تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حكم الحديث الذى رواه ثقة عن ثقة ثم نفاه المروى عنه لما روجع فيه



أهــل الحـديث
27-12-2011, 05:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله الذى رفع من وقف تحت أمره ونهيه إلى أوج الكمال, ووصل من انقطع إليه بصلة فاخرة فى الحال والمآل , والصلاة والسلام على نبينا محمد المرسل بصحيح الأقوال والأفعال , الذى بلغ حسنُ حديثه مبلغ الإعجاز والكمال , وعلى آله المدرجين فى سلسلة هديه التى انفصام لها ولا انفصال , وعلى أصحابه الذين بذلوا نفوسهم وأموالهم فى مرضاته تعالى , من غير ضعف ولا اعتلال , وعلى التابعين لهم السالكين طريقهم بلا قلب , لا اضطراب , بل ساروا باعتدال .
أما بعد :


وفى هذا الصدد نحاول الكشف عن حكم لحديث رواه ثقة عن ثقة ثم نفاه المروى عنه لما روجع فيه ، فنقول – مستعينين بالله – إن ماكان على هذ الوجه فلا يخلوا الحال فيه من الآتى :

أولا : إما أن يجزم الأصل بنفيه بأن يقول : ما رويته أو كذب علىَّ فلان .
ثانيا : إما أن لايجزم الأصل بنفيه بأن يقول : لاأعرفه ، أو لا أذكره ...إلى غير ذالك .

أولا : إذا جزم الأصل بنفى الحديث ، فيه مذاهب :
المذهب الأول : وهو المختار عند المتأخرين : يجب رد الحديث الذى رواه الفرع وكذبه فيه الأصل – أى الشيخ – لتعارض قولهما مع أن الجاحد هو الأصل ، ولكن لايقدح ذالك فى باقى روايات الراوى عنه ، ولايثبت به جرحه ، لأنه أيضا مكذب لشيخه فى نفيه لذالك الحديث ، وليس قبول جرح كل منهما أولى من الآخر فتساقطا ، وإنما بقيت عدالتهما مع أن أحدهما مكذب للآخر للآتى :
عدالتهما كانت ثابة وإنما طرأ عليها الشك فى تعيين الكاذب منهما ، واليقين لايزول بالشك ، وردّ هذا الكلام بأنه يجوز أن يكون أن يكون صادقين لكن نسي الأصل ، لأن نسيان ما حدث به غير نادر ، بخلاف ظن سماء مالم يسمع فإنه بعيد جدا ، فلا يسلم أن التعارض يوجب كذب أحدهما .

المذهب الثانى : ذهب بعض العلماء إلى عدم ردّ المروى ، وعزي هذا إلى الشافعى ، ومن شواهد القبول ما رواه الشافعى عن سفيان بن عيينة ، عن بن دينار ، عن أبى معبد عن ابن عباس قال :( كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى عليه بالتكبير ) ، قال عمرو بن دينار : ثم ذكرته لأبى معبد فقال : لم احدثك . قال عمرو : قد حدثتنيه . قال الشافعى : كأنه نسيه بعدما حدثه إياه .

المذهب الثالث : جزم الماوردى وغيره بأن ذالك لايقدح فى صحته الحديث إلا أنه لايجوز للفرع أن يرويه عن الأصل .

المذهب الرابع : قيل يتعارض ويرجه أحدهما بطرقيه ، وصار إليه إمام الحرمين ، فإن عاد الأصل وحدث به ، أو حدث فرع آخر ثقة عنه – أى : عن ذالك الشيخ الذى نفاه ولم يكذبه – فهو مقبول ، صرح بذالك الخطيب وغيره .


ثانيا : أما إذالم يجزم الأصل بنفيه للحديث :
بأن قال : لاأعرفه ، أو لاأذكره ونحوه مما يقتضى جواز نسيانه ، فإن ذالك لا يقدح فى الحديث ولايرد بذالك .
وقيل : لايقبل لأن الفرع يتبع الأصل فى إثبات الحديث ، بحيث إذا ثبت أصل الحديث رواية الفرع ، فكذالك ينبغنى أن يكون فرعا عليه وتبعا له فى التحقيق ، وهذا متعقب بأن عدالة الفرع تقضى صدقه ، وعدم علم الأصل لا ينافيه ، فالمثبت مقدم على النافى ، وأما القياس ذالك بالشهادة ففاسد ، لأن شهادة الفرع لاتسمع مع القدرة على شهادة الأصل بخلاف الرواية فافترقا .

هذا والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .