المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ )



تاجر مواشي
03-01-2012, 02:50 PM
اغنام - ابل - دواجن - طيور



( وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ )



بالرجوع إلى لغة العرب ولسانهم ، نجد أن أصل المكر يعني: الاحتيال والخداع، ويعني كذلك: صرف الغير عما يقصده بحيلة. ويَذكُر أهل العلم هنا، أن المكر نوعان: نوع محمود، وذلك أن يتحرى بذلك فِعْلَ جميل ، والنوع الثاني: مكر مذموم ، وهو أن يتحرى به فعل قبيح .




( وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ )


أي وما يعود وبال ذلك إلا عليهم أنفسهم دون غيرهم، قال محمد بن كعب القرظي‏:‏ ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به، من مكر، أوبغي، أو نكث، وتصديقها في كتاب اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ}‏،‏{‏إنما بغيكم على أنفسكم‏ْ‏}، ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ) ] " مختصر ابن كثير.


وجاء بسط ذلك في الدر المنثور لجلال الدين السيوطي رحمه الله قال : ـ [ أخرج أبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم والخطيب في تاريخه والديلمي في مسند الفردوس عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏" ثلاث هن رواجع على أهلها، المكر، والنكث، والبغي، ثم تلا رسول الله صلى اللهعليه وسلم ‏( ‏يا أيهاالناس إنما بغيكم على أنفسكم‏ ) ، ‏‏( ‏ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله‏)‏‏(‏فاطر الآية 43‏)‏‏( ‏ومن نكث فإنما ينكث على نفسه‏)‏‏(‏الفتح الآية 10‏)‏ ‏"‏‏.‏


وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن نفيل الكناني رضي الله عنه قال‏:‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث ‏"‏قد فرغ الله من القضاء فيهن لا يبغين أحدكم، فإن الله تعالى يقول (‏يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم ‏)‏ ولا يمكرن أحد فإن الله تعالى يقول‏(‏ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله‏)‏‏(‏فاطر الآية 43‏)‏ ولا ينكث أحد فإن الله يقول‏(‏ومن نكث فإنما ينكث على نفسه‏)‏‏(الفتح الآية 10)‏‏"‏‏.‏


وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بكر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏ لا تبغ ولا تكن باغيا، فإن الله يقول ‏(‏إنما بغيكم على أنفسكم‏)‏ ‏"‏‏.‏


وأخرج ابن أبي حاتم عن الزهري قال‏:‏ بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏لا تبغ ولا تكن باغيا فإن الله يقول ‏(‏إنما بغيكم على أنفسكم‏)‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال‏:‏ قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم‏"‏لا يؤخر الله عقوبة البغي فإن الله قال ‏(‏إنما بغيكم على أنفسكم‏)‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي بكر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ما من ذنب أجدر من أن يعجل الله لصاحبه العقوبة من البغي وقطيعة الرحم‏"‏‏.‏


وأخرج أبو داود والبيهقي في الشعب عن عياض بن جابر‏.‏ إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد‏.‏


وأخرج البيهقي في الشعب من طريق بلال بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ لا يبغي على الناس إلا ولد بغي أو فيه عرق منه‏.‏

وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن رجاء بن حيوة‏.‏ أنه سمع قاصا في مسجد منى يقول‏:‏ ثلاث خلال هن على من عمل بهن البغي، والمكر، والنكث، قال الله ‏( ‏إنما بغيكم علىأنفسكم‏) ‏‏(‏ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله‏)‏‏(‏فاطر الآية 43‏)‏‏(‏ومن نكث فإنما ينكث على نفسه‏)‏‏(‏الفتح الآية 10‏)‏ .

ثم قال‏:‏ ثلاث خلال لايعذبكم الله ما عملتم بهن‏:‏ الشكر، والدعاء، والاستغفار، ثم قرأ‏ ( ‏ما يفعل الله بعذابكم إنشكرتم وآمنتم‏)‏‏(‏فاطر الآية 43‏)‏ ‏(‏ قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم‏)‏ ‏(‏الفتح الآية 10‏)‏ و ‏( ‏ما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏)‏ ‏(‏الأنفال الآية 33‏)‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن مكحول قال‏:‏ ثلاث من كن فيه كن عليه‏:‏ المكر والبغي والنكث‏.‏ قال الله ‏(‏إنما بغيكم على أنفسكم‏)‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ لو بغى جبل على جبل لدك الباغي منهما‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه من حديث ابن عمر رضي الله عنه‏.‏ مثله‏.‏
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنه قال‏:‏ ما من عبادة أفضل من أن يسأل، وما يدفع القضاء إلا الدعاء، وإن أسرع الخير ثوابا البر، وأسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه، وأن يأمر الناس بما لا يستطيع التحول عنه، وأن يؤذي جليسه بما لايعنيه‏



ومن القصص التي حصلت في الخداع بعهد الفاروق عمر رضي الله عنه قصة الشابه والتي جاء فيها

بينما أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتجول في أرجاء المدينة , ويتفقد أحوال الرعية , عثر على جثة رجل قتيل بطعنة سكين في بطنه , وقد جُرّت الجثة على الأرض جرّاً , وألقيت في العراء , ولم يجد أثراً يستدل به على القاتل , كما لم يتقدم أحد للإدلاء بشيء عن الجاني أو بذكر صفة من صفاته مما زاد في قلق عمر , فكان يدعو الله قائلاً : اللهم بصرّني بالقاتل .

