المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في سبيل الحق



أسواق
09-01-2012, 06:50 AM
كان أحد مستشاري الخليفة المأمون من المعتزلة، واستطاع أن يقنع المأمون بأن القرآن مخلوق فأحب المأمون أن يقنع الناس بهذا ولكنه فشل؛ فطلب من العلماء القول بهذا الأمر. إلا أن العلماء رفضوا، فاتخذ سياسة الترغيب ومنح العطايا فضعف بعض العلماء وقالوا بخلق القرآن.
إلا أن هنالك من ثبت، فاستخدم المأمون سياسة الترهيب والإكراه فضعف من بقي منهم ولم يثبت إلا ثلاثة.. وبعد مزيد من الضغط ضعف أحدهم وبقي اثنان هما: الإمام أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح رحمهما الله تعالى.

فطلب المأمون أن يحضروهما إليه ولكن محمد بن نوح توفي في الطريق والمأمون كذلك.. فتولى المعتصم الخلافة وسار على نهج أخيه وبدأ في تعذيب ابن حنبل وهو صابر يحتسب ذلك عند الله تعالى.

لم يبقَ غيره.. فهل ينحني مثل غيره أم يصبر ويثبت؟ إنه أمر صعب.. إنه يواجه خليفة المسلمين المعتصم.. ويواجه جلاديه وسجانيه وزبانيته.

لقد قرر الإمام أحمد أن يضحي بنفسه في سبيل الحق حتى لا يضل الأمة.. ويشهد على ذلك موقفه عندما جاءه أحد العلماء فقال له: يا أحمد إنك تلقي بنفسك للتهلكة؛ قل بخلق القرآن وانجو.. فرد عليه ابن حنبل فقال له: اذهب وانظر إلى ساحة القصر.. فقال الرجل: إني أرى حشوداً تملأ الساحة.. فقال ابن حنبل: إنهم ينتظرون كلمة مني ليتناقلوها بينهم فلن أضل كل هؤلاء.

ولابد أن ينتصر الحق في النهاية.. لقد انتهت المحنة وثبت الإمام أحمد.. ويذكر المؤرخون أن هنالك منعطفين كبيرين في تاريخ الإسلام لو لم يتصدَ لهما أحد لوصل إلينا إسلام محرف.. أولها الردة بعد وفاة الرسول عليه الصلاة السلام؛ فلو لم يقف لها أبو بكر رضي الله عنه لوصل إلينا الإسلام بأربع أركان فقط، وثانيها فتنة خلق القرآن فلو لم يثبت فيها الإمام أحمد رضي الله عنه لقال الناس بخلقه وكل مخلوق يخطئ وكل مخلوق لابد أن يموت.

يروى أنه جاء طبيب للإمام أحمد بعد أن أفرج عنه وكان يدخل إبرة في بعض المناطق التي أصابها سوط الجلاد من جسده، فلم يكن الإمام يحس بالألم لأن خلاياه قد ماتت من شدة الضرب.

بعد انتهاء المحنة كان يقول الإمام: رحم الله (فلاناً) فقيل له: ومن فلان؟ قال: إنه شارب خمر كان معي في السجن وكان يرى شدة تألمي من الجلد فقال لي: أنا أتحمل 100 جلدة في سبيل الشيطان، أفلا تحتمل 10 جلدات في سبيل الله؟ فكنت لا أحس بعدها إلا بأول جلدتين.