أهــل الحـديث
11-01-2012, 01:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم
فوائد من {صيد الخاطر }: فوائد من {صيد الخاطر }:
1 ـ قد يعرضُ عند سماع المواعظ للسامع يقظة ، فإذا انفصل عن مجلس الذكر عادت القسوة والغفلة !
فتدبرت السبب في ذلك فعرفته .
ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك :
فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفته من اليقظة عند سماع الموعظة وبعدها لسببين :
أحدهما : أن المواعظ كالسياط ، والسياط لا تُؤلم بعد انقضائها إيلامها وقت وقوعها .
والثاني : أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مزاحُ العلة ، قد تخلىبجسمه وفكره عن أسباب الدنيا ، وأنصت بحضور قلبه ، فإذا عاد إلى الشواغلاجتذبته بآفاتها فكيف يصح أن يكون كما كان ؟ ! .
إلا أن أرباب اليقظة يتفاوتون في بقاء الأثر :
فمنهم من يعزم بلا تردد ، ويمضي من غير التفات فلو توقف بهم ركب الطبع لضجوا كما قال حنظلة عن نفسه : نافق حنظلة .
ومنهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلة أحياناً ، ويدعوهم ما تقدم من المواعظ إلى العمل أحياناً ، فهم كالسنبلة تُميلها الرياح .
وأقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه كماء دحرجته على صفوان . ص37 ـ 38 .
2 ـ كان الفضيل بن عياض يقول : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي .
واعلم وفقك الله أنه لا يُحس بضربةٍ مُبنج ، وإنما يعرفُ الزيادة من النقصان المحاسِبُ لنفسه .
ومتى رأيتَ تكديراً في حال ، فاذكر نعمةً ما شُكِرت أو زلةً قد فُعلت . ص49 .
3 ـ تأملت حرص النفس على ما مُنِعت منه ، فرأيتُ حرصها يزيد على قدر قوة المنع .
وفي الأمثال : المرء حريصٌ على ما مُنع ، وتواق إلى ما لم ينل .
ويقال : لو أُمر الناس بالجوع لصبروا ، ولو نهوا عن تفتيت البعر لرغبوا فيه وقالوا : ما نهينا عنه إلا لشيء .
وقد قيل : أحب شيء إلى الإنسان ما مُنعا .
فلما بحثت عن سبب ذلك وجدت سببين :
أحدهما : أن النفس لا تصبر على الحصر فإنه يكفي حصرها في صورة البدن فإذاحُصِرت في المعنى بمنعٍ زاد طيشها . ولهذا لو قعد الإنسان في بيته شهراً لميصعب عليه ، ولو قيل له : لا تخرج من بيتك يوماً طال عليه .
والثاني : أنها يشق عليها الدخول تحت حُكمٍ ، ولهذا تستلذ الحرام ، ولا تكاد تستطيب المباح .
ولذلك يسهل عليها التعبد على ما ترى وتؤثره لا على ما يُؤثر . ص 87 ـ 88 .
( علق المحقق بقوله : أي : تتعبد كما تشاء بالبدع والأهواء ، ولكن الالتزام بما يؤثر من السنن صعب ويحتاج إلى صبر ومعاناة ) .
4 ـ قال أبو بكر المروذي : سمعت أحمد بن حنبل يرغبُ في النكاح ، فقلت له : قال ابن أدهم . فما تركني أتمم حتى صاح علي وقال : أذكُرُ لك حال رسولاللهhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.pngوأصحابه وتأتيني ببنيات الطريق ؟ ! ص 120 .
ـ أصل الأصول العلم ، و أنفع العلوم النظر في سِيَرِ الرسولhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.pngوأصحابه ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) . ص127 .
6 ـ احذروا إخواني من الترخص فيما لا يؤمن فساده فإن الشيطان يُزين المباحفي أول مرتبة ، ثم يجُرُ إلى الجناح ، فتلمحوا المآل ، وافهموا الحالوربما أراكم الغاية الصالحة ، وكان في الطريق إليها نوعُ مخالفة !
فيكفي الاعتبار في تلك الحال بأبيكم : ( هل أدلك على شجرة الخلد وملك لايبلى ) . إنما تأمل آدم الغاية وهي الخلد ولكنه غلط في الطريق .
وهذا أعجب مصايد إبليس التي يصيد بها العلماء يتأوّلون لعواقب المصالح ، فيستعجلون ضرر المفاسد ! . ص 153 .
