المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل أنت مجنون!!!



رنـــا
12-11-2004, 06:26 PM
‏جنون العظمة (megalomania)


الاحساس بالتفوق والتميز يتنامى عند بعض الافراد ليتحول الى ما يسميه علماء النفس : جنون العظمة.. قمة الشعور بقدرات خارقة غير مألوفة وبجميع الاستحقاقات والامتيازات يتصور فرد انه يتمتع بها وتصيبه بعمى البصيرة واختلال الموازين والمعايير مع شدة الاعجاب والتباهي بالذات ورفض الاخر جملة وتفصيلا.. ولمصاب بهذا المرض لا يتفاهم مع الآخرين إلا إذا اعتبروه "أرفع منهم درجة" وعادة ما يشعر أنه مضطهد بحسبان أن ذكاءه وثقب نظره يشكلان خطرا…
والمصاب بهذا المرض لا يستمع الى النصائح ولا يحترم رأيا ويهاجم من تسول له نفسه أن يقدم له النصيحة أو يفتش فيه عن عيوبه. وقد يأخذ الإساءة حيث لا يعتَزمها أحد . نتيجة لذلك, يميل إلى أن يكون دفاعي و عدواني . وعندما يكون مخطئا, لا يمكن أن يقبل اللّوم, ولا نقد معتدل حتّى وفوق ذلك يكون انتقاديا بدرجة كبيرة للآخرين . وقد يقال عنه أنه يهول المسائل إلى أضعاف حجمها.

ويكثف من كل ذلك لو اصبح هذا الشخص قائدا او زعيما، عندها يتملكه شعور طاغ بأنه موفد العناية الالهية لتحقيق تحولات كبرى في حضارة البشر.. والتاريخ الانسانى ملئ بكثير من هذه النماذج المريضة نفسيا وعقليا، التى قادت البشرية الى كوارث كبرى مازالت بعض آثارها قائمة حتى الان.

من هؤلاء جنكيز خان وتيمور لنك وذلك الحاكم المملوكى في مصر الذي أطلق على نفسه لقب : الحاكم بأمر الله، والجنرال الاميركى جورج كوستر الذي قاد أبشع عمليات التطهير العرقى ضد الهنود الحمر ومثيله المعاصر سلوبودان ميلوسيفيتش.. لكن النماذج الاشد بروزا واثارة وتوضيحا لهذا الخلل النفسي والعقلي تتمثل في ادولف هتلر وبنيتو موسيلينى، اللذين اشعلا نيران حرب عالمية ثانية تسببت في مصرع خمسين مليونا من البشر وتخريب البنية التحتية لأوروبا ومناطق أخرى من العالم.. والنتيجة الطبيعية لهذا الجنون انتحار الفوهرر مع عشيقته ايضا براون واعدام الدوتشى مع محبوبته كلارا بتاتشى.

وعلى سبيل المثال أيضا يقال أن المتنبي أصيب بجنون العظمة فيما قال عن نفسه:

الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلمـــاتي مــن بــه صمم

ومازال عالمنا المعاصر يتمتع بعدد لا بأس به من مجانين العظمة، الذين اتسقت رؤاهم الملتائة مع مد وطني وقومي وتطلعات امبريالية للسيطرة على الاخرين واستنزاف ثرواتهم.. باسم : بارانويا .. وأعراضه تدفع الزعيم المريض الى سلوكيات طائشة وأفعال غير سوية وليس على المجنون حرج.. لكن المؤسف في أمر هؤلاء ان لا احد يستطيع اقناعهم بأن المجال الوحيد لاظهار وتفعيل (مواهبهم) هو مصحات الامراض العقلية، وليس قصور الحكم او اروقة الامم المتحدة !

وصدقوني أن هناك الكثيرون مما يعيشون بيننا ونتعامل معهم مصابون بهذا المرض...خاصة الذين ينتقدون غيرهم ولا يقبلون النقد على أنفسهم. ومع ذلك فعلا قد يتمتعون بقدرات أدبية كأدب الشعر والكتابة. أو الحسب والمال التي يعتقدون أن بها قد أصبحوا فوق الناس.

اسفة على الإطالة....وتحياااتي للجميع...

