المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خلود آيات الإسلام



أهــل الحـديث
15-01-2012, 12:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم
لا بُدّ لكلّ نبيٍّ من برهان على نبوّته ، وآية على صدقه ؛ قال تعالى : } لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ {[ الحديد : 25 ] ؛ وقد كانت آياتهم حججًا باهرة ، وأدلّة قاطعة على صدقهم ، لا ينكرها أو يأبى الإذعان لها إلاّ صاحب هوى يكابر فطرته ، ويناقض يقين قلبه ، قال تعالى : } وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا {[ النَّمل : 14 ] ؛ إلاّ أنّ هذه الآيات انقضت بانقضاء زمانها ؛ ولهذا كانت آيات الرِّسالة المحمَّديَّة مختلفةً عمَّا سبقها من آيات الرُّسل اختلافًا يناسب ختمها للرِّسالات وعمومها للخلق ؛ فكان منها آيات اختصّ من شهدها من أصحابه بكبر تأثيرها والتأثّر بها ؛ كنبع الماء من بين أصابعه e ، وحنين الجذع ، وتسبيح الطّعام وهو يؤكل ([1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn1)) . وكان منها آيات متجدّدة لا تختصّ بزمن النُّبوّة ؛ كظهور الإسلام ظهورًا عامًّا حتَّى بلغ ملك أمّته e مشارق الأرض ومغاربها ، وبقاء الإسلام عزيزًا إلى اثني عشر خليفة ، ثُمَّ حصول الهرج ؛ أي القتل والفتن ([2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn2)) ؛ وقد أنذر النَّبيُّ e من بعض ذلك بخصوصه وعينه ؛ روى مسلم بسنده عن أبي هريرة t مرفوعًا : ((لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ التُّرْكَ ؛ قَوْمًا وُجُوهُهُمْ كَالْمَجَانِّ الْمُطْرَقَةِ ، يَلْبَسُونَ الشَّعَرَ ، وَيَمْشُونَ فِي الشَّعَرِ))([3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn3)) ، قال النَّوويّ ـ رحمه الله ـ : (( هذه كلّها معجزات لرسولِ اللهe ، فقد وُجد قتال هؤلاء التُّرك بهذه الصِّفات كلّها في زماننا ، وقاتلهم المسلمون مرّات ، وقتالهم الآن ، فصلَّى الله على رسوله الَّذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلاّ وحي يوحى ))([4] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn4)) . وأعظم آيات النَّبيِّ e المتجدِّدة والخالدة إلى يوم القيامة ؛ القرآن الكريم ، قال تعالى : } إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {[ الحجر : 9 ] ؛ فوعد الله بحفظه بنفسه وعدًا مؤكّدًا ؛ وهو وعد يشمل حفظ أصله من الضَّياع ، وحفظ ألفاظه ومعانيه من التَّحريف والتَّبديل ([5] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn5)) . وروى البخاريّ بسنده عن أبي هريرة t مرفوعًا : ((مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلاَّ أُعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ أُومِنَ أَوْ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللهُ إِلَيَّ ؛ فَأَرْجُو أَنِّي أَكْثَرُهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ))([6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn6)) ، قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ : (( ليس المراد حصر معجزاته فيه ، ولا أنّه لم يؤت من المعجزات ما أوتي من تقدّمه ، بل المراد أنّه المعجزة العظمى الَّتي اختصّ بها دون غيره ))([7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn7)) ؛ فالقرآن آية خالدة في حسن تأليفه ونظمه، وقوّة تأثيره في الأفراد والجماعات ، واشتماله على ما يحقّق سعادة الدُّنيا والآخرة من الاعتقادات والتَّشريعات ، وعلى ما يهدي القلوب والعقول من الأخبار الصَّادقة والعلوم النَّافعة ؛ كإخباره عن الأمم السَّابقة ، والحوادث الآتية ، واشتماله على إشارات علميّة دقيقة تطابق الحقائق العلميّة ، وتكذّب كلّ من يدّعي تناقض العلم والدِّين ، ويتّخذ العلم وسيلة لهدم الدِّين والأخلاق والقيم ؛ لأنّ العلم الحقّ لا يمكن أن يكون إلاّ دليلاً على الدِّين الحقّ ، وشاهدًا له لا نقيضًا أو عدوًّا له ([8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn8)) ، قال تعالى : } سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {[ فُصِّلت : 53 ] ؛ وقال : } إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ {[ فاطر : 28 ] ؛ فمن كان أعرف وأعلم ؛ كان أخشى وأتقى . والعلم المورث لخشية الإيمان يعمّ العلم بأسماء الله وصفاته ، والعلم بآيات الله الكونيّة والشَّرعيَّة .



+++++







([1]) انظر : فتح الباري لابن حجر 6/581 ، 587 ، 601 .

([2]) انظر : النّهاية لابن الأثير 5/257 ، فتح الباري لابن حجر 13/213 .

([3]) صحيح مسلم : كتاب الفتن وأشراط السّاعة ، ح ( 5187 ) .

([4]) شرح صحيح مسلم 18/37 ، 38 [ باختصار ] .

([5]) انظر : أضواء البيان للشِّنقيطي 2/100 ، تفسير السّعدي 4/158 ، الوعد الأخروي 1/40 .

([6]) صحيح البخاريّ : كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة ، ح ( 7274 ) .

([7]) فتح الباري 9/6 .

([8]) انظر : البرهان للزَّركشيّ 2/95 ـ 108 ، مباحث في علوم القرآن لمنَّاع القطَّان ص 262 ـ 281 .