المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة في أهمية السنة النبوية الشريفة



أهــل الحـديث
28-12-2011, 06:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي جعل السنة النبوية المطهرة بيانا لكتاب الله العزيز والصلاة والسلام الأتمان الاكملان على سيدنا محمد مبين الخير للعباد حتى يكونوا على بصيرة من امرهم وهم على ذلك من الشاهدين وعلى اله الطاهرين واصحابه الكرام ومن سار على نهجهم المبارك الشريف الذي اخبر عنه صلى الله عليه وسلم بقوله ( يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتؤيل الجاهلين )... انتهى
اما بعد :ـ فهذه رسالة صنفتها في تعريف السنة النبوية الشريفة في مجال بيان اهميتها بالنسبة للعلوم والمعارف وهي الموضحة لايات الله الكريمات ومن خلالها يتعرف المسلم على الوجهة الصحيحة التي لابد من فهمها وهي حفظ السنة وروايتها بين المحبين حتى يفهم كتاب الله تعالى واسباب نزوله وفقهه الظاهري والباطني فهذه المقدمة تبين اهمية السنة النبوية التي تظهر قيمتها العلمية في معرفة العلوم والمعارف التي تنطوي تحتها في استخراج احكامها وقواعدها واصولها وفروعها وما يتعلق بها من خلق وسر وحقيقة .
فأذا عرفت هذا الامر العظيم وصلت الى الحرص الشديد على نشر السنة المطهرة الشريفة بين ربوع اهل العلم والعرفان رحمهم الله تعالى فلا يمكن لعاقل ان يحفظ القران دون ان يعرف اسباب النزول وما يتعلق به من احكام وحوادث واحوال وسير واحداث اما من يحفظ القران دون ان يتعرف على ذلك فهذا يجهل حقيقة ما يحفظ وتذهب عنه فائدة الحفظ الايات الله الكريمات ثم لا يترقى الى مستوى الفهم والادراك الذي من خلاله يمكن لحافظ القران الكريم ان يكون عالما بالاحكام فاهما لدقائقها عارفا لقواعدها وفروعها وبذلك يكون من اهل القران وخاصته فيجب على المسلم ان يكون واعيا لما يدور حوله من الاحداث فاذا لم يكن عارفا بالسنة المطهرة فلا تسعفه فطنته العلمية ولا ذكائه البليغ ولا يمكن من خلال حفظه للقران الكريم ان يتخلص من الشهوة واللذة النفسية والفتنة القلبية التي قد تجعله مرتلا بلسانه وقلبه منشغلا بكيفية الخلاص مما يدور حوله من الاحداث فلو كان له حصن حصين لما وقع في شبك الفتنة والحيرة والارتياب والحصن هو حفظ الاحاديث الصحيحة والحسنة من كتب الحديثية العشرة وغيرها التي بذل جامعوها بذلا لا يستهان به في بيانها لامة الاسلام فلا ينبغي لمن يدعي العلم والعرفان ان يكون فارغا من حفظ كتاب واحد من كتب السنة سواء كان اصلا او مختصرا المهم انه من اهل الحديث الذين هم اولياء الله تعالى في الارض فلا يمكن لعالم ان ينجو من الفتن الا بحصن السنة المطهرة التي تظهر له حقيقة الاحداث وتوضح له خاتمة الامور وتكون له كالحصن من بداية بلوغه وحتى يلقى الله تعالى وما دعاني لكتابة هذه السطور الا الانشغال بالعلوم اللغوية والادبية والمنطقية والفقهية والقراءات العشر وشواذها الخالية من الاحاديث الصحيحية التي تدعم فكره ونظره الصائب .
فاذا تكلم هؤلاء في مجلس التدريس او الوعظ والارشاد يروي احاديثا ضعيفة وموضوعة غالبا مما يؤدي الى ظهور فئة ترده وفيها اخلاق الخوارج الذين يمرقون من الدين كما يمرق السهم من لرمية وهؤلاء يدعون معرفتهم بالسنة النبوية الشريفة وما لهم من هذا العلم الشريف الا لقلقة لسان او وشوشة اذهان .
فأذا وعيت ما قلت وادركت ما رمزت وصلت الى الهدف الذي يدعوني الى هذا الكلام ولو رجعت الى كتب علماء الامة المحمدية صلى الله تعالى على قائدها وسلم لوجدت حرصهم الشديد على التمسك بالسنة في جميع الامور والاحوال مع وجود الرغبة الاكيدة في العمل بها في السر والعلانية وما ذلك الا يقينهم بانها هي التي تجعلهم من اهل السنة والجماعة واليك كلمات مختصرة تروى عن الائمة المجتهدين اول العلم والعرفان رضي الله عنهم اجمعين .

فقد ذكر الامام عبد الوهاب الشعراني رحمه الله تعالى في كتابه الميزان الكبرى قولا للامام ابي حنيفة النعمان رضي الله عنه وارضاه ما نصه :ـ
( لم تزل الناس في صلاح ما دام فيهم من يطلب الحديث فأذا طلبوا العلم بلا حديث فسدوا ) انتهى .
وقال ايضا رضي الله عنه وارضاه ما نصه ( اياكم والقول في دين الله تعالى بالراي وعليكم باتباع السنة فمن خرج عنها ظل ) انتهى .
وذكر الامام تاج الدين السبكي رحمه الله تعالى في كتابه طبقات الشافعية الكبرى في ترجمة الربيع المرادي رحمه الله تعالى قولا للامام محمد بن ادريس الشافعي رضي الله عنه وارضاه ما نصه :
( ايّ سماء تظلني واي ّ ارض تقلّني اذا رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا وقلت بغيره ) انتهى .
وذكر الامام جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة قولا للامام مالك بن انس رضي الله عنه وارضاه ما نصه :
( السنن سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ) انتهى .
وذكر الامام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه مناقب الامام احمد قولا لامام اهل السنة والجماعة ابي عبد الله احمد بن حنبل رضي الله عنه وارضاه ما نصه :
(ما اعلم الناس في زمان احوج منهم الى طلب الحديث من هذا الزمان ) انتهى
يتبين من خلال كلام الامام احمد رحمه الله تعالى المتوفى سنة 241 هجرية ان زمانه احوج الى طلب الحديث ودراسته وتدريسه وروايته وفقه ودرايته وهم في قرب من انوار النبوة الذي يكون من العصور الخيرية فكيف بزماننا الذي كثر فيه الفتن والمحن والمصائب وقد قال له احد اصحابه ولم ؟
قال الامام احمد رحمه الله تعالى ظهرت بدع فمن لم يكن عنده حديث وقع فيها انتهى .
