المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيفية معرفة ضبط الراوى



أهــل الحـديث
12-01-2012, 09:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله الذى رفع من وقف تحت أمره ونهيه إلى أوج الكمال, ووصل من انقطع إليه بصلة فاخرة فى الحال والمآل , والصلاة والسلام على نبينا محمد المرسل بصحيح الأقوال والأفعال , الذى بلغ حسنُ حديثه مبلغ الإعجاز والكمال , وعلى آله المدرجين فى سلسلة هديه التى لاانفصام لها ولا انفصال , وعلى أصحابه الذين بذلوا نفوسهم وأموالهم فى مرضاته تعالى , من غير ضعف ولا اعتلال , وعلى التابعين لهم السالكين طريقهم بلا قلب , لا اضطراب , بل ساورا باعتدال .
أما بعد :
قبل أن نتكلم عن كيفية معرفة ضبط الراوى يجدر بنا أن نلقى الضوع على تعريف الضبط وأقسامه ، ومراتبه ،وشروطه ، وما يخل به حتى نكون بذالك على أتم دراية بحقيقته ، فنقول وبالله التوفيق :
تعريف الضبط :
لغة: قال الجرجانى فى التعريفات : الضبط: في اللغة: عبارة عن الحزم.
فى الاصطلاح : عبارة عن احتياط فى باب العلم , وله طريقان : العلم عند السماع ، والحفظ بعد العلم عند التكلم , حتى إذا سمع ولم يعلم لم يكن معتبرا ، كما لو سمع صياحا لامعنى له , وإذا لم بفهم اللفظ بمعناه لم يكن ضابطا ، وإذا شك فى حفظه بعد العلم والسماع لم يكن ضابطا أيضا .
أقسامه :
البضبط قسمان : ضبط صدر , وضبط كتاب .
1_ ضبط صدر : وهو أن يحفظ ويثبت ما سمعه فى حفظه , بحيث يبعُد زواله عن القوة والحافظة , ويتمكن من استحضاره متى شاء , وصونه من الوهم , والغلة والنسيان .
2_ ضبط كتاب : هو أن يحفظ كتابه الذى كتب فيه المرويات التى سمعها أو قرأها أو نحو ذالك ، بنفسه , أو عن طريق ثقة , وصونه عن تطرق التزوير , والتغيير , والتصحيف , التحريف إليه من وقت سماعه إلى أن يؤديه .
مراتبه :
الضبط ثلاث درجات فيما يتعلق بضبط الصدر فقط وهى : عليا ,وسطى ، ودنيا ، أما ضبط كتاب فالظاهر أن كله تام ، ولايُتصور فيه النقصان لأن صاحبه يحفظ كتابه من أن تمتد إله يدُ عابس ، فيُغير ، أو يُصحف ، أو يُحرف أو نحو ذالك .
شروط الضبط :
قال السخاوى – رحمه الله – فى فتح المغيث : فَأَمَّا شُرُوطُ أَوَّلِهِمَا الَّذِي تَنْكِيرُهُ شَمِلَ التَّامَّ وَالْقَاصِرَ، فَهِيَ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي يَقِظًا ،وَ ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُغَفَّلًالَا يُمَيِّزُ الصَّوَابَ مِنَ الْخَطَأِ ; كَالنَّائِمِ وَالسَّاهِي ; إِذِ الْمُتَّصِفُ بِهَا لَا يَحْصُلُ الرُّكُونُ إِلَيْهِ، وَلَا تَمِيلُ النَّفْسُ إِلَى الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ ( يُثْبِتُ مَا سَمِعَهُ فِي حِفْظِهِ بِحَيْثُ يَبْعُدُ زَوَالُهُ عَنِ الْقُوَّةِ الْحَافِظَةِ، وَيَتَمَكَّنُ مِنَ اسْتِحْضَارِهِ مَتَى شَاءَ.
(إِنْ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ وَيَحْتَوِي عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِثِقَةٍ ، وَيَصُونُهُ عَنْ تَطَرُّقِ التَّزْوِيرِ وَالتَّغْيِيرِ إِلَيْهِ، مِنْ حِينِ سَمِعَ فِيهِ إِلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إِنْ كَانَ مِنْهُ يَرْوِي، وَأَنْ يَكُونَ يَعْلَمُ مَا فِي اللَّفْظِ مِنْ إِحَالَهْ ، بِحَيْثُ يُؤْمَنُ مِنْ تَغْيِيرِ مَا يَرْوِيهِ (إِنْ يَرْوِ بِالْمَعْنَى) وَلَمْ يُؤَدِّ الْحَدِيثَ كَمَا سَمِعَهُ بِحُرُوفِهِ ، وإلى هذه الشروط أشار الحافظ العراقى فى ألفيته فقال :
بِأَنْ يَكُونَ ضَابِطًا مُعَدَّلًا ... أَيْ يَقِظًا وَلَمْ يَكُنْ مُغَفَّلًا
- يَحْفَظُ إِنْ حَدَّثَ حِفْظًا يَحْوِي ... كِتَابَهُ إِنْ كَانَ مِنْهُ يَرْوِي
- يَعْلَمُ مَا فِي اللَّفْظِ مِنْ إِحَالَهْ ... إِنْ يَرْوِ بِالْمَعْنَى .

