تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : محاضرة فاسمع إذا للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله



أهــل الحـديث
14-01-2012, 04:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




محاضرة فاسمع إذا
ألقاها الشيخ حفظه الله تعالي في - أسبانيا - بتاريخ 19 - 6 -2010

إنَّ الحمدَ لله تعالى نحمده ونستعينُ به ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرورِ أنفسنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهدى اللهُ تعالى فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسوله.
أما بعــــــدِ
فإن أصدق الحديثِ كتاب الله تعالي وأحسنَ الهدي هدي محمدٍ صلي الله عليه وآله وسلم ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدَثةٍ بدعه وكلَّ بدعةٍ ضلالة وكلَّ ضلالةٍ في النار ، اللهم صلى على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنَّك حميدٌ مجيد ، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنَّك حميدٌ مجيد




دَرَسْنَا هَذَا الْمَسَاء بِعُنْوَان( فَاسْمَع إِذاً) .
وَأَبْدَأ كَلَامِي بِذِكْر مَقْطَع مِن حَدِيْث بَدَأ بِه الْإِمَام مُسْلِم مِن كِتَاب الْطَّهَارَة مِن صَحِيْحِه وَفِي آَخِر هَذَا الْحَدِيْث يَقُوْل رَسُوْل الْلَّه- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم-:" كُلُّ الْنَّاس يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَه فَمُوْبِقُهَا أَو مُعْتِقُهَا "
الشاهد من الحديث:شِبْه الْدُّنْيَا بِسُوْق وَالْبِضَاعَة الَّتِي تُبَاع فِي هَذَا الْسُّوْق أَنَا وَأَنْت ، فَإِذَا خَرَجَت مِن بَيْتِك صَبَاحا ، فَأَنَا أَو أَنْت أَحَد رَجُلَيْن ،كِلَانَا يَبِيْع نَفْسَه ، يَبِيْع نَفْسَه بِأَعْمَالِه الَّتِي يَعْمَلُهَا فِي هَذَا الْيَوْم إِن كَانَت الْأَعْمَال خَيْراً فَهَذَا بَائِع نَفْسَه فَمُعْتِقُهَا( أَي مَن الْنَّار )، وَإِن عَملاً طَالِحاً وَعَمِل سُوَء فَهَذَا بِائِع نَفْسِه فَمُوْبِقُهَا (أَي مُهْلِكُهُا ).
مَا مِن إِنْسَان مِنَّا إِلَا وَهُو أَحَد هَذَيْن الرَجُلَيْن.
رَجُل عَمِل صَالِحاً فَرَبِح وَرَجُل آَخَر عَمَل غَيْر ذَلِك فَخَسِر .
الْدُّنْيَا مَزْرَعَة الْآَخِرَة.
فَلَا شَك أَن الْدُّنْيَا مَزْرَعَة الْآَخِرَة ، فَهَل تُرِيْد أَن تَتَجَاوَز عقْبَة الْدُّنْيَا لِتَصِل إِلَى الْلَّه بِسَلَام ؟ إِن كُنْت تُرِيْد أَن تَسْمَع هَذَا فَاسْمَع إِذاً مَا سَأَقُوْلُه لَك .
مَّعْلُوْم لَدَى كُل الْعُقَلَاء أَنَّه إِذَا أَرَاد أَن يَصِل إِلَى غَايَة وَكَانَت الْطَّرِيْق مُهْلِكَة فِيْهَا وُحُوْش وَفِيْهَا قِطَاع طُرُق ، أَنَّه لَا يَسْلُك هَذَا الْطَّرِيْق إِلَا بِحِرَاسَة ، أَو عَلَيْه أَن يَسْلُك طَرِيْقا آَمِناً حَتَّى يَصِل إِلَى غَايَتِه ، حَب الْدُّنْيَا رَأْس كُل خَطِيَّة فَالَدُّنْيَا مَزْرَعَة الْآَخِرَة فَمَن اسْتَثَمْرَهَا اسْتِثْمَارا حَقِيْقِياً كَانَت رَأْس مَال جَيِّد لَكِن حُب الْدُّنْيَا رَأْس كُل خَطِيَّة ، وَهَذَا بَعْض الْنَّاس يَرْوِيْه حَدِيْثاً عَن رَسُوْل الْلَّه- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- ، وَهَذَا لَا يَصِح عَنْه إِنَّمَا نَحْن نَقُوْلُه قَوْلَا (حَب الْدُّنْيَا رَأْس كُل خَطِيَّة )
