المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أركان الإسلام في القرآن الكريم/ بحث/ ج: الأول



أهــل الحـديث
14-01-2012, 10:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



أركان الإسلام في القرآن الكريم



أولا : التوحيد


(1)- توحيد الله تعالى :


إرادتـه :


قال الله سبحانه و تعالى : فففبَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ققق [سورة البقرة 117].
ـ قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : وقوله تعالى: فففبديع السماوات والأرضقققأي: خالقهما على غير مثال سبق، قال مجاهد والسدي: وهو مقتضى اللغة، ومنه يقال للشيء المحدث: بدعة. كما جاء في الصحيح لمسلم: "فإن كل محدثة بدعة [وكل بدعة ضلالة] ..{ صحيح مسلم برقم (867) من حديث جابر رضي الله عنه بلفظ: "وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة"}.
والبدعة على قسمين: تارة تكون بدعة شرعية، كقوله: فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. وتارة تكون بدعة لغوية، كقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن جمعه إياهم على صلاة التراويح واستمرارهم: نعمت البدعة هذه.
وقال ابن جرير: وبديع السماوات والأرض: مبدعهما. وإنما هو مفعل فصرف إلى فعيل، كما صرف المؤلم إلى الأليم، والمسمع إلى السميع. ومعنى المبدع: المنشئ والمحدث ما لم يسبقه إلى إنشاء مثله وإحداثه أحد.
قال: ولذلك سمي المبتدع في الدين مبتدعا؛ لإحداثه فيه ما لم يسبق إليه غيره، وكذلك كل محدث فعلا أو قولا لم يتقدمه فيه متقدم، فإن العرب تسميه مبتدعا. ومن ذلك قول أعشى ثعلبة، في مدح هوذة بن علي الحنفي:
يرعى إلى قول سادات الرجال إذا ... أبدوا له الحزم أو ما شاءه ابتدعا{البيت في تفسير الطبري (2/540) }.
أي: يحدث ما شاء.
قال ابن جرير: فمعنى الكلام: فسبحان الله أنى يكون لله ولد، وهو مالك ما في السماوات والأرض، تشهد له جميعها بدلالتها عليه بالوحدانية، وتقر له بالطاعة، وهو بارئها وخالقها وموجدها من غير أصل ولا مثال احتذاها عليه. وهذا إعلام من الله عباده أن ممن يشهد له بذلك المسيح، الذي أضافوا إلى الله بنوته، وإخبار منه لهم أن الذي ابتدع السماوات والأرض من غير أصل وعلى غير مثال، هو الذي ابتدع المسيح عيسى من غير والد بقدرته.
وهذا من ابن جرير، رحمه الله، كلام جيد وعبارة صحيحة.
وقوله تعالى: فففوإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكونققق يبين بذلك تعالى كمال قدرته وعظيم سلطانه، وأنه إذا قدر أمرا وأراد كونه، فإنما يقول له: كن. أي: مرة واحدة، فيكون، أي: فيوجد على وفق ما أراد، كما قال تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} [يس: 82] وقال تعالى: فففإنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكونققق [النحل: 40] وقال تعالى: فففوما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصرققق [القمر: 50] ، وقال الشاعر:
إذا ما أراد الله أمرا فإنما ... يقول له كن قولة فيكون ...
ونبه تعالى بذلك أيضا على أن خلق عيسى بكلمة: كن، فكان كما أمره الله، قال [الله] تعالى: فففإن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكونققق [آل عمران: 59] .
ـ قال السعدي رحمه الله في تفسيره : فففبَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِققق أي: خالقهما على وجه قد أتقنهما وأحسنهما على غير مثال سبق.
فففوَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُقققفلا يستعصى عليه، ولا يمتنع منه. أهـ
ـ قال الشيخ العثيمين رحمه الله في تفسير هذه الآية :
قوله تعالى: ففف بديع ققق: فعيل بمعنى مُفعل؛ أي مبدع؛ ولها نظير في اللغة العربية، مثل قول الشاعر(أم الريحانةَ الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع) فـ«السميع» بمعنى المسمِع؛ ففف بديع السموات والأرضققق أي موجدهما على غير مثال سابق.
قوله تعالى: ففف وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ققق أي إذا أراد أن يقضي أمراً؛ والفعل يأتي بمعنى إرادته المقارنة له، مثل قوله تعالى: ففففإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيمققق [النحل: 98] أي إذا أردت قراءته؛ والدليل على تأويلفففقضى ققق بمعنى «أراد أن يقضي» هو قوله تعالى في آية أخرى: فففإنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكونققق[يس: 82] ؛ على أنه يصلح أن يكون ففف إذا قضى أمراً...ققق بمعنى إذا فعل شيئاً فإنما يقول تعالى له عند فعله: فففكن فيكون ققق؛ يعني أن فعله سبحانه وتعالى للشيء يكون بعد قوله عز وجل: ففف كن ققق من غير تأخر؛ لأنه ليس أمراً شاقاً عليه؛ وففف أمراً ققق واحد الأمور؛ يعني الشؤون؛ أي إذا قضى شأناً من شؤونه سبحانه وتعالى فإن ذلك لا يصعب عليه: ففف فإنما يقول له كنققق؛ أي لا يقول له إلا «كن» مرة واحدة بدون تكرار؛ وففف كن ققق هنا تامة من «كان» بمعنى حدث؛ ففف فيكون ققق أي فيحدث كما أمره الله سبحانه وتعالى على ما أراد الله عز وجل.
وفي قوله تعالى: ففف فيكون ققق قراءتان؛ هما النصب، والرفع؛ فعلى قراءة النصب تكون جواباً للأمر: ففف كن ققق أي فبسبب ذلك يكون؛ وتكون الفاء للسببية؛ وعلى قراءة الرفع تكون للاستئناف؛ أي فهو يكون.