مايُخِّل يخل بضبط الراوى :
أوجه الخلل فى ضبط الراوى بنوعيه – ضبط صدر وضبط كتاب - :
_ يقع فى ضبط الصدر أنواع من الخلل مثل : الوهم ، والغفلة ، والخطأ ، والنسيان .
_ ويقع فى ضبط االكتاب أنواع من الخلل : كالتصحيف ، والتخريف ، والتغيير ، والتبديل .


كيفية معرفة الضبط :
فأم عن كيفية معرفة ضبط الراوى ، فإن المحدثين قد سلكو طريقة جمع روايات الراوى وطرقها ، وبعد جمعها تقارَنُ هذه الروايات بروايات الثقات الضابطين المتقنين ، فإن وافقهم الراوى فى رواياتهم غالبا ، ولو من حيث المعنى فضابط , ولا تضر مخالفته اليسيرة لهم ، فإن كثرت مخالفته لهم وندرت الموافقة اختّل ضبطه ولم يحتج بحديثه .
قال ابن كثير فى – اختصار علوم الحديث - ويعرف ضبط الراوي بموافقة الثقات لفظا، أو معنى، وعكسه عكسه والتعديل مقبول، ذُكر السبب أو لم يذكر .
قال السيوطى فى تدريب الراوى : ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ: أَنَّ الْوَهْمَ تَارَةً يَكُونُ فِي الْحِفْظِ، وَتَارَةً يَكُونُ فِي الْقَوْلِ، وَتَارَةً فِي الْكِتَابَةِ.
قَالَ: وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ حَدِيثَ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَأَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَوَهِمَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، إِنَّمَا رَوَوْهُ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، كَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْهُمُ النَّاسُ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ أَحَدِ شُيُوخِ مُسْلِمٍ فِيهِ.
قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَهْمٌ وَقَعَ مِنْهُ فِي حَالِ كِتَابَتِهِ، لَا فِي حِفْظِهِ: أَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا حَدِيثَ أَبِي مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ ثَنَّى بِحَدِيثِ جَرِيرٍ، وَذَكَرَ الْمَتْنَ وَبَقِيَّةَ الْإِسْنَادِ، ثُمَّ ثَلَّثَ بِحَدِيثِ وَكِيعٍ، ثُمَّ رَبَّعَ بِحَدِيثِ شُعْبَةَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَتْنَ وَلَا بَقِيَّةَ الْإِسْنَادِ عَنْهُمَا، بَلْ قَالَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِإِسْنَادِ جَرِيرٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ بِمِثْلِ حَدِيثِهِمَا، فَلَوْلَا أَنَّ إِسْنَادَ جَرِيرٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ عِنْدَهُ وَاحِدٌ، لَمَا جَمَعَهُمَا فِي الْحَوَالَةِ عَلَيْهِمَا.

هذا والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب