المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شبهة تلقي القرآن الكريم



أهــل الحـديث
02-01-2012, 08:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
من شبه المستشرقين
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
ففي أثناء دراستي في كلية التربية بجامعة الملك سعود لمرحلة الدكتوراه كتبت تقريراً موجزاً عن شبهة من شبه المستشرقين ،تتعلق بتلقي القرآن الكريم ،وقد اقترح المشرف على المقرر الأستاذ الدكتور:خالد القاسم ،نشر التقرير ،لتعم فائدته ،فأسأل الله الإعانة والتوفيق .
لقد قام بعض المستشرقين بتوجيه جهدهم سواء من خلال بعض كتبهم , أو مقالاتهم لإثارة الشبه حول القران , فتنوعت طرقهم في ذلك فمنهم من أثار الشبه حول نص القران، ومنهم من وجهها نحو جمع القران .....إلى غير ذلك مما يتعلق بالقرآن الكريم، حتى انتهى الأمر ببعضهم إلى إثارة الشبهة حول مصدر القران الكريم ,وأنه ليس من عند الله، ظنًا مهم أنهم بطعنهم في هذا المصدر العظيم،يستطيعون تشكيك الناس في مصادرهم الأصيلة،وأنهم قد أتوا على الدين من أصوله. وفي هذا التقرير سأعرض ماأثاره هؤلاء حول مصدر القران، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد اقتبسه من غيره , مستعينا بالله في رد هذه الشبهة.وقبل عرض الشبهة , أود أن أذكر بعض كتب المستشرقين التي تكلمت عن هذا الموضوع , ومنها:(1)
1ـ كتاب مقدمة القران للمؤلف( ريتشارد بل) , والذي اعتبر أن التأثير الأكبر على شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من البيئة المحلية كاليهودية والنصرانية،ومن البيئة الخارجية كالمجوسية.
_________________
(1) ينظر:آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره،عمر رضوان،(1/99-128).ومعجم افتراءات الغرب على الإسلام والرد عليها،أنور محمود زناتي ص48.

2ـ كتاب القران للمؤلف (ريجي بلاشير)(1) ,وادعى المؤلف تأثر النبي صلى الله عليه وسلم خلال تأليفه للقران بالبيئة التي نشأ فيها من يهودية ونصرانية وموروثات جاهلية.
3ـ كتاب مصادر الإسلام للمؤلف (كلير تسدال) , والكاتب يحاول أن يجعل القران الكريم من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم حيث جمعه من ديانات ومذاهب مختلفه، واستدل على دعواه ببعض وجوه التشابه بين الإسلام وبين المذاهب والديانات.

