المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لبيد بن ربيعة بن مالك، أبو عقيل العامري



أهــل الحـديث
25-12-2011, 08:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



لبيد بن ربيعة بن مالك، أبو عقيل العامري:
أحد الشعراء الفرسان الاشراف في الجاهلية.من أهل عالية نجد. أدرك الاسلام، وولفد على النبي صلى الله عليه وآله ويعد من الصحابة، ومن المؤلفة قلوبهم. وترك الشعر، فلم يقل في الإسلام إلا بيتا واحدا، قيل: هو " ما عاتب المرء الكريم كنفسه والمرء يصلحه الجليس الصالح " وسكن الكوفة، وعاش عمرا طويلا. وهو أحد أصحاب المعلقات. ومطلع معلقته: " عفت الديار محلها فمقامها بمنى، تأبد غولها فرجامها " وكان كريما: نذر أن لا تهب الصبا إلا نحر وأطعم.
حَكَتْ عَنْهُ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَتَرَحَّمَتْ عَلَيْهِ، وَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتٍ قَالَهُ . قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: عَاشَ لَبِيدٌ مِائَةً وَسِتِّينَ سَنَةً، ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الصَّحَابَةِ
,فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِنَّ أَصْدَقَ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ:
أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللهَ بَاطِلُ ... وَكُلُّ نَعِيمٍ لَا مَحَالَةَ زَائِلُ"
قال الذين قدموا لبيد بن ربيعة: هو أفضلهم في الجاهلية والإسلام، وأقلهم لغواً في شعره. وقد قيل عن عائشة، رضي الله عنها، إنها قالت: رحم الله لبيداً ما أشعره في قوله: الكامل
ذهبَ الذينَ يُعاشُ في أكنافِهِمْ، ... وبقيتُ في خَلَفٍ كجلدِ الأجرَبِ
لا يَنفَعون، ولا يُرَجّى خيرُهم، ... ويُعابُ قائلُهُمْ، وإنْ لم يَشْغَبِ
ثم قالت: كيف لو رأى لبيد خلفنا هذا! ويقول الشعبي: كيف لو رأت أم المؤمنين خلفنا هذا!
قال: وكان لبيد جواداً شريفاً في الجاهلية والإسلام، وكان قد آلى في الجاهلية أن يطعم ما هبت الصبا، ثم أدام ذلك في إسلامه. ونزل لبيد الكوفة، وأميرها الوليد بن عقبة، فبينا هو يخطب الناس، إذ هبت الصبا بين ناحية المشرق إلى الشمال فقال الوليد في خطبته على المنبر: قد علمتم حال أخيكم أبي عقيل، وما جعل على نفسه أن يطعم ما هبت الصبا، وقد هبت ريحها، فأعينوه! ثم انصرف الوليد، فبعث إليه بمائةٍ من الجزر واعتذر إليه فقال: الوافر
أرَى الجَزّارَ يَشْحَذُ شَفرَتيهِ ... إذا هَبّتْ رِياحُ أبي عَقيلِ
أشمُّ الأنفِ أَصْيَدُ عامريٌّ، ... طويلُ الباعِ كالسّيفِ الصّقيلِ
وفَى ابنُ الجَعفَريِّ بما نَواهُ، ... على العِلاَّتِ والمالِ القَليلِ
يُذَكّي الكُومَ ما هَبَّتْ عليهِ ... رِياحُ صَباً تجاوَبُ بالأصيلِ
فلما وصلت الهدية إلى لبيد قال له الرسول: هذه هدية ابن وهب، فشكره لبيد وقال: إني تركت الشعر منذ قرأت القرآن، وإني ما أعيا بجواب شاعر، ودعا ابنةً له خماسيةً فقال: أجيبيه عني، فقالت: الوافر
إذا هَبَّتْ رِياحُ أبي عقيلٍ، ... دَعَونا عندَ هَبّتِها الوَليدَا
أشَمَّ الأنفِ، أصْيَدَ عَبشَمِيّاً ... أعانَ على مُروءَتِهِ لَبيدَا
بأَمثالِ الهِضابِ، كأنَّ رَكباً ... عَليها من بَني حامٍ قُعُودَا
أبا وَهبٍ! جَزَاكَ اللَّهُ خَيراً ... نَحَرناها، وأطعَمنا الوُفُودَا
فَعُدْ! إنّ الكريمَ لهُ مَعَادٌ، ... وظنّي يابنَ أروى أن تَعُودا
فقال لبيد: أجبت وأحسنت لولا أنك سألت في شعرك. قالت إنه أمير، وليس بسوقة ولا بأس بسؤاله، ولو كان غيره ما سألناه! قال: أجل! إنه لعلى ما ذكرت.
قيل: وكان لبيد أحد المعمرين؛ يقال: إنه لم يمت حتى حرم عليه نكاح خمسمائة امرأةٍ من نساء بني عامر، وهو القائل لما بلغ تسعين حجة: الطويل
كأنّي وَقَدْ جاوَزتُ تِسْعينَ حجّةً ... خَلَعتُ بها عنِّي عِذارَ لجامي
رَمتني بناتُ الدَّهرِ من حيثُ لا أرَى ... فكَيفَ بمن يُرْمى، وليس برامي
ولو أنّني أُرمَى بِسَهْمٍ رأيتُها، ... ولكنَّني أُرمَى بغَيرِ سِهامِ
وقال حين بلغ عشرين ومائة: الكامل
وغَنِيتُ دَهراً قَبلَ مَجْرى داحسٍ، ... لو كانَ للنّفسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ
وقال حين بلغ أربعين ومائة:
ولقد سئِمتُ منَ الحَياةِ وطولِها، ... وسؤالِ هذا النّاسِ: كيفَ لبيدُ؟
غَلَبَ الزّمانَ، وكانَ غَيرَ مُغَلَّب، ... دَهرٌ طَويلٌ دائمٌ مَمدُودُ
يومٌ إذا يأتي عليَّ، ولَيلَةٌ ... وكلاهُما بَعدَ انقضاهُ يَعُودُ
ثم أسلم، وحسن إسلامه، وجمع القرآن وترك قول الشعر.
ولما حضرته الوفاة قال لابنه: إن أباك قد توفي، فإذا قبض أبوك، فأغمضه واستقبل به القبلة، وسجه بثوبه، ولا تصح عليه صائحةٌ، ولا تبك عليه باكيةٌ، وانظر إلى جفنتي التي كنت أصنعها، فأجد صنعتها، ثم احملها إلى مسجدك لمن كان يغشاني عليها، فإذا سلم الإمام فقدمها إليهم، فإذا فرغوا فقل: احضروا جنازة أخيكم لبيد؛ ثم أنشأ يقول: مجزوء الكامل
فإذا دَفَنتَ أباكَ فاجْ ... عَلْ فَوقَهُ خَشَباً وطِينَا
وصَفائحاً صُمّاً، رَوَا ... سيها يُسَدّدنَ الغُضونا
لَيَقينَ حُرّ الوَجهِ مِنْ ... عَفَرِ الترابِ، ولن يَقينا


قال عمر بن شبة في خبره: فحدثني عبد الله بن محمد بن حكيم أن لبيداً قال حين بلغ سبعاً وسبعين سنة:
قامت تشكى إلي النفس مجهشةً





وقد حملتك سبعاً بعد سبعينـا



فإن تزادي ثلاثاً تبلغـي أمـلاً



وفي الثلاث وفاء للثمانـينـا




فلما بلغ التسعين قال:
كأني وقد جاوزت عشرين حجةً



خلعت بها عن منكبـي ردائيا




فلما بلغ مائةً وعشراً قال:
أليس في مائةٍ قد عاشها رجل



وفي تكامل عشرٍ بعدها عمر




فلما جاوزها قال:
ولقد سئمت من الحياة وطولها



وسؤال هذا الناس كيف لبيد



غلب الرجال وكان غير مغلبٍ



دهر طـويل دائم مـمـدود



يوماً أرى يأتي علـي ولـيلة



وكلاهما بعد المضاء يعـود



وأراه يأتي مثل يوم لـقـيتـه



لم ينتقص وضعفت وهو يزيد




قال: وقال لابنتيه حين احتضر ، وفيه غناء:
( تمنَّى ابنتايَ أن يعيشَ أبوهما ... وهَلْ أنا إلاّ من ربيعةَ أو مُضَرْ )
( فإنْ حانَ يوماً أن يموت أبوكما.. فلا تَخمِشا وَجْهَا ولا تحلِقَا شَعَرْ )
( وقولا هو المرءُ الذي لا حليفَه . أضاعَ ولا خانَ الصَّديقَ ولا غَدَرْ )

( إلى الحَوْلِ ثم اسمُ السَّلامِ عليكما ومَن يَبْكِ حَوْلاً كاملاً فقد اعتذر )








لم يقل لبيد في الإسلام إلا سلام واحداً، وهو:
الحمد لله إذا لم ياتني أجـلـي





حتى لبست من الإسلام سربالا