المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في ما ذُكر في الـ "10000 يوم" - الفروقات حقنا وهدفنا



حقوق المعلمين
15-01-2012, 09:00 PM
في ما ذُكر في الـ "10000 يوم" للدكتور / عبدالله الطويرقي
لعلي أختلف كثيراً مع كل من أحبطتهم الـ "10000يوم" التي وردت على لسان سمو وزير التربية والتعليم مؤخراً لإيجاد بيئة تعليمية منتجة وحقيقية في البلد، لسببين: أولهما شجاعة الوزير في الاعتراف بهكذا رقم، فلا أظن أن وزيراً آخر يجرؤ على القول به عن حقيقة قطاع استنزف خزينة الدولة بمئات المليارات من الريالات لأربعة عقود من الصرف التنموي، وهذا شيء يشكر عليه الأمير ويكفيني هكذا شفافية..
وثانياً، وهذا ما يهمني أنني منذ ما يقارب الأربعة أسابيع استضافني الزميل الإعلامي عبدالعزيز قاسم في حلقة من برنامج "البيان التالي" وقلت ما معناه أن لدينا تعليماً على الورق، وتحديداً: (وليس هناك بيئة تعليمية حقيقية في البلد) انتهى.. وهذا يكفيني أيضاً، وأشكر لسمو الوزير شفافيته وتأكيده على صحة كلامي.. "طيب"، هذا من حيث المبدأ يعطيني فرصة في هذا البعد الزمني المتمثل في حوالي "28 سنة بس" للتداول في واقعنا التعليمي في البلد بكل شفافية أيضاً، آخذاً في الاعتبار أن هذا الكلام صادر عن وزير متنوّر ويعرف بكل دقة ما يقول وهو المسؤول الأول عن تربية وتعليم البلد.. الوزير يقول كل هذه المدة الزمنية نحتاجها لتطوير بيئة تعليمية، معناه في نظري "اللي موجود غير صالح، واللي صرفناه كان شوية" إيجارات مبان ورواتب معلمين ومعلمات وطباعة كتب وإثبات مدرسي وربما "شغلات بيروقراطية شويه".. مؤتمرات وبرامج عمل وانتدابات وبهرجة إعلامية والحمد لله.. هذه المدة الزمنية المخيفة بكل تأكيد لا تعني أننا سنصرف على مدى خمس خطط تنموية قادمة ترليون وثلاثمائة مليار ريال بس، لكن تعني أننا مؤكد سنبدأ من الصفر ولله الحمد والمنّة!
مدارسنا بوضعها الراهن بنين وبنات المملوك منها والمستأجر غير مجدية للاستخدام التعليمي، وهذا أكيد.. مناهجنا هي الأخرى يبدو أنه سيتم قضّها تماماً لتتماشى وآليات وذهنيات مجتمعات المعلومات وشروط بيئات التعليم الفائق الذكاء واحتياجات مجتمعنا الإنتاجية عام 1450هـ، وهذا في حكم المؤكد أيضاً.. تأهيل وترخيص المعلمين والمعلمات ستكون هي الأخرى هدفاً رئيسا في كومة "هالمليارات" بحيث تصمّم برامج جامعية فائقة التقدم متناهية الذكاء غير متوافرة أصلاً في بيئاتنا الجامعية القائمة لإمداد البيئة التعليمية في البلد بأدمغة غير طبيعية وبمهارات ذهنية وعضلية وعصبية مؤهلة لإنتاج مخرجات تعليمية تحقق للمجتمع السعودي ليس فقط الاكتفاء الذاتي من المعلمين والمعلمات المتميزين وحسب، وإنما تصدير الأدمغة النادرة لكافة منسوبي منظمة التجارة العالمية ومجموعات "آسيان" والعشرين وربما الاتحاد الأوروبي إذا لزم الأمر، ليه لا؟!! طيب إذا عمليات جراحية كبرى ومفتوحة بهذا الشكل كيف ممكن تتحقق في أوضاعنا النائمة مؤسسياً؟! وعمليات برسترويكا شكلها "بحسب كلام سمو الوزير" فالظاهر إنه لا خيار أمام البلد إلا تكليف "كونسورتيوم" سويدي ياباني أميركي لرسم خارطة طريق للبيئة التعليمية للبلد، طبعاً مع مراعاة وجود كوادر وطنية من خارج الجسم التربوي من ذوي الأدمغة النظيفة إلى جانب "الكونسورتيوم العولمي" هذا لمعالجة الجوانب المتعلقة بهويتنا المحلية بكل تأكيد.. وبعد ذلك تكليف مقاولين عولميين وما فيه شيء محلي أو من الباطن. يعني من حكومة لحكومة وبدون وسطاء ولا يحزنون لكل ما يتعلق بالمباني والتجهيزات ونظم المعلومات وبرامج تأهيل وترخيص منسوبي ومنسوبات هيئة التدريس ومناهج ووسائط التعليم.. قناعتي أن سمو الوزير لم يقفز لهكذا رقم مخيف إلا بسبب واقع تربوي-تعليمي متخلف بكل ما في الكلمة من معنى.. وقناعتي أن يفرّغ الوزير لهكذا مهمة شبه مستحيلة، على أن تسير أعمال الوزارة بموازنة رواتب وتشغيل وصيانة سنوية ولا يلمسوا أي شيء يتعلق بالبيئة المنتظرة.. أقول هذا وفي ذهني أن سمو الوزير وصل لتصور وقناعة ويعرف بالضبط ما يحتاجه تعليمنا وبالتالي تخويله من الحكومة لإنجاز هذا التصور ويكون مسؤولاً أمام صانع القرار والرأي العام في البلد بكل ما في المفردة من معنى.. ومن صالح البلد أن يتم تبني هكذا تصور خاصة أنه يجيء من وزير سعودي للمرة الأولى يعترف بمشكلات جهازه، لا.. ويشخّص زمنياً كم من الوقت نحن بحاجة لتطوير التعليم في البلد، ومن حقه على البلد أن يعطى فرصة لمعالجة مصائب تكوّمت على مدى أربعة عقود من وزراء ومسؤولين.. أحبتي لا نضحك على أنفسنا فليس لدينا تعليم حقيقي ولا بد مما لا بد منه حتى وإن كان الدرب العسر طبعاً.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
د.عبدالله الطويرقي