7 ـ قال بعض العلماء : إن الله تعالى قال في المكروهات : ( كُتِبَ عليكمالصيام ) على لفظٍ لم يُسَم فاعلُه ، وإن كان قد عَلِمَ أنه هو الكاتب . فلما جاء إلى ما يوجب الراحة قال : ( كتب ربكم على نفسه الرحمة ) . ص 164 .
8 ـ لقيت مشايخ ، أحوالهم مختلفة ، يتفاوتون في مقاديرهم في العلم ، وكانأنفعهم لي في صحبته العامل منهم بعمله ، وإن كان غيره أعلم منه .
ولقيت جماعة من علماء الحديث يحفظون ويعرفون ، ولكنهم كانوا يتسامحون بغيبةيخرجونها مخرج جرح وتعديل ، ويأخذون على قراءة الحديث أجرة ، ويسرعونبالجواب لئلا ينكسر الجاه ، وإن وقع خطأ .
ولقيت ُ عبدالوهابالأنماطي فكان على قانون السلف ، لم يُسمع في مجلسه غِيبة ، ولا كان يطلبأجراً على سماع الحديث ، وكنت إذا قرأت عليه أحاديث الرقائق بكى واتصلبكاؤه ، فكانـ وأنا صغير السن حينئذ ـ يعملُ بكاؤه في قلبي ويبني قواعد ،وكان على سمت المشايخ الذين سمعنا أوصافهم في النقل .
ولقيتالشيخ أبا منصور الجواليقي ، فكان كثير الصمت ، شديد التحري فيما يقول ،متقناً ، محققاً ، وربما سُئِل المسألة الظاهرة التي يُبادِرُ بجوابها بعضُغلمانه ، فيتوقف فيها حتى يتيقن ، وكان كثير الصوم والصمت .
فانتفعت برؤية هذين الرجلين أكثر من انتفاعي بغيرهما .
ففهمت من هذه الحالة أن الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول .
ورأيت مشايخ كانت لهم خلوات في انبساط ومُزاح ، فراحوا عن القلوب ، وبددتفريطهم ما جمعوا من العلم ، فقل الانتفاع بهم في حياتهم ، ونُسوا بعدمماتهم ، فلا يكاد أحد أن يلتفت إلى مصنفاتهم .
فالله الله في العلم بالعمل فإنه الأصل الأكبر .
والمسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به ، ففاته لذات الدنياوخيرات الآخرة ، فقدم مفلساً على قوة الحجة عليه . ص258 ـ 260 .
ـ كان ابن عقيلhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/rhm.pngيقول : من قال : إني لا أحب الدنيا فهو كذاب فإن يعقوبhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slm.pngلما طُلب منه ابنه بنيامين قال : ( هل آمنكم عليه ) فقالوا : ( ونزداد كيل بعير ) فقال : خذوه . ص273 .
10 ـ للحفظ أوقات من العمر ، فأفضلها الصبا وما يقاربه من أوقات الزمان ،وأفضلها إعادة الأسحار وأنصاف النهار ، والغدوات خير من العشيات ، وأوقاتالجوع خير من أوقات الشبع .
ولا يحمد الحفظ بحضرة خضرة وعلى شاطئ نهر لأن ذلك يُلهي ، والأماكنالعالية للحفظ خير من السوافل .
والخلوة أصل .
وجمع الهم أصل الأصول .
وترفيه النفس من الإعادة يوماً في الأسبوع ليثبت المحفوظ ، وتأخذ النفس قوة كالبنيان يُترك أياماً حتى يستقر ، ثم يُبنى عليه .
وتقليل المحفوظ مع الدوام أصل عظيم .
وأن لا يشرع في فن حتى يُحكِم ما قبله .
ومن لم يجد نشاطاً للحفظ فليتركه فإن مكابرة النفس لا تصلح .
ثم لينظر ما يحفظ من العلم فإن العمر عزيز والعلم غزير ، وإن أقواماًيصرفون الزمان إلى حفظ ما غيره أولى منه ، وإن كان كل العلوم حسناً ، ولكنالأولى تقديم الأهم والأفضل .
وأفضل ما تُشوغِل به حفظ القرآن ، ثم الفقه ، وما بعد هذا بمنزلةِ تابع .
ومن رزق يقظة دلته يقظته فلم يحتج إلى دليل ، ومن قصد وجهالله تعالىبالعلم دله المقصود على الأحسن ، ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) . ص 311 ـ 313 .
