك قوله: ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي ﴾
فَصْلٌ : (وَمِنْ كَلَامِ اَللَّهِ -سُبْحَانَهُ- اَلْقُرْآنُ اَلْعَظِيمُ وَهُوَ كِتَابُ اَللَّهِ اَلْمُبِينُ, وَحَبْلُهُ اَلْمَتِينُ, وَصِرَاطُهُ اَلْمُسْتَقِيمُ, وَتَنْزِيلُ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ, نَزَلَ بِهِ اَلرُّوحُ اَلْأَمِينُ, عَلَى قَلْبِ سَيِّدِ اَلْمُرْسَلِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ, مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ, مِنْهُ بَدَأَ, وَإِلَيْهِ يَعُودُ, وَهُوَ سُوَرٌ مُحْكَمَاتٌ, وَآيَاتٌ بَيِّنَاتٌ, وَحُرُوفٌ وَكَلِمَاتٌ).
س/ هل القران كلام الله ؟
القرآن كلام الله كأنموذج أو كنوع من كلام الله -عز وجل- كلام الله منه ما هو في كتبه المنزلة، ومنه ما هو كلامه في أمور وردت، ومنه الكلام المطلق الذي متى شاء الله تكلم به، هذا القرآن كلام الله على الحقيقية، وهو كتاب الله المبين، يعني المفصح عن الحق، مبين يشرح يبين يقرر الحق جملة وتفصيلاً، والحبل المتين.
س/وما معني الحبل المتين ؟
أي الوسيلة التي توصل إلى الحق الذي يريده الله، كما يكون الحبل وسيلة لمن يرتقي أي مرتقىً إلى جبل أو إلى غيره يرتقي بحبل إذا كان الحبل قوي، فمعناه أن الوسيلة مأمونة، فكذلك القرآن هو حبل قوي للوصول إلى ما أرضاه الله من عباده، وإلى ما يرضي الله -عز وجل-.
س/من البُهــم؟
البُهم هم الذين على الفطرة ما معهم أي وسائل مثل الحيوان البهيم يعني ليس عليهم ملابس يعني على الفطرة الطبيعية تمامًا ولا يملكون شيء، لا يملكون وليس على أجسامهم أي شيء من العلامات أو الأدوات التي تكون عند البشر في الدنيا.
س/ أسماء الله وصفاته هل صحيح أن من أحصاها دخل الجنة؟
نعم هذا مُفَسَّر من أحصاها بمعنى: آمن بها، ليس مجرد الإحصاء ممكن الكافر
يحصيها ولذلك دائمًا مثل هذه النصوص المجملة ترد إلى النصوص الأخرى وقواعد الشرع، فإذا رددنا هذا المعنى لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ولمعاني الإسلام وقواعد الإسلام عرفنا أن المقصود بها أحصاها مؤمنًا بها متدبرًا لمعانيها ملتزم لوازمها، توحيد الله -عز وجل- وطاعته
أسئلة المراجعة:
السؤال الأول:ما معنى قول الشارح: «يكلم المؤمنين في الآخرة ويكلمون»
اشرح هذا المعنى على ضوء النصوص وقواعد الشرع مع الاستدلال؟
السؤال الثاني: قال الشارح: «وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن
الله -تعالى- بخلافه» أريد شرح هذه العبارة مع الدليل؟
انتهى الدرس الثامن.
________________________________________________


الدرس التاسع
تابع فصل (ومن كلام الله تعالى..)

