المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفرق بين الرواية والشهادة ... شاركونا بتعليقاتكم



أهــل الحـديث
31-12-2011, 09:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


هذا بحث مختصر في الفرق بين الرواية والشهادة , ونرجو من الإخوة الكرام أن يتفضلوا علينا بما لديهم من تعليق أو ملاحظة أو إضافة ..




مقـدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}.
أما بعد: فإن من مباحث كتاب السنة في علم أصول الفقه مسألة «التفريق بين الرواية والشهادة», وقد عزمت على البحث فيها رغبة في ازدياد المعرفة واستجابة لطلب شيخنا
والفرق بين الرواية والشهادة يكون من جهتين: من جهة الحقيقة, ومن جهة الأحكام, ولذلك قسمت البحث إلى مبحثين, وبدأت قبلهما بتمهيد في أهمية هذا الموضوع.


والله سبحانه وتعالى أسأل الإعانة والتوفيق في الدنيا والآخرة.




تمهيد في أهمية الموضوع

قال حسن بن عمر السيناوي المالكي: "الفرق بين الرواية والشهادة مما تشتد الحاجة إلى معرفته في الفقه وأصوله لافتراقهما في بعض الاحكام" ([1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn1)).
وابتدأ القرافي في كتابه (الفروق)بالفرق بين الشهادة والرواية, وقال: "ابتدأت بهذا الفرق بين هاتين القاعدتين؛ لأني أقمت أطلبه نحو ثمان سنين فلم أظفر به, وأسأل الفضلاء عن الفرق بينهما وتحقيق ماهية كل واحدة منهما, ... ولم أزل كذلك كثير القلق والتشوف إلى معرفة ذلك حتى طالعت شرح البرهان للمازري رضي الله عنه فوجدته ذكر هذه القاعدة وحققها" ([2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn2)).
والتفريق بين الرواية والشهادة من المسائل المبحوثة في أصول الفقه منذ أول نشأته وتدوينه, قال الإمام الشافعي وهو أول من دوّن علم أصول الفقه:
"أقبل في الحديث الواحدَ والمرأة، ولا أقبل واحداً منهما وحده في الشهادة، وأقبل في الحديث (حدثني فلان عن فلان) إذا لم يكن مدلساً، ولا أقبل في الشهادة إلا (سمعت) أو(رأيت) أو (أشهدني).
وتختلف الأحاديث فآخذ ببعضها استدلالاً بكتاب أو سنة أو إجماع أو قياس، وهذا لا يؤخذ به في الشهادات هكذا, ولا يوجد فيها بحال. ثم يكون بشر كلهم تجوز شهادته ولا أقبل حديثه؛ من قبل ما يدخل في الحديث من كثرة الإحالة وإزالة بعض ألفاظ المعاني" ([3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn3)).
كما أن هذا التفريق من مباحث علوم الحديث منذ القدم, قال الإمام مسلم: "و الخبرُ وإن فارق معناهُ معنى الشهادة في بعض الوجوه، فقد يجتمعان في أعظم معانيهما؛ إذ كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم، كما أنَّ شهادته مردودةٌ عند جميعهم" ([4] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn4)).