سيف العز
13-11-2004, 04:32 AM
جنون العظمه جميعها بجنكيز خان

وتقريباً جنون العظمه هو غرور لدرجه مفرطه جداً

عذاب موضوع رائع من انسانه اروع

استمري

تقبلي تحيتي

سيف

خــــالـــــد
13-11-2004, 02:01 PM
عذاب . , . ,


فلا زلنا نحن العرب حتى الآن، نعاني من مرض (البارانويا Paranoia ) النفسي. وهذا

المرض نتيجة لإصابة الأمة أو الجماعة أو الفرد بجنون العظمة، أو جنون الاضطهاد،

أو جنون الارتياب، وهي نزعة الفرد أو الجماعات

أو الأمة الشديدة إلى الشك والارتياب من الآخرين للدفاع عن النفس. وهذا المرض النفسي

يُصاب به الفرد أو الجماعات العاجزة عن النقد الذاتي ومحاسبة النفس. و(البارانويا)

في وجه من وجوهها هي جنون العظمة. وهو الجنون الذي نحن فيه الآن كخير أمة

اخرجت للناس. ولكننا ننسى أن هذه العظمة الممنوحة لنا من السماء مشروطة

بشرطين: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنه منكر الإرهاب الذي نحن فيه الآن






ولعل أقرب مثـــال بمن يتصفون بهذا الجنون هو صدام حسين




مشكورة عذاب





تحياتي

البحااار
13-11-2004, 03:27 PM
جنون العظمة بكل معنها تجدها في كلمة الغرور والتفاخر وبكل معاني الانانية
فكلها صفات تؤدي بالانسان الى التهلكة

مشكورة عذاب على الموضوع الجنان يا اختي جنان
حلو الموضوع
وتستاهلي عليه ختم الادارة

سلامز
البحار

شيخ اااالشباب
14-11-2004, 03:10 AM
يا سلام عليك عذوووبه



مقال ولا اروع من كاتبه نحترمها وتفرض احترامها على الغير


عذاب



الجنوون هو أن نرى لك موضوعا ولا نقرأه


فمواضيعك رائعه ياعزيزتي



لك مني كل الشكر والعرفان


اخوك


شيخ الشباب

نديم الشوق
14-11-2004, 06:38 AM
مساء الورد عذاب

الف مبروك الإشراف و تستاهلين كل خير

بالنسبة للموضوع اشوف انه روووعة

يمكن ان البعض مصاب بهذا الجنون او الغرور لأنه يملك شي و متفوق فيه

اللي سميتيه جنون العظمة

لكن البعض يحب ان يفتخر و يتفاخر بإنجازته و ما وصل إليه

و اعتقد ان من حقه هذا الشي

الف شكر على الموضوع المميز

و اتمنى ان فكرتي وصلت بالشكل الصحيح

مودتي .

رنـــا
14-11-2004, 10:02 AM
سيف العز...

مشكور جدا أخي على المرور والمشاركة معي...
وأخجلتني بتعليقك..
أخاف يصير عندي جنون العظمة من المديح...هههههههه

تحياتي لك...

رنـــا
14-11-2004, 10:06 AM
الأخ خالد..

فعلا...
عند قيامي بالحث عن هذا المرض..وجدت أن أغلب المواقع كانت تتحدث عن جنون العظمة عند العرب...
والمشكلة أنهم يتفاخرون أحيانا بما أنجزه غيرهم في الماضي..
وإن شاء الله ما نشوف صدام حسين تاني...نشوف واحد ما له جبروته على بني جنسه من المسلمين...ولكن على الكفار وقول كلمة الحق..

أسعدني وجودك في صفحتي...

تحيااااتي..

رنـــا
14-11-2004, 10:08 AM
أخي البحار...

فعلا هو كله صار جنون بجنون...ما عدنا نعرف مين العاقل فينا...:biggrin:

شكرا على مرورك على صفحتي...

تحيااااتي...

رنـــا
14-11-2004, 10:12 AM
أخي شيخ الشباب...

دوما تجعلني عاجزة عن الرد على ما تكتبه..
وأخجلتني فعلا بما أسلفت...
مشكورة لك مرورك...

تحياااتي..

رنـــا
14-11-2004, 10:13 AM
عزيزي نديم الشوق...أنا معك في نقطة إن الواحد من حقه يفتخر بإنجازاته...فهو تعب عليها حتى وصل لها....
ولكن كل شيء زاد عن حده انقلب ضده....
ولينجز أحدنا شيئا عليه أن يتقبل النقد بكل رحابة صدر...ولا يستهزئ باّراء الاهرين مهما بلغت من البساطة...فالعظمة لا تأتي من لا شيء..وجب وجود ما يصقلها...

ومشكور جدا على مرورك ومشاركتك لي...فهذا شيء أعتز فيه...

حذامي
14-11-2004, 03:01 PM
جنــون العظمــــه مــرض نفســـي خطيـــر إذا لـم يعـالـج صـاحبـــه

مـن أول بــادرة لــــه يستفحـــل ويصعب التخلــص منـــه

ومــايصـل إلإنســـان إلى هـذه المـرحــلــــه إلــى إذا شعـــر بنقـص

أو صــل إلــى مكــــانـه أوسمــع عبــــاره لـم يكـن يحلــم بهـــا ،،

أعـذنــا الله وإيـاك منــــه

غـاليتي عـذاب ،،

وفقتي فــي طرحـــك

وكـل عــام وانتِ بخيـــر

تحيـاتي لكِ

أختــك // حـذامـي

رنـــا
14-11-2004, 09:39 PM
مشكورة عزيزتي حذامى على إنارتك لصفحتي...
وفعلا...جنون العظمة يؤدي بصلحبه إلى الهلاك..سواء إلى الموت أو مستشفى الأمراض العقلية...

تحيااااتي..

بنت الأجواد
15-11-2004, 02:21 AM
حبيبتي عذاب


شكرا على طرح هذا الموضوع الذي نعاني منه في كل مكان0


وأحب أن أقول :

هم بين ظهرانينا نقابلهم قد نعرفهم وقد لا نعرفهم 0



ولكن لا نحتاج إلى وقت كبير لكي نحكم عليهم بالجنون 0



وقد قابلت منهن كثيرات ، خاصة أولئك اللاتي وصلن إلى المناصب عن طريق الواسطة



ثم رويدا رويدا تقنع نفسها بأنه تم اختيارها لهذا المنصب لأنه لا يوجد غيرها



ومثل هؤلاء جنونهم لا تؤثر عليهم فقط ، بل على من حولهم في العمل وخاصة إذا وجدوا



ضعاف الشخصيات تقوى لديهم جنون العظمة وقانا الله شرها 0



بنت الأجواد

الواعد
15-11-2004, 03:38 AM
جنون العظمة
ماهو المقصود ومن هو الهدف لوضع الأشخاص في حكم التاريخ
نحن نعي جميعاً ان التاريخ فيه مغالطات كثيرة ، وليس كل من يكتب التاريخ بأمانه وتقصي ابن خلدون..
جنون العظمة كريزما قد يراد منها وصف المعتد بنفسه بهذا الأصطلاح ولا أعلم اصله فالجنون واضح والمجنون فاقد لعقله لا يعي ماحوله ولا ينطق سوى بالهذيان ، واغلب من وصوفوا هنا في الجنون هم من ارجح البشر حنكه وحتى لا نقول عقلاً
اما اجحاف المتنبي هذا الشاعر الطموح بموضوع كهذا فهذا يجعلني ابتعد بتفكيري بعيداً واجعل كل من هو على شاكلة المتنبي مجنوناً كما ذكر في هذا الموضوع ..

