المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السنة التركية، معناها، حجيتها، شيء من تطبيقاتها



أهــل الحـديث
11-01-2012, 11:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السنة التركية، معناها، حجيتها، شيء من تطبيقاتها

مقدمة:
الترك تركان: ترك عدمي؛ وهو الترك مع الذهول عن المتروك أو مع عدم القدرة عليه، وترك وجودي؛ وهو الكف، وهذا الذي يدخل في حد التكليف دون الأول.
قال ابن القيم في إغاثة اللهفان ( ص824، ط. الحلبي):
والتحقيق أن الترك نوعان: ترك هو أمر وجودي؛ وهو كف النفس ومنعها وحبسها عن الفعل؛ فهذا سببه أمر وجودي، وترك هو عدم محض؛ فهذا يكفي فيه عدم المقتضي؛ فانقسم الترك إلى قسمين: قسم يكفي فيه عدم السبب المقتضي لوجوده، وقسم يستلزم وجود السبب الموجب له من البغض والكراهة وهذا السبب لا يقتضي بمجرده كف النفس وحبسها. انتهى، وبنحوه في الداء والدواء (ص449 / عالم الفوائد).
*الدليل على أن الترك بمعنى الكف أمر وجودي:
قال شيخ الاسلام في مجموع الفتاوى (14/244):
وَالتَّرْكُ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ فَتَرْكُهُ لَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ ذَنْبٌ وَكَرَاهَتُهُ لَهُ وَمَنْعُ نَفْسِهِ مِنْهُ أُمُورٌ وُجُودِيَّةٌ وَإِنَّمَا يُثَابُ عَلَى التَّرْكِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبُغْضَ فِي اللَّهِ مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الْإِيمَانِ وَهُوَ أَصْلُ التَّرْكِ، وَجَعَلَ الْمَنْعَ لِلَّهِ مِنْ كَمَالِ الْإِيمَانِ وَهُوَ أَصْلُ التَّرْكِ، وَكَذَلِكَ بَرَاءَةُ الْخَلِيلِ مِنْ قَوْمِهِ الْمُشْرِكِينَ وَمَعْبُودِيهِمْ لَيْسَتْ تَرْكًا مَحْضًا ؛ بَلْ صَادِرًا عَنْ بُغْضٍ وَعَدَاوَةٍ.
وقال العلامة الشنقيطي في مذكرته (ص 54-55):
والدليل على أن الترك فعل: الكتاب والسنة واللغة.
وأما دلالة الكتاب على أن الترك فعل؛ ففي آيات من القرآن العظيم؛ كقوله تعالى: (لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الاثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون)؛ فسمى الله جل وعلا عدم نهي الربانيين والأحبار لهم صنعاً، والصنع أخص مطلقاً من الفعل؛ فدل على أن ترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فعل؛ بدليل تسمية الله له صنعاً، وكقوله تعالى: (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون)؛ فسمى عدم تناهيهم عن المنكر فعلاً، وهو واضح، ولم أر من الأصوليين من انتبه لدلالة هذه الآيات على أن الترك فعل......، وأما دلالة السنة ففى أحاديث كقوله : "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده "؛ فسمى ترك الأذى اسلاماً وهو يدل على أن الترك فعل.

*أنواع تروكه صلى الله عليه وسلم، وأيها المراد في هذا الباب؟:
تنقسم تروكه صلى الله عليه وسلم إلى قسمين:
الأول: ما تركه ليس بياناً لسنية الترك، وهذا ثلاثة أنواع:
1. الترك الجبلّي أو العادي؛ كتركه أكل الضب.
2. الترك الخاص به بالنص الشرعي؛ كتركه أكل الثوم.
3. الترك لمانع شرعي أو لمصلحة شرعية؛ كترك قتل المنافقين، وترك صلاة التراويح، وترك الكعبة على غير قواعد ابراهيم عليه السلام.
الثاني: ما تركه بياناً لسنية الترك، وهذا هو محل الاقتداء؛ فهو المقصود في باب السنة التركية.