وتوالت الأيام ومرت الشهور دون أن يظهر أي خيط من خيوط الجريمة وبعد تسعة أشهر عُثر على طفل حديث الولادة أ ُلقى في نفس المكان الذي أ ُلقيت فيه جثة القتيل , ولما رُفع الأمر إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: هذا أول خيط , الآن ظفرت بالقاتل .

وأخذ الطفل , وعهد به إلى امرأة ذات فراسة , وطلب منها أن تحمل الوليد , وتتجول به بين البيوت , عارضة الطفل على من تُرضعه بدعوى أن الطفل يتيم الأبوين , وأوصاها أن تتفرّس في وجه كل امرأة تُرضع الطفل , وتلاحظ مدى انفعالها وتأثرها وما يظهر على قسمات وجهها من مشاعر وأحاسيس لافته للنظر .

فحملت المرأة الطفل وشرعت تجوب البيوت بيتاً بيتاً تسأل عن مرضع , ومن بين عدة بيوت لا تجد إلا بيتاً فيه امرأة مُرضع , ومضت أيام وأيام , وفي كل يوم تخبر أمير المؤمنين أنها لم تجد شيئاً غير عادي , فكان يحثّها على مواصلة السعي والاستمرار في بذل أقصى الجهد .

وفي يوم دخلت بيت امرأة شابة , فقالت لها : يا أختاه , هل لك في إرضاع طفل وليد يتيم الأبوين وأجرك على الله ؟ فتناولته الشابة , وما أن وضعته على صدرها ونظرت في وجهه حتى اضطربت , واحمرّ وجهها وظهرت علامات التأثر والانفعال في قسمات وجهها , ثم ألقمت الطفل ثديها , وفي صمت شرعت ترضع الطفل ودموع غزيرة تتساقط من عينيها على خديها وعلى وجه الطفل . كانت المرأة تراقب بدقة , وتلاحظ مشاعر الشابة وأحاسيسها تجاه الطفل ثم أخذته وانطلقت مسرعة الى أمير المؤمنين , وأطلعته على أمر الشابة وما بدر منها تجاه الطفل

فأرسل في طلبها , ولما مثلت بين يديه , سألها : ما حكايتك مع هذا الطفل ؟ تكلمي بصدق , واياك أن تكذبي , فشرعت تبكي في حرقة ولوعة وأسى ثم قالت : يا أمير المؤمنين , خرج أبي مجاهداً في سبيل الله , وتركني في البيت لوحدي , وأوصى بي امرأة عجوزاً لتقضي الليل معي حتى يعود , وكانت المرأة العجوز تأتي كل ليلة , وتبيت في فراشي حتى الصباح , ثم تتركني .

وذات ليلة أحضرت معها امرأة وقالت : يا ابنتي , إن هذه المرأة ستبيت الليلة عندك بدلا مني , لأنني سأزور أقارب لي , وأبيت عندهم , وباتت المرأة معي في الفراش , وفي جوف الليل وأنا أغط ّ في نوم عميق استيقظت فجأة على رجل يغتصبني , فما كان مني إلا أن طعنته بسكين في بطنه . فقتلته , وما كانت المرأة التي نامت في فراشي إلا هذا الرجل الخائن الغادر الذي تخفى في ثياب امرأة , ثم أخذت أجرّ الجثة بعيدا عن العيون , وألقيتها في العراء بعيدا عن بيتي .

ومضت أيام وأيام وإذا بس أشعر بعلامات الحمل , فأخفيت حملي إلى أن ولدت هذا الطفل , وبعد أن ولدته وضعته في مكان أبيه .
هذه حكايتي يا أمير المؤمنين من أولها إلى آخرها .
كان عمر يصغي إلى المرأة الشابة في تأثر عميق إلى أن فرغت من كلامها ثم قال: ( عجبت لقاتل يدخل الجنة , ومقتول يدخل النار ) .

ومنها نستخلص التالي

هذه المرأة العجوز التي وثق بها والد الفتاة , وأمنها على ابنته مدة غيابه , خانت الأمانة , وغدرت بالفتاة , وأسلمتها إلى رجل منافق في زي امرأة ليبيت عندها ويعتدي على عرضها .

يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف , وإذا اؤتمن خان ) رواه البخاري .
أما ذلك الرجل المنافق الغادر الذي لا يستحي من الله , فقد استغل وجود شابة وحيدة في بيتها , وفي غفلة منها اغتصبها فكان كالحية الناعمة الملساء التي لدغت الضحية , ولقد نال جزاءه العاجل بطعنة سكين مزقت أحشاءه , ومات عاصياً لله إذ فارق الدنيا وهو يرتكب الفاحشة , فيا لسوء الخاتمة !!! فالمرء يبعث يوم القيامة على ما مات عليه .
امل ان اكون قد وفقت بما نقلت وطرحت تحياتي