ا عود الى صلب الموضوع، كثير ممن تعرضوا للكتابة عن المتنبي ليس في موضوع الكاتبه هنا فقط ، بل هناك كثيرين ممن رموه بالكبرياء والغرور واغتابوه ورضوا بأكل لحمه ميتاً ، واتهموه بالغطرسة والتنفج وصلافة الرأي وجفاء الطبع، حتى قال أبو علي الحاتمي: (كان أبو الطيب عند وروده مدينة السلام قد التحف برداء الكبر والعظمة، يخيل له أن العلم مقصور عليه، وأن الشعر لا يغترف عذبه غيره، ولا يقطف نوره سواه. ولا يرى أحدًا إلا ويرى لنفسه مزية عليه). وزعموا أنه لكبريائه وخيلائه ادعى النبوة وهو فتى في مقتبل الفتوة، وطمع في الإمارة والملك. وترفع عن مدح غير الملوك والأمراء. وهم حينما يروون هذه الأقاصيص التي تتعلق بكبريائه، والتي أكثرها موضوع افتعله حساده ليشوهوا سمعته، ويخفضوا مكانته، إنما هم يصورونه في حالة خلقية هي نقيصة النقائص في الطبع، وعيب العيوب في الخلق.
ولم يجد حساده في زمنه سلاحًا يحاربونه به أقوى من هذا السلاح الذي يغرى به الملوك وذوي المطامع والسلطان. وقد اتخذوا من هذه الصفة - صفة الكبرياء - التي قلبوا حقيقتها فيه، وأنكروا فضيلتها عنده، وسيلة استخدموها للدس عليه، والغض من شأنه، حتى إن أبا فراس الحمداني - وهو على ما عرف فيه من أدب ورفعة محتد - لم يستطع أن يحاربه عند سيف الدولة بعد اليأس إلا من هذه الطريق التي تظهر المتنبي مدلاً متغطرسًا ممجوجًا ذا منقصة شنيعة، وهي ليست عند العارفين بطبائع العظماء بمنقصة أو عيب يحسب في عداد النقائص والعيوب.
فقد حكوا أن أبافراس قال لسيف الدولة: ( إن هذا المتسمى كثير الدلال عليك، وأنت تعطيه كل سنة ثلاثة آلاف دينار على ثلاث قصائد، ويمكن أن تفرق مائتي دينـار على عشرين شاعرًا يأتون بما هو خير من شعره).. وليس أبو فراس واحدًا في مهاجمة أبي الطيب من هذه الناحية، بل كل حساده هاجموه منها، ووصموه بوصمة الكبر والجنون بالعظمة إلى جانب رميهم إياه بالسرقة، واتهامه بالأخذ من الشعراء، وهم يعلمون أن هذه التهمة تجرح كبرياءه وتمحق خيلاءه، وتقوض عظمته التي يغيظهم منها قوله:




وما الدهر إلا من رواة قصائدي
إذا قلت شعرًا أصبح الدهر منشدًا
فسار به من لا يسير مشمرًا
وغنى به من لا يغني مغردًا
أجزني إذا أنشدت شعرًا فإنما
بشعري أتاك المادحون مرددًا



وأنتم حين تتصفحون حياة المتنبي، وتدرسون أخلاقه، وتستقريئون هذه الكبرياء في شعره، وفيما روي عنه فيما كان بينه وبين سيف الدولة، وبينه وبين كافور أو عضد الدولة وغيره ممن اتصل بهم، لا تجد أثرًا للكبرياء الممقوتة التي تحط من قدر صاحبها، وتلحقه بالمغرورين المتنفجين الذين يتعالون في غير علو، ويفخرون بغير ما سبب للفخر، وإنما تجد عظمة أدبية، واعتدادًا بالنفس وصونًا لكرامة الأدب والأديب عن الصعلكة والمهانة في مجالس الملوك والأمراء.
فقد عرف المتنبي قيمة رسالته الفنية، وعرف ما للفن من مقام في حياة الجماعة، فربأ به عن أن يكون ذليلاً مهينًا، وأراد أن يفرض على الناس احترامه وتعظيمه، حتى إذا وجد نفسه وهو فتى بين قوم لا يفهمون فنه كما يريد هو أن يفهموه قال قصيدته المشهورة التي جاء فيها:




إن أكن معجبًا فعجب عجيب
لم يجد فوق نفسه من مزيد
أنا ترب النـدى ورب القوافي
وسمام العدا وغيظ الحسود
أنا في أمة تداركها اللـ
ـه غريب كصالح في ثمود