مُعَالَجَة الْنَّبِي_صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم لِطَّرِيْق الْدُّنْيَا الْمُوَحِّش.
أَنْت لَابُد وَأَنْت بْن الْدُّنْيَا رَضِعَت مِن لِبَانِهَا وَلَم تُفْطَم بَعْد،الْمَوْلُوْد عِنْدَمَا يُوْلَد يُفْطَم بَعْد عَامَيْن،أَمَّا نَحْن فَلَا نُفَطَم عَن الْدُّنْيَا حَتَّى نَمُوْت إِلَا إِذَا كُنَّا مِن أَهْل الْيَقَظَة ، طَرِيْق الْدُّنْيَا مُوَحِّش ، عَالَجَه الْنَّبِي- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- فِي حَدِيْث مَشْهُوْر رَوَاه الْإِمَام الْبُخَارِي فِي صَحِيْحِه مِن حَدِيْث بْن عُمَر –رَضِي الْلَّه عَنْهُمَا قَال- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم-:" كُن فِي الْدُّنْيَا كأنكَ غَرِيْبٌ أَو عَابِرُ سَبِيِل " .
(أَو) فِي هَذَا الْحَدِيْث لَيْسَت لِلْتَّخْيِيْر, كَمَا لَو قُلْت لَك خُذ هَذَا أَو ذَاك فَأَنْت مُخَيَّر أَن تَأْخُذ هَذَا أَو هَذَا,بَل لَمَّا يُسَمِّيْه عُلَمَاء الْبَيَان لِلْإِضْرَاب .
مَا مَعْنَى (أَو) لِلْإِضْرَاب ؟
إِذَا جَاءَت (أَو) بِمَعْنَى الْإِضْرَاب فَتَكُوْن بِمَعْنَى بَل ،وَسُمِّي إِضْرَابَا لِأَنَّك أَضْرَبْت عَن الْكَلَام الَّذِي قَبْلَهَا وَأَثْبَت الْكَلَام الَّذِي بَعْدَهَا ، وَهَذَا كَقَوْلِه تَعَالَي:﴿وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ (النحل:77) .
(أو)هنا بمعنى بل ، ﴿وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ﴾ كَأَنَّه قَال: لَا ، لَا ، أَضْرِب عَن هَذَا الْكَلَام ، أُتْرُكَه بَل هُو أَقْرَب مِن لَمْح الْبَصَر ، فَنَكُوْن أَثْبَتْنَا مَا بَعْد أَو ، وَتَرَكْنَا مَا قَبْلَهَا ، وَهَذَا كَقَوْلِه تَعَالَى أَيْضا﴿ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾(الصافات:147) ، أَي بَل يَزِيْدُوْن فَهُنَا فِي هَذَا الْحَدِيْث:" كُن فِي الْدُّنْيَا كأنكَ غَرِيْبٌ أَو عَابِرُ سَبِيِل"
وَجْه الْدَّلَالَة:كَأَنَّمَا قَال لَه: لَا، لَا لَا تَكُن غَرِيْبا ، رَجَعَت عَن هَذَا الْكَلَام بَل كُن عَابِر سَبِيِل حَتَّى تَنْجُو مِنْهَا, لِأَن الْغَرِيْب قَد يَأْنَس فِي دَار الْغُرْبَة وَأَنْتُم جَمِيْعا غُرَبَاء ،لَيْس هَذَا هُو مَوْطِنُكُم الْأَصْلِي ، وَمَع ذَلِك أَنِسْتُم ، وَجَدْتُم أَصْدِقَاء جُدُدا وَجِيْرَاناً وَأَحْبَابّاً أَنْسَوْكُم أَحْبَابَكُم فِي بِلَادِكُم الْأَصْلِيَّة ،تَعِيْشُوْن فِي أُنْس وَسَلَام وَوَدَاع،بَل قَد يَكُوْن بَعْضُكُم أَسْعَد حَالاً هُنَا فِي دِيَار الْغُرْبَة مِن حَالِه فِي بِلَادِه الْأَصْلِيَّة.

http://tafregh.a146.com/play.php?catsmktba=110
رابط تحميل المحاضرة ملف ورد