المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صب جام الغضب على مقولة (( هنا يعجز القلم ))



أهــل الحـديث
10-01-2012, 05:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




الحمد لله الذي أعرب السموات السبع ، وصلى على نبيه الَّذْ نطق له الجذع ..


(( هنا يعجز القلم ))

كلمة أمست ذميمةَ السمع لكثرة ترداد في الأقوال وتَكرارها على الورق .
يظن بعض الناطقين بها أنه أصبح نحريرا ، فيُخيِل إليك من قوله استيعابَه لجوامع الكلم ولم يجد ما يُعرِب عن نفسه فمَوَّه ومخرق إذ يقول ( هنا يعجز القلم ) .

وإن نفسي تود - لو أنها تملك من الأمر شيئا- أن تمحوها من تاريخ القاموس وتحرقها بنار أبي قابوس ..

أوَ حقا "عجز القلم "؟!
أم أصابك عِيٌّ وحصِرت فالتجأت إليها كي تُنجِّيك ببدنك ؟؟

يا هذا ما أشبه حالك بحال المستجير من الرمضاء بالنار !!
أما والله لا يقولها الفصيح ومن نسبه في البيان صريح ، وإنما هي مَعجَزة يتوكأ عليها السائر الظالع ليهش بها على السامع .

فإياك إياك والتصريح بها :
كم في المقابر من قتيل لسانه .. كانت تهاب لقاءه الشجعان !!
فلا تجدع مارِن أنفك بكفك، بل قل :
"هنا يسعى القلم" وحالك :
مِكَرٍ مِفَرٍ مقبل مدبر معا .. كجُلمود صخر حطه السيل من عل

وليت شعر متى تتفوه بها الأفواه ؟
ليتنا نسمعها اعتباطا وعند الحدث الصغير ، بل لا تطرق الآذان إلا عند جليل الأحداث وفداحة الخطوب ..
وفي مواقف تتفجر ينابيع اليراع فيه ، وتتلاطم أمواج الكلم العاتية .. يأتي هذا ليُكمم العيون الجارية ، ويصادم البحر الزاخر فيغرق في لُجِّي يغشاه موج ، من فوقه موج .

ويل لها من عدوّة لدودة !!
أحينَ تضرب الإبلُ في أكبادها وتضبح الخيل بقُوَّادها طلبا للمعالي .. يرُوم هذا ذيلَ القافلة وذنبَ الراحلة ؟!!

تبا لها وأُفٍّ ألفا ، سكت دهرا ونطق خلْفا .
متى قُدم الحَصْر على البلاغة والعِي على الطلاقة ، ومتى رضي امرؤ بالقلة بدل الوفرة ، والنزرة على الكثرة ؟

وتقول بعد هذا " هنا يعجز القلم "!!

ليت شعري متى كان قلمك ماضيا حتى يعجز وشابا حتى يشيخ ؟ ، أم أصابه بعد الصفاء كدر فصغر الخد وتنكر ؟

يا هذا لا تقلها وقل :
" ركض القلم " ولن يقف إلا بمشيئةٍ من ربه ..
قل هنا تنفُذ سهام الكلم فلا تدع مدرا ولا وبرا ولا قائما ولا قاعدا إلا أصابه منها شظى ..
قل : هنا تسير القوافي في بحور الشعر وتعوم وسطها فلا تغرق ، وتزمزمها الحيتان من تحتها فيهتز الماء على وقع القصيد !!

قُم وأعلن في المدى :
إليكم عباد الله كشف الأكنة عن القلوب ، ونفث الصدور على السطور .

اقبض على أعواد المنابر براحتيك واركض برجلك وارفع صوتك وزِد في غضبك محمرَّ العين أزرقَ الوجه كأنك منذر جيش وزلزل الأرض من تحت أقدامهم .. حتى يقولوا ليت القلم ..

يا عباد الله هذا اليوم لقبضها عن المد فنقيم عليها الحد بالقط والقد !!
سنقطع "عين" العجز ونلوك كبِدَ "جيمها" ونزمجر في وجه "الزاي" ثم نصلبها في جذوع النخل .

يا أمة الإسلام إن معجزة النبي محمد -صلى عليه ربي وسلم- في بلاغة القرءان إذ نزل على قوم هم أشد الناس فصاحة وأقومهم بيانا ..
فلا يكون أبو لهب سابقا إلى مكرمة أنت أولى بها ..
ولا تجعل الأعرابي بين أطناب خيمته مِقداما لما أحجمت عنه ، وقاطعا لما عجزت فيه .
إننا أمة البيان، أطلق الأمم ألسنة وأعظمهم أفئدة ، فإن وعيت كلامي وطبقت المفصِل وأجدت في الحز كانت تلك المقولة أخوف من إبليس !!. والله أعلى وأعلم .

وإني أطلب العفو والعافية من الله ثم منكم ، فليس الأمر إلا دعابة في وجهٍ عابس ، وأضحوكةً بنابٍ كاشر ، فخذ ما صفى ودع عنك الكدر ، واصطفِ اللؤلؤ والدر من بين الحجر ، والضربة التي لا تقتل تشد من الظهر ، وما أدري لعل الناصح بالنصيحة أولى :

يا أيها الرجـل المعــــلم غيره ـ هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى _ كيما يصح به وأنت سقيم
وأراك تصلح بالرشـــاد عقـولنا _ أبدا وأنت من الرشاد عديم
ابدأ بنفسـك فانهـــها عن غيها _ فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
لا تنـه عن خلــــق وتأتي مثله _ عار عليك إذا فعلت قبيح
فهناك يقبل مـا وعــظت ويقتدى _ بالعلم منك وينفع التعليم