المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الباحثة المحققة سكينة الشهابي ( 1933 - 2006 م ) رحمها الله، ونماذج من مقالاتها وتحقيقاتها المميزة



أهــل الحـديث
12-01-2012, 10:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




الباحثة المحققة سكينة الشهابي ( 1933 - 2006 م ) رحمها الله




يرحم الله المحقِّقة المؤرِّخة الفاضلة سُكَينة الشِّهابي، فقد كانت نمطاً فريداً فيمن عرفتُ من المحقِّقين، عرفتُها بتاريخ ابن عساكر قبل أن أراسلَها، وقبل أن ألقاها مرَّات في مجمع اللغة العربية بدمشق.
وسمعت اسمَها مقروناً بالتكريم والتبجيل بين أوساط المحقِّقين.
كانت تحدثني دائماً بأسفٍ عن عبث كبار المحقِّقين بالتراث، وقلَّة أمانتهم، وتذكُر لي أسماءهم، وهُم مِلْءُ السمع والبصر، وكانت تحدثني أيضاً عمَّا كانت تواجهُه من صعوبات في بداية عملها في تحقيق (تاريخ ابن عساكر)، وكيف اهتدَت إلى مَنهج مؤلِّفه فيه وطريقته في ذكر أسانيده، وتُعرِّج على أحد الناشرين الذي أخذَ منها عدَّة أجزاء من تاريخ ابن عساكر، فلا هو طبعَها ولا هو ردَّها!
وُلدت سكينةُ الشهابي في مدينة الباب من أعمال حلب سنة 1933م، ونشأت يتيمةً؛ إذ توفِّي والدُها سنة 1938، ومن حينها بدأ نضالُ إخوتها في سبيل العيش، وأكبرُهم لم يبلُغ العشرين من العمر؛ لأن والدَهم لم يترُك لهم شيئاً من مالٍ أو عَقار.
وحُرمت سكينةُ من الدراسة والمدرسة، وأمُّ الأسباب في ذلك الفقرُ والإهمال، وكانت عندها رغبةٌ لا تُقاوَم في المعرفة، فتعلَّمت قراءةَ القرآن الكريم بمساعدة إخوتها في البيت، ثم أَتبعت ذلك تعلُّمَ القراءة والكتابة، وكانت تختلسُ الساعات لقراءة ما تيسَّر لها من الصحف والمجلات والقصص...
وأحسَّ من يُحيط بها من الأهل والأقرباء أنها أصبحت أحسنَ من اللواتي يذهَبنَ إلى المدرسة، ومثلها في ذلك شقيقتُها الصُّغرى، فشُجِّعَتا على اجتياز امتحان الشهادة الابتدائيَّة بدراسةٍ حُرَّة، فنَجَحَتا، وتقدَّمتا بعد ذلك للحصول على الشهادة الإعدادية، فحَصَلَتا عليها، ثم فازَتا عن جَدارة بالشهادة الثانوية.
ثم انتقلت مع أُسرتها إلى دمشق، وأتمَّت الدراسةَ في قسم اللغة العربية بجامعة دمشق عام 1961-1962، واجتازَت المسابقةَ التي أجرتها وِزارةُ التربية لانتقاء المدرِّسين، وكانت الأُولى فيها، فعُيِّنت مدرِّسةً للغة العربيَّة، ووالَت نشرَ مقالات نقديةً وأدبية بمجلة الأديب اللبنانية، ثم اختيرَت للعمل في التراث بمجمَع اللغة العربيَّة في السنة التي توفِّيت فيها والدتُها (1973م)، وكانت وفاتُها أعظمَ محنة مرَّت عليها في حياتها، وتحوَّلت مقالاتُها من النقد والأدب إلى البحث في التراث والتحقيق، وأصبحت كَلِفَةً بتاريخ ابن عساكر الذي أَخرَجَت منه أكثرَ من عشرين مجلَّداً مطبوعاً، جوَّدت فيها ما شاءت.
واختارَت لمساعدتها في التحقيق أُستاذةً فاضلة هي الأُخت هَلا الضحَّاك، وعسى أن تكونَ قد تعلَّمت منها الكثير، لتُتابع المسير على خُطا أستاذتها الكبيرة.
وقد أنبأَتني مُراسلَتي إياها واجتماعي بها، بما تتَّصف به من تواضُع شديد وخُلُق حميد، وبما قاسَتهُ في صِغَرها من شَظَف العَيش، مع الصبر والاعتداد بالنفس.
وقد توفِّيت في 14/7/2006م، عذراءَ لم تتزوَّج، رحمها الله تعالى رحمةً واسعة.
حقَّقَت من الكتب - عَدا أجزاء تاريخ ابن عَساكر - : (تلخيص المتشابه في الرَّسم) للخَطيب البَغدادي جزآن، و(طبقات الأسماء المفردَة في الصَّحابة والتابعين ورجال الحديث) للبَرْديجي، و(أخبار الوافِدين من الرِّجال على معاوية)، و(أخبار الوافِدات من النِّساء على معاوية) كلاهما للعبَّاس بن بكَّار، و(تاريخ أبي بِشْر هارون بن حاتِم)، و(المعجم المشتَمِل على ذكر أسماء شيوخ الأئمَّة النُّبل) لابن عساكر، و(رجال عُروَة بن الزُّبَير) للإمام مسلم، و(المنتخَب من أزواج النبيِّ) للزُّبَير بن بكَّار.

===================

كتبه
أحمد العلاونة

3/6/2007 ميلادي - 17/5/1428 هجري

( يُتبع : نماذج من مقالاتها وتحقيقاتها المميزة )