المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لَوْلَا الْبَهَائِمُ ...؟؟؟



تاجر مواشي
27-12-2011, 02:20 AM
اغنام - ابل - دواجن - طيور

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ ؛ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ :
لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ، إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا !!
وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ .
وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا .
وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ .
وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ !! )

ويقول ابن القيم في "روضة المحبين" (360) :
" والزنى يجمع خلال الشر كلها : من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة ، فلا تجد زانيا معه ورع ، ولا وفاء بعهد ، ولا صدق في حديث ، ولا محافظة على صديق ، ولا غيرة تامة على أهله .
فالغدر والكذب والخيانة وقلة الحياء وعدم المراقبة وعدم الأنفة للحرم وذهاب الغيرة من القلب من شعبه وموجباته .
ومن موجباته غضب الرب بإفساد حرمه وعياله ، ولو تعرض رجل إلى ملك من الملوك بذلك لقابله أسوأ مقابلة .
ومنها : سواد الوجه وظلمته ، وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو عليه للناظرين .
ومنها : ظلمة القلب وطمس نوره ، وهو الذي أوجب طمس نور الوجه وغشيان الظلمة له . ومنها : الفقر اللازم ، وفي أثر يقول الله تعالى : ( أنا الله مهلك الطغاة ومفقر الزناة ) .
ومنها : أنه يذهب حرمة فاعله ويسقطه من عين ربه ومن أعين عباده .
ومنها : أنه يسلبه أحسن الأسماء ،وهو اسم العفة والبر والعدالة ، ويعطيه أضدادها كاسم الفاجر والفاسق والزاني والخائن .
ومنها : أنه يسلبه اسم المؤمن كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) فسلبه اسم الإيمان المطلق ، وإن لم يسلب عنه مطلق الإيمان . وسئل جعفر بن محمد عن هذا الحديث ، فخط دائرة في الأرض وقال : هذه دائرة الإيمان ، ثم خط دائرة أخرى خارجة عنها وقال : هذه دائرة الإسلام ، فإذا زنى العبد خرج من هذه ولم يخرج من هذه .
ولا يلزم من ثبوت جزء ما من الإيمان له أن يسمى مؤمنا ، كما أن الرجل يكون معه جزء من العلم والفقه ولا يسمى به عالما فقيها ، ومعه جزء من الشجاعة والجود ولا يسمى بذلك شجاعا ولا جوادا ، وكذلك يكون معه شيء من التقوى ولا يسمى متقيا ، ونظائره ، فالصواب إجراء الحديث على ظاهره ولا يتأول بما يخالف ظاهره والله أعلم .
ومنها : أن يعرض نفسه لسكنى التنور الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم فيه الزناة والزواني .
ومنها : أنه يفارقه الطيب الذي وصف الله به أهل العفاف ، ويستبدل به الخبيث الذي وصف الله به الزناة ، كما قال الله تعالى : ( الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات )
وقد حرم الله الجنة على كل خبيث ، بل جعلها مأوى الطيبين ولا يدخلها إلا طيب ، قال الله تعالى : ( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ) وقال تعالى : ( وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين )
فإنما استحقوا سلام الملائكة ودخول الجنة بطيبهم ، والزناة من أخبث الخلق ، وقد جعل الله سبحانه جهنم دار الخبيث وأهله ، فإذا كان يوم القيامة ميز الخبيث من الطيب ، وجعل الخبيث بعضه على بعض ثم ألقاه وألقى أهله في جهنم ، فلا يدخل النار طيب ، ولا يدخل الجنة خبيث.
ومنها : الوحشة التي يضعها الله سبحانه وتعالى في قلب الزاني ، وهي نظير الوحشة التي تعلو وجهه ، فالعفيف على وجهه حلاوة وفي قلبه أنس ، ومن جالسه استأنس به ، والزاني تعلو وجهه الوحشة ، ومن جالسه استوحش به .
ومنها : قلة الهيبة التي تنزع من صدور أهله وأصحابه وغيرهم له ، وهو أحقر شيء في نفوسهم وعيونهم ، بخلاف العفيف ؛ فإنه يرزق المهابة والحلاوة .
ومنها : أن الناس ينظرونه بعين الخيانة ، ولا يأمنه أحد على حرمته ، ولا على ولده .
ومنها : الرائحة التي تفوح عليه يشمها كل ذي قلب سليم ، تفوح من فيه وجسده ، ولولا اشتراك الناس في هذه الرائحة لفاحت من صاحبها ونادت عليه ولكن كما قيل
كل به مثل ما بي غير أنهم ... من غيرة بعضهم للبعض عذال
ومنها : ضيقة الصدر وحرجه ؛ فإن الزناة يعاملون بضد قصودهم ، فإن من طلب لذة العيش وطيبه بما حرمه الله عليه عاقبه بنقيض قصده ، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته ، ولم يجعل الله معصيته سببا إلى خير قط ، ولو علم الفاجر ما في العفاف من اللذة والسرور وانشراح الصدر وطيب العيش لرأى أن الذي فاته من اللذة أضعاف أضعاف ما حصل له ، دع ربح العاقبة والفوز بثواب الله وكرامته .
ومنها : أنه يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن ، وقد تقدم أن الله سبحانه وتعالى إذا كان قد عاقب لابس الحرير في الدنيا بحرمانه لبسه يوم القيامة ، وشارب الخمر في الدنيا بحرمانه إياها يوم القيامة ، فكذلك من تمتع بالصور المحرمة في الدنيا ، بل كل ما ناله العبد في الدنيا فإن توسع في حلاله ضيق من حظه يوم القيامة بقدر ما توسع فيه ، وإن ناله من حرام فاته نظيره يوم القيامة .
ومنها : أن الزنى يجرئه على قطيعة الرحم وعقوق الوالدين وكسب الحرام وظلم الخلق وإضاعة أهله وعياله ، وربما قاده قسرا إلى سفك الدم الحرام ، وربما استعان عليه بالسحر وبالشرك وهو يدري أو لا يدري ، فهذه المعصية لا تتم إلا بأنواع من المعاصي قبلها ومعها ، ويتولد عنها أنواع أخر من المعاصي بعدها ، فهي محفوفة بجند من المعاصي قبلها ، وجند بعدها ، وهي أجلب شيء لشر الدنيا والآخرة ، وأمنع شيء لخير الدنيا والآخرة ، وإذا علقت بالعبد فوقع في حبائلها وأشراكها عز على الناصحين استنقاذه ، وأعيى الأطباء دواؤه ، فأسيرها لا يفدى ، وقتيلها لا يودى ، وقد وكلها الله سبحانه بزوال النعم ، فإذا ابتلي بها عبد فليودع نعم الله ، فإنها ضيف سريع الانتقال ، وشيك الزوال ، قال الله تعالى : ( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم ) وقال تعالى : ( وإذا اراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال ) "

قال الشافعي ل رحمه الله تعالى ::
عُفّوا تعفَّ نساؤكم في المَحرمِ ..... وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
إن الزنا دَيْن فإن أقرضته ..... كان الوفا من أهل بيتك فاعلِم
يا هاتكا حُرُمَ الرجال وقاطعا ..... سبل المودة عشتَ غيرَ مُكرمِ
لو كنتَ حرا من سلالة ماجد ..... ما كنت هتاكا لحرمةِ مسلم
من يزْنِ يُزْنَ به ولو بجداره ..... إن كنت يا هذا لبيبا فافهم
من يَزْنِ في قوم بألفي درهم ...يُزْنَ في أهل بيته ولو بالدرهمِ