احب ان انبه على مسألة مهمة للغاية : وهي اخذ الحديث من رجاله المختصين سماعاً او قراءة او عرضا او اجازة ونحو ذلك ولا يجوز اخذ الحديث من الكتب المتوفرة لدى جميع القراء الذين يحبون المطالعة دون الرحلة لطلب الحديث والجلوس بين يدي الشيخ المجاز حتى يكتسب فضيلة الاسماع وتذهب عنه منزلتها وهو نور الوجه وجماله المبارك الذي اخبر عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف القائل ( نضّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فاداها كما سمعها ) انتهى .
وقد اجمع العلماء رحمهم الله تعالى على عدم جواز رواية الحديث من دون اذن يبيح له ذلك كما في فهرست الامام ابن خير الاشبيلي رحمه الله تعالى وبين ايضا وجوب حصول الاجازة عند الخطيب والمدرس للعلوم والمفتي للانام ولو من وجه واحد فأذا تقرر في عقل المسلم وقلبه هذا الاتجاه وهو حب طلب الحديث النبوي ونشره بالسند المتصل بين العباد امكنه حينئذ ان يتفحص اسباب الفهم والعرفان وطرق الاستنباط للاحكام الشرعية والتخلق بالاحوال النبوية ظاهرا وباطنا في السر والعلن .
واذا لم يكن عنده يقينا بهذا الاتجاه المبارك بل يقول لا يحتاج الى دراسة السنة لانها متوفرة في الاسواق ويستطيع كل احد ان يستخرج الحديث الذي يريده في موضعه ومحله فهذا انسان ليس له تعظيما للسنة النبوية الشريفة لان حب السنة واجب عيني على كل مسلم فلو رجعنا قليلا الى علماء السلف رحمهم الله تعالى في القرون المتقدمة لشاهدنا ان قولهم وفعلهم وحالهم كله يعتمد على رواية السنة المطهرة بالاسناد المتصل الى صاحب الرسالة الكريمة صلى الله تعالى عليه وسلم .
وارى من يقرا هذا الكلام سيسرع في الهجوم عليه لعدم موافقته في هواه وغرضه النفسي وان السنة المطهرة ستفضحه اجلا ام عاجلاً وكل يتزيا بزي قومه فمن تزيا بغير زي السنة المطهرة صلى الله تعالى على صاحبها وسلم فانه ستفضحه شواهد الفتنة والاغترار .
فعلم القراءات يعتمد على السنة النبوية المطهرة من حيث صحة اسناد الطريق الذي وردت فيه ولهذا ذكر القراءة وما يتعلق بها اهل القراءات اسانيدهم المتصلة وحرصوا عليها من دخول عامل الضعف والشذوذ من حيث التلقي واللقاء ووقت السماع ونحو ذلك وقد صنف اهل هذا العلم الشريف كتبا في ذلك كالحافظ ابن الجزري رحمه الله تعالى في كتابه طيبة النشر وغيرها رحمة الله تعالى على الجميع .
وعلم التفسير ايضا يعتمد في تفسير القران العظيم على صحيح السنة ويستانس بضعيفها ان قوي من طريق اخر ....
فترى اسانيد الروايات في التفسير كثيرة وهي شأن المتقدمين من علماء السلف الصالح رضي الله عنهم اجمعين وقد جمع هذا التفسير جماعة من علماء الامة الاسلامية كالحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه المسمى الدرر المنثور في التفسير بالمأثور وغيره رحمة الله تعالى على الجميع .
وعلم الفقه ايضا يعتمد كليا على الحديث الشريف في الاستدلال على صحة الحكم في الواقعة الحياتية وقد صنف العلماء رحمهم الله تعالى قديما وحديثا في هذا الباب وجمعوا بين الحكم الشرعي ودليله من الكتاب والسنة وبيانه على الوجه الواضح المبين كالحافظ محي الدين النووي في كتابه المجموع وغيره رحمة الله تعالى على الجميع ...
وعلم اصول الفقه ايضا يعتمد على الحديث الشريف الذي من خلاله يستخرج القواعد الفقهية وتكون اصلا يسير عليه الفقيه في استخراج الاحكام من ادلتها الاجمالية وهي محفوظة في الاذهان والقلوب والصدور وكذلك مكتوبة في سطور الصفحات التي كتبها اهل هذا العلم الشريف رضي الله عنهم اجمعين .
وممن صنف في هذا الباب وهو كثير كالحافظ عبد الغني المقدسي في كتابه عمدة الاحكام من احاديث سيد الانام صلى الله عليه وسلم وغيره رحمة الله تعالى على الجميع .
وعلم التصوف ايضا يعتمد على الحديث الشريف في كيفية التخلق باخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في احواله كلها سواء كانت في الظاهر والباطن ...كالامام الشعراني رحمه الله تعالى في كتابه العهود المحمدية والغزالي رحمه الله تعالى في كتابه احياء علوم الدين وغيرهما رحمة الله تعالى على الجميع .
وعلم السيرة النبوية الشريفة ايضا يعتمد على السنة النبوية في بيان السيرة الذاتية للحبيب المصطفى بالسند المتصل الى راويها كما فعل الامام جلال الدين السيوطي رحمة الله تعالى في كتابه الخصائص الكبرى والامام البيهقي رحمة الله تعالى في دلائل النبوة وغيرهما رحمة الله تعالى على الجميع .
وعلم الرجال ايضا يعتمد على السنة النبوية لانه يبين علم الجرح والتعديل للاخبار ورواتها كالامام ابن ابي حاتم في كتابه الثقات والامام ابن حجر العسقلاني في كتابه تقريب التهذيب والامام المزي في كتابه الكمال في رجال الكتب الستة وغيرهم رحمة الله تعالى على الجميع .
وعلم الكلام يعتمد ايضا على السنة النبوية الشريفة من خلال الرد على اهل البدع والظلالة كما فعل سيدنا عبد الله بن عباس الذي ارسله الخليفة الراشد امير المؤمنين علي بن المرتضى رضي الله عنه الى الخوارج عندما ادعوا التحاكم الى كتاب الله تعالى فقال له لا تجادلهم بالقران فانه ذو وجوه كثيرة بل جادلهم بالسنن انتهى .
