المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حُكْمُ العَمَلِ بالأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ



أهــل الحـديث
07-01-2012, 10:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


وَقَدِ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
فَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى الْأَخْذَ بِهَا مُطْلَقًا؛بِحُجَّةِ أَنَّهَا أَقْوَى وَأَوْلَى مِنْ رَأْيِ الرِّجَالِ.
فَقَدِ انْقَسَمَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ -وَخُصُوصًا فِي الْـقَرْنِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ- إِلَى قِسْمَيْنِ: عُلَمَاءِ الْأَثَرِ وَعُلَمَاءِ الرَّأْيِ، فَعُلَمَاءُ الْأَثَرِ تَجِدُ الْأَثَرَ هُوَ الْـغَالِبُ عَلَى كَلَامِهِمْ فَلَا يَتَحَدَّثُونَ إِلَّا بِالْـآثَارِ وَالنُّصُوصِ، أَمَّا عُلَمَاءُ الرَّأْيِ فَلَيْسُوا يُعْرِضُونَ عَنِ النُّصُوصِ لَكِنْ يَشْتَغِلُونَ أَكْثَرَ بِافْتِرَاضِ الْـمَسَائِلِ، وَلِذَا سُمُّوا بِعُلَمَاءِ الرَّأْيِ لِأَنَّهُمُ اشْتَغَلُوا بِالرَّأْيِ وَالْـمَسَائِلِ أَكْثَرَ مِنِ اشْتِغَالِهِمْ بِالْأَدِلَّةِ.
الْـقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ عَدَمُ الْأَخْذِ بِالْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ مُطْلَقًا. وَهَذَا قَوْلُ عَدَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمُ الْـبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ حَزْمٍ وَعَدَدٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْـكِبَارِ الْـمُتَقَدِّمِينَ وَالْـمُتَأَخِّرِينَ.
الْـقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّنَا نَأْخُذُ بِهَا فِيمَا دُونَ الْـعَقَائِدِ وَالْأَحْكَامِ، لَكِنْ نَأْخُذُ بِهَا فِي الْـفَضَائِلِ وَفِي الرَّغَائِبِ وَفِي الْـآدَابِ.
وَلَعَلَّ الرَّاجِحَ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ هُوَ الْـقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ عَدَمُ الْأَخْذِ بِهَا وَعَدَمُ الرُّكُونِ إِلَيْهَا لِأَنَّ هُنَاكَ مِنَ الْـقَائِلِينَ بِالْأَخْذِ بِهَا اشْتَرَطَ لَهَا ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ: أَنْ تَنْدَرِجَ تَحْتَ أَصْلٍ عَامٍّ، وَأَلَّا يُعْتَقَدَ عِنْدَ الْـقَوْلِ بِهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهَا أَوْ فَعَلَهَا، وَأَلَّا يَكُونَ ضَعْفُهَا شَدِيدًا.
وَإِذَا أَخَذْنَا هَذِهِ الشُّرُوطَ وَجَدْنَا أَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ تُغْنِي عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ خُصُوصًا وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الضَّعِيفَةَ مَرْتَعٌ خَاصٌّ لِأَهْلِ الْـبِدَعِ.
فَهَلِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ -وَهُوَ إِمَامٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ- يُقَدِّمُ لِلْأُمَّةِ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةً تُسْتَنْبَطُ مِنْهَا الْأَحْكَامُ وَالْـمَسَائِلُ؟
الْـجَوَابُ: لَا، حَتَّى وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الصِّحَّةَ فِي كِتَابِهِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَشْعِرُونَ الْأَمَانَةَ،
فَأَقْوَى الْإِجَابَاتِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ هَذَا الضَّعِيفَ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَهْلُ الْـعِلْمِ، فَبَعْضُهُمْ يَرَى ثُبُوتَهُ، وَمِنْهُمُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حِينَمَا أَدْخَلَهَا «الْـمُسْنَدَ»، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى عَدَمَ ثُبُوتِهِ، وَلَعَلَّ الرَّاجِحَ هُوَ قَوْلُ مَنْ خَالَفَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ.
لَكِنَّ هَذَا لَا يَضِيرُهُ، لِأَنَّ الْـعَالِمَ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ طَالَمَا أَنَّهُ يَنْطَلِقُ مِنْ أُسُسٍ وَقَوَاعِدَ صَحِيحَةٍ وَلَيْسَ مِنْ هَوًى أَوْ قَوَاعِدَ بَاطِلَةٍ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْـعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي التَّصْحِيحِ وَالتَّضْعِيفِ فَصَحَّحَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ الْـكِبَارِ أَحَادِيثَ تَبَيَّنَ لِغَيْرِهِمْ أَنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ، فَلَابُدَّ أَنْ يُفْهَمَ ذَلِكَ حَتَّى لَا يُسَاءَ الْـفَهْمُ بِوُجُودِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ فِي «مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ» رَحِمَهُ اللهُ.