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "فصل، ومن كلام الله - سبحانه- القرآن العظيم، وهو كتاب الله المبين، وحبله المتين، وصراطه المستقيم، وتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين، بلسان عربي مبين، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وهو سور محكمات وآيات بينات، وحروف وكلمات".
س: بين ما اشتملت عليه عبارة المؤلف من فوائد؟
(من كلام الله)أي أن الله -عز وجل- موصوف بالكلام، وأنه كمال لله سبحانه، وأنه يتكلم سبحانه بما شاء كما شاء كيف شاء، والكيفية غير معلومة(وهو كتاب الله المبين) القرآن بَيِّنٌ بنفسه، ومُبيِّن للحق بجميع أصوله وفروعه. (وحبله المتين) لأنه من استمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى- (صراطه المستقيم) هو الطريق إلى الله وهو الطريق إلى الجنة- (نزل به الروح الأمين) الروح الأمين هو جبريل. - (على قلب سيد المرسلين) وهو نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم(بلسان عربي مبين) وهذا يعني أن القرآن فصيح- (منزل غير مخلوق) بحروف وأصوات سمعها النبي -صلى الله عليه وسلم- من جبريل، نزل به من عند الله. (منه بدأ) أي أن الله ابتدأ الكلام به(وإليه يعود)؛ يرفع القرآن من الصدور ومن المصاحف(سور محكمات) يعني ليس فيها تناقض ولا غموض- (وآيات بينات) يعني بينة بمعنى محكمة(وحروف وكلمات) أي أنه كلام الله -عز وجل- هذا القرآن يتمثل من هذه الحروف المعلومة التي نجدها تتكون من حروف اللغة العربية الثمانية والعشرين، ولذلك افتتح الله -عز وجل- كثيرًا من السور بحروف ترمز؛ لأن القرآن يتمثل بهذه الحروف وغيرها من الحروف الأخرى:
س/ ما معنى قوله ( المبيِّن ) ؟
أي أن القرآن بَيِّنٌ بنفسه، ومُبيِّن للحق بجميع أصوله وفروعه، وأن القرآن ، بيَّن التوحيد وأمر به، وبين طرق الشرك ونهى عنها، وبين الحلال وبين الحرام، وبين كل ما يحتاجه الناس من باب الأوامر والنواهي، أو من باب الأخبار والقصص، أو من باب الغيبيات الأخرى الماضية والحاضرة والمستقبلة، فهو إذن مبين عن كل ما يحتاجه البشر.
س/ وما الصراط المستقيم؟
الصراط هو الطريق إلى الله وهو الطريق إلى الجنة.
س/ما معني (على قلبك)ولماذا اختص القلب ؟
يعني أن الله -عز وجل- أعطاه من القدرة ما استوعب به القرآن ووعاه، فصار -صلى الله عليه وسلم- أفقه الخلق بكتاب الله، والنزول على القلب هنا يعني أنه النبي علم القرآن تعلمه وعلمه وفقهه، وأن الله -عز وجل- أعطاه العلم الكامل بالقرآن، فلذلك جاء كان مسكن هذا العلم هو القلب، قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم النبي -صلى الله عليه وسلم- عبر عن كل ما أمره الله به، والذي تضمنه القرآن بلسانه وقوله وفعله، بقوله وفعله وتقريره.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"من قرأه فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات، له أول وآخر، وأجزاء وأبعاض، متلو بالألسنة، محفوظ في الصدور، مسموع بالآذان، مكتوب في المصاحف.
س/ ما هي السور المحكمات ؟
السور هي المعروفة مثل سورة الفاتحة سورة البقرة يعني السورة تعني المجموعة من الآيات التي جاءت على نسق واحد، رتبها النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الموضع الواحد، تبدأ ببسم الله، وتنتهي بنهاية السورة التي علمنا إياها النبي -صلى الله عليه وسلم-. ومحكمات يعني ليس فيها تناقض ولا غموض ولا لبس، والإحكام هنا ،بمعنى الإحكام العام ليس معنى الإحكام الخاص.
ما الشروط الواجب توافرها لتحصيل الأجر ؟ وما المقصود من قوله (قرأه فأعربه ) ؟
الشروط: (1)النية (2)والصدق(3) والإيمان به إلى أخره،وقرأه فأعربه بمعنى: أقامه على اللغة العربية من غير لحن فيه
س/ أذكر بعض أدلة تحصيل الأجر عند قراءة القران ؟
منها : قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح:(الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأه ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران)
ومثل قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:(أن من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات) ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا أقول ﴿ الم ﴾ حرف لكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)
س/ س/ما معنى قوله (القران له أول وآخر) ؟
له أول وآخر من عدة اعتبارات: أشهر هذه الاعتبارات أن له أول من حيث سوره، القرآن أوله سوره الفاتحة، وآخره سوره الناس، النبي -صلى الله عليه وسلم- رتبه هكذا، ومن حيث النزول كذلك،
أول القرآن على المشهور:﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1]،
وآخر سورة في القرآن سورة﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ﴾ [الفتح: ]
س: مالمقصود بقوله أجزاء وأبعاض؟
أي أنه تكون من سور وآيات، وأيضًا أجزاء بمعنى الجزء الأول الجزء الثاني إلى الثلاثين، وهذه الأجزاء تتبعض أيضًا إلى أحزاب وهكذا، أن القرآن يتبعض من حيث سياقه، ومن حيث معانيه من حيث السياق كما ذكرت في السور والآيات إلى آخره، ومن حيث معانيه أيضًا يتبعض.
س: وضح معني قوله مكتوب في المصاحف؟
(أي أن كلام الله -عز وجل- الذي تكلم به بحرف وصوت تحول إلى هذا المكتوب بالمداد وبالأوراق، المداد والأوراق مخلوقة، لكن القرآن في حقيقته كلام الله بحروفه ومعانيه.
س: هل في القرآن محكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ وما لمقصود بكل منهما؟
نعم (فيه محكم ومتشابه) والمقصود بالمحكم هنا، البين الذي لا يخفى على أكثر الناس، والمتشابه الذي يخفى على الكثيرين، يحتاج إلى بيان من قِبَل أهل الاختصاص.
- (وناسخ ومنسوخ) هناك أحكام وردت في القرآن بآيات نسختها آيات أخرى، والنسخ هنا يعني أنواع النسخ، لكن لعل الأظهر هنا هو النسخ نسخ الحكم لا نسخ التلاوة.
س: هل يمكن أن يرد في القرآن نوعاُ من الباطل؟
لا يمكن أن يرد إليه أي نوع من أنواع الباطل، سواءً هذا الباطل في ذاته لا يمكن، ولا مما يرد إليه من الخلق، ما يمكن أن يتطرق إليه الباطل، ولذلك تحدى الله به جميع البشر بأن يأتوا بمثله، فلا يأتيه الباطل بالزيادة والنقص ولا التحريف، ولا الشبهات ولا غيره من بين يديه ولا من خلفه.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من هذا القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفًا متفقًا عليه أنه كافر، وفي هذا حجة قاطعة على أنه حروف)
س: ما لحكم فيمن جحد ولو حرفاُ من القرآن؟
من جحد - ولو حرف من القرآن - - فقد كفر الكفر المخرج من الملة، وكأنه كفر به كله؛ لأن القرآن لا يتجزأ من حيث الاعتقاد، يجب أن نعتقده كله.
س: هل عدد سور القرآن متفق عليها؟
اتفق المسلمون على عد سور القرآن، يعني معدودة سور حددها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي مائة وأربعة عشر سورة، وكلماته كذلك، وإن كان اختلف في عدد الكلمات، وهذا راجع إلى القراءات أو بعض العبارات التي هل هي كلمة أو لا، و قد يكون تنوع القراءات يشكل على غير المختصين؛ لأن بعض القراءات يكون فيها زيادة حرف أو نقص حرف، وهذا ليس راجع إلى زيادة القرآن، راجع إلى لغة العرب في استعمال الألفاظ، وهذا نادر
س/ لماذا لا يمكن تدريس العقيدة من خلال كتب تكون صافية من القرآن والسنة؟