*حد السنة التركية: هي ترك النبي صى الله عليه وسلم فعل شيء مع وجود مقتضيه وإنتفاء مانعه؛ بياناً لأمته.
فخرج بها خمسة أمور تقدمت الإشارة إليها:
1. ما ترك لعدم القدرة عليه، وهذا هو الترك العدمي المتقدم.
2. السنة الفعلية والقولية والتقريرية.
3. ما ترك لعدم وجود مقتضيه؛ كتركه جمع القرآن، ومنه المصلحة المرسلة، وموردها باب المعاملات وسياسة أمور الناس.
وحد المصلحة المرسلة: ما لم يشهد له الشرع باعتبار ولا بإلغاء بدليل معين، ولكنّ فيه وصفاً مناسباً لتشريع حكم معين من شأنه أن يحقق منفعة أو يدفع مفسدة.
4. ما ترك لوجود مانعه، كترك صلاة التراويح.
5. ما ترك جبلة، أو عادة، أو لخصوصية.

*طرق معرفة السنة التركية كما ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين اثنتان:
1. أن يرد نص صريح من الصحابي بتركه صلى الله عليه وسلم.
ومنه:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَسْتَلِمُ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ. رواه مسلم (1269).
وعنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى الْعِيدَ بِلاَ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَوْ عُثْمَانَ شَكَّ يَحْيَى. رواه أبو داود (1147).
2. أن لا ينقل فعله مع توافر همم الصحابة على نقله؛ فحيث لم ينقله واحد منهم ولا حدث به في مجمع ابداً علم أنه لم يكن؛ كتركه التلفظ بالنية عند الدخول في الصلاة، وتركه الدعاء بعد الصلاة مستقبل المأمومين وهم يؤمنون على دعائه، وكتركه الغُسل للمبيت بمزدلفة ولا لرمي الجمار ولا للطواف ولا للكسوف ولا للاستسقاء.
فالترك الراتب سنة كما الفعل الراتب سنة، وإذا استحببنا فعل ما تركه كان نظير استحبابنا ترك ما فعله، لا فرق.

*أدلة حجيتها:
جميع أدلة حجية السنة الفعلية في وجوب التأسي والاقتداء تدل لحجية السنة التركية.
ومن أدلة ذلك: ما رواه الشيخان عن أنس بن مالك قال : جاء ثلاثة رهطٍ إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلَّم ، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلَّم ، فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها وقالوا : أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلَّم قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبداً وقال الآخر وأنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال الآخر وأنا أعتزل النساء فلا أتزوَّج أبداً فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلَّم إليهم فقال " أنتم الذين قلتم كذا وكذا . أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوَّج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني " فلم يعتبر هؤلاء النفر السنة التركية دليلاً -تأوُّلاً منهم- فأنكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وبين أن التارك لها تاركٌ لسنـته.
* ومما يدل لحجيتها من كلام الصحابة رضوان الله عليهم:
- ما أخرجه البخاري عن أبي وائل قال جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة فقال لقد جلس هذا المجلس عمر؛ فقال لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته قلت : إن صاحبيك لم يفعلا قال هما المرآن اقتدى بهما.
- ما رواه مسلم عن عمارة بن رؤيبة أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه فقال: قبح الله هاتين اليدين لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا وأشار بإصبعه المسبحة.
- ما رواه الشيخان عن معاذة قالت : سألت عائشة فقلت ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت : أحروريةٌ أنت ؟ قالت لست بحروريةٍ ، ولكني اسأل ، قالت كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة .
- ما رواه الدارمي في سننه وابن وضاح في كتاب ما جاء في البدع وغيرهم عن عمرو بن سلمة كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل الغداة ، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد فجاءنا أبو موسى ، فقال : أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد ؟ قلنا : لا . فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعاً ، فقال له أبو موسى يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد أمراً أنكرته ولم أرَ – والحمد لله – إلا خيراً. قال فما هو ؟ فقال إن عشت فستراه . قال : رأيت في المسجد قوماً جلوساً ، ينتظرون الصلاة ، في كل حلقةٍ رجلٌ ، وفي أيديهم حصاً ، فيقول كبِّروا مائة ، فيكبِّرون مائة ، فيقول هللوا مائةً ، فيهللون مائةً ويقول سبِّحوا مائة ، فيسبِّحون مائةً ، قال فماذا قلتَ لهم ؟ قال ما قلتُ شيئاً انتظار رأيك أو انتظار أمرك . قال أفلا أمرتهم أن يعدُّوا سيئاتهم ، وضمنت لهم ألا يضيع من حسناتهم ؟ ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حلقةً من تلك الحلق ، فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ قالوا يا أبا عبد الرحمن حصاً نعدُّ به التكبير ، والتهليل ، والتسبيح . قال فعدُّوا سيئاتكم فأنا ضامنٌ ألا يضيع من حسناتكم شيءٌ وَيحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلَّم متوافرون ، وهذه ثيابه لم تبل ، وآنيته لم تُكسر والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملَّةٍ أهدى من ملَّة محمد أو مفتِّحوا باب ضلالةٍ . قالوا والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير . قال وكم من مريدٍ للخير لن يُصيبه ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم حدثنا " إنَّ قومنا يقرؤون القرآن لا يُجاوز تراقيهم " وأيم الله لا أدري ، لعلَّ أكثرهم منكم . ثم تولَّى عنهم . فقال عمرو بن سلمة رأينا عامة أولئك الخلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.

