المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا يقصد بالشعر الذي أورده الهروي في منازل السائرين



أهــل الحـديث
05-01-2012, 07:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



شرح أبيات الإمام الهروي والرد عليها
الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
من درس: التوحيد عند الصوفية (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.show*******&*******id=4422)


ثُمَّ قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ :[ولا شك أن النوع الثاني والثالث من التوحيد الذي ادعوا أنه توحيد الخاصة وخاصة الخاصة، ينتهي إِلَى الفناء الذي يشمر إليه غالب الصوفية ، وهو درب خطر، يفضي إِلَى الاتحاد. انظر إِلَى ما أنشده شَيْخ الإِسْلامِ أبو إسماعيل الأنصاري رحمه الله تعالى حيث يقول: ما وحد الواحد من واحد إذ كل من وحده جاحد توحيد من ينطق عن نعته عارية أبطلها الواحد توحيده إياه توحيده ونعت من ينعته لاحد وإن كَانَ قائله رَحِمَهُ اللَّهُ لم يرد به الاتحاد، لكن ذكر لفظاً مجملاً محتملاً جذبه به الاتحادي إليه، وأقسم بالله جهد أيمانه أنه معه، ولو سلك الألفاظ الشرعية التي لا إجمال فيها كَانَ أحق، مع أن المعنى الذي حام حوله لو كَانَ مطلوباً منا لنبه الشارع عليه، ودعا النَّاس إليه وبينه، فإن عَلَى الرَّسُول البلاغ المبين، فأين قال الرسول: هذا توحيد العامة، وهذا توحيد الخاصة، وهذا توحيد خاصة الخاصة؟ أو ما يقرب من هذا المعنى؟ أو أشار إليه؟****! هذه النقول والعقول حاضرة. فهذا كلام الله المنزل عَلَى رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذه سنة الرسول، وهذا كلام خير القرون بعد الرسول، وسادات العارفين من الأئمة، هل جَاءَ ذكر الفناء فيها، وهذا التقسيم عن أحد منهم؟ وإنما حصل هذا من زيادة الغلو في الدين، المشبه لغلو الخوارج ، بل لغلو النَّصَارَى في دينهم. وقد ذم الله تَعَالَى الغلو في الدين ونهى عنه، فَقَالَ تعالى: http://www.alhawali.com/sQoos.gifيَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاًhttp://www.alhawali.com/eQoos.gif [النساء:171] http://www.alhawali.com/sQoos.gifقُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِhttp://www.alhawali.com/eQoos.gif [المائدة:77]. وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لا تشددوا فيشدد الله عليكم، فإن من كَانَ قبلكم شددوا فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات، رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم} http://www.alhawali.com/tips.gif رواه أبو داود ] اهـ الشرح: http://www.alhawali.com/benefit.gif كما ذكر المُصنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ، أن القول بقسمة التوحيد إِلَى ثلاثة أقسام يفضي إِلَى القول بالحلول والاتحاد وقد ذكر المُصنِّف عَلَى ذلك مثالاً: فالأبيات التي ذكرها الهروي في كتابه منازل السائرين يقول: ما وحد الواحد من واحد الواحد هو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أي: [لم يوحده أحد]. إذ كل من وحده جاحد فيحكم بأن كل من وحد الله فهو جاحد توحيد من ينطق عن نعته عارية أبطلها الواحد يقول: إن توحيد من ينطق عن نعته أي: كل من تكلم في التوحيد وفي صفات التوحيد من النَّاس فإن هذا التوحيد عارية أبطلها الواحد الذي هو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فلا حقيقة لتوحيد هَؤُلاءِ القوم. توحيده إياه توحيده "توحيده" الأولى مبتدأ، و"توحيده" الثانية خبر، فتوحيد الله لنفسه هو التوحيد [توحيده إياه توحيده] حقيقة توحيده هو ما وحد به نفسه لا ما وحده غيره. ونعت من ينعته لاحد أي أن وصف غير الله له سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إلحاد، ونستطيع أن نرد عَلَى هذه الأبيات كما رد عليها ابن القيم في المدارج وهو قول الله تعالى: http://www.alhawali.com/sQoos.gifشَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَhttp://www.alhawali.com/eQoos.gif [آل عمران:18] ثُمَّ قال بعد ذلك: http://www.alhawali.com/sQoos.gifوَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِhttp://www.alhawali.com/eQoos.gif فأثبت الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن الملائكة وأن أولى العلم وحدوه أي شهدوا له بالوحدانية فمن يقول: إنه لم يوحد الله أحد، وأن من وحده أو نعته فإنه ملحد جاحد، فهو مكذب لهذه الآية، فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد بين أن عباده يوحدونه، بل إن ابن القيم رحمه الله تعالى يقول: "إن الأرض والسماء نفسها هذه هي التي تسبح الله http://www.alhawali.com/sQoos.gifوَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْhttp://www.alhawali.com/eQoos.gif [الإسراء:44] فهي نفسها توحد الله وتعبده http://www.alhawali.com/benefit.gif فهذا نقض لهذا الكلام الذي ذكر فيه أن لا شيء يوحد الله لا الأنبياء، ولا العباد الصالحون، ولا مخلوقات الله التي تسبح الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وحده والآيتان دليل عَلَى بطلان هذا القول، http://www.alhawali.com/benefit.gif والذي أوقع الهروي في هذا هو الغلو في فهم التوحيد، حتى ظن أن حقيقة التوحيد -الذي في ذهنه- أمر خفي عميق بعيد لا يدركه أحد، ومن هذا المنطلق -منطلق الغلو مع الابتعاد عن نصوص الكتاب والسنة- وقع فيما وقع فيه أهل الكتاب لقوله بهذا القول الذي تبطله الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة. وجاء أهل الحلول والاتحاد ، وتعلقوا بهذه الأبيات وَقَالُوا: إن الهروي كَانَ من أهل الحلول والاتحاد، لأنه يقول: إن الله لم يوحده أحد غيره، فهو الذي وحد نفسه إذاً كل البشر لا يوحدون الله، والذي يعرف حقيقة التوحيد -كما قالوا- هو من يؤمن بوحدة الوجود، أي: من يؤمن بالحلول والاتحاد، فهذا الكلام دليل لهم.يقول المصنف: [وإن كَانَ قائله رَحِمَهُ اللَّهُ لم يرد به الاتحاد] نعم الهروي إنما أراد الغلو في مفهوم التوحيد ولم يرد حقيقة الاتحاد؛ لكنه لما جَاءَ بهذا الكلام الباطل الذي أبطله القُرْآن وأبطلته السنة جَاءَ الاتحادي فنسبه إليه وادعاه، ولا يهمنا أن يكون الهروي أراد هذا أو لم يرده وإن كَانَ الظاهر من سيرة الرجل أنه كَانَ آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، وكان من المثبتين لصفات الله تعالى، وإنما المأخذ عليه هو أنه مشى عَلَى منهج الصوفية ، وأخذ اصطلاحاتهم في المقامات والأحوال والمنازل والإشارات، لكن لا يهمنا ذلك بقدر ما يهمنا أن هذه المعاني باطلة، وأن التوحيد الحقيقي الذي هو توحيد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد قام به الأَنْبِيَاء أكبر قيام ومنهم الخليلان إبراهيم ومُحَمَّد صلى الله عليهما وعلى أنبيائه أجمعين، وقام به أصحابه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ http://www.alhawali.com/benefit.gif وأننا يجب علينا أن نبتعد عن الغلو في الدين، حتى ولو كَانَ غلواً في التوحيد فلا نعمل ولا نقول إلا بما ثبت في القُرْآن أو في السنة.وأما الغلو فإنه قد أهلك أهل الكتاب من قبلنا، وقد أهلك هَؤُلاءِ الذين ظنوا أنهم بهذه التعقديات والتجريدات والخيالات والشطحات، يوحدون الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حق توحيده، ويعرفون قدره وعظمته، ويظنون أن من تعظيم الله أن يقولوا: إن الله لن يوحده أحد، ونحن نقول: من تعظيم الله عَزَّ وَجَلَّ أن نقول: إننا لم نعبد الله حق عبادته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ونقر بأننا لا نعرف الله حق معرفته ولا نقدر الله حق قدره؛ لأن هذه درجة عالية عظيمة، ولكن نسأل الله أن نحقق ذلك في أنفسنا، وأن يتحقق لنا، ونسعى في ذلك ونرجوه.أما أن نقول: إنه لم يوحده أحد، وأن كل من نعته أو وصفه فإنه ملحد، فهذا غلو فاحش باطل، وهذا هو الفرق بين اعتراف المؤمن بالتقصير، وأنه لم يعرف الله حق معرفته، ولم يعبده حق عبادته ولم يتقه حق تقاته، وبين من يقول: إنه لم يوحده ولن يوحده أحد مطلقاً وإنما توحيده إلحاد، ووجه استدلال المُصنِّف رحمه الله تعالى في الرد عَلَى الأبيات هو في قوله تعالى: http://www.alhawali.com/sQoos.gifقُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْhttp://www.alhawali.com/eQoos.gif [المائدة:77] أي: أن هذه نتيجة الغلو، وبقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الذي رواه أبو داود {لا تشددوا فيشدد الله عليكم} http://www.alhawali.com/tips.gif فإن هذا نهي عن التشدد حتى في مفهومات الإيمان والتوحيد ولذلك وقع الخوارج في تكفير الْمُسْلِمِينَ بسبب هذا التشدد، والله أعلم.