المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علاقة اختيار النبي للايسر بمبحث الواجب المخير



أهــل الحـديث
11-01-2012, 12:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


علاقة الواجب المخير بحديث "ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما" ومفهوم الناس له
نص الحديث من صحيح البخاري \ كتاب المناقب \ باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم \ رقم الحديث 3296
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ
مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا.
يقع التخيير في أمور الدنيا والآخرة كما يقع من الله أو من الناس
فان كان من الله فالاستثناء منقطع لان الله لا يأمر بإثم وان كان من الناس فالاستثناء متصل
ومثال تخيير الناس، أن يخيره الكفار بين القتال والموادعة فيختار الموادعة
أو يتخير بين رأي أبو بكر ورأي عمر رضي الله عنهما في أسرى بدر فيختار الفداء على القتل
و التخير من الله في أمور الشريعة يتناسب مع الواجب المخير. فإذا قال الله " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة.."
يحسن هنا أن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم لأننا مخيرين فمن كان متاجرا في الملابس مثلا فيختار الكسوة لان هذا يسهل عليه ومن كان عنده رقيق كثر وسهل عليه التخلي عن احدهم كان هذا الاختيار موافقا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم
لكن ليس هذا الأمر على إطلاقه بل قد يحتاج الإنسان في بعض الأحيان إلى تأديب نفسه
وإذا تابعنا الآية " فمن لم يجد فصيام ثلاث أيام" فمن اختار الصيام وقال أنا مخير واختار الأيسر اقتداء .يقال له هذا جهل مركب لان الله لم يخيرك في هذا ولم يدخله تحت التخيير حيث لم يسبقه أداة التخيير (أو) إنما شرط الصيام هو عدم وجد واحد من المخيرات الثلاث
وعليه فان المتعالم الذي يختار من الأدلة ما هو أيسر على العامة ليفتيهم به بحجة هذا الحديث والعامي الذي يتخير من فتاوى العلماء الأيسر بحجة الاقتداء بالنبي فهذا وذاك من أبين أمثلة الجهل المركب.
بل على العالم أن يعمل قواعد الأصول في البحث عن الدليل الصحيح الثابت ليخرج بحكم يغلب على ظنه انه الحكم الذي يرضي الله عز وجل وإلا ما احتجنا علماء ولا احتجنا علم أصول الفقه بالأصل لان كل احد يهتدي للأيسر عليه
وأما العامي فعليه أن يجتهد في البحث عن العالم العدل الثقة ولا يتخير بين الأقوال فيكون كمن اتخذ إلهه هواه
مثاله من أمور الدنيا إذا كنت مريض وذهبت إلى أطباء كثر فكل واحد ينصحك بعلاج مختلف، فما رأيك أن تختار من أقوالهم ما هو أيسر عليك فتسمع نصيحة الطبيب الذي يعطيك الدواء الأرخص والأوفر لأنه أيسر؟!!
وإذا كان لدى الطبيب أدوية كثيرة من شركات مختلفة وتركيبات مختلفة فما رأيك أن يختار لك الدواء الأخف ؟!!!
فإذا كنت في أمور الدنيا ستبحث عن الطبيب الأبرع والأكثر خبرة والمستشفى الأكثر نظافة وان كان اغلي سعرا وابعد عن بيتك . وسيختار الطبيب الدواء الأنجع أو حتى العملية المناسبة إن اقتضى الأمر وإلا سيكون خائنا إن اختار الأيسر وفيه فساد المريض. فما بالكم بأمر الآخرة.
هذا والله تعالى اعلم