أولًا:أقوال بعض المستشرقين عن هذه الشبهة
يقول صموئيل زويمر مخاطبًا المسيحيين في رسالة دعاها : ((وهديناه النجدين )) : لستم مضطرين إلى تغيير داخلي في عقيدتكم , ولا إلى تجديد الطبيعة , إذا رغبتم في اعتناق الديانة الإسلامية )).(2)
ويقول منتجمري واط :(( محمد عقد صلات مستمرة مع ورقة منذ وقت مبكر وتعلم أشياء كثيرة )) , (( تأثرت التعاليم الإسلامية ـ التي جاء بها محمد ـ اللاحقة كثيرًا بأفكار ورقة )),(( لاشك أن المقطع القرآني حين ردده محمد , قد ذكره بما هو مدين به لورقة )) ، (( ويبدو ورقة من بين الذين اتصل بهم محمد لسبب معرفته بكتب المسيحية المقدسة)).(3)
وأما جولد تسهير فيقول :((فتبشير النبي العربـي ليـس إلا مزيجا منتخبا من معارف وأراء دينية , عرفها أو استقاها بسبب اتصاله بالعناصر اليهودية والمسيحية وغيرها التي تأثر بها تأثيرا عميقا ,والتي يرآها جديرة بأن توقظ عاطفة دينية حقيقية عند بني وطنه)).(3)
__________________
(1) تنظر ترجمته في: موسوعة المستشرقين لبدوي ص127،والمستشرقون للعقيقي (1/309).
(2)أضواء على مواقف المستشرقين والمبشرين ،شوقي أبو خليص ص 17 نقلًا عن كتابه ينابيع المسيحية.
(3)الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي ونقده ،محمود ماضي ص120-122،نقلًا عن كتابه محمد في مكة.
ويقول كارل بروكلمان :(( وتذهب الروايات إلى أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ اتصل في رحلاته ببعض اليهود والنصارى ,أما في مكة نفسها فلعله اتصل بجماعات من النصارى كانت معرفتهم بالتوراة والإنجيل هزيلة إلى حد بعيد )).(1)
ويقول جوتين :(( من النزاع الذي كان قائما بين النبي وبين الذين رفضوا الإيمان برسالته إشارة إلى أن المصدر الأصلي لمعلومات محمد هو بعض رجال بني إسرائيل , كما هو واضح من أقوال أهل مكة )).(2)
ويقول غوستاف لوبون : (( وتقول القصة أن محمدًا سافر مع عمه إلى سورية , فتعرف في بصرى براهب نسطو ري في دير نصراني , فتلقى منه علم التوراة )).(3)
ويعتبر روزنتال القرآن من إنشاء محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه استمد الأجزاء التاريخية على الأقل من مصدر يهودي مسيحي متأخر.(4)
ملخص الشبهة:
يحاول المستشرقون الذين يثيرون هذه الشبهة الإيحاء بأن الإسلام ليس من عند الله بل هو من أفكار محمد صلى الله عليه وسلم , ثم يختلفون في المصدر الذي أخذ منه الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الأفكار.
_______________
(1)تاريخ الشعوب الإسلامية ص34.
(2) آراء المستشرقين حول مفهوم الوحي ،إدريس حامد محمدص44،45،نقلًا عن كتابه دراسات في تاريخ الإسلام ونظمه.
(3)أضواء على مواقف المستشرقين والمبشرين ،شوقي أبو خليلص29.
(4) الدراسات الاستشراقية للقرآن الكريم في رؤية إسلامية ،إدريس مقبولص17.

فمنهم من يقول أن الديانة اليهودية والنصرانية كانتا المصدر الذي استقى منه صلى الله عليه وسلم الإسلام.
ومنهم من يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ عن الأحناف الذين أدركوا ما عليه قومهم من الضلال والانحراف فبحثوا عن الهداية في اليهودية والنصرانية وغيرهما فلم يجدوا
مايشفي الغليل، وبذلك يكونوا قد اطلعوا على الكتب المقدسة ،وما عند الملل الأخرى.
ومنهم من زعم أن الإسلام تأثر بالبيئة الوثنية , وهناك من زعم أن الإسلام كان من خليطا من ديانات شتى كالمجوسية وغيرها, ومنهم من يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استفاد من ورقة بن نوفل , أو بحيرا الراهب(1) , أو الحداد الرومي .
دليل شبهتم:
إن أكثر ما يستدل به هؤلاء على شبهتهم هو التشابه بين الإسلام وغيره من الكتب أو الديانات.
ومن الأمثلة التي أوردوها:(2)
1ـ التشابه بين الإسلام والأحناف في رفض عبادة الأصنام .
2ـ أورد (( تسدل )) أن هناك تشابهًا بين الإسلام والزرادشتية في قضية المعراج والجنة والنار والافتتاح بالبسملة ... وغير ذلك .
3ـالتشابه بين القرآن والكتب اليهودية في القصص،كقصة آدم وإبراهيم عليهما السلام.
____________________
(1)ينظر: معجم افتراءات الغرب على الإسلام ص49.
(2)ينظر:آراء المستشرقين حول القرآن وتفسيره (1/263ومابعدها).
أهدافهم من هذه الشبهة:(1)
1-أن الإسلام ليس من عند الله ،بل هو من أفكار النبي صلى الله عليه وسلم،التي تأثر بها من اليهودية والنصرانية وغيرهما.

2- أن القرآن صياغة عربية جديدة لما ورد في التوراة والإنجيل .
3- محو الهوية الإسلامية،وانغماسها في اليهودية والنصرانية .
4- إيجاد جذور للنصوص الإسلامية من التوراة والإنجيل .
الرد على الشبهة:
أولًا: أما قولهم :إن القرآن من تأليف الرسول صلى الله عليه وسلم ،فقد ردها بعض المستشرقين ، ولعلي اكتفي بذلك خشية الإطالة.
يقول أدوارد مونتيه:((كان محمد نبيًا صادقًا كما كان أنبياء بني إسرائيل في القديم ،كان مثلهم يوتى رؤيا يوحى إليه)).(2).
ويقول لايتنر:(( بقدر ماأعرف من ديني اليهود والنصارى أقول بأن ماعلمه محمد صلى الله عليه وسلم ليس اقتباسًا ،بل قد أوحي إليه به ، ولاريب بذلك طالما نؤمن بأنه قد جاءنا وحي من لدن عزيز عليم)).(3)

__________________
(1)بحث شبهات المستشرقين في تلقي الشريعة،راشد الزهراني.
(2)الوحي المحمدي محمد رشيد رضا ص93،94.
(3) الوحي القرآني من المنظور الاستشراقي ونقده،محمود ماضي ص149.
ويقول لايتنر:(( بقدر ماأعرف من ديني اليهود والنصارى أقول بأن ماعلمه محمد صلى الله عليه وسلم ليس اقتباسًا ،بل قد أوحي إليه به ، ولاريب بذلك طالما نؤمن بأنه قد جاءنا وحي من لدن عزيز عليم)).(1)
ويقول هنري دي فاستري:(( ثبت إذن أن محمدًا لم يقرأ كتابًا مقدسًا ، ولم يسترشد في دينه بمذهب متقدم عليه)).(2)
ثانيًا: التشابه بين القرآن وغيره ، يدل على وحدة المصدر بين الكتب السماوية.مما يجعل من الممكن وجود تشابه ، ودين محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأديان ،فهو شامل لكل خير ،وصالح لكل زمان ومكان. ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان أميًا،ولم تثبت له صلة باليهود أو النصارى في مكة قبل البعثة ،فكيف يمكن أن يأخذ منهم؟

قال ابن تيمية :(( وقد علم الناس بالتواتر أن المشركين من قريش وغيرهم لم يكونوا يعرفون هذه القصص ولو قدر أنهم كانوا يعرفونها فهم أول من دعاهم إلى دينه فعادوه وكذبوه فلو كان فيهم من علمه أو يعلم أنه تعلم من غيره لأظهر ذلك)).(3)
ثالثًا:قولهم :إن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ القرآن من بعض من التقى بهم ،فلو افترضنا جدلًا جلوسه معهم، فهل يعقل أن يكون هذا الدين العظيم بما فيه من عقائد ،وشرائع ،وأخبار ،وآداب هو حصيلة تلك الاجتماعات.(4)
__________________
(1)الوحي القرآني من المنظور الاستشراقي ونقده،محمود ماضي ص149.
(2)قالوا عن الإسلام ،عماد الدين خليل ص108.
(3) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح،ص195
(4) مفتريات وأخطاء دائرة المعارف الإسلامية (الاستشراقية)، د.خالد القاسم (1/466).
وختامًا: ليس غريبًا أن يطرح هؤلاء هذه الشبهة ، فقد سبقوا لها ، وجاء الرد عليها في كتاب الله شافيًا وافيًا.
قال الله تعالى:(( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ ))} النحل:103{
هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.