المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التأصيلات الشرعية لممارسات السلفيين السياسية



أهــل الحـديث
26-12-2011, 02:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




مقدمة

إِنِ الْحَمْدَّ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }
«أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»
قبيل تفجر الثورة المصرية على فرعونَ مصرَ مبارك، كنت من أشد المعارضين لها، ليس حبا في مبارك، بل خوفا على إخواني خوفَ الأم التي يستأذنها ولدها للسفر الطويل، إذْ ما كنت أتوقع أبدا أن أعيش لحظة لا أرى فيها "مبارك" أو ابنه خارج سدة الحكم ، وظننت أنهم سيفعلون ويفعلون بالشعب المسكين، كما فعل طاغوت ليبيا بأهلها، فأخذت أهاجمها حقنا للدماء، ودرءا للنتائج غير المحسوبة، بيد أني لما وجدت الفتن قد تلاطمت، وبوادر انتصار إرادة الشعب على سلطان الظلم والطغيان قد تظاهرت، آثرت ترك الخوض فيها سلبا أو إيجابا حتى تنجليَ تلك المحنة، إذ صار لكل كلمة خطرها، فسكت لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، فلما سقط الطاغوت ، وهرب الفئران، قلت في نفسي إن يكن ما أراه حقيقةً فإن ذلك يعني ثورة أخرى لكنها في الفكر ، ستجعل كثيرا من أهل العلم يغيرون كثيرا من مواقفهم إزاء المتغيرات الحادثة، ولم لا فهذه طبيعة الاجتهاد الفقهي، يتغير بتغير الزمان والمكان، وهل ننسى صنيع الإمام العلم الشافعي رحمه الله لما حل مصرنا ماذا فعل ؟ غير جل مذهبه الاجتهادي . فأُلقي في قلبي أن الدعوة السلفية ستوضع في مواجهة مع نفسها، أقصد أبناءَها لا أعداءها، لاسيما حينما تدق أسماعَهم فتاوى جديدةٌ لم يعهدوها من قبل في الخطاب السلفي ، نظرا لاختلاف الواقع ومناطاته، ربما سيتفهم طلبة العلم ذلك التغير، لكن الأكثرين لا إخالهم سيلتفتون له، ساعتها لم يدر بخَلدي: ما الجديد الذي سيطرأ على الخطاب الدعوي على وجه التعيين ؟، لأن الأمر كان فوق طاقتي. ولكني كنت أصرخ وأنادي من استطعت: أعيدوا تأهيل السلفيين مع الوضع الجديد قبل إحداث التغيير المطلوب في البناء الدعوي للمرحلة القادمة، فإني أكاد أجزم أننا سننقسم إلى طرفين ووسط، طرف سيستصحب معه الماضيَ بكل أتراحه وآلامه، وطرف سيتعجل الثمرة قبل أوانها، وربما يضع نفسه في مواجهات مع الأعداء ظننا منهم أنهم ذهبوا. وقد وقع ما توقعت، رأينا إخوانا لنا يتبنون البقاء في المساجد لا يتخطونها، بل ويمنعون من غير ذلك، وكأن شيئا لم يكن، وآخرين تسرعوا واستخدموا العنف إن لم يكن الجسديَّ فالفكري، فيهددون ويتوعدون الخاصة والعامة بالقطع والرجم ... إلخ
أما أنا فلم أسلم من آثار هذه الثورة فكنت ممن ثار أيضا، لكن على كثير من الأفكار القديمة، التي كانت مناسبة لواقع ليس هو واقعنا الجديد، تلك الأفكار التي طالما سمعناها ورددناها: حرمة المشاركة السياسية مطلقا، حرمة المظاهرات مطلقا، المسجد مبدؤنا ومنتهانا لا شيء سواه.... إلخ وكنا نسلم به ، لأن القول بغير ذلك ليس واقعيا ، فطفِقت في إعادة النظر في ذلك كله شيئا فشيئا، على قدر طاقتي ووُسعي، فكان ذلك البحثُ الصغير في أحكام الممارسات السلفية السياسية، ذلك الجانب الذي نالته ثورتي.
هذا وإن كنت أود لو تأخرت مشاركاتُ السلفيين السياسية حتى تُختبر البيئة السياسية الجديدة ؛ لنرى هل يمكن ولوج السلفيين إليها دون خسارة في رأس المال الدعوي ، أم لا ؟ لأنه كما تعلمون أن الحفاظ على رأس المال مقدم على الربح، ودعوتنا هي رأس مالنا، والسلطان هو ربح لا يقدم على الأصل، لكن قدَرُ الله وما شاء فعل. وقد وضعت هذا البحث لأدفع قول المتقولين بتبديع أو تفسيق المشاركين في العمليات السياسية المعاصرة. وقد سلكت في صناعة هذا البحث ثلاثة مسالك :
:
الأول: المسلك النظري التأصيلي المجرد: فتضمن تصور الوسائل وضوابط التشبه، وافتقار الدين للسلطان، وطريقة السلف في الولايات
الثاني: المسلك التطبيقي على المسائل النازلة: فتضمن حكم العملية السياسية المعاصرة، وحكم إنشاء حزب سياسي ديني، وحد الديمقراطية
الثالث: المسلك التنزيلي على الوقائع المعينة غالبا: فضمنته فتاوى لجمهرة من قادة الصحوة السلفية في العصر الحديث، مما عرفوا بالاجتهاد في النوازل.
أسأل الله تعالى الإخلاص والصواب إنه سميع مجيب الدعاء.

رقمه



أبو صهيب أشرف بن محمد المصري