المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قواعد النقد



][=][ الجليــد ][=][
05-11-2004, 04:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم قواعد النقد الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد: القاعدة الأولى: نقد أخطاء أهل العلم وإظهار ضلالات أهل الضلال منهج شرعي / وذلك تطبيقا وتحقيقا للمفاهيم الشرعية الآتية: المفهوم الأول: مفهوم النصيحة لله ولكتابه, ففي حديث تميم الداري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" الدين النصيحة ، قيل لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم." رواه مسلم. المفهوم الثاني: مفهوم إنكار المنكر, لقوله تعالى:{ كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر } [ آل عمران: 110]. المفهوم الثالث: مفهوم بيان الحق وحرمة كتمانه أو لبسه بالباطل, قال تعالى:{ ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون} [ البقرة: 42]. القاعدة الثانية: الأخطاء درجات متفاوتة / اعلم أن الأخطاء التي يقع فيها من ينسب للعلم ثلاث درجات : الدرجة الأولى: الأخطاء الاجتهادية المبنية على أصول صحيحة في العلم . وحكمها منصوص عليه في حديث " إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر " رواه البخاري من حديث عمرو بن العاص. الدرجة الثانية: البدع المضلة . وحكمها منصوص عليه في حديث جابر مرفوعا :" كل بدعة ضلالة" رواه مسلم. الدرجة الثالثة: المقالات المكفرة. وحكمها منصوص عليه في قوله تعالى ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) القاعدة الثالثة: لكل درجة من الأخطاء معاملة تخصها / اعلم أن معاملة المخطئ تختلف باختلاف درجة الخطأ, والمعاملة ثلاثة مراتب كما يلي: المرتبة الأولى: المسامحة ...وهذه إنما يستحقها أهل الأخطاء الاجتهادية, بحيث لا يؤدي الاختلاف معهم في وجهات النظر الى افتراق ومعاداة. لحديث ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لنا لما رجع من الأحزاب :" لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريضة ، فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم بل نصلي لم يرد منا ذلك , فذكروا للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعنف احدا منهم" رواه البخاري. المرتبة الثانية: ما يستحقه أهل البدع المضلة , وقد دلت النصوص على وجوب أمرين رئيسين في التعامل معهم كما يلي: الأمر الأول: الحذر منهم وما يستتبعه من اجراءات وقائية, لحديث عائشة قالت: تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية :{ هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ } إلى قوله تعالى " أولو الألباب" فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين الذين سمّى الله فاحذروهم" رواه الشيخان. الأمر الثاني : مجاهدتهم وإبطال مساعيهم في نشر الفساد والضلال, لحديث ابن مسعود مرفوعا:" ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بامره ثم إنها ل تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الايمان حبة خردل" رواه مسلم. المرتبة الثالثة: ما يستحقه أحد المقالات الكفرية وهو أولا ـ من باب أولى ـ ما يستحقه أهل البدع من حذر ومجاهدة , وينضم لذلك إستتابتهم من الكفر فإن تابوا وإلا استحقوا القتل ردة لحديث عثمان مرفوعا :" من بدّل دينه فاقتلوه". رواه البخاري. القاعدة الرابعة: ذكر أسماء الأشخاص و الطوائف في مقام التحذير مشروع , إذا تعلق بذكره مصلحة شرعية/ و ذلك باجماع أهل العلم , كما ذكره طائفة من العلماء المحققين... منهم النووي في رياض الصالحين ص 426 , ومستند الإجماع نصوص نبوية كثيرة منها حديث فاطمة بنت قيس قالت أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت إن أبا الجهم ومعاوية خطباني ؟ فقال عليه الصلاة والسلام:" أما معاوية فصعلوك , وأما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه" متفق عليه. القاعدة الخامسة: الفرقة بين المسلمين إنما تقع لسوء تلقي النقد أو لسوء استخدامه / إذا علم أن النقد منهج شرعي فلا يمكن أن يكون هذا المنهج الراشد سببا لمفسدة الافتراق بين المسلمين وإنما سبب الافتراق طائفتان : الطائفة الأولى: من تسيء تلقي النقد ويحملها التعصب للأشخاص والطوئاف على عدم قبول الحق , فتفارق أهل الحق تعصبا وترد النقد لسوء طويتها وفساد مقاصدها , فهؤلاء يحملون وزر الافتراق ويبوؤون بإثم العصبية الجاهلية. قال تعالى:{ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [ القصص: 50]. الطائفة الثانية: من تسيء استخدام النقد بعدم التمييز بين درجات الأخطاء ومراتب المعاملة , وهؤلاء يحدثون من الشر أضعاف ما يحذرون منه ويخافونه , وإنما أتوا من قبل قلة الفقه في الدين ـ أساس كل ضلال ـ ففي الصحيحين من حديث عبدالله بن عمرو قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:" إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء , حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا" القاعدة