11 ـإخواني ! اسمعوا نصيحة من قد جرب وخبر .
إنه بقدر إجلالكم للهhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/3za.pngيجلكم ، وبمقدار تعظيم قدره واحترامه يعظم أقداركم وحرمتكم .
ولقد رأيت والله من أنفق عمره في العلم إلى أن كبرت سِنه ، ثم تعدى الحدود، فهان عند الخلق ، وكانوا لايلتفتون إليه مع غزارة علمه ، وقوة مجاهدته .
ولقد رأيت من كان يراقب اللهhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/glgalalh.pngفي صبوته ـ مع قصوره بالإضافة إلى ذلك العالم ـ ، فعظم الله قدره فيالقلوب حتى علقته النفوس ووصفته بما يزيد على مافيه من الخير . ص336 .
12 ـ والله لقد رأيت من يكثر الصلاة والصوم والصمت ، ويتخشع في نفسه ولباسه والقلوب تنبو عنه ، وقدره في الناس ليس بذاك !
ورأيت من يلبس فاخر الثياب وليس له كبير نفل ولا تخشع ، والقلوب تتهافت على محبته .
فتدبرت السبب فوجدته الســــــريــــــــرة .
فمن أصلح سريرته ، فاح عبير فضله ، وعبقت القلوب بنشر طيبه .
فالله الله في السرائر ، فإنه ما ينفع مع فسادها صلاح ظاهر . ص 355 .
13 ـ قرأت سورة يوسفhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slm.png، فتعجبت من مدحهعلى صبره ، وشرح قصته للناس ، ورفع قدره بترك ما ترك .
فتأملت خبيئة الأمر فإذا هي مخالفة للهوى المكروه .
فقلت : واعجباً ! لو وافق هواه من كان يكون ؟ ! ولما خالفه لقد صار أمراًعظيماً تُضرب الأمثال بصبره ويفتَخِرُ على الخلق باجتهاده ، وكل ذلك قد كانبصبر ساعة ، فيا له عزاً وفخراً أن تملك نفسك ساعة الصبر عنالمحبوب وهوقريب .
فتلمحوا رحمكم الله عاقبة الصبر ونهاية الهوى ، فالعاقل منميز بين الأمرين الحلوين والمرين ، فإن عَدَلَ ميزانه ، ولم تمل به كفةالهوى رأى كل الأرباح في الصبر ، وكل الخسران في موافقة النفس .
وكفى بهذا موعظة في مخالفة الهوى لأهل النهى ، والله الموفق . ص 366 ـ 367 .
ـ رأيت من الرأي القويم أن نفع التصانيف أكثر من نفعالتعليم بالمشافهة لأني أشافه في عمري عدداً من المتعلمين ، وأشافه بتصنيفيخلقاً لا تحصى ما خلقوا بعد .
ودليل هذا أن انتفاع الناس بتصانيف المتقدمين أكثر من انتفاعهم بما يستفيدونه من مشايخهم .
فينبغي للعالم أن يتوفر على التصانيف إن وفق للتصنيف المفيد فإنه ليس كلمن صنف صنف ، وليس المقصود جمع شيء كيف كان ، وإنما هي أسرار يطلع اللهعزوجل عليها من شاء من عباده ويوفقه لكشفها فيجمع ما فُرق ، أو يرتب ماشُتت ، أو يشرح ما أُهمل ، هذا هو التصنيف المفيد .
وينبغي اغتنام التصنيف في وسط العمر لأن أوائل العمر زمن الطلب ، وآخره كلال الحواس . ص 386 ـ 387 .
هذه أيها الإخوة جملة من فوائد هذا الكتاب العاطر ، صيد الخاطر ، وحق جملةمن الموضوعات في الكتاب الحفظ وليس القراءة فقط ، ولقد من الله علي بقراءةالكتاب ثلاث مرات ، وكنت في كل مرة أقيد فوائد جديدة لم أقيدها في القراءةالتي قبلها ، وأحببت فقط إتحافكم بشيء من فوائده لأن هذا الكتاب لا يستغنىعن قراءته مطلقاً ، ومن باب النصح آمل ممن لم يقرأ هذا الكتاب أن يقتنينسخة دار ابن خزيمة بتحقيق عامر علي ياسين فقد تعقب ابن الجوزيhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/rhm.pngفي عدة مواطن من كتابه وهي تعقبات نافعة مهمة لقارئ الكتاب للمرة الأولى .شافي مسفر المطلق (http://www.tafsir.net/vb/members/tafsir12581/)
فوائد من {صيد الخاطر }: فوائد من {صيد الخاطر }:
1 ـ قد يعرضُ عند سماع المواعظ للسامع يقظة ، فإذا انفصل عن مجلس الذكر عادت القسوة والغفلة !