فهذا الاثر المبارك يبين ان المبتدعة والضالين عن طريق الحق والصواب من اهل الخوارج والباطنية والذين يترسمون برسوم الدين الاسلامي يرد عليهم وعلى اباطيلهم وزيغهم الالحادي بالسنن الصحيحة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعل اهل العلم والعرفان رضي الله عنهم في الرد على الاسماعيلة الباطنية في اثبات الامامة ومن تبعهم في الوقت الاخر من الامامية الذين يظهرون مذهب باطل ينتسب الى اهل البيت رضي الله عنهم اجمعين فانتدب لهم في زمانهم حجة الاسلام المجتهد الامام الرباني محمد الغزالي الطوسي المعروف بابي حامد الغزالي رحمه الله رحمة واسعة ونفع به امين وكذلك ابن العربي في كتابه القواصم من العواصم وغيره من ائمة الدين الحنيف رحمة الله تعالى على الجميع .
وعلم الخلاف ايضا يعتمد على السنة النبوية الشريفة الذي من خلالها يتبين القول الراجح في المذهب او الاعتقاد الصحيح الثابت بالدلائل الصريحة التي تبين صحة اعتقاد الطائفة المنصورة وهي اهل السنة والجماعة وقد صنف العلماء رحمهم الله تعالى في الفقه والاصول والاعتقاد والسلوك الروحي وغير ذلك مما يبحث الباحث عن الاقوى والاصح والافضل والاقرب الى الله تعالى من الطرق والطوائف والفرق والمذاهب والمشارب وذلك يتبين من خلال كتب السنة التي هي الحكم الفاصل بين هؤلاء نسال الله تعالى ان يوفقنا الى اقرب طريق وافضل مسيرة للوصول الى الحق والصواب .
فممن صنف في هذا الباب الامام الغزالي وابن العربي المالكي والقشيري والحارث المحاسيبي وغيرهم رحمة الله تعالى على الجميع ولو اردنا التوسع في هذا الامر لما وسعنا هذا المقام العالي القدر والمقدار .
وعلم العربية ايضا يعتمد على السنة النبوية من خلال الرفع والنصب والجر الوارد في الاحاديث النبوية الذي كان سببا في اختلاف الائمة الاعلام رحمهم الله تعالى في الحكم على الواقعة الفقهية عند المسلم كمذهب يأخذ بالرفع ويحكم به في الفروع الفقهية واخر يأخذ بالنصب فيحكم به ايضا للفروع الفقهية فترى عند بحثك للحديث ان يكون مدار الخلاف في فهم القضية الواحدة وهذا الاثر الحديثي الذي جعل ظهور المدارس اللغوية في شتا انواعها تنشأ مدارس لنصرة هذا المذهب وذاك .
وذا علمت ما تقدم وجمع الله لك معرفة الحديث على اختلاف انواعه وجعلته منوطا لفهم العلوم والمعارف فسوف تصبح حجتك قوية في الاستدلال وعند التعارض في الادلة والاحكام .
ومن اراد المزيد في فهم هذه الامور التي ذكرناها فلينظر الكتاب النافع الماتع الشافي لعلل السقيم المسمى اثر الحديث الشريف في اختلاف الائمة الفقهاء رضي الله عنهم تصنيف العلامة الشيخ محمد عوامة الحلبي رضي الله عنه الذي قد افادنا كثيرا في كتابه المرقوم وكان خير دليل لنا في هذا البحث المبارك نسال الله ان ينفع به البلاد والعباد امين .
وكذلك مراجعة كتب السير والتراجم فانها غنية بما قلناه وكفاية للمسترشد الى طريق الصواب وذكر الامام جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه الحاوي للفتاوي ما نصه (قالت الاقدمون : المحدث بلا فقه كعطار غير طبيب فالادوية حاصلة في دكانه ولا يدري لماذا تصلح ؟
والفقيه بلا حديث كطبيب ليس بعطار يعرف ما تصلح له الادوية الا انها ليست عنده ) انتهى .
وذكر الامام ابن عبد البر رحمه الله تعالى في كتابه جامع بيان العلم وفضله ان الامام الاعمش رحمه الله تعالى قال :
( يا معشر الفقهاء انتم الاطباء ونحن الصيادلة ) انتهى .
وقال الامام ابو الحسن القابسي المالكي رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه الملخص ما نصه :
( لا ينبغي من وقف على صحة نقل الحديث وعلى صحة الفاظه ان يتعاطى تاويله ولا يستعمل منصوصه في اباحة ولا حظر الا بعلم هو غير علم الرواية وذلك يوجد في مسالة اهل الفقه والمعرفة بالسنة والعلم التام بسيرة الائمة فان في الحديث ناسخا ومنسوخا والمنسوخ لا يجوز استعماله اذ قد نسخ وللحديث معان يعرفها العلماء لستيعاب بيانها موضع غير هذا ويكفي من البيان لما وصفت لكم قول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع من الاثر الثابت ليبلغ الشاهد الغائب فان الشاهد عسى ان يبلغ من هو أوعى له منه ) انتهى .
وذكر الحافظ السخاوي رحمه الله تعالى في كتابه فتح المغيث شرح الفية العراقي قولا للامام احمد بن حنبل رحمه الله تعالى وقد سئل عن رجل يكون في بلد لا يجد فيها الا صاحب حديث لا يعرف صحيحه من سقيمه واصحاب الرأي فمن يسئل ؟
فقال الامام احمد رحمه الله تعالى يسال صاحب الحديث ولا يسألأ صاحب الرأي انتهى .
وقال الامام ابن جزي رحمه الله تعالى في مقدمة تفسيره التسهيل ما نصه :ـ فأذا ورد عنه عليه السلام تفسير شيء من القران عوّلنا عليه ولا سيما ان ورد في الحديث الصحيح . انتهى .
وقال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في كتابه الكفاية ما نصه ( والمستحب له ((أي الراوي ))ان يورد الاحاديث بالفاظها لان ذلك اسلم له ) انتهى .
وذكر الامام ابن الشحنة الكبير الحلبي الحنفي رحمه الله تعالى في مقدمة شرحه على الهداية ما نصه اذا صح الحديث وكان على خلاف المذهب عمل بالحديث ويكون ذلك مذهبه ولا يخرج مقلده عن كونه حنفياً بالعمل به فقد صح عنه (( أي الامام ابي حنيفة )) انه قال اذا صح الحديث فهو مذهبي انتهى .
وقد علق على هذا الكلام العلامة ابن عابدين الحنفي رحمه الله تعالى في اول حاشيته ما نصه :
( ولا يخفى ان ذلك لمن كان اهلا للنظر في النصوص ومعرفة محكمها من منسوخها فاذا نظر اهل المذهب في الدليل وعملوا به صح نسبته الى المذهب لكونه صادرا باذن صاحب المذهب اذ لا شك اذ لو علم بضعف دليله رجع عنه واتبع الدليل الاقوى ) انتهى .
وقال ايضا رحمه الله تعالى في رسالته شرح رسم المفتي مانصه ( واقول ايضا ينبغي تقييد ذلك بما اذا وافق قولا في المذهب اذ لم ياذنوا في الاجتهاد فيما خرج عن المذهب مما اتفق عليه ائمتنا لان اجتهادهم اقوى من اجتهاده فالظاهر انهم رأوا دليلا ارجح مما راه حتى لم يعملوا به ) انتهى .
وقال العلامة الشيخ عبد الغفار عيون السود الحمصي الحنفي رحمه الله تعالى في رسالته المسماة دفع الاوهام عن مسألة القراءة خلف الامام ما نصه :
( وهو تقييد حسن لائنا نرى في زماننا كثيرا ممن ينسب الى العلم مغترا في نفسه يظن انه فوق الثريا وهو في الحضيض الاسفل فربما يطالع كتابا من الكتب الستة مثلا فيرى فيه حديثا مخالفا لمذهب ابي حنيفة فيقول اضربوا مذهب ابي حنيفة على عرض الحائط وخذوا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد يكون هذا الحديث منسوخا او معارضا بما هو اقوى منه سندا او نحو ذلك من موجبات عدم العمل به وهو لا يعلم بذلك فلو فوّض لمثل هؤلاء العمل بالحديث مطلقا لضلوا في كثير من المسائل واضلوا من اتاهم من سائل ) انتهى .
وذكر الحافظ محي الدين النووي رحمه الله تعالى في كتابه تهذيب الاسماء واللغات ما نصه :
( فقال احتاط الشافعي رحمه الله تعالى فقال ما هو ثابت عنه من اوجه من وصيته بالعمل بالحديث الصحيح وترك قوله المخالف للنص الثابت الصريح وقد امتثل اصحابنا رحمهم الله وصيتهم وعملوا بها في مسائل كثيرة مشهورة كمسالة التثويب في اذان الصبح واشتراط التحلل في الحج بعذر المرض ونحوه وغير ذلك مما هو معروف ولكن لهذا شرط قل من يتصف به في هذه الازمان وقد اوضحته في مقدمة شرح المهذب ) انتهى .
وقال ايضا رحمه الله تعالى في مقدمة شرح المهذب ما نصه :
( هذا الذي قاله الشافعي ليس معناه ان كل احد راى حديثا صحيحا قال هذا مذهب الشافعي وعمل بظاهره وانما هذا فيمن له رتبة الاجتهاد في المذهب وشرطه ان يغلب على ظنه ان الشافعي رحمه الله تعالى لم يقف على هذا الحديث او لم يعلم صحته وهذا انما يكون بعد مطالعة كتب الشافعي كلها ونحوه من كتب اصحابه الاخذين عنهم وما اشبهها وهذا شرط صعب قل من يتصف به وانما اشترطوا ما ذكرنا لان الشافعي رحمه الله ترك العمل بظاهر احاديث كثيرة راها وعلمها لكن قام دليل عنده على طعن فيها او نسخها او تخصيصها او تأويلها او نحو ذلك ) انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في شرحه فتح الباري ما نصه ( وكم من حديث منسوخ وهو صحيح من حيث الصناعة الحديثية ) انتهى .
وقال الامام البقاعي رحمه الله تعالى في النكت الوفية ما نصه :
( فقد تحرر ان مرادهم بالصحيح الذي يجب العمل به بأن خلا عن أي معارض ونحوه ) انتهى .
وذكر شيخ الاسلام عبد الوهاب السبكي رحمه الله تعالى في رسالته المسماة معنى قول الامام المطلبي اذا صح الحديث فهو مذهبي في اولها كلام الامام النووي رحمه الله تعالى الذي ذكرناه ووافقه عليه ثم قال :
( وقد حكي عن ابي الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي وكان فقيها محدثا انه كان لا يقنت في صلاة الصبح يقول صح عندي ان النبي صلى الله عليه وسلم ترك القنوت في صلاة الصبح فتركت القنوت في صلاة الصبح مدة ثم علمت ان الذي صح من قوله صلى الله عليه وسلم القنوت في صلاة الصبح هو الدعاء على رعل وذكوان وفي غير صلاة الصبح اما ترك الدعاء مطلقا بعد القيام في صلاة الصبح ففيه حديث عيسى بن ماهان وفيه من الكلام ما عرف وليس هذا موضع تحريره فرجعت الى القنوت وانا الان اقنت وليس في شيء من ذلك اشكال على كلام الشافعي وانما قصور يعرض لنا في بعض النظر ) انتهى .
وقال ايضا رحمه الله تعالى في الرسالة المتقدمة الذكر ما نصه :( قال ابو شامة رحمه الله تعالى ولا يتأتى النهوض بهذا الا بعالم معلوم الاجتهاد وهو الذي خاطبه الشافعي بقوله اذا وجدتم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلاف قولي فخذو به ودعو ما قلت وليس هذا لكل احد ) انتهى .
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في التذكرة ما نصه يا شيخ ارفق بنفسك والزم الانصاف ولاتنظر الى هؤلاء الحفاظ النظر الشذر ولا تمرقنهم بعين النقص ولا تعتقد فيهم انهم من جنس محدثي زماننا حاشا وكلا وليس في كبار محدثي زماننا احد يبلغ رتبة اولئك في المعرفة فاني احسبك لفرط هواك تقول بلسان الحال ان اعوزك المقال من احمد ؟
وما ابن المديني ؟
واي شيء ابو زرعة وابو داود ؟
فاسكت بحلم او انطق بعلم فالعلم النافع هو ما جاء عن امثال هؤلاء ولكن نسبتك الى ائمة الفقه كنسبة محدثي عصرنا الى ائمة الحديث فلا نحن ولا انت وانما يعرف الفضل لاهل الفضل ذو الفضل ) انتهى .
وقال مولانا حبيب احمد الكيرانوي رحمه الله تعالى في مقدمته لإعلاء السنن ما نصه ( حقيقة هذه الاقوال هو اظهار الحقيقة الواقعة لان الحجة هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قولي فلا تظن قولي حجة مستقلة وانا ابرا الى الله تعالى مما قلته خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه الحقيقة لا تستلزم ما نسب هذا القائل اليه رحمه الله من تجويز نسبة كل قول صح الحديث به عند كل قائل اليه فعرف ذلك ولا تغتر بأمثال هذه الكلمات ) انتهى .
وروى ابو نعيم في الحلية من طريق عيسى بن يونس عن الاعمش عن ابراهيم النخعي انه قال اني لاسمع الحديث فانظر الى ما يؤخذ به فأخذ به وادع سائره ) انتهى .