الفوائد :

ثم ذكر بعض الفوائد لهذه الآية و التي قبلها فقال رحمه الله :
ـ في قوله تعالى: ففف بديع السموات والأرض ققق؛ ووجهه أنه سبحانه وتعالى مبدع السموات والأرض؛ فالقادر على خلق السموات والأرض قادر على أن يخلق إنساناً بلا أب، كما قال تعالى: فففلخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناسققق [غافر: 57] .
ـ في قوله تعالى: ففف إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ققق؛ ومن كان هذه قدرته فلا يستحيل عليه أن يوجد ولداً بدون أب.
فبطلت شبهتهم التي يحتجون بها على أن لله ولداً.
2 ) ـومن فوائد الآيتين: امتناع أن يكون لله ولد؛ لهذه الوجوه الستة.
3) ـ ومنها: عموم ملك الله سبحانه وتعالى؛ لقوله تعالى: ففف بل له ما في السموات والأرض ققق.
4) ـ ومنها: أن الله لا شريك له في ملكه؛ لتقديم الخبر في قوله تعالى: ففف له ما في السموات والأرض ققق؛ وتقديم الخبر يفيد الاختصاص.
5) ـ ومنها: أن كل من في السموات، والأرض قانت لله؛ والمراد القنوت العام ـ وهو الخضوع للأمر الكوني ـ ؛ والقنوت يطلق على معنيين؛ معنى عام وخاص؛ «المعنى الخاص» هو قنوت العبادة، والطاعة، كما في قوله تعالى: فففأمَّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماًققق [الزمر: 9] ، وكما في قوله تعالى: فففوصدَّقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتينققق [التحريم: 12] ، وكما في قوله تعالى: فففيا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعينققق [آل عمران: 43] ؛ و«المعنى العام» هو قنوت الذل العام؛ وهذا شامل لكل من في السموات، والأرض، كما في هذه الآية: ففف كل له قانتون ققق؛ حتى الكفار بهذا المعنى قانتون لله سبحانه وتعالى؛ لا يخرجون عن حكمه الكوني.
6) ـ ومن فوائد الآيتين: عظم قدرة الله عز وجل ببدع السموات، والأرض؛ فإنها مخلوقات عظيمة.
7) ـ ومنها: حكمة الله سبحانه وتعالى بأن هذه السموات، والأرض على نظام بديع عجيب؛ قال تعالى: فففما ترى في خلق الرحمن من تفاوتققق [الملك: 3] ؛ هذا النظام الواسع الكبير العظيم لا يختل، ولا يتغير على مر السنين، والأعوام؛ فتدل على قدرة باهرة بالغة، وحكمة عظيمة بالغة: كل شيء منظم تنظيماً بديعاً متناسباً، فلا يصطدم شيء بشيء فيفسده؛ ولا يغير شيء شيئاً؛ بل كل سائر حسب ما أمره الله به؛ قال الله تعالى: فففوأوحى في كل سماء أمرهاققق [فصلت: 12] ؛ إذاً ففف بديع السموات والأرض ققق يستفاد منها القوة، والقدرة، والحكمة.
8) ـ ومن فوائد الآيتين: أن السموات عدد؛ لأن الجمع يدل على العدد؛ وقد بيَّن الله في القرآن، وثبتت السنة، وأجمع المسلمون على أن السماء جرم محسوس؛ وليس كما قال أهل الإلحاد: إن الذي فوقنا فضاء لا نهاية له؛ وأما الأرض فلم تأت في القرآن إلا مفردة؛ لكن أشار الله سبحانه وتعالى إلى أنها سبع في قوله تعالى: فففالله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهنققق [الطلاق: 12] ؛ وصرحت السنة بذلك في قوله صصص: «من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين» ./أخرجه البخاري ص259، كتاب بدء الخلق، باب 2: ما جاء في سبع أرضين، حديث رقم 3198، وأخرجه مسلم ص958، كتاب المساقاة، باب 30: تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها، حديث رقم 4132 [137] 1610، واللفظ لمسلم./
9) ـ ومن فوائد الآيتين: أن الله سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء، ولا يمتنع عن أمره شيء؛ لقوله تعالى: ففف إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ققق.
10) ـ ومنها: إثبات القول لله؛ لقوله تعالى: ففف فإنما يقول له ققق.
11) ـ ومنها: أن قول الله بصوت مسموع؛ لقوله تعالى: ففف فإنما يقول له كن فيكون ققق؛ وففف لهققق صريحة في توجيه القول للمقول له؛ ولولا أنه يسمعه لما صار في توجيهه له فائدة؛ ولهذا يسمعه الموجه إليه الأمر، فيمتثل، ويكون.
12) ـ ومنها: أن قول الله بحروف؛ لقوله تعالى: ففف كن ققق؛ وهي كلمة بحرفين.
فإن قال قائل: كيف يمكن أن نتصور هذا ونحن نقول: ليس كمثله شيء؛ وأنتم تقولون: إنه بحروف؟ قلنا: نعم؛ الحروف هي الحروف؛ لكن كيفية الكلام، وحقيقة النطق بها ـ أو القول ـ لا يماثل نطق المخلوق، وقوله؛ ومن هنا نعرف أننا لا نكون ممثِّلة إذا قلنا: إنه بحرف، وصوت مسموع؛ لأننا نقول: صوت ليس كأصوات المخلوقين؛ بل هو حسب ما يليق بعظمته، وجلاله.
13) ـ ومن فوائد الآيتين: أن الجماد خاضع لله سبحانه وتعالى؛ وذلك لأن قوله تعالى:ففف وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ققق يشمل الأمور المتعلقة بالحيوان، والمتعلقة بالجماد؛ فالجماد إذا قال الله تعالى له: ففف كن ققق كان.
14) ـ ومنها: أنه ليس بين أمر الله بالتكوين، وتكونه تراخٍ؛ بل يكون على الفورية؛ وذلك لقوله تعالى: ففف فيكون ققق: بالفاء؛ والفاء تدل على الترتيب، والتعقيب. أ هـ



جمع و ترتيب :

أبو علي الحارث الجزائري

يتبع إن شاء الله ...