فتدبرت السبب في ذلك فعرفته .
ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك :
فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفته من اليقظة عند سماع الموعظة وبعدها لسببين :
أحدهما : أن المواعظ كالسياط ، والسياط لا تُؤلم بعد انقضائها إيلامها وقت وقوعها .
والثاني : أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مزاحُ العلة ، قد تخلىبجسمه وفكره عن أسباب الدنيا ، وأنصت بحضور قلبه ، فإذا عاد إلى الشواغلاجتذبته بآفاتها فكيف يصح أن يكون كما كان ؟ ! .
إلا أن أرباب اليقظة يتفاوتون في بقاء الأثر :
فمنهم من يعزم بلا تردد ، ويمضي من غير التفات فلو توقف بهم ركب الطبع لضجوا كما قال حنظلة عن نفسه : نافق حنظلة .
ومنهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلة أحياناً ، ويدعوهم ما تقدم من المواعظ إلى العمل أحياناً ، فهم كالسنبلة تُميلها الرياح .
وأقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه كماء دحرجته على صفوان . ص37 ـ 38 .
2 ـ كان الفضيل بن عياض يقول : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي .
واعلم وفقك الله أنه لا يُحس بضربةٍ مُبنج ، وإنما يعرفُ الزيادة من النقصان المحاسِبُ لنفسه .
ومتى رأيتَ تكديراً في حال ، فاذكر نعمةً ما شُكِرت أو زلةً قد فُعلت . ص49 .
3 ـ تأملت حرص النفس على ما مُنِعت منه ، فرأيتُ حرصها يزيد على قدر قوة المنع .
وفي الأمثال : المرء حريصٌ على ما مُنع ، وتواق إلى ما لم ينل .
ويقال : لو أُمر الناس بالجوع لصبروا ، ولو نهوا عن تفتيت البعر لرغبوا فيه وقالوا : ما نهينا عنه إلا لشيء .
وقد قيل : أحب شيء إلى الإنسان ما مُنعا .
فلما بحثت عن سبب ذلك وجدت سببين :
أحدهما : أن النفس لا تصبر على الحصر فإنه يكفي حصرها في صورة البدن فإذاحُصِرت في المعنى بمنعٍ زاد طيشها . ولهذا لو قعد الإنسان في بيته شهراً لميصعب عليه ، ولو قيل له : لا تخرج من بيتك يوماً طال عليه .
والثاني : أنها يشق عليها الدخول تحت حُكمٍ ، ولهذا تستلذ الحرام ، ولا تكاد تستطيب المباح .
ولذلك يسهل عليها التعبد على ما ترى وتؤثره لا على ما يُؤثر . ص 87 ـ 88 .
( علق المحقق بقوله : أي : تتعبد كما تشاء بالبدع والأهواء ، ولكن الالتزام بما يؤثر من السنن صعب ويحتاج إلى صبر ومعاناة ) .
4 ـ قال أبو بكر المروذي : سمعت أحمد بن حنبل يرغبُ في النكاح ، فقلت له : قال ابن أدهم . فما تركني أتمم حتى صاح علي وقال : أذكُرُ لك حال رسولاللهhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.pngوأصحابه وتأتيني ببنيات الطريق ؟ ! ص 120 .
ـ أصل الأصول العلم ، و أنفع العلوم النظر في سِيَرِ الرسولhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.pngوأصحابه ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) . ص127 .
6 ـ احذروا إخواني من الترخص فيما لا يؤمن فساده فإن الشيطان يُزين المباحفي أول مرتبة ، ثم يجُرُ إلى الجناح ، فتلمحوا المآل ، وافهموا الحالوربما أراكم الغاية الصالحة ، وكان في الطريق إليها نوعُ مخالفة !
فيكفي الاعتبار في تلك الحال بأبيكم : ( هل أدلك على شجرة الخلد وملك لايبلى ) . إنما تأمل آدم الغاية وهي الخلد ولكنه غلط في الطريق .
وهذا أعجب مصايد إبليس التي يصيد بها العلماء يتأوّلون لعواقب المصالح ، فيستعجلون ضرر المفاسد ! . ص 153 .
