تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أتقرؤهن عن ظهر قلب



أهــل الحـديث
31-12-2011, 11:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أيها المشتاق لحفظ كلام ربه :
لعلك تذكر معي هذه الواقعة التى تحكي لنا أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تهب نفسه له ليتزوجها ، فلما لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم ، طلب أحد الصحابة الحاضرين زواجها ولكنه كان فقيرا لا يملك شيئا لو خاتما من حديد ، لم يكن يملك إلا إزاره ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

قال: أتقرؤهن عن ظهر قلبك ، قال: نعم قال اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن.


تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم (معك) ، ويالها من كلمة ! ، أتعرف ما معنى كلمة (معك) ؟
-

معكفي قلبك تعمره ولا يغيب عن لسانك لفظه؟
-

معك في كل مكان ؛ في حضرك وفي سفرك ، لا تفارقها ولا تفارقك؟
-

معك في كل زمان ؛ ليلا ونهارا ، بكرة وعشيا ؟
-

معك في كل حال ؛ قائما وقاعدا وعلى جنبك ، راجلا وعلى دابتك؟
-

معك مختلط بلحمك ودمك ، يجرى على لسانك مجرى النفس؟
-

معك كما هي سورة الفاتحة؟
-

معك الآن الآن ، وليست كما يقول البعض عندما أراجع تكون سهلة وغير ذلك من المقالات.
ولما كان كثير من الناس عندما يسئل مثل سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أجاب بأنه يحفظ كذا وكذا ، أعاد النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة أكثر اقترابا من ماهية الحفظ القوي وأشد التصاقا بحاله التى يجب أن يكون عليه حفظ الحافظ ، فقال: أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟ أي دون حاجة إلى كتاب أو مراجعة أو تذكير ، وإن شئت قل: دون حاجة إلى حفظ جديد؟ ، فأجاب الصحابي : نعم ، فزوجه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه حصل حقيقة الحفظ وحقق شرطه ؛ قراءة عن ظهر قلب.
وقد جاء فى أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤيد هذا المعنى ويؤكده حينما قال: مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ مع السفرة الكرام البررة.
لكن لا يجب أن يغيب عن ذهنك أن السهو أثناء القراءة أو الغفلة أثناء التسميع على الغير وفي حالات الإرهاق ، لا يسلب منك صفة المهارة ، طالما أنه أمر عارض له أسبابه العارضة ، كما أن القرآن غالب!

هكذا فليكن الحفظ:


ذكر الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء مروان بن عبد الملك أرسل إلى أبي هريرة رضي الله عنه ، فجعل يسأله، وأجلس كاتبه خلف السرير ليكتبَ ما يتكلم به أبو هريرة ، حتى إذا كان رأس الحَول، دعا أبا هريرة مرة أخرى ، وأقعد كاتبه من وراء الحجاب، فجعل يسأله عن ذلك الكتاب ، يقول كاتب مروان: فما زاد أبو هريرة ولا نقض، ولا قدم ولا أخر.


وقد علق الإمام الذهبي الحافظ المتقن قائلا: هكذا فليكن الحفظ!


أرأيت ، بعد عام كامل وحفظ أبي هريرة رضي الله عنه لم يتغير ولم يعتريه النسيان ، وهذا ما جعل الإمام الحافظ ، الذهبي ، منبهرا ، وهذا ما سيجعلك تصحح المسار وتصنع حفظا جديدا مديدا ، بإذن الله تعالى.


ولن أنسى هذا الشيخ الوقور الذي ناهز الستين عمره ، وهو من الحفاظ المكفوفين ، عندما كان أتجاذب معه الحديث عن المتشابهات اللفظية ونحن مستقلون للقطار وسط ازدحام عظيم ، فقال لى: ما الطريف الجديد فى شأن المتشابهات؟ فقلت: أين ورد اللفظ كذا في القرآن؟ ، فأطرق مفكرا باحثا في رأسه عن إجابة سؤالي ، فغاب أقل من دقيقة ولم يجب ، فقلت له مازحا: ما اعتدت منك شيخنا الكريم على تأخير الإجابة هكذا ( أقل من دقيقة)! ، ففاجئنى بإجابة مسكتة تصدع لها سقف حفظي وتزلزلت أركانه: مهلا ، أنا الآن في سورة التوبة ! ثم أجاب على سؤالى إجابة صحيحة.


أي أنه كان يمرر ذاكرته على جميع القرآن وفي خلال أقل من دقيقة أنهى البحث في الثلث الأول من القرآن.
ومن خبر هذا الشيخ أنه كان يحفظ جزءًا كاملا فجرا ، ويؤم به الناس ليلا في صلاة التراويح على مدى ثلاثين يوما ، هى عدة شهر رمضان!
قلت: هكذا فليكن الحفظ !
كتاب: الحصون الخمسة أسرار وإبداعات

منقول من موقع اذاعة صوت الايمان

تم تحرير الموضوع بواسطة : الدكتور سعيد حمزة
بتاريخ: 09-19-2011 03:08 مساء