المبحث الأول: الفرق بين الرواية والشهادة من حيث الحقيقة

والتفريق بين حقيقتيهما أمر مهم؛ لأنه ينبني على ذلك تخريج النوازل وتكييفها فقهيا.
قال القرافي: "فإن كل واحدة منهما خبر, فيقولون: الفرق بينهما أن الشهادة يشترط فيها العدد والذكورية والحرية, بخلاف الرواية فإنها تصح من الواحد والمرأة والعبد. فأقول لهم: اشتراط ذلك فيها فرع تصورها وتمييزها عن الرواية, فلو عرفت بأحكامها وآثارها التي لا تعرف إلا بعد معرفتها لزم الدور.
وإذا وقعت لنا حادثة غير منصوصة من أين لنا أنها شهادة حتى يشترط فيها ذلك؛ فلعلها من باب الرواية التي لا يشترط فيها ذلك! فالضرورة داعية لتمييزهما. وكذلك إذا رأينا الخلاف في إثبات شهر رمضان هل يكتفى فيه بشاهد أم لا بد من شاهدين؟ ويقول الفقهاء في تصانيفهم: منشأ الخلاف في ذلك: هل هو من باب الرواية أو من باب الشهادة؟ وكذلك إذا أخبره عدل بعددِ ما صلى قالوا ذلك بعينه وأجروا الخلاف فيهما.
[فلو]لم تتصور حقيقة الشهادة والرواية وتميز كل واحدة منهما عن الأخرى لا يعلم اجتماع الشائبتين منهما في هذه الفروع, ولا يعلم أي الشائبتين أقوى, حتى يرجح مذهب القائل بترجيحها, ولعل أحد القائلين ليس مصيبا, وليس في الفروع إلا إحدى الشائبتين أو أحد الشبهين, والآخر منفي أو الشبهان معا منفيان, والقول بتردد هذه الفروع بينهما ليس صوابا, بل يكون الفرع مخرجا على قاعدة أخرى غير هاتين.
وهذا جميعه إنما يتلخص إذا علمت حقيقة كل واحدة منهما من حيث هي هي, فحينئذ يتصور هنا اشتراط العدد, ولا يقبل في ذلك الفرع العدل الواحد, ويعتقد أنه مخرج على الشبهين المذكورين وأي القولين أرجح. أما مع الجهل بحقيقتهما فلا يتأتى شيء من ذلك, وتبقى هذه الفروع مظلمة ملتبسة علينا.
ولم أزل كذلك كثير القلق والتشوف إلى معرفته ذلك حتى طالعت (شرح البرهان) للمازري t, فوجدته ذكر هذه القاعدة وحققها, وميز بين الأمرين من حيث هما, واتجه تخريج تلك الفروع اتجاها حسنا, وظهر أي الشبهين أقوى وأي القولين أرجح, وأمكننا من قِبل أنفسنا إذا وجدنا خلافا محكيا ولم يُذكر سبب الخلاف فيه: أن نخرّجه على وجود الشبهين فيه إن وجدناهما, ونشترط ما نشترطه ونسقط ما نسقطه ونحن على بصيرة في ذلك كله" ([5] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn5)).

المطلب الأول: تعريف الرواية والشهادة في اللغة
الرواية: يقال: روى الحديث أو الشعر رواية إذا حمله ونقله, فهو راوٍ, ويعدَّى بالتضعيف فيقال: روَّيت زيداً الحديثَ, ويبنى للمفعول فيقال: رُوِّينا الحديثَ
وأصل المادة من قولهم: روى البعيرُ الماءَ يرويه من باب رمى؛ إذا حمله, فهو راوية ([6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn6)).
الشهادة: الخبر القاطع, من شهُِد الرجل على كذا شهَداً وشهادة؛ إذا أخبر به قطعاً, وقال ابن فارس: "الشهادة: الإخبار بما قد شوهد", وقال الفيومي: "الشهادة اسم من المشاهدة وهي الاطلاع على الشيء عيانا" ([7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn7)).
ويظهر هنا الفرق اللغوي بين الرواية والشهادة؛ حيث إن الشهادة تختص بأمر شاهده الشخص, فيخبر عنه بالخبر القاطع. وأما الرواية فلا تختص بذلك, ولا يلزم أن تكون قاطعة, فهي على هذا أعم من الشهادة.
المطلب الثاني: تعريف الرواية والشهادة في الاصطلاح
الرواية: قال السيوطي: "حقيقة الرواية: نقل السنة ونحوها وإسناد ذلك إلى من عزي إليه بتحديث أو إخبار أو غير ذلك" ([8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn8)).
الشهادة: وقال الأحمد نكري: "وفي الشرع الشهادة: إخبار بحق الشخص على غيره عن مشاهدة القضية التي يشهد بها بالتحقيق وعن عيان لا عن تخمين وحسبان" ([9] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn9)).
وقال المازري: "الشهادة والرواية خبران, غير أن المخبر عنه:
إن كان أمرا عاما لا يختص بمعين فهو الرواية, كقوله عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات), و(الشفعة فيما لا يقسم), لا يختص بشخص معين, بل ذلك على جميع الخلق في جميع الأعصار والأمصار.
بخلاف قول العدل عند الحاكم: لهذا عند هذا دينار, [فهو] إلزام لمعيَّن لا يتعداه إلى غيره. فهذا هو الشهادة المحضة, والأول هو الرواية المحضة, ثم تجتمع الشوائب بعد ذلك" ([10] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn10)).
قال الزركشي: "وحاصل الفرق: أن الرواية والشهادة خبران, غير أن الخبر:
إن كان عن حكم عام تعلق بالأمة ولا يتعلق بمعين مستنده السماع فهو الرواية.
وإن كان خبرا جزئيا يتعلق بمعين مستنده المشاهدة أو العلم فهو الشهادة.
فالرواية تعم حكم الراوي وغيره على ممر الأزمان, والشهادة محض المشهود عليه وله, ولا يتعداهما إلا بطريق التبعية. ومن ثم كان باب الرواية أوسع من باب الشهادة؛ لأن مبنى حقوق الآدميين على التضييق, والرواية تقتضي شرعا عاما فلا يتعلق بمعين فتبعد فيه التهمة, فلذلك توسع فيه فلم يشترط فيه انتفاء القرابة والعرافة ولا وجود العدد والذكورة والحرية" ([11] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn11)).
وفي (جمع الجوامع) لابن السبكي مع شرح الجلال المحلي: " (الإخبار الإخبار عن) شيء (عام) للناس (لا ترافع فيه) إلى الحكام: (الرواية, وخلافُه) وهو الإخبار عن خاص ببعض الناس يمكن الترافع فيه إلى الحكام: (الشهادة).
وخرج بإمكان الترافع: الإخبار عن خواص النبي r , فينبغي أن يزاد في التعريف الأول (غالباًً)؛ حتى لا يخرج منه الخواص. ونفي الترافع فيه لبيان الواقع.
وما في المروي من أمر ونهي ونحوهما يرجع إلى الخبر بتأويل، فتأويل "أقيموا الصلاة"، و"لا تقربوا الزنا" مثلاً: الصلاة واجبة، والزنا حرام. وعلى هذا القياس" ([12] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn12)).
وفي هذا قال السيوطي في نظمه ([13] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn13)):