7 ـ قال بعض العلماء : إن الله تعالى قال في المكروهات : ( كُتِبَ عليكمالصيام ) على لفظٍ لم يُسَم فاعلُه ، وإن كان قد عَلِمَ أنه هو الكاتب . فلما جاء إلى ما يوجب الراحة قال : ( كتب ربكم على نفسه الرحمة ) . ص 164 .
8 ـ لقيت مشايخ ، أحوالهم مختلفة ، يتفاوتون في مقاديرهم في العلم ، وكانأنفعهم لي في صحبته العامل منهم بعمله ، وإن كان غيره أعلم منه .
ولقيت جماعة من علماء الحديث يحفظون ويعرفون ، ولكنهم كانوا يتسامحون بغيبةيخرجونها مخرج جرح وتعديل ، ويأخذون على قراءة الحديث أجرة ، ويسرعونبالجواب لئلا ينكسر الجاه ، وإن وقع خطأ .
ولقيت ُ عبدالوهابالأنماطي فكان على قانون السلف ، لم يُسمع في مجلسه غِيبة ، ولا كان يطلبأجراً على سماع الحديث ، وكنت إذا قرأت عليه أحاديث الرقائق بكى واتصلبكاؤه ، فكانـ وأنا صغير السن حينئذ ـ يعملُ بكاؤه في قلبي ويبني قواعد ،وكان على سمت المشايخ الذين سمعنا أوصافهم في النقل .
ولقيتالشيخ أبا منصور الجواليقي ، فكان كثير الصمت ، شديد التحري فيما يقول ،متقناً ، محققاً ، وربما سُئِل المسألة الظاهرة التي يُبادِرُ بجوابها بعضُغلمانه ، فيتوقف فيها حتى يتيقن ، وكان كثير الصوم والصمت .
فانتفعت برؤية هذين الرجلين أكثر من انتفاعي بغيرهما .
ففهمت من هذه الحالة أن الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول .
ورأيت مشايخ كانت لهم خلوات في انبساط ومُزاح ، فراحوا عن القلوب ، وبددتفريطهم ما جمعوا من العلم ، فقل الانتفاع بهم في حياتهم ، ونُسوا بعدمماتهم ، فلا يكاد أحد أن يلتفت إلى مصنفاتهم .
فالله الله في العلم بالعمل فإنه الأصل الأكبر .
والمسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به ، ففاته لذات الدنياوخيرات الآخرة ، فقدم مفلساً على قوة الحجة عليه . ص258 ـ 260 .
ـ كان ابن عقيلhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/rhm.pngيقول : من قال : إني لا أحب الدنيا فهو كذاب فإن يعقوبhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slm.pngلما طُلب منه ابنه بنيامين قال : ( هل آمنكم عليه ) فقالوا : ( ونزداد كيل بعير ) فقال : خذوه . ص273 .
10 ـ للحفظ أوقات من العمر ، فأفضلها الصبا وما يقاربه من أوقات الزمان ،وأفضلها إعادة الأسحار وأنصاف النهار ، والغدوات خير من العشيات ، وأوقاتالجوع خير من أوقات الشبع .
ولا يحمد الحفظ بحضرة خضرة وعلى شاطئ نهر لأن ذلك يُلهي ، والأماكنالعالية للحفظ خير من السوافل .
والخلوة أصل .
وجمع الهم أصل الأصول .
وترفيه النفس من الإعادة يوماً في الأسبوع ليثبت المحفوظ ، وتأخذ النفس قوة كالبنيان يُترك أياماً حتى يستقر ، ثم يُبنى عليه .
وتقليل المحفوظ مع الدوام أصل عظيم .
وأن لا يشرع في فن حتى يُحكِم ما قبله .
ومن لم يجد نشاطاً للحفظ فليتركه فإن مكابرة النفس لا تصلح .
ثم لينظر ما يحفظ من العلم فإن العمر عزيز والعلم غزير ، وإن أقواماًيصرفون الزمان إلى حفظ ما غيره أولى منه ، وإن كان كل العلوم حسناً ، ولكنالأولى تقديم الأهم والأفضل .
وأفضل ما تُشوغِل به حفظ القرآن ، ثم الفقه ، وما بعد هذا بمنزلةِ تابع .
ومن رزق يقظة دلته يقظته فلم يحتج إلى دليل ، ومن قصد وجهالله تعالىبالعلم دله المقصود على الأحسن ، ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) . ص 311 ـ 313 .
11 ـإخواني ! اسمعوا نصيحة من قد جرب وخبر .