وروى الحافظ بن عبد البر رحمه الله تعالى في جامع بيان العلم وفضله عن القاضي بن ابي ليلى رحمه الله انه قال ( لا يفقه الرجل في الحديث حتى يؤخذ منه ويدع ) انتهى .
وروى ابو نعيم في الحلية عن الامام عبد الرحمن بن مهدي انه قال لايجوز ان يكون الرجل اماما حتى يعلم ما يصح وما لايصح وحتى لا يحتج بكل شيء وحتى يعلم بمخارج العلم ) انتهى .
وروى الحافظ ابن حبان رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه المجروحين عن الامام عبد الله بن وهب رحمه الله تعالى انه قال لقيت ثلاثمائة عالم وستين عالما ولولا مالك والليث لضللت في العلم ) انتهى .
وقال العلامة محمد زاهد الكوثري رحمه الله تعالى في تعليقه على الانتقاء لابن عبد البر ما نصه ( ولفظ ابن عساكر بسنده الى ابن وهب لولا مالك بن انس والليث بن سعد لهلكت كنت اظن ان كل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم يفعل به ).
وفي رواية لظللت يعني لاختلاف الاحاديث كما يقع لكثير من الرواة البعيدين عن الفقه غير الممييزين مما قارن العلم به عما سواه ) انتهى .
وذكر القاضي عياض رحمه الله تعالى في كتابه ترتيب المدارك ما نصه ( قال ابن وهب لولا ان الله انقذني بمالك والليث لظللت فقيل له كيف ذلك قال اكثرت من الحديث فحيّرني فكنت اعرض ذلك على مالك والليث فيقولون لي خذ هذا ودع هذا ) انتهى .
وذكر الحافظ ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله عن الامام سفيان الثوري رحمه الله تعالى قال تفسير الحديث خير من سماعه ) انتهى .
وذكر الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في تذكرة الحافظ ما نصه ( قال الامام ابو علي النيسابوري الفهم عندنا اجل من الحفظ ) انتهى .
وذكر الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في كتابه الفقيه والمتفقه ( ان رجلا سئل ابن عقدة عن حديث فقال له اقلّوا من هذه الاحاديث فانها لاتصلح الا لمن علم تاويلها فقد روى يحيى بن سليمان عن ابن وهب قال سمعت مالكا يقول كثير من هذه الاحاديث ضلالة لقد خرجت مني احاديث لوددت اني ضربت بكل حديث منها سوطين واني لم احدث به ) انتهى .
وذكر ايضا رحمه الله تعالى في كتابه الجامع لأخلاق الراوي واداب السامع ما نصه ( قال الشافعي قيل لمالك بن انس ان عند ابن عيينة عن الزهري اشياء ليست عندك ؟
فقال مالك وانا كل ما سمعته من الحديث احدث به انا اذا اريد ا ن اضلهم . انتهى .
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى في كتابه ترتيب المدارك قال ابن وهب نظر مالك الى العطّاف ابن خالد فقال بلغني انكم تاخذون من هذا فقلت بلى فقال ما كنا نأخذ الا من الفقهاء ) انتهى .
وروي الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في كتابه الكفاية عن مالك ان ربيعة قال لابن شهاب الزهري انت تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فتحفظ في حديثك .انتهى
وروي الحافظ بن عبد البر المالكي رحمه الله تعالى في كتابه جامع العلم وفضله عن امير المؤمنين في الحديث ابي الزناد عبد الله بن ذكوان انه قال وايم الله ان كنا لنلتقط السنن من اهل الفقه والثقة ونتعلّمها شبيها بتعلّمنا أي القران ) انتهى .
وذكر الامام ابن ابي زيد القيرواني المالكي رحمه الله تعالى في كتابه الجامع فقال والتسليم للسنن لا تعارض برأي ولا تدافع بقياس وما تأوله منها السلف الصالح تاولناه وما عملوا به عملناه وما تركوه تركناه ويسعنا ان نمسك عما امسكوا ونتبعهم فيما بيّنوا ونقتدي بهم فيما استنبطوه وراوه في الحوادث ولا نخرج عن جماعتهم فيما اختلفوا فيه او في تاويله وكل ما قدمنا ذكره فهو قول اهل السنة وائمة الناس في الفقه والحديث على ما بيناه وكله قول مالك فمنه منصوص من قوله ومنه معلوم من مذهبه قال مالك والعمل اثبت من الاحاديث قال من اقتدى به انه يصعب ان يقال في مثل ذلك .حدثني فلان عن فلان وكان رجال من التابعين تبلغهم عن غيرهم الاحاديث فيقولون ما نجهل هذا ولكن مضى العمل على خلافه وكان محمد بن ابي بكر بن حزم ربما قال له اخوه لم لم تقض بحديث كذا ؟
فيقول لم اجد الناس عليه قال النخعي لو رايت الصحابة يتوضؤن الى الكوعين لتؤضأت كذلك وانا اقرئها الى المرافق وذلك لانهم لايتهمون في ترك السنن وهم ارباب العلم واحرص خلق الله على اتباع رسول الله عليه السلام فلا يظن ذلك بهم احد الا ذو ريبة في دينه قال عبد الرحمن بن مهدي السنة المتقدمة من سنة اهل المدينة خير من الحديث قال ابن عيينة الحديث مضلة الا للفقهاء يريد ان غيرهم قد يحمل شيئا على ظاهره وله تأويل من حديث غيره او دليل يخفى عليه او متروك اوجب تركه غير شيء مما لا يقوم به الا من استبحر وتفقه قال ابن وهب كل صاحب حديث ليس له امام في الفقه فهو ظال ولولا ان الله انقذنا بمالك والليث لظللنا ) انتهى .
وروى الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في كتابه الفقيه والمتفقه عن الحافظ محمد بن عيسى الطباع قال كل حديث جاءك عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغك ان احدا من اصحابه فعله فدعه ) انتهى .
وروى الامام الرامهرمزي رحمه الله تعالى في المحدث الفاصل عن الامام الاوزاعي قال كنا نسمع الحديث فنعرضه على اصحابنا كما يعرض الدرهم الزائف فما عرفوا منه اخذنا به وما انكروا تركنا ) انهى .