لا شك أن عقيدة السلف أصلاً ترتكز على القرآن والسنة، وأن الأصل في تعلم العقيدة أن المبتدئ وعامة المسلمين لا يدخلون في الخلافات أصلاً، نعلمهم ثوابت العقيدة من خلال القرآن والسنة فعلاً، فإذا علمناهم ثوابت العقيدة فتأتي مرحلة لمن أراد أن يستزيد من طلب العلم، هذا أيضًا يمكن أن نعطيه الكتب الموسعة التي تقرر العقيدة بشيء من التفصيلات، تأتي مرحلة ثالثة وهي: أنه إذا كان هناك طالب علم يريد أن يتخصص في العقيدة ويدافع عنها ويدفع عنها الشبهات والأباطيل التي أدخلت من قِبَل أهل الأهواء والبدع والافتراق فلابد أن نعلمه أصول البدع والأهواء والافتراق، من أجل أن يرد على نهج سليم.
س/القرآن كلام الله كيف نجمع بين هذا وبين قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾؟.
الله -عز وجل- ذكر أنه تكلم بالقرآن، وقال عن النبي -صلى الله عليه
وسلم- عن المستجير من المشرك قال: ﴿ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ﴾
[التوبة: 6]، الذي هو القرآن، ثم أيضًا الله -عز وجل- قال عن كلامه
لموسى وهو من جنس كلام الله هو كالقرآن، ﴿ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى
تَكْلِيمًا ﴾ [النساء: 164]، وثبت في النصوص الصحيحة أن الله -عز وجل- يتكلم يوم القيامة بصوت يسمعه من بَعُد كما يسمعه من قَرُب، وثبت بقواطع النصوص أن القرآن من كلام الله ليس هو كل كلام الله، القرآن من كلام الله
س/ في قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ما المقصود من الهجر في القران؟
الهجر عام وأيضًا نسبي، أولاً: من هجر القرآن هجر العمل به، وهذا هو
الذي يقتضيه سياق الآية،هجر العمل به، ويدخل في هجر القرآن هجر التلاوة ولا شك، فالهجر يشمل النوعين
س/ هل السماع للقران يجزي عن القراءة؟
إذا كان الإنسان مشغول، كثير من المسلمين لا يقرءون، وقد يكون حفظهم قليل، فهذا يكفيه السماع.
س/ بالنسبة لقراءة القرآن، هل هناك ترتيب مقدار معين في اليوم لكي يكون خارج عن هجر القرآن؟.
لم يرد تحديد توقيفي فيما أعلم، الأقل والأكثر.
س/ ما المقصود من قوله (ناسخ ومنسوخ)؟
أي أن هناك من آيات القرآن ما ورد خاصة في الأحكام، بل لا يكون النسخ إلا في الأحكام، هناك أحكام وردت في القرآن بآيات نسختها آيات أخرى، نسخ الحكم لا نسخ التلاوة، هذا النسخ يعني بقاء نص من آيات القرآن مع نسخ الحكم، فالنسخ هنا لا يعني نسخ الحروف إنما نسخ الحكم، وهذا كثير.
س/هل يناسب القرآن ما هو موجود عندنا من حضارات أي مناسب لكل عصر وزمان ؟
لا شك، القرآن هو دستور للبشرية إلى قيام الساعة، والقرآن أيضًا ليس
مجرد أخبار، يقال: إنه مثلاً تضمن أخبار عن المخترعات والعلوم الحديثة،
أيضًا القرآن تضمن وضع نظام تسيير الحياة، وأيضًا يتمثل في تشجيع
البشرية على النظر في ملكوت الله، وتقدم العلم وازدهاره، فالقرآن معجزة
من هذا الجانب، كما أنه نظام ينظم الحياة قديمًا وحديثًا0 فالقرآن بذاته لا شك أنه يمثل منهج جميع الحياة في الدين والدنيا وإلى قيام الساعة للبشرية جمعاء.
اختصار أسئلة الطلبة للشيخ
س/ أنا معلمة قرآن وأدرس مستوى الأمهات، وأعاني من عدم تثبيت حفظهم رغم محاولتي لتفسير السورة لهم فما نصيحتك لي ولهم؟.
يختلف وجه التعامل مع الدارسات، لا تعامليهن معاملة واحدة، وأنت من خلال التعامل معهن صنفيهن إلى عدة أصناف، فلا شك أن درجة الحفظ تختلف، فلا تعامليهن معاملة واحدة. أن الآلة للحفظ تختلف من امرأة إلى أخرى، فنوعي آلية طلب الحفظ، وأهم من هذا ما قلته قبل قليل: الاستفادة من تجارب الأخريات في تحفيظ الكبار.
س/ ما حكم تعلم التجويد بحيث أن هناك بعض الكلمات في القرآن لو اختلف التشكيل اختل المعنى، فما حكم تعلم التجويد؟.
تعلم التجويد من الأمور المتممة للعناية بكتاب الله -عز وجل- ليس من
الضروريات إلا للمختصين، التجويد علم وسيلة لضبط القرآن؛ ولذلك يجب أن
نفرق، أما بالنسبة للمتخصصين من طلاب العلم المعنيين بكتاب الله -عز
وجل- يجب عليهم أن يعنوا بالتجويد، وأن يقرءوا بتجويد، وأما ما عداهم
فهذا قد يكون فيه عسر، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها فنسدد ونقارب،
ونعطي الناس بقدر قدراتها.
س/ هل ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كلم الله -جل وعلا- وهل يصح أن نقول: أنه هو كليم الله؟.
الكلام بالمعنى الكلام الحقيقي الذي ثبت لموسى لم يثبت للنبي -صلى الله
عليه وسلم ؛ ولهذا اختص الله به موسى، وإن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- هو أفضل جميع النبيين والمرسلين هذا في الجملة
س/هل القران نزل بلغة العرب ؟أم بغيرها ؟
اتفق أهل العلم بل جميع من اطلع على القرآن يدرك أن هذا القرآن الذي
تحدى الله به البشر أن يأتوا بمثله ، فهذا القرآن يتكون من لغة العرب الفصحى التي يدركها كل العرب، بل إن القرآن يمثل أعلى وأفصح ما عرفته العرب من اللهجات العربية، هو في جملته بلغة قريش، ولكن تضمن للهجات العرب الأخرى، أفضلها وأعلاها،
س/ما حكم من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أوحرفاً ؟
أجمع المسلمون أن من جحد ولو حرف من القرآن ، فقد كفر الكفر المخرج من الملة، وكأنه كفر به كله؛ لأن القرآن لا يتجزأ من حيث الاعتقاد، يجب أن نعتقده كله، ما نقول: هذا مضمون وهذا مجزوم، وهكذا سائر الثوابت، والقرآن هو أعظم الثوابت فيما يتعلق بمصادر التلقي.
س/ يقرءون القرآن جماعي في الجنائز فما حكم ذلك؟.
القراءة الجماعية في مثل هذه الحالة بدعة لا أصل لها.
س/ هل القرآن كتاب هداية أم كتاب علم أو هما معًا؟.
القرآن كتاب هداية وعلم هما معًا وغير هما، القرآن شامل لكل الخير.
س/ كثير من الذين أسلموا حديثًا لم يقرءوا باللغة العربية ويعتمدون على المصاحف المترجمة المعاني فهل هم مأجورين كمن يقرأ باللغة العربية؟.
لا شك أنهم مأجورين، لكن يبقى هل يشملهم التحديد يعني من قرأ حرف، بأنه بكل حرف عشر حسنات، فأن هذا لا يتأتى في ترجمة المعاني ، لكنهم مأجورون،حتى لو قرءوا غير القرآن إذا قرءوا كتب العلم احتسابًا فلا شك أن لهم أجراً فهذا يحتسب عند الله -عز وجل- وفضل الله واسع.
س/هل يجب في حقهم تعلم اللغة العربية ؟
لاشك، أن المسلم الأعجمي يعني يجب عليه أن يبذل جهده ما استطاع في أن يتعلم العربية؛ لأنها لغة القرآن ولغة الفقه في الدين ما استطاع ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
س/ كيف نجمع بين أن الأمور الغيبية لا يجوز الخوض فيها إلا بما ورد
عن الله -جل وعلا- وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم- وأننا نقرأ كثيرًا
عن وصف السلف للجنة، ويوم القيامة والحور العين وأوصاف من خيالهم لبعض الناس وترقيق قلوبهم؟.
إذا حدث من بعض السلف، خاصة بعض العباد، وبعض الوعاظ والقصاص من أتوا بأوصاف عن أحوال القيامة غير ما ورد في الكتاب والسنة على أنها ثوابت، فهذا خطأ ويجب أن يُرد، لكن أحيانًا بعض الوعاظ وبعض العلماء يستعمل العبارات المرادفة لما ورد في الشرع يتوسع في المعاني والشرح لوصف نعيم الجنة قد يتوسع فهذا مما يباح، لكن يجب أن يميز بين ما هو من الثوابت والقطعييات وبين ما هو من بيان الشرح والبيان.
س/ ما حكم من يقوم بوضع بعض السور بدون ترتيب وتوزيعها علي الناس؟
إذا كانت مرتبة على ترتيب القرآن فلا حرج؛ لأنه الآن يحتاج الحفاظ إلى
إفراد أجزاء من القرآن كل جزء وحده، أما إذا كان هذا الجمع على وجه يخلط بين سور غير متوالية فهذا فيه نظر ، الخلط بين السور بهذه الطريقة غير مشروع وبدعة ،
السؤال الثاني: ما معنى أعربه في حديث: (من قرأ القرآن فأعربه) ما معنى أعربه؟
قرأه فأعربه بمعنى: أقامه على اللغة العربية من غير لحن فيه


الدرس العاشر:من قول المؤلف: (والمؤمنون يرون ربهم..)

قال المصنف رحمه الله:
فَصْلٌ :وَالْمُؤْمِنُونَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ بِأَبْصَارِهِمْ وَيَزُورُونَهُ, وَيُكَلِّمُهُمْ, وَيُكَلِّمُونَهُ, قال الله تعالى:وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ{22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ{23} (القيامة ) وقَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (المطففين:15) فَلَمَّا حَجَبَ أُولَئِكَ فِي حَالِ اَلسُّخْطُ, دَلَّ عَلَى أَنَّ اَلْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ فِي حَالِ الرضي, وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ, وَقَالَ اَلنَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) (( إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا اَلْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ )) ) حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا تَشْبِيهٌ لِلرُّؤْيَةِ, لَا لِلْمَرْئِيّ, فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَا شَبِيهَ لَهُ, وَلَا نَظِيرَ ).
هل الرؤية من ثوابت الدين؟
الرؤية من ثوابت الدين ومن قطعياته، ومن أصول الاعتقاد التي تواترت بها النصوص القرآن والسنة وأجمع عليها السلف الصالح.
ما أنواع الرؤية؟
-في الدنيا:رؤية الرب عز وجل في الدنيا لا يمكن أن تحصل فالله سبحانه وتعالى قدر ذلك وهذا ما جاءت به النصوص مثل قوله عزوجل لموسى عليه الصلاة والسلام:" قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي }الأعراف143
ولا يعني ذلك أنها مستحيلة فالله تعالى قادر على ذلك ولكن الله قدر بقدره ومنع ذلك قدراً وهيأ العباد في الدنيا على أحوال لا يستطيعون بها ولا يتمكنون من رؤيته سبحانه وتعالى.
-الرؤية في الآخرة:وهي على نوعين:
النوع الأول:رؤية الناس لربهم في المحشر:وقد وردت نصوص صريحة صحيحة بذلك؛ لكن هذه الرؤية مجملة بصرية تختلف من جنس إلى جنس فالمؤمنين يرون ربهم رؤية فيها تنعم والمنافقين يحصل لهم نوع استدراج فهم يرون الله تعالى ولكنهم لا يتمتعون بالرؤية والكافرون يرون ربهم رؤية مجملة لم يأتي تفسيراً لها لا بالعيان ولا غير ذلك وتبقى هذه من الأمور الغيبة.
النوع الثاني:الرؤية الخاصة:رؤية المؤمنين لربهم في الجنة وسميت ذلك لأن الجنة لا يدخلها إلا مؤمن، وثانياً الله تعالى احتجب عن الكفار بعد أن يفصل بين العباد كما قال سبحانه:" {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ }المطففين.
س: هل رؤية العباد ربهم في المحشر رؤية بصرية؟
رؤية الناس لربهم في المحشر، هذه وردت فيها نصوص صريحة صحيحة أنها بصرية، لكنها تختلف ما بين جنس وجنس من الناس، فجنس المؤمنين يرون ربهم رؤية فيها تنعم، والمنافقون يحصل لهم نوع استدراج فيستدرجون بأن يروا الله –عز وجل.


إن المؤمنين يرون ربهم -عز وجل- رؤية حقيقية بأبصارهم على ما يليق بجلال الله سبحانه، والله هو الذي يقدرهم ويمتعهم؛ ولذلك تعد الرؤية هذه هي أعلى النعيم، وأكمل النعيم
س/ ما الأدلة الدالة علي أن الرؤية بصرية ؟
الأدلة صرح القرآن وصرحت بها السنة، أما في القرآن فقوله -عز وجل-: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ﴾ يعني بهية، يعني مضيئة مسرورة ﴿ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ وأهل اللغة
مجمعون على أن كلمة "نظر" إذا سبقتها كلمة "إلى" فلا تعني إلا الرؤية بالعين الباصرة؛ وهذا دليل قطعي، بل النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سأله الصحابة سؤالاً صريحًا قالوا: (هل نرى ربنا؟) وفي بعض الألفاظ: (كيف نرى ربنا؟) فقال: (إنكم سترون ربكم)، وفي بعض الألفاظ وهذا كله في الأحاديث الصحيحة، بعضها متفق عليها، قال: (إنكم سترون ربكم عيانً) ثم مَثَّلَ الرؤية في الوضوح والبيان والجزم رؤية الناس لربهم برؤيتنا نحن في الدنيا للشمس ليس دونها سحاب وللقمر ليس بدونهم سحاب .
س/هل زيارة الله للعباد ثابتة ؟
الزيارة بهذا اللفظ لم يرد بها نص صريح صحيح، لكن بعض السلف أخذوها من مفهوم بعض النصوص، وهو أن الله -عز وجل- يتبدى للمؤمنين يوم الجمعة أو نحو هذا الكلام، فبعضهم يعني استنتج منها الزيارة، وأحاديث الزيارة ضعيفة، فلذلك مسألة الزيارة من الأمور الخلافية ليست من ثوابت الدين، إنما ألحقت بالرؤية؛ لأنها تفهم من بعض النصوص فهمًا غير ملزم .
س/ ما أنواع كلام الله للعباد ؟
التكليم ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم:"ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه بواحاً" أي مباشر عند الحساب.

والتكليم على نوعين:-
النوع الأول:كلام مجمل في يوم الحساب لجميع البشر:فالكلام الذي يصدر من الله عز وجل للمذنبين والكفار لا يتمتعون به وهو أيضا أنواع:
1-كلام يتكلم به الرب لعموم الخلق.
2-كلام لكل إنسان على حده.
النوع الثاني:الكلام الذي يستمتع به الخلق قيل أنه للمؤمنين في الجنة مع الرؤية.

س/ما الأدلة علي رؤية الله في الآخرة ؟
قوله -عز وجل-: ﴿ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ ﴾ يعني لقاء النظر، لقاء الرؤية
وقوله -عز وجل-: ﴿ كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴾ فسرها السلف وعلى رأسهم الإمام الشافعي: بأنه حينما احتجب عن هؤلاء الذين توعدهم وهم الكفار والمنافقون لما توعدهم بالاحتجاب عنه فهذا بالضرورة يدل على أن هناك فئة أخرى لا يحتجب عنهم، وإلا لو كان الله -عز وجل- محتجب عن الجميع كما يزعم الذين ينكرون الرؤية ما كان لهذا الوعيد معنى، ﴿ كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴾ أي أن الله احتجب عنهم، بسبب سخطه عليهم فدل هذا بالضرورة على أنه لا يحتجب عمن يرضى عنهم، وهم المؤمنون.
س: ما معنى قول رسول الله صلي الله عليه وسلم(لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِه)"؟
معنى قوله صلى الله عليه وسلم:" لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِه" أي لا تتزاحمون من أجل رؤيته عز وجل.
س/ هل الرؤية القلبية ممكنة لله -جل وعلا-؟وهل لها ضابط ؟
ليس لها ضابط فبعض الناس يتخيل أوهام ويسميها رؤية قلبية؛ الرؤية القلبية الحقيقية لا تكون إلا بنص كما فسرت للنبي صلى الله عليه وسلم في المنام وفي المعراج ولا تكون إلا للنبي صلى الله عليه وسلم وهي من خصوصيته.
س/ موسى -عليه السلام- لما ورد في القرآن الكريم ﴿ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ ﴾ [الأعراف: 143] أيضًا هل يستدل بهذه الآية علي عدم وقوع الرؤية ؟

نعم يستدل على عدم وقوع الرؤية لأحد، ﴿ لَن تَرَانِي ﴾ هذا دليل أنه إذا ما تمكن منه موسى وهو كليم الله وفي مقام عظيم، وهو في مقام أن كلمه الرب فكون الرؤية تقترب بالتكليم هذا أقرب ، ولذلك ما طمع موسى وهو نبي يعظم الله حق قدره ما طمع موسى في الرؤية ولا طلبها إلا حينما كلمه ربه، وهذه خصوصية له، فحينما عرف أن ربه -عز وجل- يكلمه طمع في الرؤية، ومع ذلك مُنِعَ منها، وهو كليم الله،فهذا درس لموسى وللأمة وللمؤمنين وللبشرية جمعاء إلى يوم القيامة بأنهم لا يطمعون برؤية الله، ومن طمع وزعمها قلبية أوبصرية فإنه ضل ضلالا مبين

قال المصنف رحمه الله : فَصْلٌ:

(وَمنْ صِفَاتِ اَللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ اَلْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ لَا يَكُونُ شَيْءٌ إِلَّا بِإِرَادَتِهِ, وَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ مَشِيئَتِهِ, وَلَيْسَ فِي اَلْعَالَمِ شَيْءٌ يَخْرُجُ عَنْ تَقْدِيرِهِ, وَلَا يَصْدُرُ إِلَّا عَنْ تَدْبِيرِهِ, وَلَا مَحِيدَ عَنْ اَلْقَدَرِ اَلْمَقْدُورِ, وَلَا يَتَجَاوَزُ مَا خُطَّ فِي اَللَّوْحِ اَلْمَسْطُورِ, أَرَادَ مَا اَلْعَالَمُ فَاعِلُوهُ )
أربع مراتب
عدد مراتب القدر؟
1-العلم: ومعنى ذلك أن الله بكل شيء عليم.
2-الكتابة أي أن الله كتاب كل شيء على الإطلاق.
3-المشيئة أي أن كل شيء بمشيئة الله وإرادته –هناك فرق بين المشيئة والإرادة ولكن هنا في القدر بمعنى واحد –أي أنه لا يكون إلا ما يريده الله وأنه تعالى فعال لما يريد.
4- الخلق أي أن الله خالق كل شيء .