السادسة: أسلوب النقد يختلف باختلاف المقامات / اعلم أن أسلوب النقد يأخذ صورتين : الأولى: الرفق والتلطف وهو الأصل في النقد... لحديث : " إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله" متفق عليه من حديث عائشة. الثانية: الغضب والتوبيخ وهو جائز إذا تطلب المقام , وذلك لحديث أبي مسعود البدري قال: جاء رجل الى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا فما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ فقال:" يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أمّ الناس فليوجز فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة" متفق عليه. القاعدة السابعة: اتصاف الإنسان بالخيرلا يمنع انتقاد اساءته.....وبالمقابل : لايجب ذكر محاسنه..لأن المقام مقام تحذير اعلم أن المعارض للنقد لا يخلو من حالتين : الحالة الأولى: أن يرفض مبدأ النقد من أصله وهذا مردود لثبوت النقد منهجا شرعيا كما قدمناه في القاعدة الأولى. الحالة الثانية: أن يرفض نقد الشخص المعين وذلك لا يخرج عن الوجوه الآتية: الوجه الأول: ادعاء العصمة في الشخص المعين وهو مردود باتفاق اهل العلم. الوجه الثاني: تكذيب ثبوت دعوى النقد ضده وهو محل مناقشته في الدعوى المعينة. الوجه الثالث: تأويل مقالته - محل النقد - بما يوافق الحق وهو محل مناقشة في الدعوى المعينة. الوجه الرابع: تبرير المقالة شرعا أو الدفاع عنها وهو محل مناقشة في الدعوة المعينة. الوجه الخامس: التمسك بما للرجل من أعمال صالحة تشفع له في أخطائه وترتقي به عند مستوى النقد وهذا الوجه هو المقصود بالقاعدة وعليه جوابان: الجواب الأول: أن الإنسان يجتمع فيه الخير والشر فيمدح بما فيه من خير ويذم بما فيه من شر وهذا أصل متفق عليه بين أهل السنة , برهانه حديث عمر رضي الله عنه أن رجلا كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان اسمه عبدالله وكان يلقب حمارا وكان يضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جلده في الشراب فأتى به يوما فأمر به فجلد فقال رجل من القوم اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به , فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :" لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله". رواه البخاري. وقد أفاد الحديث ثلاث فوائد رئيسية 1- أن الرجل يجتمع فيه الخير والشر. 2- أن ثبوت الخير للرجل لا يمنع مؤاخذته شرعا على اساءته. 3- أن المؤاخذة يجب أن لا تزيد على ما قدره الشرع. الجواب الثاني: أن نصرة الدين قد تأتي من قبل الرجل الفاجر , فلا يمنع انتصاره للدين من تسجيل الفجور عليه... لحديث سهل الساعدي مرفوعا:" إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر". رواه البخاري. القاعدة الثامنة: حسن قصد الرجل فيما خالف فيه الحق لا يمنع من انتقاده / لحديث أنس قال جاء ثلاثة رهط الى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أخبروا كأنهم تقالوها وقالوا أين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم - قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبدا, وقال الآخر وأنا أصوم الدهر ولا أفطر, وقال الآخر وانا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا. فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم فقال:" أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له , لكن أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" متفق عليه.
القاعدة التاسعة: الانتقاد المستوفى لأركانه لا وجه للاعتراض عليه / اعلم أن الانتقاد يقوم على أربعة اركان: الركن الأول: تحقيق مخالفة المقالة المنتقدة للحق. الركن الثاني: تحقيق ثبوت المقالة المنتقدة للشحص أو الطائفة. الركن الثالث: تحقيق درجة المقالةمن حيث الاجتهاد أو الابتداع أو الكفر. الركن الرابع: معاملة صاحب المقالة بما يستحقه شرعا. ومتى حقق المنتقد هذه الأركان فلا وجه شرعي لمعارضته والتثريب عليه، ومن اعترض بعد ذلك وسعى في إيذائه أو الإضرار به أوالرد عليه والطعن فيه فقد باء بالإثم واستحق غضب الله عليه لأن ذلك كله اعتداء بغير حق. قال تعالى: ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكمتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) [ الأحزاب: 58]. القاعدة العاشرة: ترك النقد يوجب غضب الرب تبارك وتعالى , ويؤدي الى ضياع الدين , ولبس الحق بالباطل. فعن أبي بكر - رضي الله عنه - قال: يا أيها الناس إنكم لتقرؤون هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضل إذا اهتيتم ) [ المائدة: 30]. وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أو شكل أن يعمهم الله بعقاب منه " رواه أو داود والترمذي والنسائي وقال ا لنووي أسانيده صحيحة.

مجروحة الزمن
05-11-2004, 07:28 PM
يعطيك العافيه اخي الجليد علي الموضوع القيم

وجزاك الله خيرا

سلامي لك

مازن
06-11-2004, 01:14 AM
يعطيك العافيه اخووي الجليد علي الموضوع الجميل

وجزاك الله الف خيرا

تحياتي لك