روايةٌ إخبـارُه عن عام بلا تـرافـع الى الحكّـام
وغيرُه شهادةٌ, والمعتـبر في صيغ العقود إنشا لا خبر





المبحث الثاني: الفرق بين الرواية والشهادة من حيث الأحكام

الأحكام التي تختلف فيها الرواية والشهادة كثيرة, منها أن الشهادة يشترط فيها: العدد والذكورة وعدم القرابة للمشهود له وعدم العداوة للمشهود عليه وغير ذلك.
وقد لخّص هذه الفروق التي بينهما في الأحكام الحافظ السيوطي فقال:
"فائدة: من الأمور المهمة تحرير الفرق بين الرواية والشهادة، ... وأما الأحكام التي يفترقان فيها فكثيرة لم أر من تعرض لجميعها، وأنا أذكر منها ما تيسر.
الأول: العدد، لا يشترط في الرواية بخلاف الشهادة. وقد ذكر ابن عبد السلام في مناسبة ذلك أموراً:
- أحدها: أن الغالب من المسلمين مهابة الكذب على رسول الله r , بخلاف شهادة الزور.
- الثاني: أنه قد ينفرد بالحديث راو واحد, فلو لم يقبل لفات على أهل الإسلام تلك المصلحة، بخلاف فوت حق واحد على شخص واحد.
- الثالث: أن بين كثير من المسلمين عداوات تحملهم على شهادة الزور بخلاف الرواية عنه r .
الثاني: لا تشترط الذكورية فيها مطلقا بخلاف الشهادة في بعض المواضع.
الثالث: لا تشترط الحرية فيها بخلاف الشهادة مطلقا.
الرابع: لا يشترط فيها البلوغ في قول.
الخامس: تقبل شهادة المبتدع إلا الخطابية ولو كان داعية, ولا تقبل رواية الداعية ولا غيره إن روى موافقه.
السادس: تقبل شهادة التائب من الكذب دون روايته.
السابع: من كذب في حديث واحد رد جميع حديثه السابق، بخلاف من تبين شهادته للزور في مرة لا ينقض ما شهد به قبل ذلك.
الثامن: لا تقبل شهادة من جرت شهادته إلى نفسه نفعا أو دفعت عنه ضررا، وتقبل ممن روى ذلك.
التاسع: لا تقبل الشهادة لأصل وفرع ورقيق بخلاف الرواية.
العاشر والحادي عشر والثاني عشر: الشهادة إنما تصح بدعوى سابقة وطلب لها وعند الحاكم, بخلاف الرواية في الكل.
الثالث عشر: للعالم الحكم بعلمه في التعديل والتجريح قطعا مطلقا, بخلاف الشهادة فإن فيها ثلاثة أقوال: أصحها التفصيل بين حدود الله تعالى وغيرها.
الرابع عشر: يثبت الجرح والتعديل في الرواية بواحد دون الشهادة على الأصح.
الخامس عشر: الأصح في الرواية قبول الجرح والتعديل غير مفسر من العالم, ولا يقبل الجرح في الشهادة إلا مفسرا.
السادس عشر: يجوز أخذ الأجرة على الرواية بخلاف أداء الشهادة إلا إذا احتاج إلى مركوب.
السابع عشر: الحكم بالشهادة تعديل، بل قال الغزالي: أقوى منه بالقول بخلاف عمل العالم أو فتياه بموافقة المروي على الأصح.
الثامن عشر: لا تقبل الشهادة على الشهادة إلا عند تعسر الأصل بموت أو غيبة أو نحوها بخلاف الرواية.
التاسع عشر: إذا روى شيئا ثم رجع عنه سقط ولا يعمل به، بخلاف الرجوع عن الشهادة بعد الحكم.
العشرون: إذا شهدا بموجب قتل ثم رجعا وقالا: تعمدنا، لزمهما القصاص، ولو أشكلت حادثة على حاكم فتوقف فروى شخص خبرا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها وقتل الحاكم به رجلا ثم رجع الراوي وقال: كذبت وتعمدت: ففي فتاوى البغوي ينبغي أن يجب القصاص، كالشاهد إذا رجع, قال الرافعي: والذي ذكره القفال في الفتاوى والإمام أنه لا قصاص بخلاف الشهادة، فإنها تتعلق بالحادثة، والخبر لا يختص بها.
الحادي والعشرون: إذا شهد دون أربعة بالزنا حُدُّوا للقذف في الأظهر، ولا تقبل شهادتهم قبل التوبة، وفي قبول روايتهم وجهان، المشهور منهما القبول، ذكره الماوردي في الحاوي، ونقله عنه ابن الرفعة في (الكفاية)، والإسنوي في (الألغاز)" ([14] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn14)).
قلت: ومن الأحكام التي تفترقان فيها:
