المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حمِّل خطبة جمعة مشكولة بعنوان: التعامل مع غير المسلمين أحكامه واحواله لشيخنا / محمد بن مبارك الشرافي - حفظه الله -



أهــل الحـديث
29-12-2011, 12:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


خطبة الجمعة 5/2/1433هـ التعامل مع غير المسلمين أحواله وأحكامه
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ , ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ , الحمد لله الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى , وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى , الحمد لله الذي خَلَقَ الزوجين الذَّكَرَ وَالأُنْثَى , وقال (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) أَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ ورسُولُهُ صلَّى اللهُ عليْهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ تَسْلِيمَاً كثَيراً .
أَمَّا بَعْدُ : فاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ , وانظُرُوا كَيْفَ تُعَامِلُونَ مَن حَوْلَكَمْ عَلَى وِفْقِ مَا جَاءَ فِي كِتَابِ رَبِّكُم وَعَلَى وِفْقِ مَا صَحَّ عَن نَبِيِّكُم مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ فِي ذَلِكَ فَلاحَكُم في الدُّنْيَا والآخِرَةِ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الكَلامَ فِي خُطْبَةِ الْيَومِ عَن التَّعَامُلِ معَ غَيْرِ الْمُسْلِمينَ مِن الكُفَّارِ بِأَنْوَاعِهِم !
وَإِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَمِنَ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ التِي تَجِبُ الْعِنَايَةُ بِهَا , نَظَرَاً لِكَثْرَةِ تَعَامُلاتِ النَّاسِ فِي هَذِهِ الأَيَّامَ مَعَ الْكُفَّارِ فِي الدَّاخِلِ وَالخَارِجِ , وَنَظَرَاً إِلَى القُصُورِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُسْلِمينَ وَلاسِيَّمَا الشَبَاب فِي فَهْمِ التَّعَامُلِ مَعَهُمْ , فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ كُلَّ تَعَامُلٍ مَعَ الكُفَّارِ فَهُوَ مُحَرَّمٌ , أَوْ رُبَّمَا انْحَرَفَ الْفَهْمُ عِنْدَ الْبَعْضِ حتَّى ظَنَّ أَنَّ كُلَّ تَعَامُلٍ مَعَهُم كُفْرٌ ! وَمِنَ النَّاسِ مَنْ هُوَ عَكْسُ ذَلِكَ , فَأَجَازَ كُلَّ تَعَامُلٍ مَعَهُم وَلَمْ يُفَصِّلْ ! وَهَذَانِ طَرَفَانِ مُتَنَاقِضَانِ , قَدْ أَخْطَأَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعَضَ الْحَقِّ وَأَصَابَ بَعْضَا , وَلَعَلَّهُ يَكُونُ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ بِإِذْنِ اللهِ تَجْلِيَةٌ لِهَذَهِ الْمَسْأَلَةِ , وَبِمَا أَنَّهُ بِالتَّفْصِيلِ يَكُونُ التَّحْصِيلُ فَلْيَكُنِ الكَلامُ عَلَى هَيْئَةِ مَسَائِلَ , واللهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلانُ !
وَلَكِنْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي ذَلِكَ هَهُنَا مَسْأَلَةٌ وَهِيَ : أَنُّهُ ظَهَرَ أُنَاسٌ فِي الوَقْتِ الْحَاضِرِ - مَعَ مَا يُسَمَّى بِالعَوْلَمَةِ – يَقُولُونَ لا نُسَمِّي غَيْرَ الْمُسْلِمِينَ كُفَّارَاً بَلْ نَقُولُ : الآخَرَ ! تَحَاشِيَاً مِن إطْلَاقِ هَذَا اللَّفْظِ لأَنَّهُ يُغْضِبُهُم حَيْثُ إِنَّ فِيهِ قَسْوَةً عَلَى حَدِّ تَعْبِيرِ هَؤُلاءِ الْمُنَادِينَ بِتَرْكِ وَصْفِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ بِالكُفَّارِ , فَيَقُولُونَ : قُولُوا الآخَرَ بَدَلَ الكَافِرِ ! فَهَلْ هَذَا سَائِغٌ مَرَاعَاةً للْمَصْلَحَةِ ؟
فَالجَوَابُ : إِنَّ الْمُتَعَيِّنَ فِي هَذِهِ القَضِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنْ نَتَلَقَّى مَنْهَجَنَا مِن كِتَابِ رَبِّنَا وَمِمَّا صَحَّ عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَلَى فَهْمِ سَلَفِنَا الصَّالِحِ , وَهُنَا نَجِدُ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِهِ سَمَّاهُمُ : الكُفَّارَ قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) بَلْ حَكَمَ اللهُ عَلَيْهِم بِالنَّارِ وَأَطْلَقَ عَلَيْهِم وَصْفاً : أَنَّهُم شَرُّ الْخَلِيقَةِ , فَلِمَاذَا نَتَحَاشَى أَوْ نَسْتَحْيِيَ مِن هَذَا الإِطْلاق ؟
لَكِنْ لَوْ أَنَّ الإِنْسَانَ فِي بِلادِهِمْ أَوْ فِي حَالٍ تَقْتَضِي تَحَاشِيَ مِثْلِ هَذَا التَّعْبِيرِ , فَيَتَصَرَّفُ حَسْبَ مَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ , وَأَمَّا أَنْ نُلْغِيَ اسْمَ الكَافِرِ وَنَسْتَبْدِلَهُ بِالتَّعْبِيرِ بِالآخَرِ - كَمَا يُنَادِي بِهِ أَهْلُ التَّغْرِيبِ مِن العَلْمَانِيِّينَ واللِّبْرَالِيِّينَ أَوْ يُنَادِي بِهِ بَعْضُ الْمُنْهَزِمِينَ مِن الْمُسْلِمينَ - فَهَذَا غَيْرُ مَقْبُولٍ ولا سَائِغٍ !
وَأَمَّا أَحْكَامُ التَّعَامُلِ مَعَ الكُفَّارِ فَفِي ذَلِكَ مَسَائِل :
الْمَسْأَلَةُ الأُولَى : مَتَّى تَكُونُ العَلاقَةُ مَعَهُمْ كُفْرَاً مُخْرِجَاً عَنْ الْمِلَّةِ ؟ الجَوَابُ : إِذَا أَحَبَّهُم لأَجْلِ دِينِهِمْ أَوْ نَاصَرَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِين !
فَهَذَا العَمَلُ كُفْرٌ مُخْرِجٌ عَن الْمِلَّةِ , قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بنُ عَبدُ الوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَعْدَادِ بَعْضِ نَوَاقِضِ الإسْلامِ : الثَامِنُ : ((مُظَاهَرَةُ الْمُشْرِكِينَ وَمُعَاوَنَتُهُم عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) ا.هـ.
يَعْنِي : يُسَاعِدُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَأَنْ يَكَونَ هُنَاكَ قِتَالٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالكُفَّارِ ثُمَّ يُعِينُ الكُفَّارَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُسَاعِدُهُم بِالْمَالِ أَو بِالسِّلاحِ أَو بِالرَّأْي( ) !
وَيَجِبُ هُنَا أَنْ نُفَرِّقَ بَيْنَ العَامِلِ وَالعَمَلِ , فَالعَمَلُ هَذَا كُفْرٌ وَرِدَّةٌ , وَأَمَّا العَامِلُ فَإِنَّهُ لا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ حتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ , لأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَعْذُوراً بِجَهْلٍ أَوْ إِكْرَاهٍ أَوْ تَقْلِيْد !
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : مَتَى لا تَكُونُ مَحَبَّتُهُم كُفْرَاً مُخْرِجَاً عَنْ الْمِلَّةِ ؟ وَالْجَوَابُ : إِذَا أَحَبَّهُم لأَجْلِ دُنْيَاهُمْ , كَأَنْ يُحِبَّهُم لأَجْلِ مَا عِنْدَهُم مِن التَّقَدُّمِ الصِّنَاعِي , أَوْ يُحِبَّ اللاعِبِينَ لأَجْلِ لَعِبِهِم وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , فَهَذَا لا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَصَاحِبُهُ عَلَى خَطَرٍ لَكِنَّهُ لَيْسَ كَافِرَاً . قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ)
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : مَا حُكْمُ مُعَامَلَةِ الكُفَّارِ بِالبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ؟
الْجَوَابُ : الأَصْلُ فِيهَا الحِلُّ لِعُمُومِ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى(وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) وَلأَنُّهُ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَشْتَرُونَ مِنْهُمْ وَيَبْيعُونَ لَهُمْ , وَهَذَا أَمْرٌ أَشْهَرُ مِن أَنْ يُظْهَر , بَلْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِير( ) , وَلَكِنْ لا شَكَّ أَنْ الشِّرَاءَ مِن الْمُسْلِمِ أَوْلَى لاسِيَّمَا إِذَا كَانَتْ البِضَاعَةُ بِنَفْسِ الْجَوْدِةِ , وَأَمَّا مَا لَمْ يَتَوَفَّرْ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا يَحْتَاجُهُ التُّجَّارُ فَمُعَامَلَتُهُمْ مَعَ الكُفَّارِ جَائِزَة , وَأَمَّا مُقَاطَعَةُ بَضَائِعَهُمْ وَالدَّعْوَةُ إِلى ذَلِكَ فَيْنْبَغِي أَنْ يُوكَلَ أَمْرُهَا إِلى أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِن العُلَمَاءِ وَالحُكَّامِ , وَلا يُوكَلُ ذَلِكَ إِلَى كُلِّ خَطَيبٍ أَوْ إِمَامِ مَسْجِدٍ أَوْ طَالِبِ عِلْم !
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : مَاحُكْمُ تَهْنِئَتِهِم بِأَفْرَاحِهِمْ أَوْ تَعْزِيَتِهِمْ بِأَحْزَانِهِم ؟ الْجَوَابُ : أَمَّا تَهْنِئَتُهُم بِأَفْرَاحِهِمْ وَأَعْيَادِهِم فَحَرَام , وَمَنْ فَعَلَهُ فَعَلَيْهِ خَطُرٌ مِن الرِّدَّةِ عَن الإسْلامِ , قَالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِ (أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ ) : وَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِشَعَائِرِ الكُفْرِ الْمُخْتَصِّةِ بِهِ فَحَرَامٌ بِالاتِّفَاقِ ، مِثْل أَنْ يُهَنِّئَهُم بِأَعْيَادِهِم وَصَوْمِهِمْ ، فَيَقُولُ: عِيدٌ مُبَارَكٌ عَلَيْك ، أَوْ تَهْنَأُ بِهَذَا العِيدِ وَنَحْوِهِ ، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِن الْكُفْرِ فُهُوَ مِن الْمُحَرَّمَاتِ . انْتَهَى كَلامُهُ رَحَمَهُ الله .
وَهَكَذَا - أَيُّهَا الإِخْوَةُ - فَإِنَّ بَيْعَ الْمُسْلِمِ لَهُمْ فِي أَعْيَادِهِم مَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى عِيدِهِم كَالطَّعَامِ واللِّبَاسِ والزُهُورِ أَوْ إِهْدَاءَ ذَلِكَ لَهُمْ فَهَذَا فِيهِ نَوْعُ إِعَانَةٍ عَلَى إِقَامَةِ عِيدِهِم الْمُحَرَّم !
وَأَمَّا تَعْزِيَتُهُم فِي مُصَابِهِم كَمَا لَوْ مَاتَ لَهُ مَنْ يُعَزَّى لَهُ بِهِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ صَدِيقٍ فَفِي هَذَا خِلافٌ بَيْنَ العُلَمَاءِ , وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ يُفْهَمُ مِن تَعْزِيَتِهِم إِعْزَازُهُم وَإِكْرَامُهُم كَانَتْ حَرَامَاً ، وَإِلَّا فَيَنْظُرُ فِي الْمَصْلَحَةِ , فَإِذَا كَانَ القَصْدُ مِن التَّعْزِيَةِ أَنْ يُرَغِّبَهُم فِي الإسْلامِ أَو كَانَ فِيهِ دَفْعُ أَذَاهُمْ عَنْهُ أَو عَن الْمُسْلِمِينَ فَهَذَا جَائِزٌ ( ) .
الْمَسْأَلُةُ الْخَامِسَةُ : مَا حُكْمُ مَحَبَّةِ الكُفَّارِ الْمَحَبَّةِ الطَبِيعِيِّةِ ؟
الْجَوَاب : أَنَّ هَذِهِ جَائِزَةٌ , كَمَحَبَّةِ الرَّجُلِ لَوَلَدِهِ أَوْ لِوَالِدِهِ الكَافِرِ , أَوْ مَحَبِّةِ الزَّوْجِ الْمُسْلِمِ لِزَوْجَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ اليَهُودِيَّةِ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ الذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم , وَالصَّلاةُ عَلَى خَاتَمِ رُسُلِهِ وَأَفْضَلِ أَنْبِيَائِهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ لِقَائِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً .
أَمَّا بَعْدُ : فَلا زَالَ الكَلامُ فِي بَيَانِ أَحْوَالِ وَأَحْكَامِ التَّعَامُلِ مَعَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مِن الكُّفَّارِ بِأَنْوَاعِهِم .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَة : مَا حُكْمُ الإِحْسَانِ إِلى الكُفَّارِ ؟
وَالجَوَابُ : أَنَّ هَذَا جَائِزٌ بَلْ عَمَلٌ طَيِّبٌ مُرَغَّبٌ فِيه , إِلَّا إِذَا كَانَ الكَافِرُ مُحَارِبَاً , قَالَ اللهُ تَعَالَى (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
وَالأَصْلُ -أَيُّهَا الإِخْوَةُ- أَنَّ الْمُسْلِمَ حَسَنُ الْمُعَامَلَةِ طَيِّبُ النَّفْسِ مَعَ الجَمِيعِ , حَتَّى يُوجَدُ أَمْرٌ شَرْعِيٌ يُوجِبُ خَلَافَ ذَلِكَ !
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ : مَا حُكْمُ اسْتِقْدَامِهِم للْعَمَلِ فِي بِلادِنَا ؟
الْجَوَابُ : أَنَّ هَذَا لَا يَنْبَغِي , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) وَنَسْتِقْدِمُ بَدَلاً مِنْهُمُ الْمُسْلِمِينَ لِنَنْفَعَ إِخْوَانَنَا وَتَذْهَبَ أَمْوَالُنَا لِتَقْوِيَةِ بِلادِ الْمُسْلِمينَ وَاقْتَصَادِهِم , لَكَنْ إِنْ كَانَ هُنَاكَ تَخَصُّصَاتٌ لا تُتْقِنُهَا العَمَالَةُ الْمُسْلِمَةُ , فَلا بَأَسَ بِاسْتِقْدَامِ غَيْرِ الْمُسْلِمينَ ! وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَأْجَرَ كَافِراً لِيَدُلَّهُ عَلَى طَرِيقِ الِهجْرَة , رَوَاهُ البُخَارِيُّ
وَمِنْ بَابِ أَوْلَى : أَنَّهُ مَا يَنْبَغِي اسْتِقْدَامُ الخَادِمَاتِ الكَافِرَاتِ , وَإِدْخَالُهُنَّ بُيُوتَ الْمُسْلِمينَ وَاسْتِئْمَانُهُنَّ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ , أَوْ تَرْبِيةِ الأَطْفَالِ , فَهَذَا أَمْرٌ يَجِبُ أَنْ يُحْذَرَ مِنْهُ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ)
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : مَا حُكْمُ الاعْتِدَاءِ عَلَى الكُفَّارِ فِي بِلادِنَا ؟
الْجَوَاب : أَنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ ولا يَجُوزُ , وَذَلِكَ لأَنَّهُ خِيَانَةٌ للْعَهْدِ الذِي دَخَلُوا بِلادَنَا بِمُوجَبِهِ , وَهُوَ مَا يُسَمَّى فِي الوَقْتِ الحَاضِرِ بِالفِيزَة , فَإِنَّ مُقْتَضَاهَا السَّمَاحُ لَهُمْ بِالدُّخُولِ وَهُمْ آمِنُونَ فِي بِلادِنَا , فَلا يَجُوزُ لَنَا نَقْضُ الْمِيثَاقِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنينَ بِلْ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقين , وَأَمَّا الاعْتَدَاءُ عَلَيْهِم بِالقَتْلِ فَإِنَّهُ مِن كَبَائِرِ الذُّنُوبِ , فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا) رَوَاهُ البُخَارِي
فَإِنْ فَعَلُوا مَا يُوجِبُ العُقُوبَةَ , أَو اعْتَدَوْا عَلَى أَحَدٍ فِإِنَّهُ يُرْفَعُ أَمْرُهُم إِلَى الْجْهَاتِ الْمَسْؤُولَةِ , وَلا يَجُوزُ للإِنْسَانِ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ بِيَدِهِ , لأَنَّ هَذَا افْتِيَاتاً عَلَى وَلِيِّ الأَمْرِ , وَلِئَلَّا تَصِيرَ الأُمُورُ فَوْضَي .
هَذَا مَا تَيَسَّرَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فِي أَحْكَامِ الكُفَّارِ بِأَنْوَاعِهِم , مَعَ أَنَّهُ يَنْبَغِي لنَا السَّعْيُ بِكُلِّ مَا نَسْتَطِيعُ لِدَعْوَتِهِم للإِسْلامِ وَتَحْبِيبِهِم فِيهِ , وَإظْهَارِ دِينِنَا بِالْمَظْهَرِ الصَّحِيحِ الذِي يَجْذِبُهُم للدِّخُولِ فِيهِ , فَيَرْجِعُونَ لِبِلَادِهِمْ بِتَصَوُّرٍ طَيِّبٍ عَنِ الإِسْلامِ وِأَهْلِه وَلَيْسَ العَكْس !
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً , اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ , اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلمينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينَ , اللَّهُمَّ أعطنا ولا تحرمنا اللَّهُمَّ أكرمنا ولا تُهنا اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَليْنَا اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا , اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ , وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ , وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ , وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ , اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: taamol maa ghayr almoslemeen.pdf&rlm; (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=89613&d=1325146239)
: 273.8 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf