المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حرامي الإسطوانات ..!



عميد اتحادي
03-01-2012, 02:50 PM
<div>


إخواني الأعزاء .
دعوني أحدثكم عن حرامي الاسطوانات في حارتنا .


في حارتنا حرامي اسطوانات محترف ..يستطيع سرقة اسطوانة الغاز من بيتك وقدر الطبخ يطبخ ..دون أن تشعر أن الغاز انتهى ..بل أحياناً تطبخ الغداء والعشاء وأنت لا تعرف أن اسطوانة الغاز قد سُرقت بالأمس ..لديه خفة يد ..ويختار الأوقات المناسبة لفعل جريمته المخزية ..له تقريباً ثلاثين سنة وهو يسرق الاسطوانات ..ثلاثين سنة والناس تعرف أن هناك حرامي اسطوانات في الحارة ..ولا يستطيعون أن يفعلوا شيء !

إستطاع حرامي الاسطوانات أن يجمع ثروة هائلة من سرقاته...جعلته من وجهاء الحارة لدينا ..كل الناس تعرف انه حرامي اسطوانات لكن بسبب ثروته الهائلة أصبح وجيهاً وذو كلمة مسموعة ..بل أن هناك بعض الأشخاص في الحارة أصبحوا بقدرة قادر جواسيس لهذا الحرامي ..فعندما يعرفون أن فلان يمتلك أكثر من اسطوانة غاز في بيته ..يسارعون ويخبرون الحرامي ويخططون معه لنهبها بالطريقة المناسبة ..!

كان حرامي الاسطوانات في السابق يسرق أي اسطوانة غاز في طريقة ..أما الآن فلا يسرق إلا الاسطوانات الجديدة والمصبوغة جيداً ..بل وأصبح يسرق خزانات الغاز الكبيرة من البيوت ..و بسبب هذه المهنة ..أصبح لحرامي الاسطوانات علاقات واسعة ونفوذ في الحارة ..حتى أن أي معاملة له في أي مرجع في الحارة يستطيع انجازها عبر رسالة جوال.. دون أن يتجشم عناء المكالمة..!

صادف في أحد الأيام أن قام شاب من شباب الحارة المراهقين .. بسرقة علبة عود ثقاب خاصة بعامل المزرعة الذي يعمل في مزرعة حرامي الاسطوانات ..فلم تتم ساعة واحدة إلا والحارة جميعها قد استنفرت ..وقبضوا على هذا الشاب وسط سيل من الشتائم والضرب والبصق والركل ..أصبح الشاب بسبب فعلته الطائشة منبوذاً في الحارة ..وقام الآباء بمنع أبناءهم من الحديث أو الجلوس معه..وكل مامرّ في شارع من شوارع الحارة ..قذفه الأطفال بالحجارة وهم يعايرونه بسرقة أعواد الثقاب .. حتى أن خطيب الجمعة في حارتنا..أمضى مايقارب الثلاثة أشهر وهو يخطب كل أسبوع ويحذر من سرقة أعواد الثقاب ويتوعد بالويل والثبور لسارقها ..وطبعاً يختم خطبته كالمعتاد ..بالدعاء لحرامي الاسطوانات الذي تبرع ببناء جامع الحارة على نفقته الخاصة .!

سارع أعيان الحارة بشراء مجموعة عُلب ثقاب جديدة وبألوان مختلفة وتقديمها لحرامي الاسطوانات كهدية وتضامن مع مصيبته الكبرى ..وحتى يعطوا درسا للأجيال القادمة بسبل التعاون على البر وفعل الخير والتكاتف ..وقدموا بين يديه الأشعار والولائم لتخليصه من الهم الذي يعيشه بسبب سرقة أعواد الثقاب الخاصة بعامل مزرعته ..وقام أب سارق أعواد الثقاب بكل شجاعة وأمام الملأ ..بالبراءة من ابنه السارق باعتباره ابنا عاقاً ولم يتربى تربية صحيحة .

احد أطفال الحارة الصغار ..سأل المعلم يوماً في المدرسة عن الفرق بين حرامي الاسطوانات وحرامي أعواد الثقاب ..فوبخه المعلم أمام الطلاب و أخبر والده أن ابنه يتكلم بأفكار غريبة عن مجتمع الحارة ..فاصطحب الأب ابنه إلى خطيب الجمعة الذي نصحه بعدم الكلام مرة أخرى عن هذه الأمور وذكره بالله والعذاب الأليم إذا لم يعدل عن أفكاره الغريبة .!

أما أبناء الفقراء في حارتنا فهم يلومون آباءهم دائماً..لأنهم أغبياء ولم يفكروا يوماً بسرقة الاسطوانات في الماضي..كي يصبحوا مثل أبناء حرامي الاسطوانات اللذين يعيشون بترف ورفاهية ويركبون السيارات الجديدة ..ويسافرون كل عام مرتين إلى الخارج !

قبل عدة أسابيع التقيت بالشاب سارق أعواد الثقاب ..وقد رايته نحيلاً ومهموماً ومنبوذ ..قد شارف على الأربعين ولم يجد أحداً من أهل الحارة يزوجه ابنته ..لاصديق ولا أنيس ..الكل يطارده بخطيئته المختومة على جبينه ..والذي فعلها بنشوة مراهق..هي الأولى والأخيرة له ..رايته يهلوس بهلاوس غير مفهومة ..قد اقترب من الجنون ..و يهيم على وجهه في شوارع الحارة يُكلم نفسه ..وقد سمعت أنه مات وبقيت جثته في العراء عدة أيام ..ولم يقم أحد من أهل الحارة بالاقتراب منه ومواراتة تحت التراب ..حتى قام حرامي الاسطوانات بالتبرع لدفنه ..وأرسل من يقوم بتغسيله وتكفينه والصلاة عليه في جامع الحارة !.

فشكر الله سعي حرامي الاسطوانات.
فكم له أفضال كثيرة على أهل الحارة .
كان آخرها تخليص حارتنا من جيفة سارق أعواد الثقاب المُنتنة !



كتبته يوم الاثنين الموافق 8- 2 – 1433هـ

بومة الليل

للأمانه منقول