وروى الحافظ ابو نعيم رحمه الله تعالى في كتابه حلية الاولياء عن الامام ابراهيم الاوزاعي قال لا يستقيم رأي الا برواية ولا رواية الا برأي وقال ابو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى في مقدمة شرحه المسمى معالم السنن ما نصه ( رايت اهل العلم في زماننا قد حصّلوا حزبين وانقسموا فرقتين اصحاب حديث واثر واهل فقه ونظر كل واحدة منهما لا تتميز عن اختها في الحاجة ولا تستغني عنها في درك ما تنحوه من البغية والارادة لان الحديث بمنزلة الاساس الذي هو الاصل والفقه بمنزلة البناء الذي هو له كالفرع وكل بناء لم يوضع على قاعدة واساس فهو منهار وكل اساس خلا عن بناء وعمارة فهو قفر وتراب ) انتهى .
وذكر الامام ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى في كتابه اعلام الموقعين روايته عن الامام احمد انه قال اذا كان عند الرجل الكتب المصنفة فيها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلاف الصحابة والتابعين فلا يجوز ان يعمل بما شاء ويتخير فيقضي به ويعمل به حتى يسأل اهل العلم ما يؤخذ به فيكون يعمل على امر صحيح .
وذكر الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في سير اعلام النبلاء ما نصه ( قال الميموني قال لي احمد يا ابا الحسن اياك ان تتكلم في مسألة ليس لك فيها امام ) انتهى .
وذكر الامام الطحاوي رحمه الله تعالى في شرح معاني الاثار ان عروة بن الزبير قال لابن عباس رضي الله عنهم اضللت الناس يا بن عباس قال وما ذاك يا عريّة ؟قال تفتي الناس انهم اذا طافوا بالبيت فقد حلّوا وكان ابو بكر وعمر رضي الله عنهما يجيئان ملبين بالحج فلا يزالان محرمين الى يوم النحر قال ابن عباس بهذا ضللتم احدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثوني عن ابي بكر وعمر ؟ فقال عروة ا ن ابا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا اعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم منك ) انتهى .

وذكر الحافظ بن عبد البر رحمه الله تعالى في كتابه الانتقاء ( ان الامام معن بن عيسى قال انصرف مالك يوما من المسجد وهو متكأ على يدي قال فلحقه رجل يقال له ابو الجويرية فقال يا ابا عبد الله اسمع مني شيئا اكلّم كبه واحاجك واخبرك براي قال فان غلبتني قال اتبعني قال فان غلبتك قال اتبعك قال فان جاءنا رجل فكلّمناه فغلبنا قال اتبعناه قال ابو عبد الله بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم بدين واحد واراك تتنقل قال عمر بن عبد العزيز من جعل دينه عرضتا للخصومات اكثر التنقل ) انتهى .
وذكر الامام عبد الوهاب الشعراني رحمه الله تعالى في الميزان الكبرى ان الامام مالك قال سلّموا للائمة ولا تجادلوهم فلو كنا كلما جاء رجل اجدل من رجل اتبعناه لخفنا ان نقع في رد ما جاء به جبريل عليه السلام ) انتهى
وذكر الامام القرشي رحمه الله تعالى في كتابه الجواهر المضية ان بشر بن الوليد الكندي قال كنا نكون عند ابن عيينة فأذا وردت علينا مسألة مشكلة يقول هاهنا احد من اصحاب ابي حنيفة ؟ فيقال بشر فيقول اجب فيها فأجيب فيقول التسليم للفقهاء سلامة في الدين انتهى .
وروى الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعالى في كتابه الانتقاء عن الامام علي بن الجعد قال كنا عند زهير بن معاوية فجاءه رجل فقال له زهير من اين جئت ؟ قال من عند ابي حنيفة فقال زهير ان ذهابك الى ابي حنيفة يوما واحدا انفع لك من مجيئك اليّ شهرا ) انتهى .
وروى الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى في سننه الكبرى عن الامام الاوزاعي انه قال من اخذ بنوادر العلماء خرج من الاسلام ) انتهى .
وروى ابن عبد البر رحمه الله تعالى في جامع بيان العلم وفضله عن الامام سليمان التيمي انه قال لو اخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله انتهى .
وروى البيهقي رحمه الله تعالى في السنن الكبرى عن الامام ابي العباس بن سريج عن القاضي اسماعيل بن اسحاق انه قال دخلت على المعتضد فدفع اليّ كتابا فنظرة فيه وكان قد جمع له الرخص من زلل العلماء وما احتج به كل منهم لنفسه وقلت له يا امير المؤمنين مصنف هذا الكتاب زنديق فقال لم تصح هذه الاحاديث ؟
قلت الاحاديث على ما رويت ولكن من اباح المسكر لم يبح المتعة ومن اباح المتعة لم يبح الغناء والمسكر وما من عالم الا وله زلة ومن جمع زلل العلماء ثم اخذ بها ذهب دينه فأمر المعتضد فاحرق ذلك الكتاب ) انتهى .
وروى الامام احمد رحمه الله تعالى في كتابه العلل عن الامام محمد بن يحيى القطان انه قال لو ان انسان اتبع كل ما في الحديث من رخصة لكان به فاسقا .
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في كتابه تلخيص الحبير ما نصه روى عبد الرزاق عن معمر قال لو ان رجلا اخذ بقول اهل المدينة في استماع الغناء واتيان النساء في ادبارهن ويقول اهل مكة في المتعة والعرف وبقول اهل الكوفة في المسكر كان شر عباد الله انتهى .
وروى الامام ابو بكر الاجري في كتابه تحريم النّرد والشطرنج والملاهي عن سيدنا عمر رضي الله عنه انه قال ثلاث مضلات ائمة مضلّة وجدال منافق بالقران وزلة عالم ) انتهى .
وقال الامام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه اعلام الموقعين ما نصه ( لا بد من امرين احدهما اعظم من الاخر وهو النصيحة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وكتابه ودينه وتنزيهه عن الاقوال الباطلة المتناقضة لما بعث الله به رسوله من الهدي والبينات .
والثاني :ـ معرفة فضل ائمة الاسلام ومقاديرهم وحقوقهم ومراتبهم وان فضلهم وعلمهم ونصحهم لله ورسوله لا يوجب قبول حصول كل ما قالوه وما وقع في فتاويهم من المسائل التي خفي عليهم فيها ما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا بمبلغ علمهم والحق في خلافه لا يوجب اطراح اقوالهم جملة وتنقصهم والوقيعة فيهم فهذا طرفان جأران عن القصد وقصد السبيل بينهما فلا توثم ولا نعصم بل نسلك مسلكهم انفسهم فيمن قبلهم من الصحابة ولا منافات بين هذين الامرين لمن شرح الله صدره للاسلام وانما يتنافيان عند احد رجلين جاهل بمقدار الائمة وفضلهم او جاهل بحقيقة الشريعة التي بعث الله بها رسوله ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعا ان الرجل الجليل الذي له في الاسلام قدم صالح واثار حسنة وهو من الاسلام واهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل وماجور لاجتهاده فلا يجوز ان يتبع فيها ولا يجوز ان تهدر مكانته وامامته ومنزلته من قلوب المسلمين ) انتهى .