ولا يشكو هذه الشكوى إلا الفنان الذي يفهم قيمة فنه، ويرى الوسط المحيط به لم يفهم هذا الفن أو هذه النبوة في الفن التي تفرد بها في قومه كتفرد صالح بنبوته في ثمود. فهو إنما يعتبر رسالة الفن كرسالة النبوة تخدم كل منهما الحياة البشرية من ناحيتها الخاصة بها. ومن أجل ذلك يجب تعظيمها وتعظيم صاحبها، وأن يعطى حقه من الإجلال والإكبار.
وليس أبو الطيب بالشاعر الذي خدمت عظمته الظروف، وساعده ضعف شعراء عصره في الظهور، فقد عاش في عصر يعد أقوى عصور اللغة العربية الماضية، وأسماها في نواحي الأدب والثقافة والتفكير. وكانت المائة الثالثة للدولة العباسية هي المائة الذهبية للعلوم والآداب في حياة هذه الدولة. وقد نضجت فيها اللغة وعلوم التاريخ والأدب والطب والفلسفة والجغرافية وغيرها من العلوم والفنون، وكان الملوك والأمراء والوزراء من كبار العلماء والأدباء. وكان سيف الدولة شاعرًا وعضد الدولة شاعرًا كما كان الفضل بن العميد، والصاحب بن عباد من فحول الأدباء. وكان من شعراء ذلك العصر أبو فراس الحمداني، والسري الرفاء، وابن نباتة السعدي، والسلامي وابن هانئ الأندلسي وغيرهم.
فإذا ظهر أبو الطيب على هؤلاء جميعًا، بل على جميع شعراء عصره وشغلهم بمنافسته وحسده، فإن ذلك ليس من السهولة بحيث يبيح للكاتب أن يتهم المتنبي بالكبرياء والغرور، ويجعل فضيلة الاعتداد بالفن ومعرفة قيمته والمحافظة على كرامته عيوبًا مزرية به



ولو لم يكن في خلق المتنبي إلا هذه الكرامة التي احتفظ بها لأدبه، لكفاه فضلاً أن يكون هو أول الشعراء بعد العصر الجاهلي الذين حافظوا على كرامتهم وفرضوا على الملوك والأمراء أن يطأطئوا لهم الرءوس احترامًا ويجلسوهم من مجلسهم خير مجلس.
ومَن من الشعراء شرط على ملك من الملوك ألا يمدحه إلا وهو جالس، وأنه إذا دخل عليه لا يكلف بتقبيل الأرض كما يفعل سائر رجال الدولة؟
مَن من الشعراء غير المتنبي شرط ذلك على سيف الدولة، فقبله ودخل تحت حكمه رغبة في شرف هذا المدح الذي توجه به وخلد به ذكره على الدهر؟
ثم مَن من الشعراء غير المتنبي شرط على كافور حين قدم ألا يمدحه إلا وهو متقلد منطقته وسيفه، ولا يسير في الطريق إلا بمملوكين شاهرين سيفيهما عن يمينه وشماله، فرضي هذا الأسود المتسلط بهذه الشروط، وخضع لها أربع سنوات حتى حسد صاحبها، وخشي أن يظهر عليه في مصر وينتزع ملكها منه.
لقد كانت هذه الكبرياء أو الاعتداد بالكرامة مما يشرف الأديب، ويعلي من مكانة الأدب في أعين الجماهير. وقد كان المتنبي لذلك يأنف أن يمدح ما دون الملوك والأمراء، وكانت هذه الصفة سببًا في حقد الوزير المهلبي عليه، وحسد الصاحب بن عباد وخصومته وخصومة غيره من الطامعين في شرف مدحه.
وما مدح أبو الطيب المتنبي الفضل بن العميد إلا لصداقته إياه وعلمه بأدبه وفضله. ومثله في ذلك غيره - وهم قليلون - ممن مدحهم من الأدباء وذوي الجاه الذين كانوا يشتهون ثناءه.
وقد روي أن الشريف أبا القاسم طاهرًا العلوي رجا أن يمدحه المتنبي، وبعث إليه في ذلك، فأبى، فأحال عليه الأمير أبا محمد بن طغج. وكان قد وفد عليه المتنبي فألح عليه الأمير وهو لا يزداد إلا إباء، ويقول: (ما قصدت غير الأمير، ولا أمدح سواه) فقال له أبو محمد: (إذن فأنظم قصيدة في مدحي ثم اجعلها له) فقبل بعد صعوبة... قال محمد بن القاسم الصوفي: فسرت أنا والمطلبي برسالة طاهر إلى أبي الطيب، فركب معنا حتى دخلنا وعنده جماعة من الأشراف، فلما أقبل أبو الطيب نزل طاهر عن سريره، والتقاه مسلمًا عليه، ثم أخذه بيده، فأجلسه في المرتبة التي كان فيها، وجلس هو بين يديه، وتحدث معه طويلاً ثم أنشده أبو الطيب فخلع عليه للوقت خلعًا نفيسة قال أبو القاسم الكاتب:
(كنت حاضرًا هذا المجلس، فما رأيت، ولا سمعت أن شاعرًا جلس الممدوح بين يديه مستمعًا لمدحه غير أبي الطيب!!).
وفي هذا المديح يقول لطاهر العلوي:




حملت إليه من لساني حديقة
سقاها الحجا سقي الرياض السحائب

فانظر كيف تكون كرامة الأديب واعتذاره في قبول الخلع والعطايا. فهو قد حمل إليه هدية بهدية، وقدم إليه حديقة من الفن تسمو على هذه الخلع والعطايا.
وقد كانت الخلع والعطايا عادة سارية، وهدية مألوفة للشعراء الذين يمدحون الملوك وذوي الجاه في ذلك الزمان. ومع ذلك فإن المتنبي كان يعتبر ما يأخذه من خلع وعطاء ليس سوى مقابل ضئيل لما يعطيه هو من فنه، ويرى أن ما يخلعه على الملوك والأمراء من أثواب الخلود أفضل وأجل مما يخلعونه هم عليه، ويهدونه إليه من بدر المال وربات الجمال.
ولذلك كان يقول لسيف الدولة:



أبا الجود أعط الناس ما أنت مالك
ولا تعطين الناس ما أنا قائل

ويقول له:
ولي فيك ما لم يقل قائل
وما لم يسر قمر حيث سارا

ويقول لعضد الدولة:
ليت ثنائي الذي أصوغ فدى
من صيغ فيه فإنه خالد
لويته دملجًا على عضد
لدولة ركنها له والد



ثم هو إذا عاتب ملكًا أو أميرًا، فقد كان يعاتبه معاتبة النظير للنظير، فقد وشى به أبو فراس وبعض منافسيه عند سيف الدولة، وتأثر سيف الدولة بهذه الوشاية فنظم المتنبي قصيدته التي بدأها هذا الابتداء الجرئ:




ألا ما لسيف الدولة اليوم عاتبًا
فداه الورى أمضى السيوف مضاربا
ومالي إذا ما اشتقت أبصرت دونه
تنائف لا أشتاقها وسباسبا

ثم نظم قصيدته التي يقول فيها:
وا حر قلباه ممن قلبه شبم
ومن بجسمي وحالي عنده سقم
إن كان يجمعنا حب لغرته
فليت أنا بقدر الحب نقتسم
يا أعدل الناس إلا في معاملتي
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
إن كان سركم ما قال حاسدنا
فما لجرح إذا أرضاكم ألم
وبيننا - لو رعيتم ذاك - معرفة
إن المعارف في أهل النهى ذمم





وأنتم تقرأون هذه الأبيات فتشعرون أن ناظمها كان يعتبر نفسه في منزلة هذا الملك الخطير الذي كان ينشر سلطانه على حلب وما بين النهرين. بل كان يعتبر نفسه أكبر منه منزلة لأنه أديب ذو رسالة فنية يفنى سيف الدولة، وتفنى أعماله، وتبقى هي بروعتها وجلالها خالدة مدى الزمان

وقد كان لا يغرق في المدح لأنه كان يعتبر ممدوحه مثله أو أقل منه، فلا يكثر في مدحه، بل كان يجود بالبيتين أو الأبيات ثم يفيض بالحكم، ويستطرد إلى وصف المشاهد والمعارك وضرب الأمثال وشكوى الزمان والذراية بالأعداء - هذا بعد أن يكون قد جعل الجزء الأول في كثير من مدائحه غزلاً وتشبيبًا بالنساء على عادة شعراء الجاهلية. وفي ذلك الغزل تراه أيضًا محتفظًا بكرامته صائنًا لعزته، لا يذل في الشوق والهيام، ولا يتقرب إلى المرأة إلا من قبيل المجاملة، فلا ينزل به الغزل إلى الهوان الذي ينزل إليه ضعفاء الإرادة من المتغزلين. فمنتهى ما يتقرب به إلى المرأة أن يقول:





زودينا من حسن وجهك ما دا
م فحسن الوجوه حال تحول
وصلينا نصلك في هذه الدنيـ
ـا فإن المقام فيها قليل
إن تريني أدمت بعد بياض
فحميد من القناة الذبول


أو يقول:



إن التي سفكت دمي بجفونها
لم تدر أن دمي الذي تتقلد
قالت وقد رأت اصفراري من به
وتنهدت، فأجبتها المتنهد

وفي هذه الأبيات يضع نفسه من محبوبته في مكان من يستحق أن يقاسم الحب. وأن يكون نصيبه منه عندها كنصيبها من عنده- وهذا على ما نظن يتفق والدعوة للمساواة!.- على أنه لا يواصل محبوبته إلا إذا واصلته.
فإذا كانت تجود بالوصال، فإنه يجود به. وهو إذا رضي بسفك دمه، فإنما لأن محبوبته لا تعلم أن دمه هو الذي تسفك. ولو أنها علمت لما سفكت. حتى إذا رأته في اصفراره أشفقت وتنهدت كتنهده، وقابلته بمثل ما قابلها به. وفي ذلك ما فيه من الاعتداد بالنفس والحرص على الكرامة حتى في الحب، أما الذل فلا يقبله بحال من الأحوال:



عش عزيزًا أو مت وأنت كريم
بين طعن القنـا وخفق البنود
واطلب العز في لظى وذر الذ ل
ولو كان في جنان الخلود


كذلك كانت كبرياء المتنبي. وكذلك كان ترفعه. وهو ترفع يشرف الأدباء حقًا. وهو فضيلة خلقية من أسمى فضائل الأدب.
وقد رووا عنه منقصة البخل، ورموه بأنه كان غاية في الحرص والشح. وما أحسب إلا أن هذه الوصمة قد دسها عليه حساده دسًا، وافتعلوها افتعالاً، فإن شجاعة أبي الطيب، وعلو نفسه واستهانته بالحياة تأبى عليه ذلك. ولو كان بخيلاً حريصًا على المال لما فارق سيف الدولة وزهد في خلعه وعطاياه وكانت تعد بالآلاف. والحريص البخيل يضحي بكرامته وبأعز شيء لديه في سبيل الحصول على المال. وما كان كذلك أبو الطيب.
قال ابن زيد التكريسي: (بلغني أنه قيل للمتنبي قد شاع عنك من البخل في الآفاق، ما قد صار سخرًا بين الرفاق، وأنت تمدح في شعرك الكرم، وتتعاطى كبر النفس وعلو الهمة وطلب الملك، والبخل ينافي ذلك، فقال: إن للبخل سببًا. وذلك أني أخذت يومًا خمسة دراهم. ومشيت في أسواق بغداد فمررت بصاحب بطيخ، فتقدمت إليه وقلت له: بكم تبيع هذه البطيخات الخمس. فقال بغير اكتراث: اذهب فليس هذا من أكلك، فتماسكت معه، وقلت: أيها الرجل دع ما يغيظ، واقصد الثمن. فقال: ثمنها عشرة دراهم. فدفعت له الخمسة فلم يقبل، وإذا بشيخ من التجار قد خرج من الخان ذاهبًا إلى داره، فوثب إليه صاحب البطيخ من دكانه ودعا له، فقال الشيخ: ويحك بكم هذه. قال بخمسة دراهم، فقال بل بدرهمين، فباعه وحملها إلى داره وعاد مسرورًا إلى دكانه. فقلت: يا هذا ما رأيت أعجب من جهلك. أعطيتك فيها خمسة دراهم فلم تقبل وبعتها بدرهمين محمولات؟! فقال: اسكت هذا يملك مائة ألف دينار. فقلت إن الناس لا يكرمون أحدًا إكرامهم من يعتقدون أنه يملك مائة ألف دينار. وأنا لا أزال على ما تراه حتى أسمع الناس يقولون إن أبا الطيب قد ملك مائة ألف دينار).
وهذه الحكاية ظاهرة الاختراع. على أنها لو صحت لكانت مؤيدة لما نقوله من أن الرجل حين جرحت كرامته بهذا الذي فعله بائع البطيخ، رأى أن الحرص على المال باب من أبواب الاحترام فحرص عليه. وهو إذا حرص هذا الحرص، فلأنه لم يكن له ريع يعيش منه سوى ما تفرضه العادة على الملوك والأمراء لأمثاله في هذا الزمان.
أما بعد، فهذه كبرياء المتنبي، وهذا جنونه بالعظمة وهما فضيلتان في جميع ظروفهما المحيطة بهما، وفي حالة صاحبهما الذي كان يرى للأدب مكانة ممتازة ليست دون مكانة الإمارة والملك. وإذا كان الأمراء والملوك قد ذهبوا بعظم السلطان، وكثرة الأعوان، فقد ذهب الأدب بما لم يذهب به الملك في جميع الأجيال بفخر سلطانه على النفوس، وامتلاكه للقلوب من جميع الألوان، وكان له في كل نفس عون، وفي كل قلب نصير، لأنه روح الحياة المعنوية التي تحفز الناس على النهوض، وتحيي فيهم الآمال، وتدفعهم إلى طلب المجد
اتمنى ان لا نظلم دون سابق عرف وان لا نخلط الامور وقد سبقهم المتنبي فقال:
إذا أتتك مذمتي من ناقص * فهي الشهادة لي بأني كامل

كم هو جميل هذا البيت وهو يحاكي الواقع





والسلام


خالدين

رنـــا
15-11-2004, 07:08 AM
أخي خالدين...

أنا لم أصف المتنبي بالجنون...فجنون العظمة شيء...والحنون شيء اّخر..
ولم أكن أنا التي وصفته أو شخصته على أنه مصاب بجنون العظمة ....فكما ترى قد قلت (يقال عنه)...

لا أحد ينكر عظمة شعر المنتبي...الذي تغنت به الكتب منذ عصره حتى عصرنا هذا حتى بات كبيرنا وصغيرنا يعرف من هو المتنبي...واستخدم الناس شعره في أمثالهم.. كما أفعل أنا في توقيعي...

وما أعرفه عن قصته مع "الأسود المتسلط"... انه وعده بالولاية على أن يمدحه في المجالس...ولكن ما كان من ذلك الأسود إلا أن استغله ولم يعطه من الولاية شيئا... فقام بهجائه...

أنا قمت بطرح فكرة سائدة على أن نتناقش فيها...فهذا كان هدفي...الحوار والنقاش فيما بيننا...وبما أن الحوار مفتوح للنقاش...فأهلا وسهلا بك هنا...ولست أنا من يقوم بحذف ردودك...


اتمنى ان لا نظلم دون سابق عرف وان لا نخلط الامور وقد سبقهم المتنبي فقال:
إذا أتتك مذمتي من ناقص * فهي الشهادة لي بأني كامل

فعلا بيت بمعاني جميلة ورد فعل قوي على ما قيل عنه...وهذا هو المبدأ الذي أخطو عليه خطواتي في الحياة.. دون أن أحمل الضغينة لأحد كما يقوم غيري...
لأنها لا تولد إلا الحقد والكراهية...وهما شيئان لن يكونا عونا لي في حياتي...

وأشكرك مرة أخرى على المرور على صفحتي لإضفاء طابعك الخاص عليها..

تحياااااتي....

سيف العلي
15-11-2004, 07:58 AM
عزيزتي عـــذاب ..

اميــرة الحـــرف ..

كـل عـام ونـتي بـخـير ..

الف مبروك الاشراف .. وتستاهلين اكثــر

يمكن ان البعض مصاب بهذا الجنون او الغرور لأنه يملك شي و متفوق فيه


عزيزتي ..

بعــض الاقــلام .. تحاول ان تشوه صفحاتك

ولكــن لا يهــمونك

فأنتي اميـــرة الحرف ..


تحياتي واعجابي لك

منساك لو تنسا