س/ ما معنى أن الله -تعالى- هو الفعال لما يريد ؟
معنى هذا: أنه قدر مراتب القدر في عبارة واحدة، فالله -عز وجل- يقول: ﴿ أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14] الله -عز وجل- كتب ما أراد أن يفعله إن الله قدر أن كتب في اللوح المحفوظ كل ما هو كائن من أفعاله، ثم يأتي المشيئة والإرادة العامة، بمعنى أن الله -عز وجل- يشاء ويريد كل ما يدخل في مراداته -عز وجل وأيضًا الله -عز وجل- يخلق ما يشاء وفي ذلك يكون فعال لما يريد من المخلوقات، أن يخلقها، الله -عز وجل- يقول ﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ﴾ [هود: 117] ولا يكون شيء إلا بإرادته على الإطلاق بما في ذلك أفعال العباد، أفعال العباد خيرها وشرها لابد أن تكون بإرادة الله .


الإرادة نوعان:
النوع الأول:الإرادة العامة:يدخل فيها أن الله تعالى قدر الشر على العباد ابتلاء لهم ليميز الخبث من الطيب قال تعالى:" وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }الأنبياء35.
النوع الثاني:الإرادة الخاصة "الشرعية":شرعاً الله تعالى لا يرد إلا الخير هذه الإرادة غير داخلة عندنا هنا.

س/ ما المقصود بالعالم ؟
كل شيء، العالم المخلوقات، والوجود كله، الوجود كله يسمى عالم.
س/ كيف أجاب النبي علي من سأله مادام مكتوب الشقاء والسعادة ففيم العمل؟
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) معنى هذا أن الغيب محجوب عنك، فأنت يجب أن تعمل، إذا كان الغيب محجوب عنك، وأنت عرفت أن الله -عز وجل- كلفك بأن تبذل الأسباب، كلفك بأن تسلك طريق النجاة، وبيَّن لك ذلك، فإذن ما كتبه الله
-عز وجل- في اللوح المحفوظ وما قدره ونسخه من اللوح المحفوظ إلى صحيفة كل إنسان عند نفخ روحه، هذا الأمر كله مبني على علم الله السابق ،وليس ذلك من باب الجبر، إنما الله جبل العباد على ما هيأهم له، ويسر لهم لمن شاء منهم أن يعمل به خير، فالله عالم ماذا سيعمل هذا الإنسان عند الابتلاء والامتحان، وهو التكليف الذي عليه البشر، فقدر عليه أجله، عندما خلقه .
س/ ما هي درجات رؤية الناس لربهم في المحشر؟
الرؤية في المحشر ثابتة للناس، تحدث على درجات:
الدرجة الأولى:جميع البشر يرونه، لكن الكافرين يرونه رؤية الخجل، الندم الذين لا يتمتعون بالرؤية.

الدرجة الثانية:رؤية تكون للمؤمنين ومعهم المنافقين يستجيرون بالرب -عز وجل-؛ لأنهم كانوا يخادعونه في الدنيا فالله -عز وجل- أراد أن يخادعهم في الآخرة ليطمعهم، وكأنهم حينما رأوا ربهم مع المؤمنين ظنوا أنهم نجوا وأنهم لا يزالون يخادعون الله.
الدرجة الثالثة:رؤية أخص في المحشر للمؤمنين، يحتجب فيها عن الكافرين والمنافقين.
س/ ما نوع اللذة التي تحصل للمؤمنين برؤية الله -جل وعلا-؟
هذا أمر غيبي، لكن هي لذة بمعناها العام يعني هم يشعرون بمنتهى السرور والحبور، ولا تقاس بلذات الشهوات، هذا أمر مهم، هي أعظم من لذات الشهوات؛ فإن اللذة الحقيقة
هي اللذة المعنوية لذة القلوب، لذة العبادة، التي تكون في الدنيا على أعلى درجات السعاة واللذة، وفي الآخرة تكون المتعة برؤية الرب -عز وجل- من قِبَل هؤلاء الذين عبدوه

سؤال:إذا القدر مكتوب فلماذا يعمل الناس ؟
النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن ذلك قال:"اعملوا فكل ميسر لما خلق له " أي أن الغيب محجوب عنك وأنت يجب عليك أن تعمل فأنت مكلف بالأخذ بالأسباب وبسلك طريق النجاة وبين لك ذلك فما كتبه الله لك في اللوح المحفوظ وما قدره عليك في صحيفتك عند نفخ الروح فالله عالم ماذا سيعمل الإنسان.

أسئلة هذه الحلقة :
السؤال الأول: الله عز وجل حصر الرؤية للمؤمنين يوم القيامة؛ فما دليل ذلك ؟وأين تكون الرؤية ؟
السؤال الثاني: اذكر مراتب القدر مع دليل كل مرتبة وماذا تعني كل مرتبة ؟.

انتهى الدرس العاشر
__________________________________________________ __________

الدرس الحادي عشر
القضاء والقدر، ومسائل الإيمان

س/ما المقصود من قوله الإيمان بالقدر خيره وشره من أركان الإيمان ؟
المقصود بذلك: أن كل مقادير الخلق قدرها الله -عز وجل- بعد علمه وكتبها وقدرها بخيرها وشرها، وهذا يعني أن الله -عز وجل- جعل الشر الذي يحدث من العباد ابتلاءً وفتنة كما قال سبحانه: ﴿ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا ترْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35]، والشر ليس إلى الله -عز وجل-، وليس منه لكنه قدره، وأنه لا يوصف الله -عز وجل- بأنه فرض الشر على الخلق أو على العباد، بل قدره تقديرًا ، فالإيمان بالقدر: أي أن الله قدر جميع المقادير بخيرها وشرها هذا من أركان الإيمان، ولا يجوز للإنسان يجزئ المقادير فينسب إلى الله بعضها وينسب إلى غيره الآخر، حتى أفعال العباد التي هي من الأفعال التي يحاسبون عليها فإنها مقدرة عليهم .
س/ ما الطريقة التربوية التي رسمها جبريل لتعليم الأمة ؟
أن جبريل -عليه السلام- حينما جاء للصحابة عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المسجد أن يقرر منهجا تربويًا تعليميًا يكون للأمة إلى قيام الساعة، حيث جاء بهيئة ملفتة للنظر ليهيئ نفوس المستمعين من الصحابة ويهيئ نفوس الأمة كلها لتلقي ماذا يقول، ثم بعد ذلك أيضًا أسلوبه في تقرير الحق على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وهو أنه جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله وهو عارف سأله بطريقة تؤكد وتثبت هذه المسلمات في قلوب السامعين من الصحابة، ثم تثبت هذه المسلمات في قلوب الأمة من خلال رواية الحديث وتلقي الدين عبر هذا المنهج .
س/مامعنى قول النبي صلي الله عليه وسلم (آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره)) ؟
يقصد أن الخير جاء من الله -عز وجل-؛ لتوفيق العباد إليه الذين وفقوا إلى الخير، وشره جاء ابتلاء، ولذلك مآل تقرير الشر أنه يعود بالفائدة على العباد؛ لأن الله يميز بالشر بين الضال والمهتدي، بين الصالح وغير الصالح، بين المسلم والكافر؛ ولذلك الله -عز وجل- يقول: ﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ﴾ [القلم: 35]، هذه نتيجة الابتلاء بالخير والشر، أو بالشر والخير ﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا ﴾ [السجدة: 18].
س/ ما ثمرة الابتلاء بالخير والشر ؟
الشر جاء ابتلاءً، الحلو والمر يرجع إلى ثمرة الابتلاء بالخير وهو الحلاوة، حلاوة
الإيمان وحلاوة العمل الصالح، حلاوة حسية ومعنوية، وأثر الشر المرارة؛ ولذلك قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (حلوه ومره) فالحلو هو أثر التقدير الخير، مقادير الخير، والمر هو أثر تقدير الشر .
س/ بم أقام الله الحجة ؟ وكيف كانت أقامة الحجة علي العباد ؟
بإرسال الرسل وإنزال الكتب، بالشرائع، وقامت الحجة بالشرع والعقل والفطرة وذلك كالتالي:
أولاً: أن الله -عز وجل- أرسل الرسل وأنزل الكتب، وعلى ألسنة الرسل جاءت الأحكام والتشريعات تفصيلاً.
ثانيًا:أن الله -عز وجل- حينما أمر بالخير، وأقدر العباد عليه، وجعلهم مخيرين، ثم رتب على أفعالهم الجزاء، في الدنيا والآخرة، الجزاء الحسن في الدنيا والجنة في الآخرة ، ثم إن الله -عز وجل- نهى عن الشر، وحذر منه، وأقدر العباد عليه ابتلاءً وفتنة، أقدرهم على فعل الشر وعلى تركه، كما قال -عز وجل-: ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 3]،
س/ ما معنى قوله عز وجل "هديناه السبيل"
هذه تعني: القدرة والشرع والبيان ورسم طريق الخير، والأمر به ورسم طريق الشر والتحذير منه.
س/ ما المقصود من قوله (وقني شر ما قضيت) ؟
أي أن الله -عز وجل- قدر الشر، لكن جعل للعباد أسباب وقاية من الشر، لكنها بعون الله؛ وقوله: قنا شر ما قضيت، يعني أعنا أن نتجنب شر ما قضيت، قضاه الله بناءً على مقادير العباد التي سيفعلونها والله عالم بذلك، إذن لابد من الاستعانة بالله، والإنسان إذا استعان بالله حق الاستعانة فإن الله -عز وجل- يقيه الضلال والشقاوة وما بينهما من مفردات الأعمال .
س/ ما أنواع المقدور ؟
المقدور نوعان:
النوع الأول: هناك مقدور هو من نوع العيب الذي تذم عليه، فلا يجوز تحتج بالقدر، كما لو تضرب إنسان بغير حق، تقول: هذا والله مقدور، هل يصح هذا؟ تضرب إنسان بريء وتقول: هذا والله مقدور، إذن هذا ذنب لا تحتج بالقدر على ذنبك.
النوع الثاني: ما يحدث من نتيجة التصرفات السابقة من أمور خارجة عن أفعال العباد، عن قدرة العباد، وهي ما يسمى بالمصائب، فهذا هو المقدور.
س/ ماذا نفهم من قوله ( أن الله سبحانه ما أمر ونهى إلا المستطيع للفعل والترك) ؟
نفهم من هذا أمور:
الأمر الأول:أن الأمر والنهي يتوجه إلى القادرين من العباد، الإنسان إذا كان لا يقدر فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وأنه لم يجبر أحدًا على معصية، بمعنى أن الله -عز وجل- حينما قدر المعاصي حذر منها، وأقدر العباد على تركها ما هم مجبورين ، كما قال تعالى: ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ أن مقادير العباد إنما يحاسبون منها على ما يستطيعون. وما لا يستطيعون من فعل أو ترك فإن الله لا يكلفهم بها ولا يحاسبهم عليها ، وقال تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ .
الأمر الثاني:أنه حينما قال: ﴿ فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ تبين وجه كون الله -عز وجل- يعني قدر الخير والشر بحكمة، وابتلاء، من كونه جعل الاستطاعة هي محل التكليف.
س/ ما أنواع الاستطاعة بالنسبة لأفعال العباد ؟
الاستطاعة على نوعين:
النوع الأول: الأمور القلبية كل الناس يستطيعها، كونك تؤمن بالله وتحب الله تخشى الله وترجوه، تراقب الله هذه ما يمكن أن يعتذر أحد بعدم الاستطاعة فيها إلا إذا فقد عقله.
النوع الثاني: لكن الأعمال بالعكس، فقدرات العباد تختلف في فعلها، فالإنسان السوي يقدر على أفعال، ما يقدر عليها الإنسان الذي عنده نوع شيء من الإعاقة.
س/ما معنى الكسب في قوله عز وجل ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لاَ ظُلْمَ الْيَوْمَ ﴾ ؟
بما كسبت"أي بما تسببت فيه، هذا معنى الكسب، الشيء الذي يتسبب فيه الإنسان، إن خيراً يجزى عليه، إن شراً يعاقب عليه.
س/ما هى أمور الكسب ؟
أمور الكسب ثلاثة:
أولاً: الإرادة. الله -عز وجل- أعطى الإنسان القادر الحر الإرادة، إذا فقد الإرادة لم يعد يكلف.
ثانياً: القدرة.أعطاه القدرة مع الإرادة على الفعل؛ ولذلك إذا فقد القدرة على الفعل لا يكلف.
ثالثاً: الفعل، التنفيذ.
س/ عدد مسائل الإيمان ؟
المسألة الأولى: تعريف الإيمان، حقيقة الإيمان، حد الإيمان، مفهومه.
المسألة الثانية:دخول الأعمال في مسمى الإيمان -الأعمال الصالحة- دخولها في الإيمان، أي أن الأعمال تعد جزء لا يتجزأ، جزء أساسي من الإيمان .
المسألة الثالثة: زيادة الإيمان ونقصانه
المسألة الرابعة:جواز الاستثناء في الإيمان.
س /بين معنى قوله: (الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان وعقد بالجنان) ؟
أقوال باللسان:يدخل فيه قول اللسان الذي هو ناتج عن اعتقاد القلب؛ ولذلك سمي قول مع أنه يشمل اعتقاد القلب، وقول اللسان؛ لأن الأصل في القول: أن ينتج عن حقيقة يعتقدها الإنسان، إذا قال الحق ، وأول وأعظم درجات قول اللسان التي تمثل الإيمان: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
(وعمل بالأركان) يعني بالجوارح: الحركات، الأعضاء. الصلاة عبارة عن عبادة تنتج عن طريق الأعضاء، كذلك الحج الصيام وغير ذلك فهذه الأدوات التي يعمل بها الإنسان ما أمره الله به، الجوارح التي هي الأعضاء تسمى أركان.
(وعقد بالجنان) :أي اعتقاد القلب، بمعنى المعرفة اليقينية .
س/ هل الإيمان يزيد وينقص ؟وما الدليل علي ذلك ؟ وكيف تكون الزيادة ؟
أولا :قال تعالى: ﴿ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾) ما هي التي زادتهم إيمانًا؟ الله -عز وجل- ذكر أنه إذا أنزلت سورة، كما جاء في سورة التوبة، ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ [التوبة: 124]،إذن صريحة في أن الإيمان يزيد، زادتهم يقينًا وتصديقًا، وأيضًا زادتهم إيمانًا، وقال -عز وجل-: ﴿ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا ﴾ وقوله-عز وجل-:﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا ﴾ [الفتح: 4]، ليزداد يقينهم ثم يزداد عملهم.
ثانيا : الذي يمكن أن يكون مقرر شرعًا وعقلاً وبداهة، أنه ما دامت الأعمال من الإيمان، إذن الأعمال تزيد وتنقص حتى اليقين يزيد وينقص هذا الجانب القلبي يزيد وينقص، إذن فعلى هذا الإيمان يزيد وينقص.
س/هل مجرد الإيمان يكفي من دون أعمال في دخول الجنة؟
لا,لأنه ورد في الآيات والأحاديث أن الجزاء يكون على قدر الأعمال، وأن هذه الأعمال تشمل أعمال قلبية وأعمال جوارح.
ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الدعاء برد القضاء، فكيف يكون صيغة هذا الدعاء؟ لأن بعض الناس يقعون في أخطاء كثيرة في هذا الدعاء؟
على أي حال: الدعاء في رد القضاء ليس له صيغة، المهم أن تكون الصيغة مشروعة، بمعنى: أنك تدعو الله -عز وجل- بأن يدفع عنك الشر، كما جاء في الحديث: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك) فالسخط من قدر الله وقضائه (وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك) فهذا نموذج للدعاء الذي يرد الله به القضاء، وثبت في الحديث أن الدعاء سبب لرد القضاء، كل ذلك بتقدير الله السابق.
س/ ما الدليل علي أن الدعاء يرد القضاء ؟
الله -عز وجل- علم أن هذا الإنسان المضطر سيدعو الله -عز وجل- وأن الله سيجيب دعاءه فجعل دعاءه سببًا لرد قضاء، لو لم يدعوا لوقع عليه القضاء؛ ولذلك جاء في الحديث الصحيح في مستدرك الحاكم وفي غيره وفي ألفاظ متعددة: (إن الدعاء والقضاء ليلتقيان بين السماء والأرض فيعتلجان) وفي بعض الألفاظ: (فيتصارعان بين السماء والأرض فيغلب الدعاء القضاء) .
س/ كيف نرد على من يقول: أن الإيمان هو تصديق بالقلب واللسان، وأن الأعمال تدخل في مسمى الإسلام؟
نقول لهم بمثل هذه الأدلة يعني الله -عز وجل- ذكر زيادة في الإيمان، كما ذكرها في الإسلام، ومن الآيات التي تنص على أن الإيمان هو الذي يزيد، ﴿ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا ﴾، ﴿ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ وأن الله -عز وجل- في كتابه قال بلفظ صحيح صريح نسب الزيادة أو أضاف الزيادة إلى الإيمان ، إذن هذا دليل يكفي، لكن قد يفسر الإيمان بالإسلام أحيانًا، وهذا راجع إلى التداخل في بعض المعاني بين الإسلام والإيمان، أما أننا نقول: لا يكون زيادة ولا نقص
إلا في الإسلام، فهذا خطأ بموجب هذه النصوص القطعية، وأيضًا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الإيمان بضع وسبعون شعبة) فذكر هذه الشعب قال: أعلاها وأدناها فالإشارة إلى الأعلى والأدنى، فالأعلى هو زائد والأدنى هو ناقص ، وهذه صريحة جدًا .
س/ما حكم من يقول: أن الإيمان في القلب، وعندما تنصحه بأن يقوم بأحد الأعمال يقول: أن الإيمان في القلب؟
نورد له هذه الأدلة، مثل حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- صريح: (الإيمان بضع وسبعون شعبة) ونقول له: النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر (إماطة الأذى عن الطريق) وذكر: (شهادة أن لا إله إلا الله) وهي أعلاها، وذكر: (الحياء شعبة من الإيمان) كل هذه الأمور يعني الحياء وإن كان يبدأ من القلب إلا أنه تصرف سلوكي، لكن شهادة أن لا إله إلا
الله قول، وإماطة الأذى فعل، فما نرد مثل هذا الحديث الصريح .
إجابة أسئلة المراجعة:
السؤال الأول:في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (آمنت بالقدر خيره وشره، وحلوه ومره) ما العلاقة بين العبارات؟ بين "خيره وحلوه" وبين: "شره ومره"؟
أن الشر جاء ابتلاءً، الحلو والمر يرجع إلى ثمرة الابتلاء بالخير وهو الحلاوة، حلاوة
الإيمان وحلاوة العمل الصالح، حلاوة حسية ومعنوية، وأثر الشر المرارة؛ ولذلك قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (حلوه ومره) فالحلو هو أثر التقدير الخير، مقادير الخير، والمر هو أثر تقدير الشر .
السؤال الثاني: ما وجه استدلال المؤلف هنا بحديث: (الإيمان بضع وسبعون
شعبة) على مسائل الإيمان الثلاث الأولى؟
قال: (الإيمان) وهذا يعني أن المقصود بالإيمان القول والعمل، ثم قال: (أعلاها:
شهادة أن لا إله إلا الله) شهادة أن لا إله إلا الله أولاً هي ظاهرًا
قول، لكنها باطنًا دالة على أنها عمل باطني اعتقادي؛ لأن الإنسان يقول
ما يعتقد، هذا الأصل وجه الدلالة"أولاً: أن حقيقة الإيمان هي القول والعمل.
ثانيًا: أن الأعمال تدخل في مسمى الإيمان. حينما قال: (الأقوال والأعمال تدخل في مسمى الإيمان، حينما ذكر الشهادتين وذكر إماطة الأذى عن الطريق) وهما الظاهر من الإيمان وهي عمل، أيضًا والحديث صريح في أن الإيمان يزيد وينقص ، فحينما قال: (بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة) ذكر أعلاها وأدناه. فإن الشيء الذي يتدرج ويتشعب دليل على أنه يزيد وينقص، والدليل على هذا أنه هناك من الناس من يميط الأذى فهذا يكتمل إيمانه لو كمل الأمور الأخرى، هناك من لا يميط الأذى من الطريق، نقص عنده شعبة ، إذن الإيمان يزيد وينقص، وتدخل فيه الأعمال.
انتهي الدرس الحادي عشر
______________________________________________

الدرس الثاني عشر
الإيمان بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم

س/ هل يدخل في أركان الإيمان وفي جملته كل ما أخبر به الله -عز وجل- وأخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم-؟وضح ذلك ؟
نعم كل ما أخبر الله به وأخبر به رسوله -صلى الله عليه وسلم- يدخل في أركان
الإيمان، فمثلاً ما أخبر الله به من أحوال الماضي وأحوال المستقبل وأحوال القيامة داخل في الإيمان بالله، لأنه لا يتم الإيمان بالله إلا بالإيمان بما أخبر به الله، وداخل في الإيمان بالكتب ؛لأن الكتب المنزلة من الله جاءت بهذه الأخبار كما جاءت بالشرائع، وداخل في الإيمان بالرسل ؛ لأن الرسل أخبروا بهذه الأخبار وغيرها من أخبار الدنيا والآخرة، وداخل أيضا الإيمان باليوم الآخر من باب أولى، وإن اليوم الآخر كله غيب وجاءت فيه أخبار مجملة ومفصلة .
س/ هل يجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- ؟
ما جاء به القرآن فهو يصدق وما كان يُرْوَى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن ما لم يصح لا يصدق، أو الذي يتردد بين الصحة والضعف، بمعنى لم يثبت صحته لكن يكون ضعيفا هذا لا يكون الخبر به يقينيا، ولذلك إنما تُعُبدنا بما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن نؤمن به على جهة اليقين.
س/هل يتم التصديق بما نشاهده في أحوالنا وفي بعض مظاهر الغيبيات ؟
ما نشاهده مما يحدث في أحوالنا مما كان أخبر الله به، فمثلاً مما نشاهده أقدارنا التي تحدث لنا، هي غيب حتى تحدث، فإذا حدثت صدقنا الخبر بها ، وأيضًا بعض مظاهر الغيبيات، ما يحدث عندنا من عبر الموت، و الأخبار التي بقيت آثارها، فمثلاً أخبر الله -عز وجل- عن الأمم الهالكة التي أهلكت بالعقوبات، فنحن نرى آثارها الآن من خلال ما نشاهده من بقايا تلك الأمم، وغير ذلك مما يشهده الإنسان في نفسه ومن حوله في أخبار الحاضر وأخبار الماضي، أما المستقبل فهو أمر لا ينكشف حتى يحدث.
س/ما المقصود من قوله( وسواء في ذلك ما عقلناه أو جهلناه، ولم نطلع على حقيقة معناه)؟
عقلناه : هنا بمعنى فهمناه، أو أدركتاه على حقيقته
أو جهلناه :يعني جهلنا الكيفيات، وإلا فما أخبر الله به فمعلوم ليس بمجهول، حتى لو لم يقع فهو معلوم، فنحن نعلم أن الله يبعث من في القبور، وأن الله يحاسب الخلق، وأن الله يعذب من يشاء ويرحم من يشاء، هذا نعلمه لكننا لا نعرف حقيقته، نجهل الكيفية،مثل حديث الإسراء والمعراج ، فصح به الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجاء في القرآن والسنة لكن لم نعرف الكيفية التي وقع عليها لأنها لا تزال مغيبة .
س/هل كان الإسراء والمعراج في اليقظة أم في المنام ؟ولماذا ؟
كان يقظة ولم يكن حلما أو رؤية، لأنه لو كان رؤية أو حلما ما كان محل إشكال وإنكار عند مشركي قريش، لأن الأحلام لا تقيد، يمكن لأي إنسان أن يدعي أنه رأى في منامه البارحة أنه عَرَج إلى السماء، و لا نستطيع أن ننكر عليه أنه حلم أو رأى رؤيا؛ لأن الرؤيا ليست أمرا عيناً وليست بالجسد والروح، فإن هنا يكون الإسراء والمعراج للنبي -صلى الله عليه وسلم- حقيقة بروحه وجسده؛ ولذلك صار هذا من أعظم المقامات والمعجزات والآيات الكبرى للنبي -صلى الله عليه وسلم- قال تعالي ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ [الإسراء: 1] .
س/كيف استقبل المشركين في مكة خبر الإسراء والمعراج ؟
مشركي قريش أنكروا وضحكوا وسخروا من النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما ذكر لهم ذلك زعمًا منهم أن ذلك مستحيل ، وجحدته واستعظمته واستهولته وجعلته أمرا مهيلا لايصدق .
س/ اذكر مثال من الغيبيات التي يجب أن نؤمن بها مع التوضيح ؟
مثال ذلك" لما جاء ملك الموت إلى موسى -عليه السلام- ليقبض روحه لطمه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه فرد عليه عينه، هذه القصة قصة ملك، الموت ، هذه القصة التي حدثت لموسى هي غيب لكن الله عز وجل- مثل له ملك الموت على هيئة رجل، فحدث ما حدث أن موسى -عليه السلام- أنكر هذا الموقف، فمن هنا يكون المشهد فيه جزء من عالم الشهادة وفيه جزء غيبي، الجزء الذي من عالم الشهادة هو موسى، فهو إنسان نبي من أنبياء الله وما حدث منه طبيعي أن يحدث من البشر، لكن الطرف الآخر ملك الموت، وهو تمثله على شكل إنسان، وما حدث لموسى منه من أنه فقأ عينه فيجب أن نؤمن بمثل هذه القصص التي ثبتت في كتاب الله وصحت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
س/ ماهي أشراط الساعة ؟
الأشراط نوعان:توجد أشراط بمعنى علامات صغرى وتوجد أشراط بمعنى علامات كبرى، الأشراط هي العلامات والأحداث التي تقترن بالساعة.
س/ ما العلامات الصغرى ؟
العلامات الصغرى كثيرة جدًا من ضمنها بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن ضمنها انتشار الإسلام، ومن ضمنها ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- من ظهور النار التي تخرج شرق المدينة، وهي التي الآن نرى آثارها وقد خرجت، وغيرها من الأمور التي تسمى العلامات الصغرى.
س/ ما العلامات الكبرى ؟
العلامات الكبرى منها :
1ـ خروج الدجال، وهو رجل يدعي أنه الرب، ويدعي أنه يخلق -تعالى الله عما
يفعل الظالمون- ويُفْتَن به الناس ويصدقه فئة من الخلق .
2ـ ظهور المهدي.
3ـ نزول عيسى -عليه السلام- من السماء فيقتل الدجال، ويحكم بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- عن طريق المهدي.
4ـ خروج يأجوج ومأجوج ، وهم من البشر، ويفتن بهم الناس، ويحدث منهم أذى عظيم، ثم يدعو الله -عز وجل- عيسى -عليه السلام- يدعو الله بأن يميتهم فيميتهم.
5ـ وخروج الدابة، والدابة حيوان فأنه ثبت أنها تخرج وأنها تسم الناس، فالمؤمن تضع عليه وسم الإيمان، والكافر تضع عليه وسم الكفر، وهذا الوسم أو هذه السمة يعرفها الناس في ذلك الوقت.
6ـ طلوع الشمس من مغربها، وهذا انقلاب في الكون، الشمس هذه ينعكس مسارها.
7ـ الدخان يغشى الناس، بمعنى أنه يكون له أثر ظاهر ويتأذى منه البشر.
8ـ الخسوف الثلاثة، أخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي خسوف عظمى هائلة تحدث في جزيرة العرب وفي أقصى المشرق وفي أقصى المغرب.
9ـ النار التي تحشر الناس من اليمن إلى المحشر أي إلى الشام.
س/هل يلزم الإيمان بتفاصيل الأمور الغيبية أو يكتفي الإيمان بها؟ مثل علامات الساعة هل يلزم الإيمان بتفاصيلها ومتى وقوعها وترتيبها أو ما يتعلق بها من المسائل؟
أركان الإيمان الستة ضرورة لا يجوز لأحد أن يجهلها، لكن ما يتفرع عنها ومن ضمنها هذه الأمور ومن ضمنها أشراط الساعة، فالمسلم مطالب بأن يؤمن بما سمعه من الخبر من الخبر في كتاب الله وفهمه، أو عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا سمع الحديث وعلم أنه صحيح في أي أمر من أمور الغيب وجب التسليم به، أما المسلم ما دام لم يسمع الضرورات فلا يطالب إلا بما يستطيع، ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286].
س/ ماهوالبرزخ ؟ وما المقصود بالحياة البرزخية ؟ وما الذي أمرنا به النبي بالنسبة لهما ؟
البرزخ هو الطريق أو الجسر بين قطعتين أو شيئين، فهذه الحياة التي هي ما بعد الموت تسمى الحياة البرزخية، وفيها يفتن الناس، وقد وردت تفاصيل هذه الفتنة، فمن ذلك النعيم أن المؤمن يشرح له صدره ويفرح ويرى ما يسره من عمله، ويفتح له باب إلى الجنة فيرى مقعده من الجنة، فيعيش حياة سعيدة ويأتيه ملكان فيبشرانه، ويرى من المبشرات ومن مقدمات النعيم ما يسعد به.
والعكس فالفاجر والكافر ، يعذب بأن يرى ما يسوءه ويرى عمله السيئ فيوحشه، وكذلك تعذبه الملائكة ملائكة القبر، كذلك يفتح له منزله من النار، فيلقى ثمرة عمله السيئ في الدنيا قبل الآخرة أي القبر، ولذلك استعاذ النبي -صلى الله عليه وسلم- من عذاب القبر، وأمر كل مسلم بأن يستعيذ بالله من ذلك في كل صلاة.
س/ هل سؤال منكر ونكير ثابت ؟ وهل تسمية الملكين صحيحة ؟
سؤال الملكين ثابت لكن تسمية الملكين بمنكر ونكير بعض أهل العلم ما ثبت عنده الحديث في اسم الملكين، وذاك الملكان وردت بهما الأخبار، لكن تسميتهم منكر ونكير ضعفه بعض أهل العلم والراجح أنه صحيح.
س/ ما معني قوله(ويحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً بهمً) ؟
بمعنى أنهم لا يملكون شيئا، والغزل هم غير المختونين، وألبهم الذين هم أشبه بالبهيم الذي لا يملك شيئا لا ثياب ولا أساس ولا أي شيء من الممتلكات، يأتي بشكل لا يلحق به أي شيء من الأشياء ولا حتى اللباس.
س/ ما الفرق بين المعتزلة والفلاسفة في أخبار الغيب؟
أكبر فرق بينهما هو أن الفلاسفة"ينكرون أخبار الغيب جملة وتفصيلاً، لا يؤمنون بالغيب،.
أما المعتزلة"فهم يئولون الكثير من أحوال الغيب، يئولون يعني لا ينكرونها إنكارًا قطعيًا، لكنهم يتأولونها على غير حقيقتها، فمثلاً المعتزلة كثير منهم وليس كلهم يرون أن الميزان هو العدل، وليس المقصود بالميزان ميزانا حقيقيا له كفتان، برغم أنها ثبت ذلك في النصوص أن الميزان ميزان حقيقي له كفتان، وأنه يرجح ... إلى آخره .
س/هناك شريط منتشر بين الناس عن عذاب القبر يصور فيه على أشرطة فيديو ويظهر فيها شخص يعذب بعذاب القبر هل هذا يصح ؟
لا يصح؛ لأن هذا غيب خالص، لا يجوز أبدًا ولا يمكن، إنما هذا إن لم يكن من عبث البشر، فهو من عبث الجن والشياطين بالناس، سواء كان عن طريق الصور أو عن طريق الأشياء المسموعة.
س/ ما حكم من يساعد على نشر تلك الأشرطة من باب التخويف؟
هذا إثم عظيم، لا يجوز، ليست هذه وسيلة، الناس يخوفون بما جاء عن الله وجاء عن رسوله -صلى الله عليه وسلم- فالمواعظ والتخويف بالآيات القرآنية والكونية هو الطريق الصحيح، وهو الأسلم والأقرب إلى التخويف الحقيقي الذي يقود الناس إلى الإيمان الحق.
س/ هل الميزان حقيقة ؟ وكيف توزن الأعمال ؟
الميزان له كفتان ولسان وقد ثبت في النصوص بأحاديث صحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأعمال الناس،تمثل يوم القيامة ذات أحجام وأثقال، والله على كل شيء قدير،تمثل الأعمال موزونات فتوزن الأعمال ﴿ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ﴾ يعني رجحت لسبب ثقلها في الخير ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ ﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ﴾ بمعنى أنه ليس لأعماله ثقل عند الله ﴿ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾ بمعنى أنهم خسروا حياتهم مهما بلغ لهم النعيم في الدنيا فإن الحياة الأبدية هي حياة الآخرة، فإذا كان الإنسان شقي في الآخرة فقد خسر نفسه قبل أن يخسر أي شيء من الممتلكات الأخرى ﴿ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾ بمعنى لا يموتون .
س/ ما حقيقة الحوض ؟
هذا مما تميز به النبي -صلى الله عليه وسلم- وقيل: إن لكل نبي حوضا، ومع ذلك فإن حوض نبينا -صلى الله عليه وسلم- إذا صح للأنبياء أحواض فهو متميز في سعته
و هذه الصفات صفات حقيقية، بمعنى أنه تميز هذا الحوض بطوله وعرضه وبياضه وحلاوته، وأنه وضعت وسائل الشرب فيه الأباريق عدد نجوم السماء، وأن من شرب منه لم يظمأ أبدًا بقدرة الله -عز وجل-.
س/ ما الصراط ؟ وكيف يمر الناس عليه ؟
الصراط عبارة عن خيط دقيق رفيع جدًا، يمتحن الله به العباد على قدر أعمالهم، فمن كان عمله صالحًا تجاوز الصراط بسرعة، ويتفاوت المؤمنون في تجاوزهم للصراط بقدر أعمالهم، فمنهم من يتجاوز الصراط كالبرق، يعني أقل من اللحظة، طرفة عين، ومنهم من أقل من ذلك إلى أن يكون آخرهم من يحبو حبواً، لكنه ينجو، أما الكفار والمنافقون فيتكدسون، لا يثبتون على الصراط لأن الصراط على متن جهنم .
س/ما أنواع الشفاعة ؟
الشفاعة أنواع:
أعظمها شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- في المقام المحمود للخلق أن يفصل الله بينهم في المحشر، ثم يليها وهي جزء من المقام المحمود شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأهل الجنة أن يدخلوها، لذلك بعدما يتجاوزن الصراط ويشربون
من الحوض فإنه توصد أمامهم أبواب الجنة إلا من استثنى الله -عز وجل- فيطلبون من النبي -صلى الله عليه وسلم- الشفاعة فيشفع على نحو ما شفع في المقام المحمود
الأول، ثم كذلك تحدث شفاعات أخرى للنبي -صلى الله عليه وسلم- من ضمنها شفاعته -صلى الله عليه وسلم- لأهل الكبائر من أمته أن يخرجوا منها، وهذه تواترت بها النصوص، ثم تتعدد الشفاعات، شفاعة الملائكة لمن يأذن الله له، شفاعة المؤمنين الصالحين، وهناك أيضًا شفاعات للقرآن وللصيام، وشفاعة للشهيد، وهذه الشفاعات كلها مشروطة بإذن الله، وهي لمن كان على أصل التوحيد، أما الكفار الخلص فلا تنفعهم شفاعة الشافعين.
س/ هل الجنة والنار موجودتان الآن ؟
الجنة والنار موجودتان الآن مخلوقتان، والله أعلم بكيفية وجودهما، لكن الجنة في مكان عالٍ، والنار في أسفل سافلين، وهذا أمر غيب خالص،وأن الجنة لا تزال تستقبل أعمال المؤمنين ويغرس فيها من أعمالهم وعذاب النار لا ينقطع وإن نعيم الجنة لا ينقطع.
س/ كيف نرد على من يحتج بالقدر على فعل المعاصي؟
في الحقيقة هذا غالبًا يكون مرض شبهة أو مرض شهوة، مرض الشبهة وهو نوع من الاحتجاج على القدر
، فهذه الأولى أن يُضْرَب له مثل فيما يتعلق بما يمس حقوقه، فنقول: لو أن إنسانا ضربك وأوجعك أو أخذ مالك، أو قهرك بأي نوع من أنواع القهر والظلم، ثم قال لك: هذا شيء مقدور، هل تقبل منه هذا العذر؟ إذا ظلمك ثم قال: هذا شيء مقدور، ضربك ثم قال: هذا شيء مقدور، إذن هذا مثله الاحتجاج بالقدر على المعاصي.