* و ردّ السنة التركية يلزم منه لوازم باطلة علمية وعملية:
فأما العلمية:
1. القدح في النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يبلغ أمته بعض الدين لما سكت عن بيان أن تركه صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي وإنتفاء المانع لا يجعل المتروك حراماً.
2. القدح في الصحابة، وأنهم كتموا نقل بعض الدين فعلموا أن ترك صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي وإنتفاء المانع لا يجعل المتروك حراماً، وكتموا ذلك.
3. القدح في كمال الشريعة وغنائها.
قال شيخ الاسلام في الإقتضاء (2/ 610 ): " لأن ذلك الفضل إن لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلَّم ولا أصحابه ولا التابعون ، ولا سائر الأئمة ، امتنع أن نعلم نحن من الدِّين الذي يقرِّب إلى الله ما لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلَّم والصحابة والتابعون وسائر الأئمة وإن علموه امتنع مع توفُّر دواعيهم على العمل الصالح وتعليم الخَلق والنصيحة لهم ألاّ يعلموا أحداً بهذا الفضل ولا يسارع إليه واحدٌ منهم فإذا كان هذا الفضل المدَّعى مستلزماً لعدم علم الرسول صلى الله عليه وسلَّم وخير القرون لبعض دين الله ولكتمانهم وتركهم ما تقضي شريعتهم وعاداتهم ألا يكتموه ولا يتركوه وكل واحدٍ من اللازمَين منتفٍ إما بالشرع وإما بالعادة مع الشرع علم انتفاء الملزوم وهو الفضل المدعى"ا.هـ
وأما العملية:
فهو فتح باب الابتداع والإحداث في أبواب الدين كلها سيما باب العبادات؛ فهي حفظ للشريعة وإيصاد لباب الابتداع.

*من أقوال أئمة الشافعية في حجيتها:
قال الامام الشافعي في الرسالة: " وللناس تبرٌ غيره من نحاس وحديد ورصاص فلما لم يأخذ منه رسول الله ولا أحد بعده زكاة تركناه اتباعاً بتركه "
وقال الامام ابن خزيمة في صحيحه(2/550، ط. الفحل): بَابُ تَرْكِ الصَّلاَةِ فِي المُصَلَّى قَبْلَ الْعِيدَيْنِ وَبَعْدَهَا اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ وَاسْتِنَانًا بِهِ.
وقال أبو المظفر السمعاني في قواطع الادلة (1/311): إذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من الأشياء وجب علينا متابعته فيه.
وقال الامام الزركشي في البحر المحيط (4/191): الْمُتَابَعَةَ كما تَكُونُ في الْأَفْعَالِ تَكُونُ في التُّرُوكِ.