وقال العلامة البنوري رحمه الله تعالى في كتابه معارف السنن ما نصه ( وقد قلت قديما واقول هؤلاء الائمة الكبار ارباب الصحاح من البخاري ومسلم وغيرهما قد انحازوا الى جهة تفقها واجتهادا او اتباعا لائمتهم في دقائق الفقه والاجتهاد وغوامض المسائل وختاروا جانبا في الخلافيات ثم لما الّفوا اخرجوا تأليفهم ما يوافق مذاهبهم الفقهية وسرى فقههم الى الحديث وتركوا ما عداها حيث لم يذهبوا اليها الا من التزم اخراج احاديث الفريقين كالامام الترمذي غالبا وكابن ابي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما واحمد في مسنده ) انتهى .
وذكر الامام الشافعي رحمه الله تعالى في كتابه الرسالة ما نصه ( لانعلم رجلا جمع السنن فلم يذهب منها عليه شيء فأذا جمع علم عامة اهل العلم بها اتى على السنن واذا فرّق علم كل واحد منهم ذهب عليه شيء منها ثم كان ما ذهب عليه منها موجودا عند غيره وهم في العلم طبقات منهم الجامع لاكثره وان ذهب عليه بعضه ومنهم الجامع لاقل مما جمع غيره ) انتهى .
ونقل الامام البقاعي رحمه الله تعالى في النكت الوفية عن شيخه الحافظ ابن حجر العسقلاني انه قال غير لائق ان يوصف احد من الامة بانه جمع الحديث جميعه حفظا واتقانا حتى ذكر عن الشافعي انه قال من ادعى ان السنة اجتمعت عند رجل واحد فسق ومن قال شيء منها فات الامة فسق ) انتهى .
وقال الامام ابن تيمية الحنبلي رحمه الله تعالى في رفع الملام عن الائمة الاعلام ما نصه ( ولا يقولن قائل من لم يعرف الاحاديث كلها لم يكن مجتهدا لانه ان اشترط في المجتهد علمه بجميع ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وفعله فيما يتعلق بالاحكام فليس في الائمة على هذا مجتهد وانما غاية العالمان يعلم جمهور ذلك ومعظمه بحيث لا يخفى عليه الا القليل من التفصيل انتهى .
وقال الامام تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى في رسالته المسماة الدرة المضية ما نصه ( ان الناس على قسمين عالم مجتهد متمكن من استخراج الاحكام من الكتاب والسنة او عامي مقلد لاهل العلم ووظيفة المجتهد اذا وقعت واقعت ان يستخرج الحكم فيها من الادلة الشرعية ووظيفة العامي ان يرجع الى قول العلماء وليس لغير المجتهد اذا سمع اية او حديثا ان يترك به قول العلماء فانه اذا راهم قد خالفوا ذلك مع علمهم به علم انهم انما خالفوه لدليل دلهم على ذلك وقد قال الله تعالى ( فسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ) والقصد ان غير العالم المجتهد اذا سمعوا اية فيها عموم او اطلاق لم يكن لهم ان ياخذوا بذلك العموم او الاطلاقات الا بقول العلماء ولا يعمل بالعمومات والاطلاقات الا من عرف الناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين والحقيقة والمجاز ) انتهى .
وقال ايضا رحمه الله تعالى في الرسالة المذكورة ما نصه فمن لم يعرف الكتاب والسنة واقوال الائمة لم يكن له ان يقف عند دليل يسمعه من غير امام يرشده ) انتهى .
وقال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في كتابه الفقيه والمتفقه ما نصه ( قيل لبعض الحكماء ان فلانا جمع كتبا كثيرة فقال هل فهمه على قدر كتبه ؟قيل لا قال فما صنع شيئا ما تصنع البهيمة بالعلم وقال رجل لرجل كتب ولم يعلم شيئا مما كتب ما لك من كتبك الا فضل تعبك وطول ارقك وتسويد ورقك ) انتهى .
وقال الامام ابو العباس احمد بن تيمية رحمه الله تعالى في رفع الملام ما نصه ( لو فرض انحصار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فليس كل ما في الكتب يعلمه العالم ولا يكاد ذلك يحصل لاحد بل قد يكون عند الرجل الدواوين الكثيرة وهو لا يحيط بما فيها بل الذين كانوا قبل جمع هذه الدواوين كانوا اعلم بالسنة من المتاخرين بكثير فكانت دواوينهم صدورهم التي تحوي اضعاف ما في الدواوين وهذا امر لا يشك فيه من علم القضية ) انتهى .
وذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في التهذيب ما نصه ( قال الخليل في الارشاد اجاب الاوزاعي عن ثمانين الف مسألة في الفقه من حفظه ) انتهى .
وذكر الامام محمد زاهد الكوثري رحمه الله تعالى في كتابه النكت الطريفة ان اقل ما قيل في عدد المسائل التقديرية في فقه الامام ابي حنيفة ثلاث وثمانون الف مسألة فما نسبة المسائل التي خفي دليلها على الامام الى هذا العدد الضخم ) انتهى .
وقال الامام الباغندي رحمه الله تعالى انا اجبت عن ثلاث مائة مسألة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ) انتهى .
وقال الحافظ محمد مرتضى الزبيدي رحمه الله تعالى في عقود الجواهر المنيفة ما نصه (روى يحيى بن نصر قال دخلت على ابي حنيفة في بيت مملوء كتبا فقلت ما هذه ؟
قال هذه احاديث كلها وما حدثت به الا اليسير الذي ينتفع به ) انتهى .
وروى الامام علي القاري رحمه الله تعالى في مناقب الامام ابي حنيفة عن محمد بن سماعة ان ابا حنيفة رحمه الله تعالى ذكر تصانيفه نيفا وسبعين الف حديث وانتخب الاثار من اربعين الف حديث ) انتهى .
وروى القاضي عياض رحمه الله تعالى في ترتيب المدارك عن الامام عبد الله بن فرّوخ الفارسي انه قال كنت يوما عند ابي حنيفة فسقطة أجّرة من اعلى داره على راسي فدمي فقال اختر ان شئت ارش الجرح وان شئت ثلاث مائة حديث فقلت الحديث خير لي فحدثني ثلاث مائة حديث ) انتهى .