أن غلبة الظن يعمل بها في الرواية دون الشهادة, قال الحازمي: "ألا ترى أنه لو شهد خمسون امرأة لرجل بمال لا تقبل شهادتهن، ولو شهد به رجلان قبلت شهادتهما، ومعلوم أن شهادة الخمسين أقوى في النفس من شهادة رجلين؛ لأن غلبة الظن إنما هي معتبرة في باب الرواية دون الشهادة.
وكذا سوّى الشارع بين شهادة إمامين عالمين، وشهادة رجلين لم يكونا في منزلتهما، وأما في باب الرواية ترجح رواية الأعلم الأدين على غيره من غير خلاف يعرف في ذلك، فلاح الفرق بينهما" ([15] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn15)).
وأن الخط المختوم يعمل به في الرواية دون الشهادة, قال ابن رجب: "ومنهم من فرق بين الرواية والشهادة، فأجاز الرواية بالمناولة دون الشهادة على الخط المختوم، وهو المشهور عن الشافعي وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم من الفقهاء.
وفرق كثير منهم بأن الرواية مبناها على المسامحة، فإنه لا يشترط لها العدالة الباطنة، ويقبل فيها قول النساء والعبيد مطلقا، ويقبل فيها العنعنة بخلاف الشهادة.
ومنهم من فرق بأن الشهادة يخفي تغييرها وزيادتها ونقصها، بخلاف الحديث فإنه قد حفظ وضبط، فلا يكاد يخفي تغييره" ([16] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn16)).
قال القرافي: "ووجه المناسبة بين الشهادة واشتراط العدد حينئذ وبقية الشروط: أن إلزام المعين تتوقع فيه عداوة باطنية لم يطلع عليها الحاكم, فتبعث العدو على إلزام عدوه ما لم يكن لازما له, فاحتاط الشارع لذلك واشترط معه آخر إبعاداً لهذا الاحتمال, فإذا اتفقا في المقال قرب الصدق جدا, بخلاف الواحد.
ويناسب أيضا اشتراط الذكورية من وجهين:
أحدهما: أن إلزام المعين سلطان وغلبة وقهر واستيلاء تأباه النفوس الأبية وتمنعه الحمية, وهو من النساء أشد نكاية لنقصانهن, فإن استيلاء الناقص أشد في ضرر الاستيلاء, فخفف ذلك عن النفوس بدفع الأنوثة.
الثاني: أن النساء ناقصات عقل ودين, فناسب ألا يُنصبن نصبا عاما في موارد الشهادات؛ لئلا يعم ضررهن بالنسيان والغلط, بخلاف الرواية؛ لأن الأمور العامة تتأسى فيها النفوس ويتسلى بعضها ببعض, فيخف الألم وتقع المشاركة غالبا في الرواية لعموم التكليف والحاجة, فيروى مع المرأة غيرها فيبعد احتمال الغلط, ويطول الزمان في الكشف عن ذلك إلى يوم القيامة فيظهر مع طول السنين خلل إن كان, بخلاف الشهادة تنقضي بانقضاء زمانها وتنسى بذهاب أوانها, فلا يطلع على غلطها ونسيانها, ولا يتهم أحد في عداوة جميع الخلق إلى يوم القيامة فلا يحتاج إلى الاستظهار بالغير, فيكفي الواحد.
وأما الحرية فلأن النفوس الأبية تأبى قهرها بالعبيد الأدنى, ويخف ذلك عليها بالأحرار وسراة الناس, ولأن الرق يوجب الضغائن والأحقاد بسبب ما فات من الحرية والاستقلال بالكسب والمنافع, فربما بعثه ذلك على الكذب على المعين وإذايته, وذلك للخلائق يبعد القصد إليه في مجاري العادات. فهذا تحقيق البابين ووجه المناسبة في الاشتراط في الشهادة دون الرواية" ([17] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn17)).
قال القرافي: "الخبر ثلاثة أقسام: رواية محضة كالأحاديث النبوية, وشهادة محضة كإخبار الشهود عن الحقوق على المعينين عند الحاكم, ومركب من الشهادة والرواية, وله صور:
أحدها: الإخبار عن رؤية هلال رمضان, ... وثانيها: القائف في إثبات الأنساب بالخلق, ... وثالثها: المترجم للفتاوى والخطوط, ... ورابعها: المقوِّم للسلع وأروش الجنايات والسرقات والغصوب وغيرها, ..." ([18] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn18)).

([1]) "الأصل الجامع لإيضاح الدرر المنظومة في سلك جمع الجوامع" للسيناوي 2/82, مطبعة النهضة تونس ط الأولى 1928م.

([2]) "أنوار البروق في أنواء الفروق" للقرافي 1/12-15, دار الكتب العلمية ط الأولى 1418.

([3]) "الرسالة" للإمام الشافعي ص 369, مكتبة الحلبي بمصر ط الأولى 1358, تحقيق: أحمد شاكر.

([4])انظر: مقدمة صحيح مسلم 1/ 8, دار إحياء التراث العربي بيروت, تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي.

([5]) "أنوار البروق في أنواء الفروق" للقرافي 1/12-15.

([6]) انظر: "المصباح المنير" للفيومي ص 246, دار الكتب العلمية بيروت, و"المعجم الوسيط" لمجمع اللغة العربية ص 384, دار الدعوة, مادة (ر و ي).

([7]) انظر: "تاج العروس" للزبيدي 8/252, دار الهداية. و"الكليات" للكفوي ص 528, مؤسسة الرسالة. و"مجمل اللغة" لابن فارس 1/514, مؤسسة الرسالة, و"المصباح المنير" للفيومي ص 324 ؛ مادة (ش هـ د).

([8]) "تدريب الراوي شرح تقريب النواوي" للسيوطي 1/26, دار طيبة الرياض.

([9]) "دستور العلماء" 2/162, دار الكتب العلمية بيروت 1421.

([10]) انظر: "أنوار البروق في أنواء الفروق" للقرافي 1/15.

([11]) "البحر المحيط" للزركشي 3/478, دار الكتب العلمية بيروت ط الأولى 1421.

([12]) شرح المحلي على جمع الجوامع مع حاشية البناني 2/161, مطبعة الحلبي بمصر ط الثانية 1356.

([13]) "الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع" ص 304, ومعه "الجليس الصالح النافع" للولوي, مكتبة ابن تيمية القاهرة 1998م.

([14]) "تدريب الراوي شرح تقريب النواوي" للسيوطي 1/392-395.

([15]) "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار" ص 9, دائرة المعارف العثمانية حيدرآباد ط الثانية 1359.

([16]) "شرح علل الترمذي" 1/526, مكتبة المنار الأردن ط الأولى 1407.

([17]) "أنوار البروق في أنواء الفروق" 1/15-17.

([18]) "أنوار البروق في أنواء الفروق" 1/17-20 باختصار.