*السنة التركية من النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته تخصص العام وتقدم على القياس:
قال شيخ السلام في الاقتضاء (2/102-103):
فأما ما كان المقتضي لفعله موجودا لو كان مصلحة ، وهو مع هذا لم يشرعه ، فوضعه تغيير لدين الله ، وإنما دخل فيه من نسب إلى تغيير الدين ، من الملوك والعلماء والعباد ، أو من زل منهم باجتهاد ، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وغير واحد من الصحابة :. إن أخوف ما أخاف عليكم زلة عالم ، وجدال منافق بالقرآن ، وأئمة مضلون"؛ فمثال هذا القسم : الأذان في العيدين ، فإن هذا لما أحدثه بعض الأمراء ، أنكره المسلمون لأنه بدعة ، فلو لم يكن كونه بدعة دليلا على كراهته، وإلا لقيل: هذا ذكر لله ودعاء للخلق إلى عبادة الله، فيدخل في العمومات؛ كقوله تعالى : (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا)، وقوله تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ)، أو يقاس على الأذان في الجمعة؛ فإن الاستدلال على حسن الأذان في العيدين ، أقوى من الاستدلال على حسن أكثر البدع،. بل يقال : ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع وجود ما يعتقد مقتضيا وزوال المانع؛ سنة ، كما أن فعله سنة . فلما أمر بالأذان في الجمعة ، وصلى العيدين بلا أذان ولا إقامة ، كان ترك الأذان فيهما سنة ، فليس لأحد أن يزيد في ذلك ، بل الزيادة في ذلك كالزيادة في أعداد الصلوات أو أعداد الركعات ، أو صيام الشهر ، أو الحج ، فإن رجلا لو أحب أن يصلي الظهر خمس ركعات وقال : هذا زيادة عمل صالح ، لم يكن له ذلك،. وكذلك لو أراد أن ينصب مكانًا آخر يقصد لدعاء الله فيه وذكره ، لم يكن له ذلك ، وليس له أن يقول : هذه بدعة حسنة ، بل يقال له كل بدعة ضلالة، ونحن نعلم أن هذا ضلالة قبل أن نعلم نهيا خاصا عنها ، أو نعلم ما فيها من المفسدة . فهذا مثال لما حدث ، مع قيام المقتضي له ، وزوال المانع لو كان خيرا؛. فإن كل ما يبديه المحدث لهذا من المصلحة ، أو يستدل به من الأدلة ، قد كان ثابتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع هذا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهذا الترك سنة خاصة ، مقدمة على كل عموم وكل قياس.

*تطبيقات للسنة التركية:
- بدع الاعتقادات:
الاستدلال على وجود الله بدليل الأعراض وحدوث الأجسام.
تنزيه الله بنفي الجسم والجهة والتركيب.
التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين وجاههم قياساً على التوسل بدعائهم في حياتهم.
التبرك بذوات الصالحين قياساً على التبرك بذات النبي صلى الله عليه وسلم.
- بدع العبادات العملية:
سبقت بعض الأمثلة كالتلفظ بالنية عند الدخول في الصلاة، والصلاة عقب السعي.

* فائدتان في باب المتابعة:
الأولى: قال شيخ الاسلام في قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (فقرة رقم 586):
فإن المتابعة في النية أبلغ من المتابعة في صورة العمل.
والثانية: قال أبو الحسن المرداوي في التحبير شرح التحرير (3/1484-1485):
التأسي: فعلك كما فعل لأجل أنه فعل، وكذا الترك؛ فالتأسي فيه : تركك له كما ترك لأجل أنه تركه، هذا في الفعل وتركه، وأما في القول؛ فالامتثال على الوجه الذي اقتضاه، وإن لم يكن كذلك في الكل؛ فهو موافقة لا متابعة، إذ الموافقة: المشاركة في الأمر وإن لم يكن لأجله؛ فالموافقة أعم من التأسي، فكل تأس موافقة، وليس كل موافقة تأس (كذا في الأصل)؛ فقد يوافق ولا يتأسى، فلا بد من اجتماعهما لحصول المقصود، وهو المتابعة.

* ترك المباح مباح إلا في حالين:
1. إذا اقترن تركه له باعتقاد تحريم فعله؛ فإنه يحرم، ويدل لذلك إنكار الله تحريم أهل الجاهلية للبحيرة والسائبة والوصيلة والحامي في قوله تعالى: ( ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون).
2. إذا اقترن تركه له بقصد التعبد والتقرب؛ فإنه يحرم، ويدل لذلك حديث الثلاثة الرهط المتقدم.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.