والأمر الثاني: الناس ينبغي أن يسلك معهم وهو الذي عنده نوع من الشهوة، ما عنده شبهة، الشبهة مرض في القلب يحتاج إلى الحجة العقلية القوية، لكن إذا كان عن مرض شهوة، بمعنى أنه يريد أن يبرر خطأه فهذا الأولى أن يسلك معه طريق الوعظ والتخويف بالله


انتهى الدرس الثاني عشر


_______________________________________


الدرس الثالث عشر
الدرس الختامي لشرح متن لمعة الاعتقاد

س/ أذكر بعض خصائص النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؟
أولاً: إنه خاتم النبيين يعني آخرهم فلا نبي بعده، ولذلك أُمرت جميع الأمم أن تتبع رسالته، وأن تشهد له بالرسالة والنبوة .
ثانيًا: أنه سيد الخلق أجمعين؛ وأفضلهم على الإطلاق.
ثالثًا: لا يصح إيمان إنسان مكلف من الجن والإنس حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته ويلتزم لوازمها .
رابعًا: إنه لا يُقضَى بين الخلق يوم القيامة إلا بشفاعته، يعني أنه صاحب الشفاعة العظمى والمقام المحمود الذي لا ينبغي لغيره .
ومن خصائصه -صلى الله عليه وسلم- أنه لا يدخل الجنة أمة إلا بعد دخول أمته، يعني أمته هي أفضل الأمم.
ومن خصائصه -صلى الله عليه وسلم-: أنه صاحب المقام المحمود، وهذا جزء من لواء الحمد.
س/ لماذا حصر الأمر باليهودي والنصراني؟ في قوله ( لا يسمع بي رجل من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار )
لأن اليهود والنصارى عندهم علم سابق بنبوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولأنهم أُمروا أمرًا صريحًا من خلال رسلهم وكتبهم، والشيء الآخر إذا كان اليهودي والنصراني وهم أهل كتاب إذا لم يؤمنوا بنبينا -صلى الله عليه وسلم- فهم من أهل النار فغيرهم من باب أولى، وهم أهل الكتاب عندهم نوع من بقية ما بقي من أنبيائهم من التوراة والإنجيل .
س/ من هم أفضل الصحابة ؟ ولماذا ؟
أفضل الصحابة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، وهذا لا يعني أن أحدهم لا يكون عنده خصائص قد يمتاز بها عن الجميع، فمثلاً أبو بكر تميز بخصائص لم يتميز بها غيره، عمر -رضي الله عنه- قد يكون عنده بعض الخصائص أفضل من أبي بكر بعض الخصائص، قد يكون عند عثمان -رضي الله عنه- من الخصائص ما يكون بها أفضل من أبي بكر وعمر، لكنها لا تعني الحكم العام ،كلهم خفاء راشدون، وكلهم من العشرة المبشرين بالجنة ، ولأن هؤلاء الأربعة زكاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- زكاهم تزكية خاصة بكل واحد منهم، وزكاهم تزكية عامة، وزكى خلافتهم، وسماهم الأئمة المهديين، الخلفاء الراشدين فهذا دليل على أن خلافتهم خلافة رشد، وأن ما يحدث فيها من أمور اجتهادية فهذه أمور داخلة فيما أباح الله لهم من الاجتهادات، ولذلك لم يختلف المسلمون في عهد هؤلاء في شيء من ثوابت الدين .
س/هل المبشرون بالجنة هم العشرة فقط ؟
لايعني ذلك أنهم وحدهم الذين بشرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة من
الصحابة، بل لأنهم ورد ذكرهم على الخصوص في نص واحد، وإلا فالمبشرون بالجنة من الصحابة منهم أصناف ومنهم أفراد، فأصنافهم يعني مثلاً أهل بيعة الشجرة هذا الصنف شهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- لهم بالجنة، وأيضًا النبي -صلى الله عليه وسلم- شهد لأفراد، وشهد أيضًا من الأصناف زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- شهد لهن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة وهكذا.
س/ ما المقصود من قوله(لا نجزم لأحد من أهل القبلة) ؟ ولماذا ؟
يعني ممن يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله بأنه من أهل الجنة إلا من شهد له الرسول -صلى الله عليه وسلم- ونعني بذلك أن من رأيناه على الإسلام والسنة نرجو أن يكون من أهل الجنة لكن ما نجزم، لأننا لا نعلم على أي حال يموت، ولو مات أيضًا على حال تظهر لنا أيضًا ما ندري مصيره عند الله -عز وجل- ، والأمر الآخر إن ثبوت الإيمان عند الله والمقبول عند الله أمر غيبي يرجع إلى ما في القلب، ولا يعلم ما في القلوب إلا الله، فمن هنا لا نجزم ، وكذلك لا نشهد على من كان عنده تقصير وفجور ومعاصي من المسلمين أنه من أهل النار؛ لأنه تحت مشيئة الله، لا نشهد له وهو حي ولا إذا مات على الكبيرة؛ لأنه ثبت في قواطع النصوص أن مرتكب الكبيرة إذا مات فإن الله -عز وجل- يتولاه إن شاء غفر له فدخل الجنة، والله غفور رحيم، وإن شاء عذبه بما يطهره فقط، ومآل المسلم ولو كان عاصيًا وفاجرًا إذا كان على التوحيد مآله إلى الجنة إن شاء الله، لكن لا نجزم بمصيره لأول وهلة لأن هذا أمر غيبي.
س/ هل يجوز أن نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب ؟
من رأيناه يعمل معاصي وكبائر لا يجوز أن نكفره مهما بلغ الذنب ما دام الذنب ليس كفريا؛ ولا نخرجه من الملة، وإن كان أحيانًا يسمى عمله كفرا من الكفر الذي لا يخرج من الملة كما ثبت عن النبي أنه سمى النياحة كفرا، والطعن في الأنساب كفرا، وسمى كفر النعمة كفرا، وإتيان الكاهن كفرا، كل هذا لكن باتفاق السلف أن هذه كفريات تعني كبائر الذنوب، وإن كان منها ما هو شركي، لكن الأصل أنها تعني كبائر الذنوب ، فمهما كان العمل ما لم يكن شركا أو ردة فإنه لا يخرج به المسلم من الإسلام، ولا يكفر به التكفير المخرج.
س/ هل هناك فرق بين قول: هذا كافر أو هذا عمله كفر مثلاً؟
نعم، فرق أن يقال، كافر، وبين أن يكون عمله كفرا، المسلم قد يقع في عمل الكفر ولا يكفر، أما كافر لا تطلق إلا على الكافر الخالص، أو المسلم الذي وقع في أمر كفري وتوافرت الشروط في ذلك وانتفت الموانع، وهذا لا يعمله إلا الراسخون في العلم وأهل الاختصاص.
س/ما هى الحقوق الخاصة لولاة أمر المسلمين وهم السلطان ؟
من ضمنها:
صحة الحج معه، بل وجوب أن يكون الحج تحت رايته، والثاني: الجهاد، إذا جاء داعي الجهاد فراية الإمام هي الراية المعتبرة في الجهاد، ولابد من طاعة الإمام والحاكم المسلم في الحج والجهاد وفي غيرهما، كل ما يأمر به في الجهاد والحج وفي غيرهما، والطاعة مقصود بها التزام أمره في غير معصية الله،وأما في المعصية لا يطاع ، وصلاة الجمعة لابد أن تقام تحت مظلة إمام المسلمين وخليفتهم فإذا أَمَّ المسلمين في الجمعة هذا الإمام وإن كان فيه فسق وفجور تصح الصلاة خلفه ما لم يعمل بردة، ولا نخرجه من الإسلام بعمل كبيرة، ليس كل عمل .
س/ما هى حقوق الصحابة -رضي الله عنهم ؟
أولا :تولي أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي محبتهم، .
وثانيًا:الترضي عنهم، .
وثالثًا: اعتقاد حقهم ، اعتقادا، ليس مجاملات ولا مجرد اعتراف بحق تاريخي، والإقتداء والاهتداء بهديهم، هذا من ثوابت الدين، وذكر محاسنهم ، لأن محاسنهم تشيع الخير في الناس، تزيل الغل من القلوب، وأيضًا لأن محبتهم دين وإيمان الاستغفار لهم لأنهم لهم حق أخص من غيرهم ، والكف عن ذكر مساوئهم .
س/ لماذا الكف عن ذكر مساوئهم؟
حتى لا يحصل انتقاص لهم. هذا من ناحية وناحية أخرى أن ما حصل بينهم اجتهاد.
س/ ما حقوق زوجات النبي -صلى الله عليه ؟ وأيهما أفضل ؟
من حقهن الترضي عليهن، ثم إنهن أمهات المؤمنين، أمهات الصحابة، وأمهات الأجيال، وأمهاتنا وأمهات كل مسلم إلى أن يقوم الساعة، فالأم لها قدرها، فهذه أم، وزوجة النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابية، وجاءت تزكيتها، ومنهن ما هو أفضل فأضل زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمهات المؤمنين خديجة وعائشة
س/ لماذا خص المؤلف معاوية عن بقية الصحابة ؟
لأن معاوية كثر الكلام حوله للفتن التي حصلت، فأراد أن يبين فضله ، ولأن معاوية -رضي الله عنه- اجتهد بعض الاجتهادات التي كانت مرجوحة فيما بعد في خلافه مع علي، فهذا مما استغله أصحاب الأهواء والبدع والافتراء في غرس الحقد على معاوية -رضي الله عنه- لكن نسوا ما هو أكبر من ذلك.
س/ ما معنى أن معاوية خال المؤمنين؟
لأن حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين ومعاوية أخوها هو خال المؤمنين، الأمر سهل لكن
وهذه سمة خصيصة له، إضافة إلى من كتاب الوحي، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لا يأتمن على القرآن خائنا، لا يأتمن على القرآن إلا من يعلم الله -عز وجل- فيه .. فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لا يطلع على الغيب إلا ما أطلعه الله عليه .
س/ لماذا يجب طاعة ولاة الأمر ؟ وما شروطه ؟
السمع والطاعة لولاة الأمر بالمعروف ما لم يأمروا بمعصية هذه من ثوابت الدين، ولا يستقيم أمر الأمة في دينها ودنياها ولا تحفظ حقوقها الدينية وأعراضها وأموالها وحقوقها الخاصة ولا يكون للأمة عز ولا حضارة ولا مدنية إلا بالسمع والطاعة، والسمع والطاعة مشروط بالمعروف، يعني سواءً كان الوالي مؤمنا مستقيما أو كان عنده تجاوزات وأخطاء ومعاصٍ وفجور فلابد أن يطاع بالمعروف فيما يتعلق بالسمع والطاعة في غير معصية الله، ما لم يأمر بمعصية، فإنه لا طاعة لأحد في معصية الله .
س/ الأصل في السنة هجران أهل البدع لماذا؟
لأن أهل البدع يحملون أمراضا بدعية تحرف المسلم عن السنة، فالهجران هنا بمعنى حماية المسلم من غوائل الانحراف والضلالة، وحماية عموم المسلمين من الفرقة،لأن الفرقة في الدين كارثة، ولأن أكبر نكاية على الأمة حرب بعضها بعض ، ولأننا نريد أن نضيق على أهل البدع وأن نظلمهم حقوقهم، ولأننا نريد أن نجمع الأمة على راية واحدة، فهجران أهل البدع هنا هجران الباطل، هجران الفرقة، هجران ما يؤثر على عقائد المسلمين .
-عز وجل- تُحَرَّك فطرته وعقله السليم بالتخويف فيفوض الأمر فيها لله
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لاإله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
نسألكم الدعاء(أم محمد الظن).















http://tafregh.a146.com/play.php?catsmktba=122 (http://tafregh.a146.com/play.php?catsmktba=122)

ملف لمعة الاعتقاد سؤال وجواب / د نـاصر بن عبد الكريم العقل