إنه بقدر إجلالكم للهhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/3za.pngيجلكم ، وبمقدار تعظيم قدره واحترامه يعظم أقداركم وحرمتكم .
ولقد رأيت والله من أنفق عمره في العلم إلى أن كبرت سِنه ، ثم تعدى الحدود، فهان عند الخلق ، وكانوا لايلتفتون إليه مع غزارة علمه ، وقوة مجاهدته .
ولقد رأيت من كان يراقب اللهhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/glgalalh.pngفي صبوته ـ مع قصوره بالإضافة إلى ذلك العالم ـ ، فعظم الله قدره فيالقلوب حتى علقته النفوس ووصفته بما يزيد على مافيه من الخير . ص336 .
12 ـ والله لقد رأيت من يكثر الصلاة والصوم والصمت ، ويتخشع في نفسه ولباسه والقلوب تنبو عنه ، وقدره في الناس ليس بذاك !
ورأيت من يلبس فاخر الثياب وليس له كبير نفل ولا تخشع ، والقلوب تتهافت على محبته .
فتدبرت السبب فوجدته الســــــريــــــــرة .
فمن أصلح سريرته ، فاح عبير فضله ، وعبقت القلوب بنشر طيبه .
فالله الله في السرائر ، فإنه ما ينفع مع فسادها صلاح ظاهر . ص 355 .
13 ـ قرأت سورة يوسفhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slm.png، فتعجبت من مدحهعلى صبره ، وشرح قصته للناس ، ورفع قدره بترك ما ترك .
فتأملت خبيئة الأمر فإذا هي مخالفة للهوى المكروه .
فقلت : واعجباً ! لو وافق هواه من كان يكون ؟ ! ولما خالفه لقد صار أمراًعظيماً تُضرب الأمثال بصبره ويفتَخِرُ على الخلق باجتهاده ، وكل ذلك قد كانبصبر ساعة ، فيا له عزاً وفخراً أن تملك نفسك ساعة الصبر عنالمحبوب وهوقريب .
فتلمحوا رحمكم الله عاقبة الصبر ونهاية الهوى ، فالعاقل منميز بين الأمرين الحلوين والمرين ، فإن عَدَلَ ميزانه ، ولم تمل به كفةالهوى رأى كل الأرباح في الصبر ، وكل الخسران في موافقة النفس .
وكفى بهذا موعظة في مخالفة الهوى لأهل النهى ، والله الموفق . ص 366 ـ 367 .
ـ رأيت من الرأي القويم أن نفع التصانيف أكثر من نفعالتعليم بالمشافهة لأني أشافه في عمري عدداً من المتعلمين ، وأشافه بتصنيفيخلقاً لا تحصى ما خلقوا بعد .
ودليل هذا أن انتفاع الناس بتصانيف المتقدمين أكثر من انتفاعهم بما يستفيدونه من مشايخهم .
فينبغي للعالم أن يتوفر على التصانيف إن وفق للتصنيف المفيد فإنه ليس كلمن صنف صنف ، وليس المقصود جمع شيء كيف كان ، وإنما هي أسرار يطلع اللهعزوجل عليها من شاء من عباده ويوفقه لكشفها فيجمع ما فُرق ، أو يرتب ماشُتت ، أو يشرح ما أُهمل ، هذا هو التصنيف المفيد .
وينبغي اغتنام التصنيف في وسط العمر لأن أوائل العمر زمن الطلب ، وآخره كلال الحواس . ص 386 ـ 387 .
هذه أيها الإخوة جملة من فوائد هذا الكتاب العاطر ، صيد الخاطر ، وحق جملةمن الموضوعات في الكتاب الحفظ وليس القراءة فقط ، ولقد من الله علي بقراءةالكتاب ثلاث مرات ، وكنت في كل مرة أقيد فوائد جديدة لم أقيدها في القراءةالتي قبلها ، وأحببت فقط إتحافكم بشيء من فوائده لأن هذا الكتاب لا يستغنىعن قراءته مطلقاً ، ومن باب النصح آمل ممن لم يقرأ هذا الكتاب أن يقتنينسخة دار ابن خزيمة بتحقيق عامر علي ياسين فقد تعقب ابن الجوزيhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/rhm.pngفي عدة مواطن من كتابه وهي تعقبات نافعة مهمة لقارئ الكتاب للمرة الأولى .شافي مسفر المطلق (http://www.tafsir.net/vb/members/tafsir12581/)