ونقل الحافظ ابن حجر المكي الهيتمي الشافعي رحمه الله تعالى في الخيرات الحسان عن الزرنجري قال امر الامام ابو حفص الكبير بعد مشايخ الامام ابي حنيفة فبلغوا اربعة الالف من التابعين . انتهى
وقال ايضا رحمه الله تعالى في كتابه المذكور ما نصه (قال ابو يوسف ما رايت اعلم بتفسير الحديث من ابي حنيفة وكان ابصر بالحديث الصحيح مني ) انتهى .
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في تذكرة الحفاظ ما نصه ( قال يحيى بن معين ما رايت في اصحاب الراي اثبت في الحديث ولا احفظ ولا اصح رواية من ابي يوسف ) انتهى .
وقال ايضا رحمه الله تعالى في كتابه المذكور ما نصه ( قال ابو يوسف كان ابو حنيفة اذا صمم على قول درت على مشايخ الكوفة هل اجد في تقوية قوله حديثا او اثرا ؟
فربما وجدت الحديثين والثلاثة فاتيته بها فمنها ما يقول فيه هذا غير صحيح وهذا غير معروف فاقول له ما علمك بذلك مع انه يوافق قولك ؟
فيقول انا عالم بعلم اهل الكوفة ) انتهى .
وذكر الامام الكوثري رحمه الله تعالى في فقه اهل العراق وحديثهم ان الكوفة نزل فيها من الصحابة الف وخمسمائة صحابي رضي الله عنهم فملاؤها علما بل ملأها ابن مسعود رضي الله عنه وحده علما بشهادة علي بن ابي طالب رضي الله عنه له بذلك وروى الامام احمد رحمه الله تعالى في مسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه انه جمع اصحابه وقال لهم والله اني لارجو ان يكون قد اصبح اليوم فيكم من افضل ما اصبح في اجناد المسلمين من الدين والفقه والعلم بالقران ) انتهى .
وروى الحافظ ابو نعيم رحمه الله تعالى في الحلية في ترجمة الاعمش قال لي حبيب ابن ابي ثابت اهل الحجاز واهل مكة اعلم بالمناسك قال فقلت له افانت تكون نأبا عنهم في المناظرة لا تاتني بحرف الا وجئتك فيه بحديث . انتهى .
قلت : ان الامام الاعمش رحمه الله تعالى من اهل الكوفة فاعلم ذلك )
وروى الامام الزرقاني رحمه الله تعالى في مقدمة شرحه على الموطأ عن الامام بن الهياب قال ان الامام مالك روى مائةالف حديث .انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في تهذيب التهذيب ما نصه ( قال شعيب بن الليث قيل لليث انا نسمع منك الحديث ليس في كتبك فقال او كل ما في صدري في كتبي لو كتبت ما في صدري ما وسعه هذا المركب .انتهى
وذكر الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في تذكرة الحفاظ ان الامام احمد بن الفرات الرازي قال كتبت الف الف حديث وخمسمائة الف فعلمت من ذلك في تأليفي خمسمائة الف حديث . انتهى .
وقال الامام القسطلاني رحمه الله تعالى في لطائف الاشارات ما نصه ( ولم تزل العلماء تستنبط من كل حرف يقرا به قارئ معنى لا يوجد في قراءة الاخر ذلك المعنى فالقراءات حجة الفقهاء في الاستنباط ومحجتهم في الاهتداء الى سواء الصراط ) انتهى .
وذكر الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في كتابه الفقيه والمتفقه ان الامام الشافعي رضي الله عنه اقام علم العربية وايام الناس عشرين سنة فقيل له في هذا ؟قال : ما اردت بها الا الاستعانة للفقه ) انتهى ...
وقال الحافظ المزي رحمه الله تعالى في تهذيب الكمال ما نصه :
( قال سعيد بن جبير : اعلم الناس اعلمهم بالاختلاف ) انتهى .
وقال حجة الاسلام ابو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في كتابه المنخول ما نصه :
( وفقه النفس لا بد منه وهو نحريزة لا تتعلق بالاكتساب )انتهى .
وعلق على هذا الكلام الامام النووي رحمه الله تعالى في كتابه المجموع شرح المهذب فقال ( وهذه صفة كثير من المتأخرين الى اواخر المائة الرابعة المصنفين الذين رتبَّوا المذهب وحرروه ) انتهى .







هذا ما اردنا بيانه في هذه الرسالة المباركة التي نسال الله تعالى ان ينفع بها امة الاسلام وينتبه اليها محبي العلم والمعرفة وتكون نورا تضيء لهم طريق الهداية والصواب وكان تحرير هذه الرسالة المباركة في حي غزة الواقع في مكة المكرمة شرفها الله تعالى بالكرامة والتعظيم الموافق 29 / رمضان عام 1432 هجرية .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على سيد السادات محمد بن عبد الله الهاشمي القريشي وعلى اله وصحبه ومن سار على نهجه الى يوم لقياه سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك .












صيغة الإجازة



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي خص الأمة المحمدية باتصال الإسناد والصلاة والسلام على سيدنا محمد المرسل رحمة للعالمين وعلى آله الطاهرين وأصحابه ذوي الرشاد واليقين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فان الأخ الفاضل
( .................................................. ............ )
طلب مني الإجازة له بالرواية لكتاب رسالة في أهمية السنة النبوية الشريفة على قاعدة السلف الصالح رحمهم الله تعالى لما للرواية من المقام العلي والمنهج الجلي في حفظ السنة المطهرة وضمان صونها من آفات التدليس المنكرة ولذا أتحفته بالمراد الذي يتمنى أن يتشرف به ويدخل في سلسلة الإسناد الشريفة المباركة فأقول :
قد أجزت الأخ المذكور وفقه الله للخيرات والبركات على الشرط الذي بين علماء هذه الأمة وحفاظها يدور أن يروي عني ما ضمنته في هذا السفر المبارك وأذنت له أن يجيز من يراه أهلا لذلك ..
وأوصيه بتقوى الله في السر والعلانية وارجوه ان لا ينساني من صالح دعواته في خلواته وجلواته ودبر صلواته المكتوبات ..
قاله بلسانه راجي عفو ربه الكريم نور الدين موسى بن الحاج ياسين بن السيد حسن آل الشاه عبد العظيم الرضوي الحسيني السامرائي عفا الله عنه آمين ..
وكان تحرير هذه الإجازة المباركة في مدرسة الإمام جعفر الزكي رضي الله عنه في مدينة سامراء حرسها الله تعالى من الأشرار آمين...

الموافق / /